خطبة عن (ترك فريضة الحج مع الاستطاعة من كبائر الذنوب)
مايو 19, 2024خطبة عن (الحج والرحلة الإيمانية)
مايو 20, 2024الخطبة الأولى (الحج) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (97) آل عمران
إخوة الإسلام
حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر، على كل مسلم ومسلمة، بالغ عاقل، إذا استطاع إليه سبيلا، وكلُّ مسلم يتمنى أن ينال شرف هذه الزيارة، طمعًا في المغفرة، وتلبيةً لنداء نبي الله إبراهيم عليه السلام- الذي أمره الله سبحانه- بتبليغه للناس كافّة، فقال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27]. ولهذه الشعيرة مقاصد وأهداف وغايات، علينا أن نتفهمها، فمن هذه المقاصد التي ينبغي للزائر أن يفهمها: المقصد الأول من مقاصد الحج: تحقيق التوحيد والإخلاص لله عز وجل: فالله تعالى لم يأمر نبيه إبراهيم -عليه السلام- ببناء البيت إلّا لتحقيق توحيده سبحانه، حيث قال تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا} [الحج: 26]. وأمّا عن تحقيق الإخلاص فقد قال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196]. والمقصد الثاني من مقاصد الحج: تحقيق معنى العبودية والانقياد لله سبحانه وتعالى: وهذا يظهر بوضوح عند استجابة الحاج للقيام بأركان وواجبات هذه الفريضة، من ارتداء لباس الإحرام ،والطواف بالكعبة، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، فهو يقوم بهذا الأعمال منقادًا لأمر الله تعالى، ومتأسيًا برسول الله صلى الله عليه وسلـم- وإن غابت عنه الحكم والمقاصد من القيام بهذا الأفعال، إلّا أنه لم يغب عنه أنه عبد منقاد لأمر سيده ومولاه . ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- في الحج على الخصوص: (لبَّيك بحَجَّةٍ حقًّا؛ تعبُّدًا ورِقًّا)، أما المقصد الثالث من مقصد الحج: فهو: تنقية النفس من الأخلاق المذمومة: فقد نهى اللهُ سبحانه وتعالى الحاج عن الفحش والسباب واللغو والجدال، فقال تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة: 197]. فيعتاد المسلم على الابتعاد عن مثل هذه الأخلاق المذمومة بعد الحج؛ لأنها مذمومة في كلّ زمان ومكان. أما المقصد الرابع من مقاصد الحج فهو: التنبيه على أهمية الاستعداد للآخرة: فقد نبّه الله سبحانه وتعالى الحاج الذي يتزود عند سفره بما يكفيه من زاد الدنيا من مال وطعام وغيره، ألّا ينسى التزوّد للدار الآخرة، وخير ما يتزود به في سفره للدار الآخرة هو تقوى الله سبحانه، وذلك بفعل الطاعات، واجتناب المعاصي والسيئات، فقال تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197]. أما المقصد الخامس من مقاصد الحج فهو: الحثّ على تعظيم شعائر الله سبحانه: فالمسلم عندما يعتاد على تعظيم شعائر الله المتمثلة في أعمال الحج من الطواف والوقوف بعرفة ورمي الجمار وذبح الهدي وغيرها، فإنّ ذلك يربي في نفسه تعظيم أوامر الله وتقواه في كلّ وقت؛ لذلك قال الله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. والمقصد السادس: الاعتدال والموازنة بين المصالح الدنيوية والأخروية: فقد أباح الله -سبحانه- للحاجّ أن يجمع بين أداء المناسك وبين التجارة والتكسّب، بشرط أن لا تؤثِّر على المقصد الأصلي ألَا وهو العبادة، قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]، وقال سبحانه: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} [الحج: 28].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الحج)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى الامام الترمذي: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِى الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ»، وفي الصحيحين : (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ ،رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»، وفي سنن النسائي وغيره: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «جِهَادُ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» ،وفي صحيح مسلم: (قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ ».
ألا فسألوا الله تعالى بصدق أن يرزقكم حجة إلى بيته الحرام، وزيارة إلى مسجد رسوله عليه الصلاة والسلام، وإن لم تكونوا مع حجاج هذا العام بأجسادكم، فكونوا معهم بقلوبكم، فمن نوى عمل الخير وعزم عليه فإنه يؤجر عليه بحسب نيته، ففي البخاري ومسلم: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فِيمَا يَرْوِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ قَالَ « إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ)
الدعاء