خطبة عن حديث (ارْحَمُوا تُرْحَمُوا ،وَاغْفِرُوا يَغْفِرِ اللَّهُ لَكُمْ)
يناير 28, 2017خطبة عن (مما عجب منه رسول الله)
يناير 29, 2017الخطبة الأولى (مما يعجب الله؟ ومما عجب رسوله ؟)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُضِيفَهُ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُضَيِّفُهُ ..فَقَالَ: “أَلا رَجُلٌ يُضِيفُ هَذَا.. رَحِمَهُ اللَّهُ؟”. .فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ.. فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا إِلا قُوتُ الصِّبْيَةِ، فَقَالَ لَهَا: نَوِّمِي الصِّبْيَةَ، وَأَضِيئِي السِّرَاجَ، وَقَرِّبِيهِ إِلَى ضَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ، وَأَرِيهِ كَأَنَّا نَطْعَمُ مَعَهُ وَأَطْفِئِي السِّرَاجَ.. واتْرُكِيهِ لِضَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَعَلَتْ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو طَلْحَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ، أَوْ ضَحِكَ مِنْ فُلانٍ وَفُلانَةَ “يَعْنِي: أَبَا طَلْحَةَ وَامْرَأَتَهُ)
إخوة الإسلام
إذا كان الإنسان منا يعجب ويتعجب إذا رأى أو سمع أمرا غريبا أو شيئا فريدا ..فمما يعجب الله تبارك وتعالى؟؟ ومن أي شيء عجب رسول الله (صلى الله عليه وسلم )؟..وأيضا ما هي الأمور التي أعجبت أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم )والتابعين لهم؟ وأقدم لكم هذا الموضوع ..والهدف : هو التعرف على الأعمال الصالحة.. والتي يحبها الله ورسوله ..لنعمل بها .. والأعمال السيئة التي يبغضها الله ورسوله ..فنبتعد عنها .. وفي البداية أقول لكم.. إن عجب الله تبارك وتعالى يكون على وجهين : أحدهما المحبة بتعظيم قدر الطاعة .. أي أن الله محب له.. وراض عنه ..وله عظيم القدر عنده.. والآخر عجب سخط. .أي لتعظيم قدر الذنب ..والتخويف منه للبعد عنه.. وأبدأ حديثي بما عجب الله له ..من أعمال عباده الصالحين .. وصفوته المقربين ..فقد روى البخاري في صحيحه: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُضِيفَهُ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُضَيِّفُهُ ..فَقَالَ: “أَلا رَجُلٌ يُضِيفُ هَذَا.. رَحِمَهُ اللَّهُ؟”. .فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ.. فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا إِلا قُوتُ الصِّبْيَةِ، فَقَالَ لَهَا: نَوِّمِي الصِّبْيَةَ، وَأَضِيئِي السِّرَاجَ، وَقَرِّبِيهِ إِلَى ضَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ، وَأَرِيهِ كَأَنَّا نَطْعَمُ مَعَهُ وَأَطْفِئِي السِّرَاجَ.. واتْرُكِيهِ لِضَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَعَلَتْ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو طَلْحَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ، أَوْ ضَحِكَ مِنْ فُلانٍ وَفُلانَةَ “يَعْنِي: أَبَا طَلْحَةَ وَامْرَأَتَهُ) ، وفي رواية للطبراني :« لقد أخبرني جبريل ، لقد عجب الله من صنيعك إلى ضيفك ، أو ضحك بصنيعك إليه » وَأَنْزَلَ فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ: ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) ، فأي كرم بعد هذا الكرم ؟، بل أي إيثار بعد هذا الإيثار ؟ بل أي طاعة لله بعد هذه الطاعة ؟ فإذا قيل أنه (تعرف الرجال عند الشدائد )، (فتعرف أيضا الأخلاق عند الحاجة والمصائب) ،ثم ننتقل إلى عمل آخر يعجب منه الله تبارك وتعالى ، فقد روى ابن حبان في صحيحه ، قال رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم « يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِى غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةِ الْجَبَلِ يُؤَذِّنُ بِالصَّلاَةِ وَيُصَلِّى فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِى هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاَةَ يَخَافُ مِنِّى قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِى وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ »(قال الشيخ الألباني : صحيح ) ، أنه الحب لله والطاعة له والخوف منه ، والمحافظة على الصلاة ولو كان في رأس جبل ، فحق له أن يعجب الله منه ، ثم ننتقل الى أمر آخر يعجب منه الله تبارك وتعالى ، فقد روى ابن حبان في صحيحه والبيهقي في سننه والطبراني في معجمه وغيرهم : (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ : رَجُلٍ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنِ حِبِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلاتِهِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ : انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي ثَارَ عَنْ فِرَاشِهِ وَوِطَائِهِ مِنْ بَيْنِ حِبِّهِ وَأَهْلَهَ إِلَى صَلاتِهِ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي ، وَشَفَقًا مِمَّا عِنْدِي ، وَرَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَانْهَزَمَ مَعَ أَصْحَابِهِ ، فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ فِي الانْهِزَامِ ، وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ ، فَرَجَعَ حَتَّى هُرِيقَ دَمُهُ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ : انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي ، وَشَفَقًا مِمَّا عِنْدِي حَتَّى هُرِيقَ دَمُهُ) ،هكذا ترك الرجل الأول كل محبوبات الدنيا من زوجة وفراش لين ونوم عميق ، ليقوم بين يدي محبوبه الأول رغبة ورهبة فيما عند الله ،أما الرجل الثاني ، فقد قاتل الأعداء بمفرده ، وتقدم حين فر الآخرون ، وقاتل حين جبن المنسحبون ، رغبة في الجنة، وخوفا من النار ،أما أولئك النفر فيؤتى بهم إلى الجنة ، وهي دار السعادة والنعيم المقيم ، ولكن يؤتى بهم وهم يسحبون بالسلاسل ، فعجب أمرهم ، وحسنت خاتمتهم ، ففي صحيح البخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ
« عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلاَسِلِ » قال علماء الحديث : هم السبي الذين يسبيهم المسلمون من دار الشرك مكتفين في السلاسل ثم يقادون بها إلى دور الإسلام حتى يسلموا فيدخلوا الجنة
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (مما يعجب الله؟ ومما عجب رسوله ؟)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
بعد أن تعرفنا على ما تعجب منه الله جل وعلا ..ننتقل الى ما تعجب منه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقد روى البخاري في صحيحه (سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ – رضى الله عنه – قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ « هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا » . قَالَ فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ ، وَإِنَّهُ قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ « إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي ، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي انْطَلِقْ . وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِى بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا ، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى . قَالَ قُلْتُ لَهُمَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِي انْطَلِقْ – قَالَ – فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّىْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ – قَالَ وَرُبَّمَا قَالَ أَبُو رَجَاءٍ فَيَشُقُّ – قَالَ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى . قَالَ قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِى انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ – قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ – فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ – قَالَ – فَاطَّلَعْنَا فِيهِ ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا – قَالَ – قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاَءِ قَالَ قَالاَ لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ . قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ – حَسِبْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ – أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً ، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِى قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا – قَالَ – قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَانِ قَالَ قَالاَ لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ . قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلاً مَرْآةً ، وَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا – قَالَ – قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا قَالَ قَالاَ لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ . فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لاَ أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولاً فِي السَّمَاءِ ، وَإِذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ – قَالَ – قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا مَا هَؤُلاَءِ قَالَ قَالاَ لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ . – قَالَ – فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ رَوْضَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلاَ أَحْسَنَ . – قَالَ – قَالاَ لِي ارْقَ فِيهَا . قَالَ فَارْتَقَيْنَا فِيهَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ ، فَأَتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةِ فَاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا ، فَدَخَلْنَاهَا فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ – قَالَ – قَالاَ لَهُمُ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ . قَالَ وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِى كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ فِي الْبَيَاضِ ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ – قَالَ – قَالاَ لِي هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ . قَالَ فَسَمَا بَصَرِى صُعُدًا ، فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ الْبَيْضَاءِ – قَالَ – قَالاَ هَذَاكَ مَنْزِلُكَ . قَالَ قُلْتُ لَهُمَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ، ذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ . قَالاَ أَمَّا الآنَ فَلاَ وَأَنْتَ دَاخِلُهُ . قَالَ قُلْتُ لَهُمَا فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا ، فَمَا هَذَا الَّذِى رَأَيْتُ قَالَ قَالاَ لِي أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ ، وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي . وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِى عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَهَا ، فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِى فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ – صلى الله عليه وسلم – وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ » . قَالَ فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « وَأَوْلاَدُ الْمُشْرِكِينَ . وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطَرٌ مِنْهُمْ قَبِيحًا ، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ، تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ » ،ونستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله لنتعرف على ما تعجب منه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم. وما عجب منه أصحابه الكرام.
الدعاء