خطبة عن ( من وسائل التطهير والتنقية)
يوليو 7, 2016خطبة عن ( فتنة المسيح الدجال )
يوليو 7, 2016الخطبة الأولى ( من وسائل تطهير الذنوب)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. وصفيه من خلقه وحبيبه .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تبارك وتعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) (35) الزمر ، وقال الله تعالى : ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) الزمر 73 ، ويقول سبحانه : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَاكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) النحل 32
أيها الموحدون :
في الآيات السابقة يبين لنا رب العزة تبارك وتعالى كلمات الترحيب والبشرى التي تستقبل بها الملائكة أصحاب الجنة. من المؤمنين … ونلاحظ أن الملائكة : وصفوا المؤمنين من أصحاب الجنة بقولهم ( طِبْتُمْ.).( أي نقيتم من المعاصي والذنوب ، وطابت أعمالكم ،وطابت أقوالكم، وطابت قلوبكم ،وطابت نفوسكم وأرواحكم ،وطاب سعيكم فطاب جزاؤكم،.. ووصفوهم بقولهم ( طَيِّبِينَ ) ( أي طاهرين من الشرك والظلم ، طاهرين من الذنوب والمعاصي، طاهرين من الخطايا والزلات ،لأن الجنة طيبة طاهرة فلا يدخلها إلا الطيبون الطاهرون ،وهنا يبادر إلى الذهن سؤال ..وهو أن المؤمن ليس معصوما من الأخطاء والمعاصي والذنوب… وإذا كانت الجنة لا يدخلها إلا الطيبون فكيف ينقى ويطهر المؤمن من هذه السيئات والمعاصي ليصبح طيبا طاهرا ويستحق دخول الجنة وتقول له الملائكة . ( سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) . فأقول: من رحمة الله بنا أن جعل لنا ربنا وخالقنا تبارك وتعالى وسائل لتنقية هذه الأخطاء والمعاصي والذنوب.. والتي نقع فيها …حتى نصبح طيبين طاهرين.. ونستحق أن ندخل جنة رب العالمين .. والسؤال . ما هي وسائل التنقية والتطهير ؟؟ والإجابة : وسائل التنقية والتطهير كما ذكرها العلماء : ( إحدى عشر وسيلة) أربعة منها في الدنيا.. وثلاثة بعد الموت ..وأربعة يوم القيامة ، هذه الوسائل تنقي العبد المؤمن من المعاصي والذنوب حتى يصل إلى الجنة طيبا طاهرا نقيا..فمن نقي من ذنوبه في الدنيا قبل الموت أدخل قبره طاهرا نقيا فلا يعذب في قبره بل كان قبره روضة من رياض الجنة…أما من بقيت عليه ذنوب بعد الموت فتنقى بوسائل بعد الموت وفي حياة البرزخ .. فإذا كانت معاصيه أعظم ولم تطهر في حياة البرزخ في القبر نقي منها يوم القيامة .. فكما قلت لكم ..لا يصل المؤمن إلى الجنة إلا بعد أن ينقى تماما ويطهر من كل الذنوب والسيئات التي اكتسبها في دنياه وكتبت عليه في صحيفة أعماله …وتعالوا بنا اليوم إن شاء الله نتعرف على هذه الوسائل التي تنقى بها الذنوب لنطهر بها أنفسنا مما اقترفنا من المعاصي والسيئات فأما الثلاثة التي في الدنيا فهي: ( التوبة – والاستغفار – وفعل الحسنات وعمل الخيرات – والابتلاءات )، فأما ( التوبة ) فقد قال الحق تبارك وتعالى ( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الفرقان 70 ، ويقول سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) التحريم 8 ، وكذلك رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بين لنا أن التوبة الصادقة تنقي العبد المؤمن من المعاصي والذنوب حتى يصبح طيبا طاهرا صالحا لدخول جنات النعيم فقد روى الطبراني أنه صلى الله عليه وسلم قال: (فَإِنَّ الْمَرْءَ إِذَا تَابَ مِنْ ذَنْبِهِ وَاعْتَرَفَ بِهِ غُفِرَ لَهُ)، وقال(التائب من الذنب كمن لا ذنب له)
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من وسائل تطهير الذنوب)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه .. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونواصل حديثنا عن وسائل تنقية ذنوب العبد المؤمن .. فإذا كان العبد المؤمن قليل التوبة وكثير الذنوب فقد جعل الله له الوسيلة الثانية في الدنيا للتنقية والتطهير من الذنوب وهي الاستغفار يقول سبحانه وتعالى( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ) آل عمران 135 .. ويعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الاستغفار الذي تغفر به الذنوب وتطهر به القلوب وتنقى به الزلات والهفوات ففي صحيح البخاري عن شداد بْنُ أَوْسٍ رضي الله عنه – عَنِ النبي – صلى الله عليه وسلم قال « سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ، خلقتني وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِى ، فاغْفِرْ لِى ، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ » . قَالَ: « وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا ، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِىَ ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِهَا ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ ، فَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » ، كما جاء في سنن أبي داوود أنه صلى الله عليه وسلم قال « مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الذي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ ».
أيها الموحدون
وإذا كان العبد المؤمن يتوب إلى الله ويستغفره من ذنوبه ولكن .. مازالت تحيط به المعاصي والذنوب لكثرتها فقد جعل الله له الوسيلة الثالثة في الدنيا ليتطهر بها من ذنوبه وهي :( فعل الحسنات وعمل الخيرات) .. فعمل الحسنات وفعل الخيرات و الطاعات تمحو السيئات وتطهر المعاصي وتغسل الذنوب يقول سبحانه وتعالى(إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ) هود 114 ،ويقول سبحانه (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ) الرعد 22: 24 ، وكما روى الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ) ومن الحسنات التي تمحى بها السيئات الوضوء والصلاة والصيام والحج والصدقة والذكر وبر الوالدين وغيرها من الطاعات وفي هذا روي عنه صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة و متعددة اذكر لكم منها قوله صلى الله عليه وسلم (ألا أدلكم على شيء يكفر الخطايا ، ويزيد في الحسنات ؟ » قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : « إسباغ الوضوء أو الطهور في المكاره ، وكثرة الخطا إلى هذا المسجد ، والصلاة بعد الصلاة وما من أحد يخرج من بيته متطهرا حتى يأتي المسجد ، فيصلي مع المسلمين ، أو مع الإمام ، ثم ينتظر الصلاة التي بعدها ، إلا ، قالت الملائكة : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه) ، ويَقُولُ « أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ ». قَالُوا لاَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ. قَالَ « فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا » .وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ « الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ ». ويقول ابن عباس رضي الله عنه :(ليس شيء أحط للذنوب من بر الوالدين » ، وهكذا فكل الطاعات هي مكفرات ومطهرات من الذنوب والمعاصي ..أما الوسيلة الرابعة لتنقية الذنوب والتطهر منها.. فهي : (الابتلاءات ) وهي حديثنا القادم إن شاء الله
الدعاء