خطبة عن (ذَلِكُم مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي)1
يوليو 30, 2024خطبة عن (نعمة السَّكِينَة) مختصرة
أغسطس 1, 2024الخطبة الأولى (أنا الرحم، وهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين، واللفظ لمسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى. قَالَ فَذَاكَ لَكِ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (محمد:22:24)».
إخوة الإسلام
صِلةُ الرَّحِمِ أجرُها كبيرٌ، وشأنُها عظيمٌ عِندَ اللهِ تعالى، فهي مِن أفضلِ الطَّاعاتِ الَّتي يَتقرَّبُ بها العبدُ إلى ربِّه، وقدْ أمَرَ اللهُ تعالَى بها عباده المؤمنين، وبيَّنَ لهم أنَّ وَصْلَها مُوجِبٌ للمَثوبةِ، وقد دعت ورغبت آيات القرآن الكريم، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم إلى صلة الرحم، ورغبت فيها أعظم الترغيب، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ﴾ [الرعد:21]، وفي صحيح مسلم: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ». وفي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ. وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ. قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَهْوَ لَكِ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) [محمد: 22]. وفي سنن الترمذي: (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ».
والأرحامُ: همْ أقاربُ الإنسانِ، وكلُّ مَن يَربِطُهم رابطُ نسَبٍ، سواءٌ أكان وارثًا لهم، أو غيرَ وارثٍ، وتَتأكَّدُ الصِّلةُ به كُلَّما كان أقرَبَ إليه نَسَبًا، فالأرحام هم: الآباء، والأمَّهات، والأجداد والجدات، والأولاد وأولادهم من ذكور وإناث، وأولاد البنات، وكذا الإخوة والأخوات وأولادهم، وكذا الأعمام والعمَّات، والأخوال والخالات وأولادهم، فكل هؤلاء داخلون في قوله تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ [الأنفال: 75].
والسؤال: بم تتحقق صلة الأرحام؟: والجواب: صلة الرحم تكون بأمور عديدة منها: زيارتهم والسؤال عنهم، وتفقد أحوالهم, والإهداء إليهم, والتصدق على فقيرهم، وتوقير كبيرهم, ورحمة صغيرهم وضعفتهم، ومن صلة الرحم عيادة مرضاهم، وإجابة دعوتهم، واستضافتهم، وإعزازهم، وإعلاء شأنهم، وصلة الرحم تكون أيضًا: بمشاركتهم في أفراحهم ,ومواساتهم في أتراحهم, والدعاء لهم, وسلامة الصدر نحوهم, وإصلاح ذات البين إذا فسدت, والحرص على توثيق العلاقة، وتثبيت دعائمها معهم، وأعظم ما تكون به الصلة, أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى, وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وبذل الجهد في هدايتهم وإصلاحهم، وقال النووي رحمه الله تعالى: “صلة الرَّحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الواصل والموصول؛ فتارة تكون بالمال، وتارة تكون بالخدمة، وتارة تكون بالزيارة، والسلام، وغير ذلك”؛ وقال القرطبي رحمه الله تعالى: الرَّحِم التي توصَل: عامَّة وخاصة، فالعامَّة: رحِم الدِّين، وتجب مواصلتها بالتوادد والتناصح، والعدلِ والإنصاف، والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة، وأمَّا الرحم الخاصَّة: فتزيد للنَّفقة على القريب، وتفقُّد أحوالهم، والتغافُل عن زلَّاتهم”، وتستحب الصدقة على ذوي الأرحام: ففي سنن النسائي وصححه الألباني: (عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ».، وفي مسند أحمد، وصححه الألباني: (عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الصَّدَقَاتِ أَيُّهَا أَفْضَلُ قَالَ «عَلَى ذِي الرَّحِمِ الكَاشِحِ»، ويستحب الدعاء للأرحام بظهر الغيب: فمن ينابيع الخير الدعاءُ بظهر الغيب لكلِّ مسلم، ولِمن لنا بهم صِلة رحم، وبالأخص الوالدين؛ وذلك لما لهم من حقٍّ عظيم علينا؛ فالدعاء بظهر الغيب مستجاب بفضل الله تعالى؛ ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ». فلنحرص على ملازمة الدعاء للمسلمين، ولمن لنا بهم صلة رحم، ومن داوم على ذلك، نال الوعد العظيم بالاستجابة.
أيها المسلمون
ولابد أن نعلم: أنه ليس الواصل بالمكافئ، فقد يصل البعض أقاربَهم وأرحامَهم إن وصلوهم ،ويقطعونهم إن قطعوهم، وهذا ليس بواصلٍ في الحقيقة، فإن مقابلة الإحسان بالإحسان مكافأة ومجازاة للمعروف بمثله، وهو أمر لا يختص به القريب وحده، بل هو حاصل للقريب وغيره، أما الواصل حقيقةً: فهو الذي يصل قرابته لله، سواء وصلوه أم قطعوه، ففي صحيح البخاري: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا»، فهذا حال الواصلين لأرحامهم، حتى مع اختلاف الدين، ففي الصحيحين : (عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ – رضي الله عنهما – قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهْيَ مُشْرِكَةٌ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قُلْتُ {إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ} وَهْىَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي قَالَ «نَعَمْ صِلِى أُمَّكِ»، وفي صحيح البخاري: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – قَالَ رَأَى عُمَرُ حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ تُبَاعُ فَقَالَ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ تَلْبَسْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِذَا جَاءَكَ الْوَفْدُ. فَقَالَ «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ». فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مِنْهَا بِحُلَلٍ فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مِنْهَا بِحُلَّةٍ. فَقَالَ عُمَرُ كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ قَالَ «إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا، تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا». فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ)، وأفضل الوصل مقابلة الإساءة والعدوان بالبر والإحسان، ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ». فهذا مما يبقي على الودّ، ويحفظ ما بين الأقارب من العهد, ويهون على الإنسان ما يلقاه من إساءة أقاربه، ومقابلة معروفه بالنكران، وصلته بالهجران، وفيه حث للمحسنين على أن يستمروا في إحسانهم، فإن الله معهم ومؤيدهم ومثيبهم على عملهم.
أيها المسلمون
وقد وردت أحاديث كثيرة ترغب في صلة الأرحام، وتبين فضلها وأجرها وثوابها، فصلة الرحم شعار المؤمنين بالله واليوم الآخر: ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»، ومن فضائل صلة الرحم: أنها من أعظم أسباب زيادة الرزق والبركة في العمر: ففي الصحيحين: (قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»، وفي صحيح الأدب للبخاري، وسنن الترمذي: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ». وَمَعْنَى قَوْلِهِ «مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ». يَعْنِى زِيَادَةً فِي الْعُمُرِ. ومن فضائل صلة الرحم: أن صلة الرحم توجب صلة الله للواصل، وتتابع إحسان الله وخيره وعطائه على العبد، ففي الحديث القدسي كما في الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ. وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ. قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَهْوَ لَكِ»، ومن فضائل صلة الرحم: أنها من أحب الأعمال إلى الله، بعد الإيمان بالله، وأن صلة الرحم من أسباب دخول الجنة: ففي سنن الترمذي: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَأَفْشُوا السَّلاَمَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أنا الرحم، وهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وإذا كان هذا هو أجر وفضل صلة الرحم، فإن قطيعة الرحم ذنب عظيم، يفصم الروابط بين الناس، ويشيع العداوة والبغضاء بينهم، ويفكك التماسك الأسري بين الأقارب، ولأجل ذلك جاءت النصوص بالترهيب من الوقوع في هذا الذنب العظيم، وأنه من أسباب حلول اللعنة، وعمى البصر والبصيرة، قال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (22)، (23) محمد،
وقطيعة الرحم عقوبتها معجلة في الدنيا قبل الآخرة، ففي صحيح الأدب للبخاري وسنن الترمذي: (عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ».
وقطيعة الرحم من أسباب الحرمان من الجنة، ورد الأعمال على صاحبها، ففي الصحيحين: (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ». وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان جالساً بعد الصبح في حلقة فقال: “أنشد الله قاطع الرحم لما قام عنا، فإنا نريد أن ندعو ربنا، وإن أبواب السماء مرتجة – أي مغلقة – دون قاطع الرحم”.
الدعاء