خطبة عن ( أهمية رضا العبد عن الله تعالى )
يوليو 11, 2016خطبة عن (الزهد: معناه وأقسامه ومتعلقاته)
يوليو 11, 2016الخطبة الأولى ( الرضا عن الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) المائدة ، وقال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (7)، (8) البينة
إخوة الإسلام
لقد خلقنا الله تعالى لنعبده. فقال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات 56، والعبادات من حيث الأداء نوعان : عبادات جوارح : ( مثل الصلاة والصوم والحج )،وعبادات قلوب : (مثل التوبة والرضا والاخلاص والتوكل والمراقبة) ،فالرضا عن الله عمل من أعمال القلوب وصفة من صفات المؤمنين. قال الله تعالى: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ) المائدة 119، وفي صحيح مسلم يَقُولُ صلى الله عليه وسلم « ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً » ، وفي صحيح مسلم ايضا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ « مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا. غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ ». وقد أوجب الله على عباده الرضا بقضائه.فهل أنت راض عن الله؟ هل أنت راض عن أفعال الله وقدره في حياتك؟. فقد يدعي أكثر الناس ويقول نعم أنا راض عن الله. فأسأله بطريق آخر. فهل أنت راض عن حالك؟، هل أنت راض برزقك؟ ، هل أنت راض بصحتك؟ ، هل أنت راضي بشكلك ولونك؟ ، هل أنت راضية بجمالك أو بطولك أو بقصرك؟ ، هل أنت راض بزوجتك أو بزوجك؟. ،هل أنت راض بابنك المعاق أو ابنتك التي لم تتزوج ؟ ،هل أنت راض برزقك القليل ،وجسمك العليل ،وببيتك المتواضع ،وأثاث بيتك القليل؟.هل أنت راض بمستوى تعليمك؟ هل أنت راض بعملك بأولادك بوالديك وبجيرانك؟ (هل أنت راضي؟؟) ، وقد تكون إجابة بعض الناس : (واحنا حنعمل إيه ما باليد حيله راضين غصب عننا) ، فأقول : هذا هو عدم الرضا بعينه. فالكثير من الناس لا يرضى عن حظِّه في الحياة ،ويعيش شاكياً مغضبا، فأصبحت الشكوى عند الكثير من النَّاس سمةً غالبةً عليهم. إن أصابه خير أو شر يشكو، أو كان في غنى أو فقر يشكو ، فأقول : لك إن لم تكن راضيا عن بعض ما قدر الله عليك فجدد إيمانك ،واستغفر لذنبك ،وعاهد الله على الرضا بما قضى به وقدر ، فإن ذلك من تمام الإيمان.
أيها المسلمون
إن الإنسان في هذه الحياة الدنيا بين حالتين، بين حالة الرضا وبين حالة السخط، والرضا من لوازم الإيمان، والسخط من لوازم الكفران، الرضا من لوازم القرب من الله، والسخط من لوازم البعد عن الله. وكلما زاد علمك بالله. زاد رضاك عن الله، وكلما قلّ علمك قلَّ رضاك ،ولذلك كان من دعائه صلى الله عليه وسلم : (اللَّهُمَّ إِنِّى عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِى بِيَدِكَ مَاضٍ فِىَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِىَّ قَضَاؤُكَ) رواه أحمد ،والرضا .هو سرور القلب بمر القضاء وهو.ارتفاع الجزع فيما قدر الله به وحكم ، الرضا .هو أن يعلم العبد أن كل شيء يجري بتقدير الله ومشيئته، ومشيئته نافذة، ولا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم (فمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ) .وكما قال تعالى : (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) الحديد 22
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الرضا عن الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونستكمل الحديث عن الرضا عن الله.. فإن فاتك ماكنت تظنه نافعك. أوأصابك ما تظنه ضارك بعد أن بذلت الوسع في جلب النفع ودفع الضر فلا تندم ولا تتحسر بل كن راضيا بما قدر الله به وحكم وإياك (ولو) الدالة على الإعتراض والشكاية فإنما قالها أولياء الشيطان من الكافرين والمنافقين قال تعالى : (الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) آل عمران 168 ،فلا تقل(لو) ففي صحيح مسلم : ( قال صلى الله عليه وسلم(احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَىْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ » ، فكن راضياً عن ربك لأنّ الله يفعل ما يفعل عن حكمة عظيمة . قال لقمان لابنه : (أوصيك بخصال تقربك من الله وتباعدك من سخطه.أن تعبد الله لا تشرك به شيئا وأن ترضى بقدر الله فيما أحببت وكرهت) . وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى رضي الله عنهما “أما بعد، فإن الخير كله في الرضا فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر)... والرضا صفة من صفات المؤمنين .فكيف تحقق الرضا بقضاء الله عز وجل وقدره في حياتك؟، ففي سنن الترمذي :(عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لاَ يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ » وعند الامام احمد : (عَنْ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « لِكُلِّ شَىْءٍ حَقِيقَةٌ وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ »
الدعاء