خطبة عن (القَلْبُ المُنِيبُ)
ديسمبر 17, 2024خطبة عن (إذا أردت أن تعرف عند الله مقامك فانظر فيما أقامك، فمقامك حيث أقامك )
ديسمبر 21, 2024الخطبة الأولى (قيمة العمل في الاسلام)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (105) التوبة،
إخوة الإسلام
العمل في الشريعة الإسلامية عبادة من أجل العبادات، فبه يتقرب العبد إلى الله عز وجل، وبه تغفر الذنوب، وتكفر السيئات، فمن أمسى كالاً من عمله أمسى مغفورًا له، وفيما رواه ابن عساكر وابن نعيم عن أبي هريرة: «إن من الذنوب ذنوبًا لا يكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا العمرة، يكفرها الهموم في طلب المعيشة»، واذا كان يوم الجمعة هو يوم ذكر وصلاة، فقد أمر الله تعالى بالعمل بعد انتهاء الصلاة، فقال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (9)، (10) الجمعة، فالإسلام عظم من شأن العمل، وأمر به، وجعله بمنزلة العبادة التي يتعبد بها المؤمن، ابتغاء مرضاة الله، فالإنسان خلق في هذه الحياة ليعمل، وعلى قدر عمله يكون جزاؤه، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (97) النحل، وخُفف قيام الليل وتلاوة القرآن عن الذين يضربون في الأرض، للعمل والتجارة وغيرها، فقال تعالى: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) المزمل:20، وفي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلاً ، فَيَسْأَلَهُ، أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ»، وفي صحيح البخاري: (عَنِ الْمِقْدَامِ – رضي الله عنه – عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ»، وفي سنن البيهقي: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَرَّ بِهِمْ رَجُلٌ فَتَعَجَّبُوا مِنْ خُلُقِهِ فَقَالُوا: لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَتَوُا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :«إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْهِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى وَلَدٍ صِغَارٍ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيُغْنِيَهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». وفي رواية: (وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان)، وفي مسند أحمد: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ
النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «خَيْرُ الْكَسْبِ كَسْبُ يَدِ الْعَامِلِ إِذَا نَصَحَ»،
فطلب الرزق بالعمل الحلال من القضايا الهامة في حياة الإنسان، فإذا كان الرزق من عند الله ، فليس معنى هذا أن يتكاسل المؤمن بترك العمل، أو يتواكل، لأن الله عز وجل أمرنا بالعمل للحصول على هذا الرزق، والسعي للحصول عليه، فقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ (15) الملك، وقال عمر (رضي الله عنه): (لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة)، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: “إني لأكره أن أرى الرجل فارغا لا في أمر دنياه ولا في أمر آخرته”، وقيل “لأحمد بن حنبل”: ما تقول فيمن جلس في بيته أو مسجده وقال: لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي”؟، فقال “أحمد”: (هذا رجل جهل العلم أما سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي)، وقوله عليه السلام حين ذكر الطير فقال: (تغدو خماصا وتروح بطانا) فذكر أنها تغدو في طلب الرزق،
أيها المسلمون
وبعد أن تبين لنا قيمة العمل في الاسلام، فيجب علينا تحفيز الشباب على العمل، لتكون يده عليا بالعطاء، ففي الصحيحين: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وَالْيَدُ الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ وَالسُّفْلَى السَّائِلَةُ»، والعمل ضمان لكرامة الإنسان، وحفظا وصيانة له، ففي سنن أبي داود، وابن ماجه: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَسْأَلُهُ فَقَالَ « أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ». قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ. قَالَ «ائْتِنِي بِهِمَا». فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ وَقَالَ «مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ ». قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ. قَالَ «مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ. فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الأَنْصَارِيَّ وَقَالَ «اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِى بِهِ». فَأَتَاهُ بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ «اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلاَ أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا». فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ لِثَلاَثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ».
فعلى الشاب المسلم أن يبدأ مسيرة العمل، بما تيسر له، وأن لا يأنف من أي عمل يبدأ به والله يعينه، وسيوفقه إلى عمل أرقى، وعلى المسلم أن يطلب العفاف من ربه بنيةٍ صادقةٍ، فمن فعل ذلك، فالله تعالى سيغنيه، ففي صحيح البخاري: (عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: (إن ناسًا من الأنصارِ، سألوا رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأعْطَاهم ثم سألُوهُ فأعْطاهم حتى نَفِدَ ما عندهُ، فقال: ما يكون عِندَي من خيرٍ فلن أدَّخِرَهُ عنكم، ومن يستعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، ومَن يَستَغنِ يُغنِهِ اللَّهُ، ومَن يتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ مِنَ الصَّبرِ)، والعمل وسيلة إلى استدامة النعمة، وإشباع الحاجات، وملء الفراغ، والقضاء على أفات الخوف والقلق والوحدة، لأن هدف الإسلام في العمل ليس كسب المال والرزق فقط. ولكن من غاياته تحقيق الأمن الاجتماعي،
وإذا كان الإسلام دعا إلى العمل والكسب، فإنه حمى العامل، وصان حقوقه، وشدد في ذلك، لأن العامل في الغالب هو الطرف الضعيف، فقد جاء في صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ»، وقد ضمن الله سبحانه وتعالى للعاملين أن يجزيهم بأحسن ما كانوا يعملون، وأن يضاعف لهم الثواب، قال تعالى 🙁مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (97) النحل، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) (30) الكهف، وقال تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (160) الانعام،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (قيمة العمل في الاسلام)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
والعمل في الإسلام هو مدار التقييم، والحكم على الإنسان في الدنيا، حتى فيما يتعلق بدرجة التدين، ففي سنن ابن ماجه: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسَاجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالإِيمَانِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ) الآيَةَ. ولا يكتمل الإيمان، ولا يسلم الاعتقاد، من دون العمل، فالإيمان ما وقر في القلب وصدّقه العمل، ولا يوجد في ميزان الشرع عمل للعبادة وعمل للعادة، بل العادة تكون في ميزان العبادة، إذا قُرنت بنيتها، ففي الصحيحين: (عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ»، وأعمال المعاش أكثر ثوابا من نوافل العبادات، فالإسلام ينظر إلى العمل كقيمة في ذاته، مكمل لإيمان المرء، ودليل على صدق اعتقاده، وضرورة للمعاش وتنمية البشر، وكل عمل يجعل المرء فاعلا في مجتمعه، نافعا لنفسه أو لغيره أو لهما معا، مما لا يضر بالغير، ولا يبتعد عن دائرة المشروع، فهو عمل مقدر في شريعتنا، يرفع من شأن صاحبه، ولو كان من الأعمال الدنيا في ميزان الناس، ومن فقد مضمارَ العمل فقد قيمةَ وجودِه، ومن ثمَّ يدْخُلُ في نفق التسول، ومدِّ يَدِ الفقرِ، ولسانِ طلبِ العطفِ من النَّاس، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يكرهُ للعبد سؤال الناس، ما دام قادراً على العمل، ويجعل المسألة بلا عملٍ ضرباً من الندم،
وإذا نظرنا إلى الفرق بين الدول المتقدمة، وغيرها من الدول المتخلفة حضارياً فى عصرنا هذا، نجد أن أهم ما يميز الدول المتقدمة، هو اهتمام شعوبها، وإخلاصهم في العمل، وأخذهم بأسباب التقدم، مثل إتباع أفضل السبل في الإدارة، وتطوير أساليب العمل، والاختراعات العلمية، فهل يليق بنا -نحن المنتسبين للأمة الإسلامية- بتاريخها العريق، وحضارتها التي أنارت العالم عدة قرون، هل يليق بنا أن نعيش عالة على ما تنتجه الحضارات الأخرى، بما يستتبع ذلك من هيمنتهم على مقدراتنا، فلنبادر أمماً وأفراداً إلى تغيير منهاجنا في العمل والإدارة، والأخذ بأسباب التقدم والمعروفة للكافة، فشئنا أم أبينا، نحن نعيش عصر العولمة الذى تحكمه قواعد السباق إلى قمة العالم، فلا مكان في الصدارة لمتكاسل، أو متقاعس عن العمل الجاد، ولا عذر للدول المتخلفة، فمن لم يشمر عن سواعد الجد، ويطرح الكسل والتمني بدون بذل الجهد والعمل الجاد، فلا يلومن إلا نفسه، ولنستحضر وعد الله لعباده المخلصين الجادين في العمل، بأن يمكن لهم في الأرض، قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (55) النور،
الدعاء