خطبة عن (اللَّهُ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ)
أبريل 17, 2024خطبة عن (الهداية) مختصرة
أبريل 17, 2024الخطبة الأولى (المرأة الْمُجَادِلَةُ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا)،
إخوة الإسلام
حديثنا اليوم -إن شاء الله تعالى- عن المرأة التي جادلت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي الصحابية الجليلة: (خولة بنت ثعلبة) فهذه المرأة: أوتيت من البلاغة، والفصاحة، والجمال، وتزوجت من ابن عمها (أوس بن الصامت)، وكان رجلا فقيرا معدما، ولكنها عاشت مع زوجها راضية بما قسم الله لها، سعيدة مع أولادها، وفي يوم من الأيام، دخل أوس على زوجته خولة، وطلب منها طلبا، فراجعته، فغضب عليها، وقال لها: (أنت علي كظهر أمي) وعند العرب في الجاهلية: أصبحت زوجته كأمه، ويحرم عليه مراجعتها، وهو من أشد أنواع الطلاق عندهم، إذا لا رجعة فيه للزوجة إلى زوجها، ويسمى (الظهار)، وبعد لحظات، جاءها زوجها (أوس) مداعبا لها، فنفرت منه، فتملكه الغضب، فقالت له أنا محرمة عليك كأمك، هيا بنا نذهب للرسول صلى الله عليه وسلم للنظر، وماذا يقول في هذا اليمين ،فاتت خولة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخلت عليه صلى الله عليه وسلم، شاكية إليه يمين زوجها:
ولنستمع إليها وهي تروي قصتها: ففي مسند احمد: (قَالَتْ وَاللَّهِ فِيَّ وَفِي أَوْسِ بْنِ صَامِتٍ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ قَالَتْ كُنْتُ عِنْدَهُ وَكَانَ شَيْخاً كَبِيراً قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ قَالَتْ فَدَخَلَ عَلَىَّ يَوْماً فَرَاجَعْتُهُ بِشَيْءٍ فَغَضِبَ فَقَالَ أَنْتِ عَلَىَّ كَظَهْرِ أُمِّي قَالَتْ ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَلَى نَفْسِي قَالَتْ فَقُلْتُ كَلاَّ وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ لاَ تَخْلُصُ إِلَيَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ قَالَتْ فَوَاثَبَنِي وَامْتَنَعْتُ مِنْهُ فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ فَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي قَالَتْ ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابَهَا ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ فَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ)، وفي رواية: (فقلت له: يا رسول الله، إن أوسًا تزوجني وأنا شابة مرغوب فيّ، فلما خلا سني، ونثرت بطني (أي كثر ولدي)، جعلني عليه كأمّه، وتركني إلى غير أحد، فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله فحدثني بها، فقال صلى الله عليه وسلم : “ما أمرت بشيء في شأنك حتى الآن”، وفي رواية أنه قال لها: “ما أراك إلا قد حرمت عليه”، وقالت: ما ذكر طلاقًا، وجادلت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرارًا. ثم قالت: اللهم إني أشكو إليك فاقتي وشدّة حالي)،
وروي أنها قالت: إن لي صبية صغارًا، إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا) ،وجعلت ترفع رأسها إلى السماء، وتقول: اللهم إني أشكو إليك، اللهم فأنزل على لسان نبيك)، قَالَتْ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «يَا خُوَيْلَةُ ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ فَاتَّقِى اللَّهَ فِيهِ». قَالَتْ فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ فِيَّ الْقُرْآنُ فَتَغَشَّى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ لِي «يَا خَوْلَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكِ وَفِى صَاحِبِكِ». ثُمَّ قَرَأَ عَلَىَّ (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} المجادلة
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (المرأة الْمُجَادِلَةُ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
في سنن ابن ماجه: (قَالَتْ عَائِشَةُ تَبَارَكَ الَّذِى وَسِعَ سَمْعُهُ كُلَّ شَيْءٍ. إِنِّي لأَسْمَعُ كَلاَمَ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ وَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضُهُ وَهِيَ تَشْتَكِي زَوْجَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهِيَ تَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَلَ شَبَابِي وَنَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي حَتَّى إِذَا كَبِرَتْ سِنِّي وَانْقَطَعَ وَلَدِي ظَاهَرَ مِنِّي اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ. فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى نَزَلَ جِبْرَائِيلُ بِهَؤُلاَءِ الآيَاتِ.. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً». قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ. قَالَ «فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ. فَقَالَ «فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِيناً وَسْقاً مِنْ تَمْرٍ». قَالَتْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَاكَ عِنْدَهُ. قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «فَإِنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ». قَالَتْ فَقُلْتُ وَأَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ. قَالَ « قَدْ أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي عَنْهُ ثُمَّ اسْتَوْصِي بِابْنِ عَمِّكِ خَيْراً قَالَتْ فَفَعَلْتُ). وفي رواية: (قَالَ «قَدْ أَحْسَنْتِ اذْهَبِي فَأَطْعِمِي بِهَا عَنْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَارْجِعِي إِلَى ابْنِ عَمِّكِ».
ونتعلم من القصة: تحمل الزوجة لطباع زوجها، وحرصها على دينها، فقد أمتنعت عن زوجها بعد أن قال لها (أنت علي كظهر أمي)، ونتعلم: حوار المرأة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسلوب راقي، ونتعلم: أن الله جل في علاه سمع شكوى أسرة صغيرة، فلا يُشغلِهُ عن سماعها تدبير ملكوت السموات والأرض، ونتعلم: أن من قال لزوجته (أنت علي كظهر أمي). نقول هذا ليس طلاقا، بل هو (ظهار) وهو قول منكر، وكفارة الظهار هي ما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم (عتق رقبة)، فمن لم يجد (فصيام شهرين متتابعين)، فمن لم يستطع (فإطعام ستين مسكيناً)،
الدعاء