خطبة عن (الآداب الإسلامية في حل المشكلات الزوجية)
مارس 10, 2017خطبة عن ( خلق القناعة )
مارس 11, 2017الخطبة الأولى ( الوسائل المعينة على خلق القناعة )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في سنن ابن ماجة ومسند أحمد : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « قَدْ أَفْلَحَ مَنْ هُدِىَ إِلَى الإِسْلاَمِ وَرُزِقَ الْكَفَافَ وَقَنِعَ بِهِ ».
إخوة الإسلام
ونواصل الحديث عن خلق القناعة، والوسائل المعينة عليها : فمن الأسباب والوسائل المعينة للمسلم على اكتساب خلق القناعة: – الإيمان الجازم بأن الله تعالى هو الرزاق، كتب الأرزاق قبل أن يخلقَ العِباد، ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها. فهل مِن أحد يرزق العبادَ غيرُه سبحانه؟ وهو القائل في محكم آياته: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 58]. وروى ابن ماجة في سننه : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِىَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ ».) . فلماذا الطمع؟ ولماذا الجشع؟.. ويقول عامر بن عبد قيس رضي الله عنه: “أربع آيات من كتاب الله إذا قرأتهن مساء لم أبال على ما أمسي، وإذا تلوتهن صباحًا لم أبال على ما أصبح: قوله تعالى : ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [فاطر: 35]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [يونس: 107]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود: 6]، وقوله تعالى: ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7]. ومن الأسباب والوسائل المعينة للمسلم على اكتساب خلق القناعة: – تذكّرُ العبدِ أن الدنيا إلى زوال وأن متاعها إلى فناء: فليعلمِ العاقل أنّ كل حال إلى زوال، فلا يفرح غنيّ حتى يطغى ويَبطر، ولا ييأس فقير حتى يعصي ويكفر، فإنه لا فقر يدوم، ولا غنى يدوم!! وكم من رجال نشؤا على فرش من حرير، وشربوا بكؤوس من ذهب، وورثوا كنوزا من المال، وأذلوا أعناق الرجال، واستعبدوا الأحرار من الرجال والنساء! فما ماتوا حتى اشتهَوْا فراشًا خَشِنا يقي الجنب عَضّ الأرض، ورغيفًا من خبز يحمي البطن من قَرْص الجوع! وآخرون قاسوا المحن والبلايا، وذاقوا الألم والحرمان، وطووا الليالي بلا طعام! فما ماتوا حتى ازدحمت عليهم النعم، وتكاثرت لهم الخيرات، وصاروا من سراة الناس! وسيسوي الموت بين الأحياء جميعا: الغني والفقير؛ فدُود الأرض لا يفرق بين المالك والأجير، ولا بين الصعلوك والأمير، ولا بين الكبير والصغير، فلا يجزع فقير بفقره، ولا يبطر غني بغناه.. فما أجمل القناعة، وما أسعد أهلها! لو تحلى بها الناس لزالت منهم الضغائن والأحقاد، وحفت بينهم الألفة والمودة؛ فإنّ ما يقع فيه الناس من خلاف وشقاق سببه الدنيا والتنافس عليها، سببه ضعف القناعة والرضا في القلوب، وصدق رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حينما قال كما في الصحيحين : « فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ ، فَوَ اللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنِّى أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا ، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ » ،فهل من مدّكر؟ وهل من معتبر؟ يجعل ما يملك من دنيا في يديه، ويحذر أن تقترب إلى قلبه فتفسده. فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : (أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ ». متفق عليه
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الوسائل المعينة على خلق القناعة)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الأسباب والوسائل المعينة للمسلم على اكتساب خلق القناعة : – أن ينظر المرء إلى من هو أقل منه في المال والمنصب والجاه، ولا ينظر إلى من هو أعلى منه في ذلك: فقد علمنا ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلاَ تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ”. قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ “عَلَيْكُمْ”. وفي لفظ لابن حبان في صحيحه: “إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَنْ فَوْقَهُ فِي الْمَالِ وَالْحَسَبِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْمَالِ وَالْحَسَبِ”. وليس في الدنيا أحد لا يجد مَن هو أفضل منه في شيء، ولا مَن هو أقل منه في أشياء؛ فإن كنت فقيرا ففي الناس من هو أفقر منك! وإن كنت مريضًا ففي الناس من هو أشد منك مرضا. وإن كنت ضعيفا ففي الناس من هو أشد منك ضعفا.. فلماذا تَرفعُ رأسَك لتنظرَ إلى مَن هو فوقك، ولا تخفِضُه لتُبصِرَ من هو تحتك؟ ، ومن الأسباب والوسائل المعينة للمسلم على اكتساب خلق القناعة: – تربية النفس على الاقتصاد في الإنفاق، وعدم الإسراف والتبذير: فقد قال سبحانه: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ الاعراف 31. وقال عز وجل في صفات عباد الرحمان: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ الفرقان 67. وقال القائل : والنّفس راغبة إذا رغّبتها وإذا تردّ إلى قليل تقنع
الدعاء