خطبة عن (ماذا يعني ميلاد الرسول؟) مختصرة
سبتمبر 1, 2024خطبة عن خاتم الأنبياء (فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ)
سبتمبر 1, 2024الخطبة الأولى ( أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى أحمد وابن حبان والطبراني في الكبير وصححه لغيره الألباني والأرنؤوط عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي عَبْدُ اللهِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى بِي، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ» . ، وروى الحاكم وصححه ووافقه الذهبي وصححه الأرنؤوط لغيره عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَأَبِي مُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى، وَرُؤْيَا أُمِّي آمِنَةَ الَّتِي رَأَتْ»…وَأَنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ لَهُ نُورًا أَضَاءَتْ لَهَا قُصُورُ الشَّامِ، ثُمَّ تَلا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾ ، وروى الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والألباني والأرنؤوط عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ، فَقَالَ: «دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ بُصْرَى وَبُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ»
إخوة الإسلام
لقد أخبرنا الله تبارك وتعالى أنَّ خليل الرحمن (إبراهيم عليه السلام) ،وابنه (إسماعيل عليه السلام) كانا يبنيان البيت الحرام ويدعوان، ومن دعائهما ما قصه علينا الحق تبارك وتعالى في قوله تعالى 🙁 وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) [ البقرة: 127-129 ]. وقد استجاب الله دعاء خليله إبراهيم وابنه نبيّ الله إسماعيل (عليهما السلام)، فكان محمد صلى الله عليه وسلم هو تأويل تلك الاستجابة، ولا تزال التوراة – الموجودة اليوم- على الرغم مما أصابها من تحريف – تحمل شيئاً من هذه البشارة، فنجد فيها أنَّ الله استجاب دعاء إبراهيم في إسماعيل، فقد ورد في التوراة في سفر التكوين في الإصحاح السابع عشر فقرة (20): (وأمّا إسماعيل فقد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأثمره، وأكثره كثيراً جداً، اثني عشر رئيساً يلد، وأجعله أمّة عظيمة كبيرة). وهذا النصُّ ورد في التوراة السامرية بألفاظ قريبة جداً مما أثبتناه هنا، والترجمة الحرفية للتوراة العبرانية لهذا النص: وأمّا إسماعيل فقد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأكثره (بمأد مأد). وقد ذكر ابن القيم أنَّ بعض نسخ التوراة القديمة أوردت النص كما أثبتناه هنا.
ودلالة هذه البشارة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من وجوه : الأول: أنَّ الأمة العظيمة عند الله لا بدَّ أن تكون مسلمة، ولم توجد هذه الأمّة من نسل إسماعيل إلاّ بعد بعثة الرسول وانتشار المسلمين في المشارق والمغارب ، والثاني : النصّ العبراني (مأد مأد) صريح في اسم الرسول صلى الله عليه وسلم فالمترجمون ترجموه (جداً جداً أو كثيراً كثيراً) والصواب هو: محمد، لأنها تلفظ بالعبراني (مؤد مؤد) واللفظ العبراني قريب من العربي. الثالث: قوله: اثني عشر رئيساً يلد، هذا موافق لأخبار الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيلي أمر هذه الأمة اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش.
أيها المسلمون
وجاء عَنْ قَتَادَة في قَوْله تعالى : { رَبّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ } ، قال : فَفَعَلَ اللَّه ذَلِكَ , فَبَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسهمْ يَعْرِفُونَ وَجْهه وَنَسَبه , يُخْرِجهُمْ مِنْ الظُّلُمَات إلَى النُّور , وَيَهْدِيهِمْ إلَى صِرَاط الْعَزِيز ، وجاء في قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) الصف 6، يعني : التوراة قد بشرت بي ، وأنا مصداق ما أخبرت عنه ، وأنا مبشر بمن بعدي ، وهو الرسول النبي الأمي العربي المكي أحمد ، ولفظ (أحمد) من أسماء نبينا صلى الله عليه وسلم ، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم : (عن مُحَمَّد بْن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِى يُمْحَى بِيَ الْكُفْرُ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِى يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى عَقِبِى وَأَنَا الْعَاقِبُ ». وَالْعَاقِبُ الَّذِى لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيُّ ) . فنبي الله (عيسى عليه السلام) ، وهو خاتم أنبياء بني إسرائيل ، وقد أقام في ملإ بني إسرائيل مبشرا برسول الله محمد ، وهو أحمد ، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين ، الذي لا رسالة بعده ،ولا نبوة ، فهل آن الأوان لمن ضلوا عن الحق أن يتّبعوا الهدى، ويؤمنوا بدين الله، وبرسول الله والحق الذي نزل عليه ومعه، قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) [آل عمران: 110] . ويقول حسان بن ثابت – رضي الله عنه – شاعر النبي– صلوات الله عليه – :
نبي أتانا بعد يأس وفترة من الرسل والأوثان في الأرض تعبد
فأمسى سراجًا مستنيرًا وهاديًا يلوح كما لاح الصقيل المهنـد
وأنذرنا نارًا وبشر جـنة وعلمنا الإسلام، فالله نحــمد
وأنت إله الخلق ربي وخالقي بذلك ما عمرت في الناس أشهد
نعم ، لقد جاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليكون رحمة ونورا وسراجا منيرا وهاديا إلى الله – عز وجل – وإلى الطريق المستقيم، وليخرج الناس من الظلمات إلى النور، يقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}. (الأنبياء : 107) ، فبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وحياته وأخلاقه تقوم على صنعة إلهية حكيمة ، وتخطيط إلهى محكم ،يتناسب مع أداء هذه الشخصية في الحياة ،حتى تؤدي دورها في نقل البشرية نقلة جديدة حقيقة ، ويعود ذلك إلى طبيعة الرسالة الخاتمة ،والطبيعية البشرية التي حافظت عليها الشخصية المحمدية في تكوينها وأحداثها ، وطبيعة التمييز الإنساني الخالص الذي أفرزته الدعوة وجسدته الحضارة الإنسانية.
فالنبوة بصفة عامة والشخصية المحمدية بصفة خاصة لا يمكن أن تبدو مجافية عن الحياة أو مختلفة عنها ، لأنها جاءت في الأساس لإصلاحها ، والشخصية المحمدية شخصية غير نمطية نضجت منذ صباها ،وتميزت في مواقفها في الحياة عن غيرها ، شخصية لا تبدو في تميزها جافة أو معقدة، شخصية متفاعلة ومتجاوبة ، شخصية معجزة في تكوينها ،وفيما طرحته من أفكار وقيم ، ويبلغ من مجاز هذه الأفكار أنها صالحة للتجدد ، مهما تبدل الزمن أو تغيرت الحياة
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم هي متعددة الجوانب ، فهي شخصية سياسية واعية صاحبة مهارات فائقة ، وهو سياسي وقائد عسكري من طراز فريد ، صقلت الأجواء والظروف مقدرته العسكرية ، وتربى تربية عسكرية قادرة على أداء دورها في أي لحظة حيث شارك في سن صغيرة في معارك ( معركة الفجار ) ، فصقل هذا عبقريته الحربية و تدريبها وتجوديها تجويدا يؤهلها إلى تحمل التبعات والأحداث ٠
وقد جاءت رسالته عليه الصلاة والسلام لتزكية النفوس وتطهيرها عن طريق الدعوة إلى الله وعبادته وتدعيم الروابط الإنسانية ، وإقامتها على أساس من الحب والرحمة والإخاء والمساواة والعدل ليسعد الإنسان في الدنيا والأخرة ، ولم تكن رسالة موضعية محدودة تخص جيل دون أخر شأن الرسالات التي تقدمتها، بل كانت رسالة عامة جامعة للناس جميعا ، ويؤكد عمومها وشمولها أنه ليس فيها ما يصعب على الناس اعتقاده أو يشق عليهم العمل به ٠
وجاء بها ما لا يختلف باختلاف الزمان والمكان كالعقائد والعبادات مفصلا تفصيلا كاملا ، موضحا بالنصوص المحيطة به ، فليس لأحد أن يزيد فيها أو ينقص منها ، وجاء ما يختلف باختلاف الزمان والمكان كالمصالح المدنية ، والأمور السياسية والحربية ، مجملا ليتفق مع مصالح الناس في جميع العصور ،ويهتدي به أولو الأمر في إقامة الحق والعدل ، وكل ما في الرسالة من تعاليم إنما يقصد به حفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل ،وبديهي مما يناسب الفطرة ويساير العقول ويجاريها ويصلح لكل زمان ومكان .
الدعاء