خطبة عن ( من أسباب النصر والتمكين )
يوليو 7, 2016خطبة عن (من وصايا الصالحين على فراش الموت)
يوليو 7, 2016الخطبة الأولى( حرمة التبرج )
الحمد لله رب العالمين .اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك . واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد … أيها المسلمون
قال الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) الأعراف 26 ،وقال الله تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (33) الاحزاب
إخوة الإسلام
لقد جعل الله اللباس سترا للعورات والسوءات ، وزينة وجمالا للسمات والهيئات ، ففي صحيح مسلم (قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ « إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ )، واللباس أيضا أمر فطري ، جبل عليه البشر ، واعتادوه على مر العصور ، فقد قال الله تعالى لأبي البشر آدم عليه السلام وهو في الجنة (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى ) طه 118، بل وكان من أثر معصيته في الجنة أن سلب منه هذا اللباس ، فقال تعالى : (يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ) الأعراف 27 ، وإذا كان في اللباس ستر وجمال ، فهو للمرأة المسلمة أيضا طاعة لله ، واستجابة لنداء الرحمن قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الاحزاب 59 ، وقد ذكر العلماء شروطا للباس المرأة المسلمة العارفة لدينها الحريصة على حيائها : الأول : أن يكون ساترا لجميع البدن، الثاني: أن يكون كثيفا غير رقيق ولا شفاف، لأن الغرض من الحجاب الستر، فإذا لم يكن ساترا لا يسمى حجابا، لأنه لا يمنع الرؤية ولا يحجب النظر. الثالث: ألا يكون زينة في نفسه أو مبهرجا ذا ألوان جذابة يلفت الأنظار لقوله تعالى: ( وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ) النور 31، ومعنى (ما ظهر منها) أي بدون قصد ولا تعمد، فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز ارتداؤه، ولا يسمى حجابا، لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب، ومن هنا يعلم أن كثيرا من العباءات التي تباع الآن وفيها من الزينة ما يلفت النظر لا يجوز ارتداؤها. الرابع: أن يكون واسعا غير ضيق ولا يشف عن البدن، ولا يجسم العورة، ولا يظهر أماكن الفتنة. الخامس: ألا يكون الثوب معطرا فيه إثارة للرجال لقوله كما في مسند أحمد وغيره : « أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بِقَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ » .السادس : أن لا يكون الثوب فيه تشبه بالرجال لحديث أبي هريرة في مسند أحمد وغيره : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَعَنَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لُبْسَةَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لُبْسَةَ الرَّجُلِ.) ، وفي الحديث: كما في البخاري (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَعَنَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ ، وَالْمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ) ،السابع : أن لا يشبه ملابس الكافرات، ففي سنن أبي داود وغيره : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ». وفي صحيح مسلم (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَىَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ « إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلاَ تَلْبَسْهَا ». وقد حذر النبي من فتنة النساء ففي البخاري ( عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ – رضى الله عنهما – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ » ، أما إذا نزعت المرأة لباسها خارج بيتها ، وأظهرت للناس مفاتنها ، وتخلت عن حيائها وعفتها ، فقد أغضبت ربها لمخالفتها أمره ، فقد قال الله تعالى :(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الاحزاب 59 ، وقال سبحانه (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) الاحزاب 33 ، وقد عرضت نفسها للعقاب الأليم بالحرمان من جنة رب العالمين ، ففي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ». وقال العلماء: تكون المرأة كاسية عارية بأحد ثلاثة أمور: – بأن يكون لباسها قصيرًا لا يستر جميع البدن، فهذه كاسية عارية. – بأن يكون شفافًا غير سميك، ولو كان طويلاً، فهذه كاسية عارية. – بأن يكون الحجاب ضيقًا غير فضفاض، فيجسد جسدها ويبين تقاسيم بدنها، فهذه كاسية عارية. وقد يسأل سائل ، لم تتبرج المرأة أو الفتاة ؟ ، لم تكشف عن جسدها وتظهر زينتها مفاتنها ؟ لماذا تعري جسدها وتصبغ وجهها ؟ والإجابة : لتكون جميلة في عيون الناس ، ليتكلم الناس عن حسنها وجمالها ،وإذا كانت فتاة ، فهي تريد أن تجذب إليها عيون الشباب وقلوبهم ، وكل ذلك فعل قبيح ،فيا أيتها المتبرجة : لقد خرجت عن آداب الإسلام ، وسمات الموحدين ، وتشبهت بالكافرين والمفسدين ، لقد كسوت نفسك بثوب الخسة والخلاعة ، وطرحت عنك ثياب العفة والحشمة ، لقد خلعت عن وجهك برقع الحياء ، فخسرت نفسك ، وضاعت كرامتك ، وصرت عارا على أهلك ،واسمعي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما رأى المرأة في ثوب شفاف ،ففي سنن البيهقي وأبي داود (عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا دَخَلَتْ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- فِى ثِيَابٍ شَامِيَّةٍ رِقَاقٍ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِبَصَرِهِ قَالَ : « مَا هَذَا يَا أَسْمَاءُ؟ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا ». وَأَشَارَ إِلَى كَفِّهِ وَوَجْهِهِ. )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية عن ( التبرج )
الحمد لله رب العالمين .اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك . واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد … أيها المسلمون
واسمعوا لهذا الحوار في صورة أبيات شعرية ، بين أم سافرة متبرجة ، وبين ابنتها المؤمنة العفيفة ، وهي تدعو أمها إلى الطهر والعفاف ،فقالت لأمها :
أماه إنك قد خرجت بزينة نحو السفور والعين ساحرة البريق تصيد أرباب الفجور
والشعر ثار مع النسيم بموجه الساري الحرير والصدر عار جاذبي في أنوثته يثور
وخرجت بالثوب المزخرف بالزهور وبالطيور ولكم تثيرين الغرائز في الذئاب وفي النمور
فقالت الأم :
إني خرجت بزينة ليفيض في قلبي السرور كي أجذب الشوق الجميل إلي من فيض الصدور
ألست أبدوا كوكبا من بين غادات السفور فلسوف أظهر فتنتي لأرى الشباب بها يفور
إني أميل إلى الجمال ولا أمل من الظهور
فقالت لها ابنتها :
إني أخاف عليك يا أماه من يوم النشور وأخاف من يوم الحساب عليك من نار تفور
إني أخاف عليك يا أماه من حر السعير أماه يا أماه إنك قد ركنت إلى الكفور
هذا الجمال الغض يا أماه مثواه القبور أماه إنك قد فتنت بفكر شيطان الغرور
جمالك الأخاذ يا أماه في الثوب الطهور وفي صفاء القلب من غل ومن كذب وزور
أماه إني قد نصحت لك من قلب بصير
فقالت الأم :
سمعا وطاعة يا حنان الصدر يا مسك الزهور ويحز في قلبي الأسى فيما مضى من كيد وزور
إني سلكت مسلكا يأباه صحو في الضمير ولقد دخلت مداخل الشيطان في الزيف الحقير
ولقد عدلت الآن عن كل المساوي والغرور
فقالت الابنة :
حياك يا أمهاه ربي إنه سمح غفور وشربت كأس النور والإيمان من حوض طهور
وكنت نبراسا لغيرك كي نعز ولا نجور
وفي نهاية حديثي أذكر أولياء الأمور ، بما رواه البخاري في صحيحه :(عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : « كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِى مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ – قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ – وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ »
الدعاء