خطبة عن (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)
يوليو 10, 2016خطبة عن (علامات الخشية والخوف من الله تعالى وصورها)
يوليو 11, 2016الخطبة الأولى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) الحج: 11
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم إن شاء الله مع آية من كتاب الله نتدارسها ونتدبرها ونعمل بما جاء فيها: وقوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) الحج: 11 ) ، فالمعنى : أن هناك صنفا من الناس دَخَلَ فِي الدِّينِ عَلَى حرف .أي على طَرَف فلم يتمكن الاسلام من قلبه، فَإِنْ وَجَدَ مَا يُحِبُّهُ من متاع الدنيا استمر واسْتَقَرَّ ،وإن لم يجد ما يلبي شهواته ورغباته ترك دينه وكفر ، فهذا الصنف من الناس لم يتمكن الإيمان من قلبه، بل هو مزعزع العقيدة، تتحكم مصالحه فى إيمانه، فإن أصابه خير فرح به واطمأن، وإن أصابته شدة فى نفسه أو في ماله أو في ولده ارتد إلى الكفر، فخسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران الحقيقى الواضح المبين ،وفي صحيح البخاري : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ ) قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْمَدِينَةَ، فَإِنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلاَمًا ، وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ قَالَ هَذَا دِينٌ صَالِحٌ . وَإِنْ لَمْ تَلِدِ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُنْتَجْ خَيْلُهُ قَالَ هَذَا دِينُ سُوءٍ).. وهكذا ينظر بعض الناس إلى الدين .ينظر إليه على أنه رغد في العيش وسعة في الرزق يجلب النفع، ويدر الضرع، وينمي الزرع، ويربح التجارة، ويكفل الرواج. فإذا أصابه ما يكره لم يصبر عليه، ونكص على عقبيه وخسر دينه ودنياه .والتعبير القرآني «عَلى حَرْفٍ» يعني غير متمكن من العقيدة، ولا متثبت في العبادة. والله يريدك أيها المؤمن عبداً له في الخير وفي الشر، في السراء وفي الضراء، فكلاهما فتنة واختبار، وما آمنتَ بالله إلا لأنك علمتَ أنه الإله الحق وأنه حكيم عادل قادر، ولا بد أنْ تأخذ ما يجري عليك من أحداث في ضوء هذه الصفات. فإنْ أثقلتْك الحياة وأصابك منه ما تكره فاعلم أن وراء هذا حكمة .فلا بُدَّ أنْ تؤمن بحكمة ربك في كل ما يُجريه عليك، سواء أكان نعيماً أو بُؤْساً، سواء ما يسعدك أو ما يحزنك . ونسأل الله أن يرضينا بقضائه وأن يرزقنا شكر نعمائه.
أيها المسلمون
والآية الكريمة تحذرنا من ضعف الإيمان وركاكته .وتحثنا على تقوية الإيمان وتثبيته . فضعف الإيمان ظاهرة منتشرة بين المسلمين وكثيرا ما نسمع هذه العبارات :(أحس بقسوة في قلبي) ، (لا أجد لذة للعبادات) ،(أشعر أن إيماني في نقص) ، ( لا أتأثر بقراءة القرآن ) ، (أقع في المعصية بسهولة) ، (أتكاسل عن الطاعات والعبادات) ، (لا أغضب إذا انتهكت محارم الله)(يشرد ذهني أثناء الصلاة وتلاوة القرآن) ، (لا أستطيع تدبر القرآن وفهم معانيه) .( كثيرا ما أغفل عن ذكر الله) ، وهذه العبارات وغيرها كلها من علامات ضعف الإيمان ،ولضعف الإيمان أسباب منها : البعد عن الأجواء الإيمانية ، من حضور مجالس الذكر ، والصلاة في جماعة ، ومجالسة الصالحين ، يقول الحسن البصري: “إخواننا عندنا أغلى من أهلينا ، أهلونا يذكروننا الدنيا ، وإخواننا يذكروننا الآخرة“. ومنها : فقدان القدوة الصالحة ، لذلك لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قال الصحابة رضي الله عنهم:”فأنكرنا قلوبنا” ، ومنها : الاختلاط بأهل الفسق والفجور وكذلك الانشغال الشديد بأمور الدنيا، ومنها : طول الأمل الإفراط في المباحات من أكل،وشرب ونوم وكلام ، أما وسائل تقوية الايمان فنتعرف عليها بعد جلسة الاستراحة
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والإيمان يزيد وينقص يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي والموبقات : ومن أسباب تقوية الإيمان: معرفة الله تبارك وتعالى بأسمائه وصفاته ،وتلاوة القرآن وتدبره ،ومعرفة النبى صلى الله عليه وسلم وسيرته ومعجزاته ،والتفكر فى خلق الله ،والإكثار من النوافل وذكر الله تعالى ،والقرب من بيئة الطاعة ، والذي يعبد الله على حرف يكون عرضة للإرتداد عن دينه وتكون خاتمته سيئة. وقد تأثرت بهذه القصة التي أوردها الإمام القرطبي في كتابه : (التذكرة) حيث جاء فيه : (أنه كان بمصر رجل ملتزم مسجداً للأذان والصلاة. وعليه بهاء العبادة وأنوار الطاعة، فرقي يوماً المنارة على عادته للأذان،وكان تحت المنارة دار لنصراني ذمي،فاطلع فيها فرأى ابنة صاحب الدار، فافتتن بها وترك الأذان، ونزل إليها ودخل الدار ، فقالت له: ما شأنك ما تريد؟ فقال:أنت أريد.قالت:لماذا؟قال لها قد سلبت لبي وأخذت بمجامع قلبي قالت لاأجيبك إلى ريبة. قال لها أتزوجك قالت له: أنت مسلم وأنا نصرانية وأبي لا يزوجني منك ، قال لها: أتنصر.قالت إن فعلت أفعل. فتنصر ليتزوجها، وأقام معها في الدار. فلما كان في أثناء ذلك اليوم رقي إلى سطح كان في الدار فسقط منه فمات، فلا هو بدينه نجا ولا هو بها استمتع) .وصدق رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حيث يقول كما في صحيح مسلم : « إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ » ،فنعوذ بالله من سوء العاقبة وسوء الخاتمة ونسأله أن يحفظ علينا إيماننا ونسأله حسن الخاتمة
الدعاء