خطبة عن ( تذكري يا نفس وانتبهي )
يوليو 11, 2016خطبة عن: وفاة الرسول (فِى الرَّفِيقِ الأَعْلَى)
يوليو 13, 2016الخطبة الأولى ( العاقل مَنْ حاسب نَفْسَهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ. وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا. وَهُوَ مُؤْمِنٌ. فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) الاسراء 19. وفي سنن الترمذي وغيره : ( قَالَ صلى الله عليه وسلم الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ .وَالْعَاجِزُمَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا. وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ »
أيها المؤمنون
نعم .الْكَيِّسُ والعاقل مَنْ حاسب نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ. فتعالوا بنا نذكر أنفسنا لما نحن مقبلون عليه لا محالة.ونحاسب أنفسنا على تفريطها في حق الله وتقصيرها وتجرؤها على المحرمات وتبذيرها .فالناس بعد الموت فريقان كما قال تعالى(فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) هود 105 ، وقال تعالى : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ) الشورى 7. والفريقان (أهل الشقاء وأهل السعادة)قد نراهم في الدنيا متساويين في عطاء الربوبية ، كما قال تعالى : (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) الاسراء 20 ، ولكن. بداية من لحظات خروج الروح وما بعدها يختلف حال الفريقين كل الإختلاف. وأغلب المسلمين يعلم ذلك .ولكن النفس الأمارة بالسوء تزين لنا حب الشهوات .وتبعدنا عن طاعة رب الأرض والسموات وتشغلنا بالدنيا الفانية عن الآخرة الباقية . قال تعالى : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ) يوسف 53 ، وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : (حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا. وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ؛ فإنه أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وتزينوا للعرض الأكبر : (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ. لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ) الحاقة 18. وقال تعالى : (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) النازعات 40 ، 41. وقال أحد الصالحين : (مثلت نفسي في الجنة.آكل ثمارها.وأشرب من أنهارها.وأعانق أبكارها.ثم مثلت نفسي في النار.آكل من زقومها.وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها. فقلت لنفسي .أي نفسي ، أي شيء تريدين ؟ قالت .أريد أن أرد إلى الدنيا ؛ فأعمل صالحا قال . قلت: فأنت في الأمنية فاعملي)، فتعالوا بنا أيها المؤمنون نخاطب أنفسنا العصية .ونقول لهاويحك يا نفس، أما تستحين من الله؟! لم جعلت الله أهون الناظرين إليك؟ يانفس أعدّي للسؤال جوابًا وللجواب صوابًا. يا نفس، اخرجي من الدنيا خروج الأحرار قبل أن تخرجي منها خروج العبيد الفجار. يا نفس .كيف أنت غدا وقد رأيت ركاب أهل الجنة يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم .كيف بك وقد حيل بينك وبينهم . وهل سينفع الندم ؟هل ستغنى الحسرات ؟ أم هل سينفع طلب الرجوع عند الممات . يا نفس. أما نظرت واعتبرت بمن هم تحت الثرى من أهل الدنيا؟ كيف كانوا؟ وكيف صاروا؟ كيف جمعوا كثيرا فصار جمعهم بورا, وبنوا قصورا فأصبح بنيانهم قبورا , وأملوا بعيداٌ فصار أملهم غروراٌ , افتظنين أنهم دعوا إلى الآخرة وأنت من المخلدين؟ .أما لك إليهم نظرة ؟! أما لك بهم عبرة ؟ ، ويحك يا نفس. ما أعظم جهلك؟ أما تعرفين أن بين يديك جنة أو نارا؟ وأنت سائرة إلى إحداهما فهي لك قرارا ؟فما لك تمرحين وتفرحين؟ وباللهو تنشغلين .وأنت مطلوبة لهذا الأمر الجسيم .فعساك اليوم أو غداٌ بالموت تختطفين .يا نفس .كيف بك إذا جاءتك السكرات وبلغت الروح منك التراق كيف وقد صار إلى الله المساق .كيف بك إذا وقفت مع العباد يوم التلاق. ( يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) غافر 16 . ليتني أعرف بأي رجل سأخطو إليه إذا نوديت على رؤوس الأشهاد ؟. وبأي بدن سأقف بين يديه يوم التناد ؟ وبأي لسان سأجيبه يوم الحساب ؟.ما حيلتي. وقد حل القضاء وكيف احتيالي إذا شهدت الأعضاء ؟.من سيلهمني حجتي ؟ من سيدافع عنى؟ لقد تبرأ الأصحاب. فلا أصحاب . وتقطعت الأسباب. فلا أنساب. كيف لم أقم لله حساباٌ ؟! ولم أخش له عقاباٌ؟! فكيف بك يا نفس. (إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا . وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ) الواقعة 4، 5 وشخصت الأبصار. (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ) طه 108
أقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( العاقل مَنْ حاسب نَفْسَهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونستكمل الحديث مع محاسبة النفس ، فنقول لها : كيف بك يانفس. وقد تقطعت الأسباب وزفرت النار .فشاب الصغير .وصاح الكبير وشيبتاه. وصاح المفرط وخيبتاه .و(أَزِفَتِ الْآزِفَةُ. لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ) النجم 58. ( وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ) الاحزاب 10.فيا نفس توبي. قبل أن ترحلي وتندمي
يا نفس توبي فإن الموت قد حانا وأعصي الهوى فالهوى ما زال فتانا
أما ترين المنايا كيف تلقطنا لقطاً وتلحق أخرانا بأولانا
في كل يوم لنا ميت نشيعه نرى بمصرعه آثار موتانا
يا نفس مالي وللأموال أتركها خلفي واخرج من دنياي عريانا
أبعد خمسين قد قضَّيْتها لعباً قد آن أن تقصري قد آن قد آنا
ما بالنا نتعامى عن مصائرنا ننسى بغفلتنا من ليس ينسانا
نزداد حرصاً وهذا الدهر يزجرنا وكان زاجرنا بالحرص أغرانا
أين الملوك وأبناء الملوك من كانت تخر له الأذقان إذعانا
صاحت بهم حادثات الدهر فانقلبوا مستبدلين من الأوطان أوطانا
خلوا مدائن كان العز مفرشها واستفرشوا حفراً غبراً وقيعانا
مضى الزمان وولى العمر في لعب يكفيك ما قد مضى قد كان ما كانا
ويحك يا نفس ثم ويحك. كيف بك. إن فاجأك هازم اللذات. ومفرق الجماعات .و أنت غارقة في اللهو و الشهوات. و لم يكن من أعمالك إلا التفاهات . كيف تقرُّ لك عين، وقد عصيت ربك. واستوجبت بالعصيان غضبه وعقابه، والموت لا محالة نازلٌ بك، بكربه ونزعه وسكراته،. فتذكري يا نفس. تذكري وقد بدأ ملَك الموت يجذب روحك من قدميك .ومن أسفلك إلى أعلاك. حتى إذا بلغ منك الكرب منتهاه) ونستكمل حديثنا مع النفس إن قدر الإله
الدعاء