خطبة عن (شخصية القائد: ( سيدنا سليمان)
يوليو 24, 2016خطبة عن ( الدروس المستفادة من الحج )
يوليو 25, 2016الخطبة الأولى ( من حقوق الزوجين )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (21) ) الروم ، وفي صحيح البخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ » . وفي مسند الإمام أحمد : ( أَنَّ مُعَاذاً قَدِمَ عَلَى الْيَمَنِ فَلَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَوْلاَنَ مَعَهَا بَنُونَ لَهَا اثْنَا عَشَرَ فَتَرَكَتْ أَبَاهُمْ فِى بَيْتِهَا أَصْغَرُهُمُ الَّذِى قَدِ اجْتَمَعَتْ لِحْيَتُهُ فَقَامَتْ فَسَلَّمَتْ عَلَى مُعَاذٍ وَرَجُلاَنِ مِنْ بَنِيهَا يَمْسِكَانِ بِضَبْعَيْهَا فَقَالَتْ مَنْ أَرْسَلَكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ قَالَ لَهَا مُعَاذٌ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَتِ الْمَرْأَةُ أَرْسَلَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنْتَ رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَفَلاَ تُخْبِرُنِي يَا رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لَهَا مُعَاذٌ سَلِينِي عَمَّا شِئْتِ. قَالَتْ حَدِّثْنِي مَا حَقُّ الْمَرْءِ عَلَى زَوْجَتِهِ قَالَ لَهَا مُعَاذٌ تَتَّقِى اللَّهَ مَا اسْتَطَاعَتْ وَتَسْمَعُ وَتُطِيعُ. قَالَتْ أَقْسَمْتُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ لَتُحَدِّثَنِّي مَا حَقُّ الرَّجُلِ عَلَى زَوْجَتِهِ قَالَ لَهَا مُعَاذٌ أَوَمَا رَضِيتِ أَنْ تَسْمَعِي وَتُطِيعِي وَتَتَّقِى اللَّهَ قَالَتْ بَلَى وَلَكِنْ حَدِّثْنِي مَا حَقُّ الْمَرْءِ عَلَى زَوْجَتِهِ فَإِنِّي تَرَكْتُ أَبَا هَؤُلاَءِ شَيْخاً كَبِيراً فِي الْبَيْتِ. فَقَالَ لَهَا مُعَاذٌ وَالَّذِى نَفْسُ مُعَاذٍ فِي يَدِهِ لَوْ أَنَّكِ تَرْجِعِينَ إِذَا رَجَعْتِ إِلَيْهِ فَوَجَدْتِ الْجُذَامَ قَدْ خَرَقَ لَحْمَهُ وَخَرَقَ مِنْخَرَيْهِ فَوَجَدْتِ مِنْخَرَيْهِ يَسِيلاَنِ قَيْحاً وَدَماً ثُمَّ أَلْقَمْتِيهِمَا فَاكِ لِكَيْمَا تَبْلُغِي حَقَّهُ مَا بَلَغْتِ ذَلِكَ أَبَداً. )
إخوة الإسلام
إن الله تعالى أمر عباده بالوفاء بالعقود بجميع أنواعها، فقال تبارك وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) [المائدة:1]. وإن من أغلظ العقود وآكدها عقد النكاح، ولذلك قال الله عنه: ( وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً ) [النساء:21]. ومن موجبات الوفاء بعقد النكاح أداء الحقوق بين الزوجين، فالزوج ملزم بذلك والزوجة ملزمة به كذلك، وهذه الحقوق تتنوع بحسب من تنسب إليه، ومن أهمها:- حقوق الزوج على زوجته: فحق الزوج على الزوجة من أعظم الحقوق بل إن حقه عليها أعظم من حقها عليه، لقول الله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [البقرة:228]، قال الجصاص: أخبر الله تعالى في هذه الآية أن لكل واحد من الزوجين على صاحبه حقا، وأن الزوج مختص بحق له عليها ليس لها عليه. ومن حقوق الزوج على زوجته: الاستمتاع بالزوجة : فعلى الزوجة تسليمها نفسها له وتمكينه من الاستمتاع بها، لأن الزوج يستحق بالعقد تسليم العوض عن ما أصدقها وهو الاستمتاع بها، وفي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا ، لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ » ووجوب طاعته مقيد بألا يكون في معصية: فلا يجوز للمرأة أن تطيعه فيما لا يحل مثل أن يطلب منها الوطء في زمان الحيض أو في غير محل الحرث. من حق الزوج التأديب عند النشوز والخروج على طاعته، لقول الله تعالى: ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ) [النساء:34]. ومن حق الزوج على زوجته عدم الإذن بالدخول لمن يكره الزوج دخوله، فقد روى البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ، ) – ومن حق الزوج على زوجته عدم الخروج من البيت إلا بإذن الزوج. ـ – ومن حق الزوج أن تحفظه في نفسها وماله. – ومن حق الزوج على زوجته أن تخدمه إذا كانت قادرة على ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الأعمال بين علي وفاطمة فجعل أعمال الخارج على علي رضي الله عنه، والداخل على فاطمة رضي الله عنها، مع أنها سيدة نساء العالمين، فإن كان لها خادم فعلى الزوج نفقته. – ومن حق الزوج على زوجته السفر بها والانتقال من بلد إلى بلد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يسافرون بنسائهم. – ومن حق الزوج على زوجته المحافظة على عرضه وماله: قال تعالى: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ) النساء 34 وحفظها للغيب أن تحفظه في ماله وعرضه.فقد روى أبو داود والنسائي أن رسول الله قال: « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِخَيْرِ مَا يَكْنِزُ الْمَرْءُ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ ». ومن حق الزوج على زوجته مراعاة كرامته وشعوره: فلا يرى منها في البيت إلا ما يحب، ولا يسمع منها إلا ما يرضى، ولا يستشعر منها إلا ما يُفرح. والزوج في الحقيقة إذا لم يجد في بيته الزوجة الأنيقة النظيفة اللطيفة ذات البسمة الصادقة، والحديث الصادق، والأخلاق العالية، واليد الحانية والرحيمة فأين يجد ذلك؟ فأشقى الناس من رأى الشقاء في بيته وهو بين أهله وأولاده، وأسعد الناس من رأى السعادة في بيته وهو بين أهله وأولاده. ومن حق الزوج على زوجته قيامها بحق الزوج وتدبير المنزل وتربية الأولاد. قال أنس : كان أصحاب رسول الله إذا زفوا امرأة إلى زوجها يأمرونها بخدمة الزوج ورعاية حقه، وتربية أولاده. ومن حق الزوج على زوجته: قيامها ببر أهل زوجها: وهذه من أعظم الحقوق على الزوجة، وهي أقرب الطرق لكسب قلب الزوج، فالزوج يحب من امرأته أن تقوم بحق والديه، وحق إخوانه وأخواته، ومعاملتهم المعاملة الحسنة، فإن ذلك يفرح الزوج ويؤنسه، ويقوي رابطة الزوجية. ومن حق الزوج على زوجته: أن تشكر له ما يجلب لها من طعام وشراب وثياب وغير ذلك مما هو في قدرته. وتدعو له بالعوض والإخلاف ولا تكفر نعمته عليها. ومن حقه عليها ألا تطالبه مما وراء الحاجة وما هو فوق طاقته فترهقه من أمره عسراً بل عليها أن تتحلى بالقناعة والرضى بما قسم الله لها من الخير. 2- وأما حقوق الزوجة على زوجها فهي كالتالي:- أ- من حق الزوجة على الزوج المهر؛ لقول الله تعالى : (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) [النساء:4]. ولا يحل للزوج أن يأخذ شيئاً من مهرها إلا برضاها وطيب نفسها؛لقول الله تعالى: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً ) [البقرة:229]. ولقد حذَّر الإسلام من خداع المرأة وأكل مهْرها، توعَّد النبي – صلى الله عليه وسلم – مَن فعَل هذا بأشد الوعيد؛ ففي سنن البيهقي وحسنه الالباني (عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ مِنْهَا طَلَّقَهَا وَذَهَبَ بِمَهْرِهَا وَرَجُلٌ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً فَذَهَبَ بِأُجْرَتِهِ وَآخَرُ يَقْتُلُ دَابَّةً عَبَثًا ». ب- ومن حقها عليه النفقة؛ لقول الله تعالى: ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ) [الطلاق:7]. ج- ومن حق الزوجة على زوجها أن يقوم بإعفافها وذلك بأن يطأها، وقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنه يجب على الزوج أن يطأ زوجته، وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز للزوج أن يعزل عن زوجته الحرة بلا إذن منها. د- ومن حق الزوجة على زوجها البيات عندها، وصرح الشافعية بأن أدنى درجات السنة في البيات ليلة في كل أربع ليال اعتباراً بمن له أربع زوجات. هـ- ومن حقها عليه القسم بالعدل إذا كان له أكثر من زوجة، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ « اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلاَ تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلاَ أَمْلِكُ ». وقال يعني: القلب.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( حقوق الزوجين )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وأما الحقوق المشتركة بين الزوجين فهي كالتالي: –– التعاون على جلب السرور ودفع الشر والحزن ما أمكن. التعاون على طاعة الله والتذكير بتقوى الله. استشعارهما بالمسؤولية المشتركة في بناء الأسرة وتربية الأولاد. إلا يفشي أحدهما سر صاحبه، وألا يذكر قرينه بسوء بين الناس سواءً كان الشخص قريباً أم بعيداً. روى مسلم في صحيحه أن أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا ». ومنها : المعاشرة بالمعروف، فيجب على كل واحد منهما معاشرة الآخر بالمعروف. والمراد به إحسان الصحبة، وكف الأذى، وعدم مَطل الحقوق مع القدرة، وإظهار البِشر والطلاقة والانبساط، وهي واجبة على الزوج، والأصل فيها قوله – تعالى -: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]. قال ابن كثير في تفسير هذه الآية:”أي: طيِّبوا أقوالكم لهن، وحسِّنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب منها، فافعل أنت بها مثله؛ كما قال – سبحانه -: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ… ﴾ [البقرة: 228]. ولقول النبي – صلى الله عليه وسلم – كما عند الترمذي : ((عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي )). من حسن الصحبة والمعاشرة بالمعروف: طلاقة الوجه ولين الكلام ،ومَن أحق من الزوجة بهذا المعروف، وهذه الصدقة؟! فاجعل كلامك لزوجتك عبادةً. فإن للكلمة الطيبة سحرًا في قلوب الناس، وخاصة النساء؛ فإنهن أصحاب عواطف تُهيجها الابتسامة والكَلِم الطيب. فإن المرأة لا تحتاج إلى المال ومتاع الدنيا، أكثر مما تحتاجه من كلمة طيبة، تشعر فيها بكرامتها وقيمتها الإنسانية؛ فالكلمة الطيبة والابتسامة الجميلة من أغلى الهدايا التي يقدمها الزوج لزوجته، خصوصًا عندما تقوم المرأة بخدمة بيتها وزوجها، فيقابلها بالكلمة الطيبة: من الدعاء لها بالخير، والدعاء أن يبارك الله فيها، فالمرأة إن وجَدت معروفها يُشكر، وأن خيرها يُذكر ولا يُكفر – حمِدت ذلك من بعْلها، ونشِطت للإحسان إليه، والقيام بأمره وشأنه، بل كان ذلك معينًا لها على البقاء على العِشرة بالمعروف. يقول الشيخ محمد إسماعيل المقدم -: “إن الكلمة الطيبة أغلى عند الزوجة – في كثير من الأحيان – من الحُلي الثمينة، والثوب الفاخر الجديد؛ وذلك لأن العاطفة المحببة التي تبثُّها الكلمة الطيبة غذاء الروح، فكما أنه لا حياة للبدن بلا طعام، فكذلك لا حياة للروح بلا كلام حلو لطيف. ومن المعاشرة بالمعروف : أن يجلس معها ويؤانسها ويُسامرها: كما كان يفعل النبي – صلى الله عليه وسلم – مع أزواجه، فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصلي العشاء ثم يذهب إلى بيته، ويدخل على أهله ويُحدثهم ويسامرهم، فلهن عليه حقوق. ومن المعاشرة بالمعروف أن يتزيَّن ويتجمل لها، كما يحب أن تتجمَّل هي له؛ قال يحيى بن عبدالرحمن الحنظلي: “أتيت محمد بن الحنفية، فخرج إلي في ملحفة حمراء، ولحيته تقطر من الغالية، فقلت: ما هذا؟ قال: إن هذه الملحفة ألقتها علي امرأتي، ودهنتني بالطِّيب، وإنهن يشتهين منا ما نشتهي منهن”. ومن المعاشرة بالمعروف المودة والرحمة ، وهي سر السعادة؛ قال – تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً… ﴾ [الروم: 21]. ومن المعاشرة بالمعروف أن يسلم الرجل على زوجته إذا دخل عليها البيت؛ فإن ذلك من أسباب نشْر المحبة والمودة بين الزوجين ،وأخرج الترمذي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَا بُنَىَّ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ يَكُونُ بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ ». ومن المعاشرة بالمعروف أن يحترم أهلها: فيوقِّرهم ويرفع من شأنهم أمامها خاصة، فلا يوبخهم ولا يذمهم، وهذا يزيد من محبة الزوجة لزوجها، ومعاملة أهله بالمثل؛ فيكون الوفاق بدلاً من الشقاق، والأُلفة مكان النفرة، والأنس مكان الوحشة. ومن المعاشرة بالمعروف أن يرعاها إذا مرِضَت: فقد غاب عثمان بن عفان – رضي الله عنه – عن غزوة بدر؛ لأن زوجه رقية بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كانت مريضةً، ومن المعاشرة بالمعروف أن يساعدها إذا كانت مريضة، أو فيما ثَقُل عليها، أو عند الحمْل، أو عند الوضع: ففي مسند أحمد (وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ عَائِشَةَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ شَيْئاً قَالَتْ نَعَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ.) ومن المعاشرة بالمعروف أن يصبر عليها، ويعفو عنها ويراعي ما فيها من جانب القصور الفطري: فما منا من أحد إلا وله أخطاء وذنوب، وهذه طبيعة البشر وطبيعة المرأة ،ففي الصحيحين (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ » ،ومن المعاشرة بالمعروف التوسيع بالنفقة عليها وعلى عيالها. ومنها استشارتها في أمور البيت وخطبة البنات، وقد أخذ النبي بإشارة أم سلمة يوم الحديبية. ومنها أن يمازحها ويلاطفها، ويدع لها فرصاً لما يحلو لها من مرح ومزاح، وأن يكون وجهه طلقاً بشوشاً، وأن إذا رآها متزينة له لابسة لباساً جديداً أن يمدحها ويبين لها إعجابه فيها، فإن النساء يعجبهن المدح.
الدعاء