خطبة عن (أَدَاءُ الْأَمَانَة) 3
يوليو 12, 2025خطبة عن (أَدَاءُ الْأَمَانَة) 1
يوليو 12, 2025الخطبة الأولى (أَدَاءُ الْأَمَانَة) 2
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء:58، وروى الترمذي في سننه: (قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ».
إخوة الإسلام
حديثنا موصولا عن الأمانة وصورها في حياتنا، ومنها: الأمانةُ في الرِّسالاتِ: وتكونُ الأمانةُ فيها بتبليغِها إلى أهلِها تامَّةً، غيرَ منقوصةٍ، وفي مسند أحمد: (أن الْحَارِثَ بْنَ ضِرَارٍ الْخُزَاعِيَّ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَدَعَانِي إِلَى الإِسْلاَمِ فَدَخَلْتُ فِيهِ وَأَقْرَرْتُ بِهِ فَدَعَانِي إِلَى الزَّكَاةِ فَأَقْرَرْتُ بِهَا وَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْجِعُ إِلَى قَوْمِي فَأَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَمَنِ اسْتَجَابَ لِي جَمَعْتُ زَكَاتَهُ فَيُرْسِلُ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَسُولاً لإِبَّانِ كَذَا وَكَذَا لِيَأْتِيَكَ مَا جَمَعْتُ مِنَ الزَّكَاةِ فَلَمَّا جَمَعَ الْحَارِثُ الزَّكَاةَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ لَهُ وَبَلَغَ الإِبَّانَ الَّذِي أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُبْعَثَ إِلَيْهِ احْتَبَسَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ فَلَمْ يَأْتِهِ فَظَنَّ الْحَارِثُ أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ فِيهِ سَخْطَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ فَدَعَا بِسَرَوَاتِ قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ وَقَّتَ لِي وَقْتاً يُرْسِلُ إِلَىَّ رَسُولَهُ لِيَقْبِضَ مَا كَانَ عِنْدِي مِنَ الزَّكَاةِ وَلَيْسَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْخُلْفُ وَلاَ أَرَى حَبْسَ رَسُولِهِ إِلاَّ مِنْ سَخْطَةٍ كَانَتْ فَانْطَلِقُوا فَنَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ إِلَى الْحَارِثِ لِيَقْبِضَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِمَّا جَمَعَ مِنَ الزَّكَاةِ فَلَمَّا أَنْ سَارَ الْوَلِيدُ حَتَّى بَلَغَ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَرِقَ فَرَجَعَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْحَارِثَ مَنَعَنِي الزَّكَاةَ وَأَرَادَ قَتْلِي. فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْبَعْثَ إِلَى الْحَارِثِ فَأَقْبَلَ الْحَارِثُ بِأَصْحَابِهِ إِذِ اسْتَقْبَلَ الْبَعْثَ وَفَصَلَ مِنَ الْمَدِينَةِ لَقِيَهُمُ الْحَارِثُ فَقَالُوا هَذَا الْحَارِثُ فَلَمَّا غَشِيَهُمْ قَالَ لَهُمْ إِلَى مَنْ بُعِثْتُمْ قَالُوا إِلَيْكَ. قَالَ وَلِمَ قَالُوا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ بَعَثَ إِلَيْكَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ فَزَعَمَ أَنَّكَ مَنَعْتَهُ الزَّكَاةَ وَأَرَدْتَ قَتْلَهُ. قَالَ لاَ وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُهُ بَتَّةً وَلاَ أَتَانِي. فَلَمَّا دَخَلَ الْحَارِثُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنَعْتَ الزَّكَاةَ وَأَرَدْتَ قَتْلَ رَسُولِي ». قَالَ لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُهُ وَلاَ أَتَانِي وَمَا أَقْبَلْتُ إِلاَّ حِينَ احْتَبَسَ عَلَىَّ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ كَانَتْ سَخْطَةً مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ. قَالَ فَنَزَلَتِ الْحُجُرَاتُ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)،
ومن صور أداء الأمانات: الأمانةُ في الوِلايةِ: وتكون الأمانة في الولاية بين الحاكم والمحكومين، وهي تشمل كلُّ الجوانب التي يكون فيها الحاكم أو الوالي مسؤولاً عن الرعية، وقد حذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- الحاكم الذي يُقصِّر في الأمانة، ففي صحيح مسلم: (قال -صلى الله عليه وسلم: (ما مِن عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً ، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وهو غاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عليه الجَنَّةَ). وتشمل الأمانة في الولاية كل من كان مسؤولاً على أمرٍ من أمور المسلمين، فعليه أن يراعي الأمانة التي وكَّله الله -تعالى- بها، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ، مَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَشَقَّ عليهم، فَاشْقُقْ عليه، وَمَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَرَفَقَ بهِمْ، فَارْفُقْ بهِ). وتكون أيضا بإسناد الأعمالِ إلى مُستَحِقِّيها الأكْفاءِ لها، وحِفظُ أموالِ النَّاسِ وأجسامِهم وأرواحِهم وعقولِهم، وصيانتُها ممَّا يؤذيها أو يَضُرُّ بها، وحِفظُ الدِّينِ الذي ارتضاه اللهُ لعبادِه، من أن ينالَه أحَدٌ بسُوءٍ، وحِفظُ أسرارِ الدَّولةِ، إلى غيرِ ذلك من الأمورٍ التي تخص الرعية،
ومن صور أداء الأمانات: الأمانةُ في الشَّهادةِ: وتكونُ بتحَمُّلِها بحسَبِ ما هي عليه في الواقِعِ، وبأدائِها دونَ تحريفٍ أو تغييرٍ، أو زيادةٍ أو نقصانٍ.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أَدَاءُ الْأَمَانَة) 2
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن صور أداء الأمانات: الأمانةُ في القضاءِ ،والحكم بين الناس: وتكونُ بإصدارِ الأحكامِ وَفْقَ أحكامِ العَدلِ أو الفضل، وموافقة للكتاب والسنة،
ومن صور أداء الأمانات: الأمانةُ في الكتابةِ: بأن تكونَ الكتابة على وَفقِ ما يُمليه صاحب الحق، فلا يكونُ فيها تغييرٌ ولا تبديلٌ، ولا زيادةٌ ولا نقصٌ، وأن تكونَ خاليةً من الكَذِبِ والتَّلاعُبِ بالألفاظ.
ومن صور أداء الأمانات: أداء حقَّ الأجير، فمن استأجر أجيراً فمنعه حقّه؛ فقد خان الأمانة، ففي الحديث: (قالَ اللَّهُ: ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولم يُعطِه أجرَه). وفي سنن ابن ماجه: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ».
وأما أمانة الأجير: أن يوفي صاحب العمل حقه، فيؤدي عمله بإتقان، ولا يبخسه حقه، ففي المعجم الأوسط للطبراني: (أن رسول الله قال: إن الله عز وجل يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، فمن أخذ الأجر حاسبه الله على العمل،
ومن صور أداء الأمانات: أن يقوم كل فرد من أفراد الأسرة والمجتمع بمسئولياته، ففي الصحيحين: (أن رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ – قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ – وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» ونستكمل الموضوع
الدعاء