خطبة عن (أَدَاءُ الْأَمَانَة) 2
يوليو 12, 2025خطبة حول حديث ( الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
يوليو 12, 2025الخطبة الأولى (أَدَاءُ الْأَمَانَة) 1
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء:58، وروى الترمذي في سننه: (قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- «أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ».
إخوة الإسلام
للأمانة مفهوم واسع؛ فهي لا تقتصر على حفظ الودائع؛ بل هي الدين كله، كل ما ائتُمن عليه العبد من الحقوق، سواء أكانت هذه الحقوق لله تعالى، أم للعباد، فالأمانة تشمل كل ما عُهِد إلى العبد حفظُه وأداؤه، من حقوق الله تعالى، وكذلك حقوق الآدميين. وسوف يقتصر كلامي اليوم -إن شاء الله تعالى – عن أداء الأمانات الخاصة بالعباد، وهذه الأمانات لها صور متعددة: وأذكر لكم منها: الأمانات الماليَّةُ: ومنها الودائِعُ وهي التي تُعطى للإنسانِ ليحفَظَها لأهلِها، وكذا الديون، ففي صحيح البخاري: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ»، وروى الطبراني في المعجم الكبير: (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها، أو قال كل شيء، إلا الأمانة، والأمانة في الصلاة والأمانة في الصوم والأمانة في الحديث، فأشد ذلك الودائع)، ومن الأمانات المالية: ما يُؤتمن عليه الموظف والعامل في عمله، من أموال الدولة، أو الشركة والمؤسسة، وكذا أموال الشريك في شركته، أو تجارته، وما يُجمع من غنائم الحرب، أو أموال الذكاة والصدقة فمن أخذ مالا وهو مؤتمن عليه، فهذا يسمى غلول، قال تعالى: (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) آل عمران:161، وفي سنن أبي داود: (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ». وفيه أيضا: (عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ بَعَثَنِي النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- سَاعِيًا ثُمَّ قَالَ «انْطَلِقْ أَبَا مَسْعُودٍ وَلاَ أُلْفِيَنَّكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَجِيءُ عَلَى ظَهْرِكَ بَعِيرٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ لَهُ رُغَاءٌ قَدْ غَلَلْتَهُ». قَالَ إِذًا لاَ أَنْطَلِقُ. قَالَ «إِذًا لاَ أُكْرِهُكَ». وفي الصحيحين: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – اسْتَعْمَلَ عَامِلاً فَجَاءَهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. فَقَالَ لَهُ «أَفَلاَ قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لاَ». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاَةِ فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ، فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ ،وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. أَفَلاَ قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَنَظَرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا، إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ بِهَا تَيْعَرُ، فَقَدْ بَلَّغْتُ».. وفي مسند أحمد: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ»، فكل ما يأخذه الموظف من الناس أو الشركات بسبب وظيفته فهو غلول وخيانة للأمانة،
ومن صور أداء الأمانات: رد العاريَّة :فقد يُعِيرك شخصٌ شيئًا، فيعطيك إيَّاها: من إناءٍ أو فِراشٍ أو سيَّارةٍ، أو أثاث، أو أدوات ومعدات، أو غير ذلك، أو استأجرت بيتا أو محلا وما أشبَهَ ذلك، فكلُّ هذه من الأماناتِ التي أمرنا أن نؤديها إلى أصحابها صالحة سليمة فلا نضيعها، ولا نسيئ استخدامها، ومن صور الأمانات: أمانة المجلس، ففي مسند أحمد: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «الْمَجَالِسُ بِالأَمَانَةِ)، وفي سنن البيهقي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :«إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ بِحَدِيثٍ ثُمَّ الْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ»، فكل ما قيل وما يحدث في المجالس، والمقابلات، والمكالمات، أصبح أمانة، فلا يجوز للمسلم أن يفشي الأسرار التي يُستأمن على حفظها، فتكون الأمَانَة بكتمانها، وعدم افشائها،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أَدَاءُ الْأَمَانَة) 1
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن صور الأماناتِ: ما يكونُ بَينَ الرَّجُلِ وزَوجتِه من الأمور الخاصَّةِ؛ ففي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»، وفي المعجم الكبير للطبراني: (عن أسماء بنت يزيد قالت: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء، فقال: عسى رجل يحدث بما يكون بينه وبين أهله، أو عسى امرأة تحدث بما يكون بينها وبين زوجها، فأرم القوم فقلتُ: أي والله يا رسول الله، إنهم ليفعلون، وإنهن ليفعلن، قال: فلا تفعلوا، فإن مثل ذلك، مثل شيطان لقي شيطانة في ظهر الطريق، فغشيتها والناس ينظرون)،
ومن صور أداء الأمانات: الأمانة في البيع والشراء ،والمعاملات التجارية، فمن طفَّفَ أو بخس في المكيال والميزان، أو غشَّ في البيع والشراء، فقد خان الأمانة، ففي صحيح مسلم: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلاً فَقَالَ «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ». قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «أَفَلاَ جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي »، وفي سنن ابن ماجه :(أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ بَاعَ مِنْ أَخِيهِ بَيْعًا فِيهِ عَيْبٌ إِلاَّ بَيَّنَهُ لَهُ».
ومِن صُوَرِ الأمانةِ: أن تنصَحَ من استنصحك، أو استشارك، واعلَمْ أنَّ إبداءَ رأيِك له أمانةٌ، ففي سنن أبي داود: «وَمَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ خَانَهُ». وفي سنن الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ»، ونستكمل الموضوع،
الدعاء