خطبة عن (من فضائل الجهاد في سبيل الله)
يوليو 24, 2024خطبة عن (هموم الدنيا وهم الآخرة)
يوليو 28, 2024الخطبة الأولى (من نعمة التوفيق) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى على لسان نبيه (شُعَيْب): (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (88) هود
إخوة الإسلام
نعمة التوفيق من أجل النعم، وأعظم العطايا، فهي محض فضل من الله، يمتن بها علي من يشاء من عباده، فالتوفيق لطاعة الله -عز وجل- والاستقامة علي شرعه؛ وفعل الخيرات، وتزكية النفس، فمن وفقه الله تعالى لتزكية نفسه؛ فقد أفلح وفاز، (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) [الأعلى: 14]. وأعلي مراتب توفيق الله تعالى لعبده أن يحبب إليه الإيمان والطاعة، وأن يكره إليه الكفر والفسوق والعصيان،
ونعمة التوفيق: لا تنال بالمال، ولا بالذكاء ولا بالعلم، ولكنها محض فضل من الله تعالى، يمتن بها الله على من يشاء من عباده، وإلا، فإن هناك خلقا كثيرا أوتوا عقولًا عظيمة، وأوتوا ذكاء حادًا، ولكنهم لم يوفقوا، فكان مصيرهم الضلال،
وتوفيق الله عز وجل للعبد لا غني للعبد عنه، لا في الدنيا ولا في الآخرة، قال سبحانه: {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ} [الأنعام:125]
ولأن العبد متقلب في كل لحظة بين التوفيق والخذلان؛ فلهذا أُمر الله العبد أن يسأله التوفيق والهداية في كل ركعة يصليها: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6]؛ ولهذا كان من دعاء أولي الألباب أنهم يقولون: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:8]. وفي سنن الترمذي وغيره: (قُلْتُ لأُمِّ سَلَمَةَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا كَانَ عِنْدَكِ قَالَتْ كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ». قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لأَكْثَرِ دُعَائِكَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ قَالَ «يَا أُمَّ سَلَمَةَ إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلاَّ وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ». فَتَلاَ مُعَاذٌ (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا)، وفي سنن أبي دود: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ»
أيها المسلمون
ومن توفيق الله تعالى لعبده: أن يحبب إليه طريق الخير والصلاح، ويحبب إليه العبادة والتعبد، والاستجابة لله ورسوله، فقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشر سنين يعرض نفسه على قبائل العرب، لينصروه، (يَقُولُ «مَنْ يُئْوِينِي مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ». فوفق الله تعالى الأنصار لذلك؛ فنالوا الشرف العظيم في الدنيا والآخرة، وهو محض توفيق من الله عز وجل لهم.
ومن توفيق الله تعالى لعبده: أن يوفقه الله تعالى في آخر حياته لعمل صالح يموت عليه ؛فيختم الله تعالى به أعماله، ففي مسند أحمد 🙁قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْراً عَسَلَهُ». قِيلَ وَمَا عَسَلُهُ قَالَ «يَفْتَحُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ عَمَلاً صَالِحاً قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ». وفي رواية له: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً اسْتَعْمَلَهُ». قِيلَ وَمَا اسْتَعْمَلَهُ قَالَ « يُفْتَحُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَىْ مَوْتِهِ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ». وفي صحيح البخاري: (عَنْ أَنَسٍ – رضي الله عنه – قَالَ كَانَ غُلاَمٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ «أَسْلِمْ». فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهْوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ – صلى الله عليه وسلم -. فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – وَهْوَ يَقُولُ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ»، فانظر كيف وفق الله تعالى هذا الغلام فيسلم قبل قبض روحه، فهذا من توفيق الله عز وجل.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (نعمة التوفيق)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن توفيق الله تعالى لعبده: أن يوفق الله العبد لعمل قليل، ولكن أجره عند الله تعالى عظيم، ففي صحيح البخاري: (أَتَى النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ وَأُسْلِمُ. قَالَ «أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ». فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَلَ، فَقُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «عَمِلَ قَلِيلاً وَأُجِرَ كَثِيرًا»؛
فمن اتقى الله تعالى، وملأ الإخلاص قلبه، وعلم الله تعالى منه صدق نيته، وأكثر من الدعاء بالتوفيق؛ فقد أخذ بمجامع الأسباب الموصلة إلى توفيق الله تعالى.
الدعاء