خطبة عن(الخوف من الله) (وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
فبراير 7, 2017خطبة عن (الاصلاح بين المتخاصمين)
فبراير 8, 2017الخطبة الأولى (خلق الاصلاح بين المتخاصمين )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (10) الحجرات
إخوة الإسلام
الإصلاح بين الناس تجارة مع الله عز وجل: ومَن ذا الذي يأبى التجارة مع الله، إلا محروم غافل. فقد قال عليه الصلاة والسلام لأبي أيوب رضي الله عنه كما في معجم الطبراني : «ألا أدلك على تجارة؟» قال: بلى يا رسول الله. قال: «تسعى في الإصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقارب بينهم إذا تباعدوا». والإصلاح بين الناس من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم: فلقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم السعيُ في الإصلاح بين الناس، وكان يَعرض الصلح على المتخاصمين، كما أنه باشر الصلح بنفسه في مواطن عديدة، وحث صحابته على ذلك. فقد أخرج البخاري في صحيحه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: «اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ» فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يذهبوا معه للإصلاح بينهم. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذهب في الإصلاح ولو بعدت المسافة وفاته شيءٌ من الجماعة لأجل الإصلاح بين الناس، ففي صحيح البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ، فَخَرَجَ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتِ الصَّلاَةُ، فَجَاءَ بِلاَلٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حُبِسَ، وَقَدْ حَانَتِ الصَّلاَةُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ) الحديث. والله سبحانه وتعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة، ففي المستدرك للحاكم (عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : بينا رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال له عمر : ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت و أمي ؟ قال : رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة فقال أحدهما : يا رب خذلي مظلمتي من أخي فقال الله تبارك و تعالى للطالب : فكيف بأخيك و لم يبق من حسناته شيء ؟ قال : يا رب فليحمل من أوزاري قال : و فاضت عينا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالبكاء ثم قال : إن ذاك اليوم عظيم يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم فقال الله تعالى للطالب ارفع بصرك فانظر في الجنان فرفع رأسه فقال : يا رب أرى مدائن من ذهب و قصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا أو لأي صديق هذا أو لأي شهيد هذا ؟ قال : هذا لمن أعطى الثمن قال : يا رب و من يملك ذلك ؟ قال : أنت تملكه قال : بماذا قال : بعفوك عن أخيك قال : يا رب فإني قد عفوت عنه قال الله عز و جل : فخد بيد أخيك فادخله الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم عند ذلك : اتقوا الله و أصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى يصلح بين المسلمين ) ، وهذا هو الحسن بن علي رضي الله عنهما صالح معاويةَ رضي الله عنه، وتنازل عن الخلافة له، فأصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، وأخمد الله تعالى نار الفتنة على يديه، فتحقق له ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من مناقبه؛ كما جاء في صحيح البخاري أن أَبَا بَكْرَةَ رضي الله عنه قال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ، وَالحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً، وَعَلَيْهِ أُخْرَى، وَيَقُولُ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ».
أيها المسلمون
ولابد للمصلح بين الناس أن تتوفر فيه شروط عامة وأخرى خاصة لتخوله السفارة بين المتنازعين أو التوفيق بين المتخاصمين وإعادة المودة والرحمة بين الزوجين، من هذه الشروط: – أن يقوم بالإصلاح ابتغاء مرضات الله. – وأن يكون الإخلاص لله وطلب الحق هو باعثه على الإصلاح. – وأن يكون له مكانة كبيرة عند المتنازعين لعلمه وورعه. – ومنها نصافة ورجاحة عقله. وأن يكون منصفا في أحكامه ، والصلح يثمر مالا يثمره الحكم القضائي، فإنه يثمر إحلال الألفة مكان التفرقة، ويستأصل داء المنازعات قبل أن تستفحل المنازعات والخصومات، وإنه يوفر الأموال التي تنفق للمحاماة بالحق أو بالباطل، وإنه يترك سوق شهادة الزور والرشاوي كاسدة، ويعين على التفرغ للمصالح العامة والخاصة، هذا على ما فيه من الأجر العظيم للمصلحين والمتصالحين، وصدق الله العظيم اذ يقول: ( وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ) النساء 128.
أقول قولي وأستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية (خلق الاصلاح بين المتخاصمين )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولقد بلغت العناية بالصلح بين المسلمين إلى أنه رُخِّص فيه بالكذب مع قباحته وشناعته وشدة تحريمه. فعن أُم كلثوم -رضي الله عنها- أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فينمي خيرًا، أو يقول خيرًا» (متفق عليه). – فينمي خيرًا: أي يبلغ خيرًا- وفي رواية عنها -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “«لم يكذب من نمى بين اثنين ليصلح»”. بل ذهب التشريعُ إلى إباحة المسألة لمن تحمل غرامة، تقديرًا لعظم الفعل، واعترافًا بأهمية الدور. فقد روى مسلم في صحيحه (عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلاَلِيِّ قَالَ تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَسْأَلُهُ فِيهَا فَقَالَ « أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا ». قَالَ ثُمَّ قَالَ « يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَحِلُّ إِلاَّ لأَحَدِ ثَلاَثَةٍ رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ – أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ – وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلاَثَةٌ مِنْ ذَوِى الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلاَنًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ – أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ – فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا ». فالدِّينُ الإسلامي الحنيف أوجب على العقلاء من الناس أن يتوسطوا بين المتخاصمين، ويقوموا بإصلاح ذات بينهم، ويلزموا المعتدي أن يقف عند حده، درءً للمفاسد المترتبة على الخلاف والنزاع، ومنعًا للفوضى والخصام، وأقوم الوسائل التي تصفو بها القلوب من أحقادها. ونستكمل الحديث عن خلق الاصلاح بين المتخاصمين في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء