خطبة عن (إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
يوليو 12, 2025خطبة عن (آداب الجنائز) 1
يوليو 12, 2025الخطبة الأولى (آداب الجنائز) 2
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين البخاري ومسلم: (أن مُعَاوِيَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)
إخوة الإسلام
من الفقه في الدين: معرفة الأحكام الشرعية، من الحلال والحرام، وما أمرنا الله ورسوله به، وما نهانا عنه، والآداب الاسلامية التي يتأدب بها المسلم، واليوم -إن شاء الله تعالى- نتعرف على بعض آداب الجنائز،
فمن الآداب: الدعاء للميت والاستغفار له: ففي سنن أبي داود: (كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ «اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ»، وفي صحيح مسلم: (أن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ الْمَوْتِ… قال لابنه: (فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَلاَ تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ وَلاَ نَارٌ فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَىَّ التُّرَابَ شَنًّا ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي).
ومن الآداب: أن يتذكر المسلم مصيبة الموت، وأن يتعظ ويتفكر في هذا الميت، وأن حاله سيصير يوما إلى ما صار إليه الميت، وهذا التذكر يدفع الإنسان إلى محاسبة النفس، والنظر والتفكر في أحواله، فإن كان محسناً ازداد إحساناً، وإن كان مسيئاً رجع وثاب إلى الرشد، وهذا التفكر والاتعاظ هو مقصود من حضور الجنائز، فقد روى الامام أحمد في مسنده: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «عُودُوا الْمَرْضَى وَاتَّبِعُوا الْجَنَائِزَ تُذَكِّرُكُمُ الآخِرَةَ»،
ومن الآداب : الثناء على الميت بذكر مآثره ومحاسنه، وعدم التعرض لإساءته، ففي صحيح البخاري: (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا»،
ومن الآداب: أن يرفع القبر عن الأرض قدر شبر، ويكون مسنمًا أي: محدبًا، وذلك ليُرى ويُعرف أنه قبر فلا يوطأ، (فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما-: “أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أُلْحِدَ له لَحْدٌ وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نصبًا، وَرُفِعَ قَبْرُهُ مِنَ الْأَرْضِ نَحْوًا مِنْ شِبْرٍ” رواه ابن حبان وغيره وحسنه الألباني. ولا بأس أن يجعل علامة عليه، بأن يوضع عليه حجر ونحوه ليعرفه من يريد زيارته للسلام عليه والدعاء له، فعَنْ الْمُطَّلِبِ بن أبي وادعة -رضي الله عنه- قَالَ: لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ -رضي الله عنه- أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ؛ فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ [صخرة] فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ؛ فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ، وَقَالَ: “أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي” رواه أبو داود وحسنه الألباني. ولا يجوز تجصيص القبر -وهو وضع الجبس عليه- ولا البناء عليه، ولا تجوز إضاءة المقابر بالأنوار الكهربائية ولا غيرها، ومثله وضع أكاليل الزهور عليها؛ لحديث جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ). رواه مسلم. وفي رواية عند الترمذي وصححه الألباني: “نَهَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تُجَصَّصَ الْقُبُورُ، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا، وَأَنْ تُوطَأَ”. وعَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ:” أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا –أي: مرتفعًا عن وجه الأرض، عالياً عليها- إِلَّا سَوَّيْتَهُ”. رواه مسلم. فالتجصيص حرام، والبناء أشد حرمة، والكتابة عليه فيها تفصيل: أما الكتابة التي لا يُراد بها إلا إثبات الاسم للدلالة على القبر، فهذه لا بأس بها، وأما الكتابة التي تشبه ما كانوا يفعلونه في الجاهلية، يكتب اسم الشخص والثناء عليه، فهذا حرام.
ومن الآداب: أنه يحرم الجلوسُ على القبر، والوطءُ عليه، والاتكاءُ عليه، وكذا قضاءُ الحاجة بين القبور؛ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ” رواه مسلم.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (آداب الجنائز)2
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن آداب الجنائز: عدم اتخاذ القبور مساجد ،فقد نهى رسول الله عن اتخاذ القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها، واشتد نهيه في ذلك حتى لعن فاعله، ونهى عن الصلاة إلى القبور، ونهى أمته أن يتخذوا قبره عيدًا، ولعن زوارات القبور، ففي صحيح مسلم: (قال صلى الله عليه وسلم : (أَلاَ وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ». وفي سنن النسائي: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ)
ومن الآداب: وعظ الناس وتذكيرهم بعد الدفن: ففي الصحيحين: (كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الأَرْضَ فَقَالَ «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ»
ومن الآداب: إيناس أهل الميت: فمن السنة إيناس أهل الميت، وتسليتهم في مصابهم، وصنعِ الطعام لهم، فقد يشغلهم ذلك عن إعداد الطعام، ففي سنن الترمذي: (لَمَّا جَاءَ نَعْىُ جَعْفَرٍ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «اصْنَعُوا لأَهْلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ»،
ومن الآداب :تعزية أهل الميت: (فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللهُ عز وجل مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (رواه ابن ماجة، وحسَّنه الألباني)،
ومن الآداب : إنفاذ وصيته: فعلى أهل الميت إنفاذ وصيته ما لم يوصِ بإثم،
ومن الآداب : زيارة القبور للرجال ومختلف في النساء، وكان النبي إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاءِ لهم، والترحُّمِ عليهم، والاستغفارِ لهم، وهذه الزيارة التي سنها لأمته وشرعها لهم. وأمرهم أن يقولوا إذا زاروها: “السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَنَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ، أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ لَنَا وَلَكُمْ”.
الدعاء