خطبة عن (اسم الله تعالى (المتعال، والعظيم)
يوليو 6, 2016خطبة عن ( الموت )
يوليو 7, 2016الخطبة الأولى (اسم الله: العظيم ،ودلائل عظمته)
الحمد لله رب العالمين .. الذي لا إله إلا هو.. ولا خالق غيره.. ولا رب سواه… اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك … واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .. واشهد أن محمدا عبده ورسوله ..وصفيه من خلقه وحبيبه اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (255) البقرة
إخوة الإسلام
( العظيم ) اسم من أسماء الله الحسنى ، وهناك صور متعددة من دلائل عظمته سبحانه وتعالى : فمن دلائل عظمة الله تعالى : هذا الملك العظيم ،وهذا الكون المهيب الذي نراه ونشاهده ،وكل ما نعلمه وما نشاهده ماهو الا كحبة رمل في صحراء بجانب ملك الله سبحانه وتعالي فما ((ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة))، ومن دلائل عظمة الخالق ايضا: تصريفه وتدبيره لهذا الكون الذي يسير بنظام محكم عجيب يقول عز وجل: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ اله غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاء أَفَلاَ تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ اله غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ [القصص:71، 72]. نعم ، كيف نعيش اذا انقطع عنا ماء السماء ! ماذا نشرب كيف نزرع! كيف نأكل ماذا نفعل لو لم تطلع علينا الشمس؟! ماذا نفعل إذا غاب عنا القمر والنجوم كيف نحسب ايامنا واعوامنا ! يقول سبحانه: (هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذالِكَ إِلاَّ بِالْحَقّ يُفَصّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) يونس 5
اخوة الاسلام
إن دلائل عظمة الله لا تعد ولا تحصى ولا ينكرها عاقل ولا يجحدها منصف، وقد يسال سائل: ماذا يستفيد المسلم المؤمن من معرفته لعظمة الله ،فأقول : من تعرف علي عظمة الخالق سبحانه وتعالي فلا يرهب غير الله، ولا يخاف سواه، ولا يرجو غيره، ولا يتحاكم إلا إليه، ولا يذل إلا لعظمته، ولا يحب غيره.ولا يرجو سواه ولا يتوكل الا عليه ولا يعمل الا لمرضاته يقول سبحانه( إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) النحل 51، وقال الله تعالى : (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) العنكبوت 56 ، وإن معرفتنا لعظمة الله تورث القلب الشعور بمعيّته سبحانه وتعالي وشعور المؤمن بان الله العظيم معه ، تورثه السكينة في المصائب و المحن، والبصيرة في الشدائد والفتن، فانظر معي عندما لجأ رسولنا إلى الغار, واقترب الأعداء منه حتى كانوا قاب قوسين أو أدنى, شاهرين سيوفهم استعدادا لقتله ، قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، لو أن أحدهم رفع قدمه لرآنا، فرد عليه رسولنا المتوكل علي الله والمستشعر لعظمته وقدرته رد عليه بكل ثقة واطمئنان ـ (ما ظنك باثنين الله ثالثهما)) فمن تعرف علي عظمة الله لايهاب ظالما ولا يخاف عدوا لانه يعلم يقينا ان الله عظيم فلا يعجزه شيء في الارض ولا في السماء وانظروا معي الي هذا المشهد ايضا : (يقف موسى وجنوده عند شاطئ البحر فيقول بعضهم لبعض : إن فرعون من ورائنا والبحر من أمامنا,فكيف الخلاص وأين المفر؟! ،يقول سبحانه وتعالي : ( قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) [الشعراء:61]، فيرد نبي الله موسى عليه السلام وهو مستشعر لعظمة الله وواثق بموعود الله ونصر الله يقول سبحانه ( قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ( [الشعراء:62]، فكان بعدها النصر والتمكين. فهو سبحانه مذل الجبابرة,و قاسم ظهور الملوك والأكاسرة، هو سبحانه القوي الذي تتصاغر كل قوة أمام قوته، ويتضاءل كل عظيم أمام عظمته. يقول سبحانه : (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) هود 102 ، إن معرفة المؤمن لعظمة الله تجعله لا يقنط من رحمة الله ولا يرجو ولا يدعو الا الله فهو سبحانه وتعالي الذي سمع نداء يونس في الظلمات فحفظه ونجاه وهو الذي، استجاب لزكريا دعاءه فوهبه على الكبر يحيى وهداه وهو الذي، أزال الكرب عن أيوب فرد اليه اهله وشفاه وهو الذي، ألان الحديد لداود، وسخر الريح لسليمان، وفلق البحر لموسى، وشق القمر لمحمد، ، وجعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم ، يقول سبحانه : (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) النمل 62، فمعرفتنا لعظمة الله تجعلنا في طاعة دائمة لله نسبحه ونذكره ونطيعه ونشكره فهو سبحانه وتعالي يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر معرفتنا لعظمة الله تجعلنا نعظم حرمات الله فلا نقترب من الحرام ولا نستهين بالمعاصي والذنوب يقول سبحانه وتعالي : {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} الحج (30)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (اسم الله: العظيم ،ودلائل عظمته)
الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد ايها المسلمون
إن معرفة المؤمن لعظمة الله تجعله هادئ البال ساكن النفس مهما احاطت به الخطوب لانه متيقن ان الامر بيد الله يقول سبحانه :(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) الفتح 4 ، واستشعارنا لعظمة الله تملأ القلب رضاً وصبراً جميلاً، فلا يحزننا تقلّب الذين كفروا في البلاد، فإنهم مهما علوا وتجبروا فلن يصلوا إلى مطامعهم، ومهما بلغت قوتهم فلن يحققوا أهدافهم الدنيئة، فلن يقضوا علي الإسلام ولا المسلمين كما يريدون فالله هو القوي الذي لا يغلب، يقول سبحانه: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) يوسف 21 ، ويقول سبحانه : (مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ ) غافر 4 ، فلقد بلغ فرعون ما بلغ من الطغيان والفساد فذبح الابناء واستحيى النساء قال تعالي : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مّنْهُمْ يُذَبّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْىِ نِسَاءهُمْ [القصص:4]، فماذا كانت نتيجة الطغيان والفساد والاستكبار قال تعالي : ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِى الْيَمّ وَهُوَ مُلِيمٌ )[الذاريات:40]. ومن تعظيم الله أيضا أن لا نعترض على شيء مما خلقه أو شرعه اوفرضه او حكم به .بل علينا ان نقول سمعنا واطعنا ، قال تعالى : (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النور 51 ، ومعرفتنا لعظمة الله ايضا تجعلنا نعظم شعائر الله فلا نستهين بالصلاة ولانفطر في شهر رمضان ولا نتهاون في اداء الحج او اخراج الزكاة و كذا سائر الطاعات يقول سبحانه : {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} الحج 32
ايها المسلمون
ومع ان الله سبحانه وتعالي هو العظيم الذي ليس لعظمته حد الا انه سبحانه وتعالي هو الرحيم هو الودود الذي يتودد الي خلقه ويتقرب الي عباده، فمن تقرب الي الله شبراً تقرب الله إليه ذراعاً، ومن تقرب إليه ذراعاً تقرب منه باعاً، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة، فبابه مفتوح من أقبل عليه تلقاه من بعيد، ومن أعرض عنه ناداه من قريب، ومن ترك من أجله أعطاه فوق المزيد، أهل ذكره هم أهل مجالسته، وأهل شكره هم أهل زيادته، وأهل طاعته هم أهل كرامته، وأهل معصيته لا يقنطهم من رحمته؛ إن تابوا إليه فهو حبيبهم، وإن لم يتوبوا فهو طبيبهم ، يبتليهم بالمصائب ليرجعوا إليه، الحسنة عنده بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسيئة عنده بواحدة، فإن ندم عليها واستغفر غفَرها له، يشكر اليسير من العمل، ويغفر الكثير من الزلل، قال الله تعالى : (قُلْ ياعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]. وقال سبحانه : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الزمر 67 ، ولقد كان نبينا ( صلي الله عليه وسلم ) يربي أمته على وجوب تعظيم الله، ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: (جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله فقال: يا محمد, إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر, ثم قرأ رسول الله : وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالاْرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) رواه البخاري
الدعاء