خطبة عن ( الشهادة وجزاء الشهداء )
يوليو 11, 2016خطبة عن ( الشهادة والشهداء)
يوليو 11, 2016الخطبة الأولى ( منزلة الشهادة والشهداء )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) (169): (171) آل عمران
إخوة الإسلام
تناولت معكم في اللقاء السابق معنى الشهادة ..وأنواعها ..واليوم نستكمل الموضوع.. فلما علم الصحابة منزلة الشهادة وقدر الشهداء فقد سارعوا في طلب الشهادة والفوز بها ،وهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر يخاطب أصحابه قائلا لهم: « قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ ». قَالَ يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الأَنْصَارِىُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ بَخٍ بَخٍ… فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ ».. قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ..إِلاَّ رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا.. قَالَ « فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا ». فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرْنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِى هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ – قَالَ – فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ. ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ) رواه مسلم ،فانظروا كيف استبطأ رضي الله عنه الشهادة لتأخرها عنه دقائق معدودات ،وعن أبي هريرة عن النبي قال: (عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِى سَبِيلِهِ لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ إِيمَانٌ بِى وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِى أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ ، أَوْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، وَلَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّى أُقْتَلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ » رواه البخاري .. ولقد كانت كلمات بعضهم عند الشهادة صرخات مدوّية زلزلت قلوب قاتليهم, وحملتهم على الدخول في دين الله، ففي صحيح البخاري : (عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ – رضى الله عنه – يَقُولُ لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ – وَكَانَ خَالَهُ – يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ ..قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا ، فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ ( فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ) فكانت تلك العبارة سببًا في إسلام هذا القاتل..
إخوة الاسلام
والعبد المؤمن مطالب أن يسأل الله الشهادة في سبيله لينال درجات الشهداء، فقد روي مسلم في صحيحه : ( أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ».. وهناك بعض الناس يخافون أن يسألوا الله الشهادة لأنهم يظنون أنها تُنقص من أعمارهم أوتقرب من آجالهم… والآجال عند الله معروفة محدودة لا تزيد ولا تنقص، بل أن سؤال الله الشهادة عبادة.. وأنتم تعلمون بأن العبادة تزيد في العمر وتبارك فيه.. وهذا هو سيف الله المسلول خالد بن الوليد يقول: (خُضت أكثر من مائة معركة، وما في جسمي موضع شبر إلا وفيه ضربة سيف، أو طعنة رمح، وها أنا ذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا قرت أعين الجبناء ).. فقولوا: اللهم إنا نسألك الشهادة .. صادقين مخلصين..وتغمدنا برحمتك يا أرحم الراحمين
أقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( منزلة الشهادة والشهداء)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونأتي إلى جزاء الشهداء في الدنيا والآخرة و الفضائل التي يحوزها الشهيد ..فأقول: أول بشرى يسوقها الله للشهداء في قوله تعالى : (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) آل عمران 169 ، 170.. فقد بشر الله تعالى الشهيد ..بالحياة ..والرزق ..والفرح والسرور ..ثم يبين الحبيب المحبوب أن للشهيد عند الله ست خصال: فقد روى الامام احمد: ( قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « يُعْطَى الشَّهِيدُ سِتَّ خِصَالٍ عِنْدَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهِ يُكَفَّرُ عَنْهُ كُلُّ خَطِيئَةٍ وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَيُؤَمَّنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِيمَانِ ) .. والشهادة في سبيل الله درجة عالية لا يهبها الله إلا لمن يستحقها، فهي اختيار من العلي الأعلى للصفوة من البشر ليعيشوا مع الملأ الأعلى،.. ومن جزاء الشهداء أنهم لا يشعر بسكرات الموت وشدته (فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ.. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ الْقَرْصَةِ) ونستكمل الموضوع إن شاء الله . فاللهم إنا نسألك منازل الشهداء.. وعيش السعداء
الدعاء