خطبة عن (أحسنوا الظن بالله)
يوليو 7, 2024خطبة عن (تَقْوَى اللَّهِ)
يوليو 10, 2024الخطبة الأولى (الْبَنُونَ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ [الكهف:46].
إخوة الإسلام
الأبناء والأولاد، ذكورا كانوا أو إناثا، هم نعمةٌ إلهيةٌ، وهبةٌ ربانية، فمن أجمل رغبات الانسان: أن يرزقه الله الذرية الطيبة، والولد الصالح؛ ومن دعوات الصالحين: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان:74]. فالأبناء والأولاد الصالحون رزقٌ حسن، يُسرُّ بهم القلب، وتقر بهم العين. وهم مصابيح البيوت، وفلذات الأكباد، وبهجة الأعياد، والله سبحانه وتعالى سمى الأولاد “هبة”، ولم يسمهم رزقًا؛ وذلك لأن الرزق قد تكفل الله به للجميع، أما الهبة، فيهبها لمن يشاء، وقتما يشاء، وكيفما يشاء، قال الله تعالى : ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ [الشورى :49،50]. والمؤمن يفرح بما وهبه الله، سواء أكانت الهبة ذكرًا أم أنثى، فبعض الناس إذا رزقه الله أنثى تسخط بها، وضاق بها صدره ،وهذا من أخلاق الجاهلية، قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل:58]، فالبنات هن الأخوات، وهن الزوجات، وهن الأمهات، وفضل تربية البنات ثابت في الأحاديث الصحيحة، ففي الصحيحين: (قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ». كما لا ينبغي للمسلم أن يتسخط بمقدم الأبناء والأولاد، أو أن يضيق بهم ذرعًا، خوفا من أن يثقلوا كاهله بالنفقات؛ أو خوفا من الفقر، فالله عز وجل هو الذي تكفل برزقهم، فقال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} [الإسراء:31]،
ولا بد أن يعلم الآباء والأمهات أن الأبناء (فتنة واختبار ومتحان)، قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن:15]، فهم فتنة، يُفتن بهم المرء، ليعلم الله من يطيعه فيهم، ومن يعصيه، ومن يشكر، ومن يكفر، ومن يرضى، ومن يتسخط، ومن يحسن تربيتهم، ومن يضيعهم، وهكذا، والأبناء والأولاد هم نعمة أو نقمة: قال تعالى: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} [التغابن:14]، فالولد إما أن يكون قرة عين لك يسرك، وإما أن يكون عدوًا لك ويحزنك، والسؤال: متى يكون الولد نعمة؟، ومتى يكون نقمة؟، فنقول: يكون الأولاد نعمة: إذا كانوا صالحين، فتسعد بهم في الدنيا والآخرة، ففي صحيح مسلم: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»، وفي سنن ابن ماجه: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ»، ويكون الأولاد نقمة: حينما يفتنون المرء في دينه، ويكونون سببا في معصيته لله، أو التقصير في طاعته، ففي سنن ابن ماجه: (جَاءَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَسْعَيَانِ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَضَمَّهُمَا إِلَيْهِ وَقَالَ «إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ». وفي رواية:” إِنَّ الْوَلَدَ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ مَجْهَلَةٌ مَحْزَنَةٌ”، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقد سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} قَالَ: هَؤُلاَءِ رِجَالٌ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَرَادُوا أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَبَى أَزْوَاجُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ أَنْ يَدَعُوهُمْ أَنْ يَأْتُوا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأَوْا النَّاسَ قَدْ فَقُهُوا فِي الدِّينِ هَمُّوا أَنْ يُعَاقِبُوهُمْ)،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الْبَنُونَ)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن فتنة الأولاد: الجزع عند المصيبة، فالابتلاء فيهم له وقع شديد على النفوس، ففي النسائي: (أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ فَقَالَ لَهُ «أَتُحِبُّهُ». فَقَالَ أَحَبَّكَ اللَّهُ كَمَا أُحِبُّهُ. فَمَاتَ فَفَقَدَهُ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالَ «مَا يَسُرُّكَ أَنْ لاَ تَأْتِىَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلاَّ وَجَدْتَهُ عِنْدَهُ يَسْعَى يَفْتَحُ لَكَ». وفيه: (أَنَّه قَالَ «إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلاَئِكَتِهِ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي. فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيَقُولُ قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ. فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. فَيَقُولُ اللَّهُ ابْنُوا لِعَبْدِى بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ»،
وخير ميراث يورثه الآباء للأبناء، هو تقوى الله، فصلاح الآباء ينفع الأبناء، وواجب على الانسان أن يشكر الله على نعمة الولد، وتكون: بحسن التربية، ففي الصحيحين: (يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ،.. وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا»، ومن شكر الله تعالى على نعمة الأبناء تربيتهم على الإيمان، والعقيدة الصحيحة، وأداء الأركان، وحسن الخلق، ففي سنن أبي داود: (قَالَ صلى الله عليه وسلم- «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ » وإياكم وأحذركم من الدعاء على أولادكم، ففي صحيح مسلم: (أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ»،
الدعاء