ندوة بعنوان ( أهمية العلم، وخطورة الأمية)
يوليو 22, 2016ندوة بعنوان ( الصداقة )
يوليو 22, 2016ندوة بعنوان ( أهمية العمل للفرد والمجتمع )
أولا : منزلة العمل ومكانته وأهميته في الإسلام
قال تعالى ﴿وَقُلِ اعْمَلُوْا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْـمُؤْمِنُونَ﴾ التوبة: 105).
وقال تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (15) ) الملك
وقال تعالى : (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (10) ) الجمعة
وفي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ » .
فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ « نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ »
وفي صحيح البخاري (عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ الْمِقْدَامِ – رضى الله عنه – عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ
« مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ،
وَإِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ »
وفي مسند أحمد (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « خَيْرُ الْكَسْبِ كَسْبُ يَدِ الْعَامِلِ إِذَا نَصَحَ ».
وسئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَفْضَلِ الْكَسْبِ فَقَالَ« بَيْعٌ مَبْرُورٌ وَعَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ ». أيها الحضور الكرام إن نهضة الأمم والشعوب ورقيها وسيادتها وسعادتها تتوقف على تقدمها في مجال العلم والعمل، وبهما تبني الأمم أمجادها فلا تبنى الأمجاد على البطالة والجهل والفقر والمرض،
ورحم الله من قال:
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يبـن ملك على جهـل وإقـلال
وبالعمل والاحتراف المتقن تتبوأ الشعوب الصدارة بين الأمم،
والعمل يعتبر جهادا في سبيل الله
ففي سنن البيهقي (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ :
غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَبُوكًا فَمَرَّ بِنَا شَابٌّ نَشِيطٌ يَسُوقُ غُنَيْمَةً لَهُ فَقُلْنَا : لَوْ كَانَ شَبَابُ هَذَا وَنَشَاطُهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْهَا
فَانْتَهَى قَوْلُنَا حَتَّى بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ :« مَا قُلْتُمْ؟ ». قُلْنَا : كَذَا وَكَذَا. قَالَ :« أَمَا إِنَّهُ إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى عِيَالٍ يَكْفِيهِمْ فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ».
والله سبحانه وتعالى يحب اليد التي تعمل وتجتهد لتقدم الخير لنفسها ووطنها ودينها،
والمؤمن المحترف يحبه الله ورسوله جزاء ما قدم،
ومن أحبه الله ورسوله هداه الله واجتباه وحفظه ووقاه
وجعله من أوليائه وأدخله في رحمته فيسعد في الدنيا والآخرة.
وقد دعا الإسلام إلى العمل والاحتراف والاشتغال بالعلوم النافعة؛ وإن أطيب مال وأحلَّ كسب ما كان من عمل الإنسان.
ولأهمية العمل وفضله كان العمل منهج الأنبياء والصالحين:
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالحاً﴾ المؤمنون: 51).
فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان يعمل ويأكل من كسب يده قال صلى الله عليه وسلم: «ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم، قيل يا رسول الله وأنت؟ قال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة».
ومن الأنبياء من احترف الحدادة ( سيدنا داود ) أو النجارة،(سيدنا نوح )
وكان سيدنا أبوبكر رضي الله عنه يعمل بالتجارة، وكذلك كان سيدنا عمر رضي الله عنه الذي سجل له التاريخ قوله المشهور:
«لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة».
ولأهمية العمل فإن من الذنوب مالا يكفر لا بصومٍ ولا بصلاةٍ
وإنما يكفره السعي على الرزق، فالرجل يثاب على سعيه حتى اللقمة التي يضعها في فم زوجته أو أولاده يكون له فيها أجر،
وكل زرع يزرعه الإنسان فيأكل منه إنسان أو حيوان أو طير فإن له به أجرًا. ففي صحيح البخاري (عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا ، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ ، إِلاَّ كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ »
ولأهمية العمل كانت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الزراعة والعمل حتى ولو قامت القيامة، وروي عنه صلى الله عليه وسلم كما في مسند أحمد أنه قال: « عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ وَفِى يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا »
والعمل الشريف يزكي النفس ويكفي المؤمن ذل السؤال،
ففي صحيح البخاري (عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِىَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ » . وفي سنن أبي داود وابن ماجة (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- يَسْأَلُهُ فَقَالَ
« لَكَ فِى بَيْتِكَ شَىْءٌ ». قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَدَحٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ. قَالَ « ائْتِنِى بِهِمَا ».
قَالَ فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ
« مَنْ يَشْتَرِى هَذَيْنِ ». فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ. قَالَ
« مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ ». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ.
فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا الأَنْصَارِىَّ وَقَالَ
« اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بِالآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِى بِهِ ». فَفَعَلَ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَشَدَّ فِيهِ عُودًا بِيَدِهِ وَقَالَ
« اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَلاَ أَرَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ».
فَجَعَلَ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ
فَقَالَ « اشْتَرِ بِبَعْضِهَا طَعَامًا وَبِبَعْضِهَا ثَوْبًا ».
ثُمَّ قَالَ « هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِىءَ وَالْمَسْأَلَةُ نُكْتَةٌ فِى وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ لِذِى فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِى غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ دَمٍ مُوجِعٍ » .ويعلم الإنسان العمل لخدمة الغير والعمل بروح الفريق والاشتراك في عجلة الحياة وخدمة المجتمع، يذهب عنه حب الذات، ويقضي على الكثير من الأمراض النفسية؛
والعمل قوة وعزة للمؤمن:
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، والعمل الشريف يطهر المجتمع من شر البطالة، ويجعل المؤمن قوياً بقوة المجتمع عزيزًا غنياً معتمدًا على نفسه في توفير وسائل الحياة والتقدم والرفاهية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره أن يكون المؤمن عالةً على غيره في توفير سبل العيش،
والعمل شرف وعبادة وهو خير للإنسان من أن يسأل الناس لما فيه من ذل السؤال الذي يفقد الإنسان عزته وكرامته
===================================
ثانيا: أهمية العمل للفرد
يقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(أني لأرى الرجل فيعجبني فأقول أله حرفة فإن قال لا سقط من عيني)..
فمن أهمية العمل للفرد
1 – أن العمل يضمن للفرد الحياة الكريمة والعيش الهانئ.
وتلبية حاجات الإنسان الأساسية وهي المسكن والطعام والزواج وتربية الأطفال؛ وتلبية الحاجات الثانوية أو الكماليات كلٌ حسب متطلباته.
2- أن العمل يجعل الفرد يشعر بالأمان المادي والاستقرار النفسي وتحقيق الذات في العمل والوصول إلى مناصب متعددةٍ أو جني أموالٍ أو تحقيق مكاسب معنويةٍ.
3- العمل قوة للإنسان وفي صحيح مسلم ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ ) فهو قوي بماله الذي كسبه وأنفقه في وجوه الخير.
والعمل سبيلٌ لتحقيق الأجر والثواب فلولا العمل وكسب الرزق لما استطعنا دفع الزكاة والصدقة؛ وفي سنن الترمذي (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ فَشَكَا الْمُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ ». قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيح
=======================================
ثالثا : أهمية العمل للمجتمع
والمجتمعات تقاس جديتها وتقدمها باهتمامها بالعمل،
والدول المتقدمة في العصر الحاضر لم تصل إلى هذا المستوى من التقدم في العلوم والفضاء والتقنية إلا بجدية أبنائها في العمل،
ومن أهمية العمل للمجتمع :
أولا : أن العمل يقلل نسبة البطالة بين أفراد المجتمع؛
وبالتالي تقليل الديون والالتزامات على الدولة
ثانيا : أن العمل يقلل نسبة الجريمة والمشاكل بسبب بطالة الشباب.
ثالثا : أن العمل يؤدي إلى الاكتفاء الذاتي في كافة المناحي
( الاقتصادية والزراعية والمهنية ) ويؤدّي إلى حالةٍ من الاكتفاء الذاتي من المنتوجات المحلية وتصدير الفائض إلى الخارج بدلاً من استيراده.
رابعا : أن العمل يزيد من رقي المجتمع وتحضره ويرفع نسبة الوعي والأمان الاجتماعي
والسؤال : كيف يكون العمل سببا في رقي ونهضة المجتمع ؟
والجواب : يكون ذلك بالوسائل التالية أولاً: التسلح بالعلم النافع والتقني والتكنولوجي في مجالات الزراعة والهندسة والطب والأبحاث العلمية:
والنهضة العلمية هي صمام الأمان لكل تقدم، والعلماء هم أكثر الناس خشيةً قال تعالى: ﴿إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ (سورة فاطر الآية 28). ورحم الله القائل:
فتعلموا فالعلم مفتاح العلا لم يبــق شيئًا للسعادة مغلقا
ثم استمدوا منه كل قواكم إن القوي بكل أرض يُتَّقَىٰ
وطالب العلم يجب أن يتحلى بالصبر والذكاء، والاجتهاد ومصاحبة العلماء والأساتذة وطاعتهم، وأن يعطي وقتاً كافيًا لدراسة العلم، ولنا درس كبير في قصة سيدنا موسىٰ والخضر عليهما السلام والتي وردت في سورة الكهف حيث قال نبي الله موسى لمعلمه الخضر وهو ولي من أولياء الله: ﴿سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصي لَكَ أَمْرًا﴾ (سورة الكهف الآية 69).
ثانياً: العمل المتقن سواء كان عملاً يدويًا أو ذهنيًا
لقوله تعالى: ﴿لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ﴾ يس 35).
وإتقان العمل يسبب محبة الله تعالى لتلك الأيادي، ومنها يد الفلاح في حقله، والعامل في مصنعه، والعالم في محرابه، والمعلم في معهده، والطبيب في عيادته، وغيرهم من رجال يسهرون على راحتنا، وهؤلاء لهم ثواب عظيم؛ لأن «من بات كالّاً من عمل يده بات مغفورًا له».
وفي المعجم (إن الله عز و جل يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)
وعدم إتقان العمل يترتب عليه حرمة المال المكتسب أو جزء منه
وحرمة المال يترتب عليه عدم قبول الطاعة كما في صحيح مسلم (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَارَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ». إن إيقاف عجلة العمل والإنتاج في المصانع ومواقع الإنتاج ودور العلم، وتعطيل وسائل النقل والمواصلات
كل هذا يدخل في الفساد في الأرض، وهو من أكبر الكبائر؛ ذلك لأنه يؤثر على حياة الناس تأثيرًا سيئًا ويؤدي إلى ضعف الاقتصاد القومي وارتفاع الأسعار وعجز الموازنة، وهو يغضب الله تعالى الذي حملنا أمانة إعمار الأرض قال تعالى: ﴿اِنَّا عَرَضْنَا الْاَمَانَةَ عَلَی السَّمٰوٰتِ وَ الْاَرْضِ وَ الْجِبَالِ فَاَبَیْنَ اَنْ یَّحْمِلْنَهَا وَ اَشْفَقْنَ مِنْهَا وَ حَمَلَهَا الْاِنْسَانُ اِنَّه كَانَ ظَلُوْمًا جَهُوْلًا﴾ (سورة الأحزاب، الآية72).
ثالثاً: التسلح بسلاح التقوى: وقال تعالى: ﴿اِنَّ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ اِنَّا لَا نُضِیْعُ اَجْرَ مَنْ اَحْسَنَ عَمَلًا﴾ (سورة الكهف الآية30)
وأوضح القرآن الكريم الفرق بين من يحسن ويتقي ويصلح وبين من أساء إلى دينه و وطنه وأهله قال تعالى: ﴿اَمْ نَجْعَلُ الَّذِیْنَ اٰمَنُوْا وَ عَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ كَالْمُفْسِدِیْنَ فِی الْاَرْضِ اَمْ نَجْعَلُ الْـمُتَّقِیْنَ كَالْفُجَّارِ﴾ ( ص، 28)
وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ یَرْجُوْا لِقَآءَ رَبِّه فَلْیَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَّ لَا یُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهٓ اَحَدًا﴾ (الكهف، 110).
رابعاً: المشاركة في أعمال الخير:
مثل محو الأمية والقضاء على الجهل، والمشاركة في الأعمال التطوعية ومساعدة المحتاجين والضعفاء، وتبصير الناس بواجباتهم تجاه الوطن من الحُب ونبذ العُنف وعدم الاستماع إلى الشائعات أو ترديدها،
والمشاركة في نظافة البيئة والتوعية الصحية والقضاء على الحشرات الضارة، وحفظ البيئة من التلوث والقضاء على الذُباب والحشرات التي تنقل العدوى وتورث المرض القاتل مثل الفيروسات الكبدية والإيدز والبلهارسيا وغيرها، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوْا عَلَی الْبِرِّ وَ التَّقْوٰی وَ لَا تَعَاوَنُوْا عَلَی الْاِثْمِ وَ الْعُدْوَانِ وَ اتَّقُوا اللهَ اِنَّ اللهَ شَدِیْدُ الْعِقَابِ﴾ (سورة المائدة، الآية 2) ومما يجب فعله أن يحب المرء أخاه ويقدم له كل ما يستطيع من الخير، والإيثار والتعاون، لقوله تعالى: ﴿وَ یُؤْثِرُوْنَ عَلٰی اَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَنْ یُّوْقَ شُحَّ نَفْسِه فَاُولٰـٓئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ﴾ ( الحشر 9).
وعلى أفراد المجتمع أن يتسلحوا بالتقوى في كل أعمالهم وأن الله يرانا ويقدر أعمالنا إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر،
وعلى المؤمن أن يشارك في أعمال الخير وإحقاق الحق ونصرة المظلوم قال تعالى:﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلٰئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (سورة غافر، الآية 40). الأخوة الأعزاء
وأنصحكم جميعا بتجديد النية عند العمل وأن تكون نيتك من العمل
طاعة الله فيما أمر … وتكون نيتك الكسب الحلال لقضاء دين أو للإنفاق على العائلة فإنه يعتبر واجباً لأن أداء حقوق الإنسان والإنفاق على الزوجة والأولاد والوالدين ونحوهم ممن هم تحت إعالته أمر واجب {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}..
أما إذا كان الهدف من العمل هو الزيادة من الكسب الحلال أو التعفف عن سؤال الناس فهو أمر مستحسن، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (رحم الله امرءاً اكتسب طيباً )وقوله (نعم المال الصالح للرجل الصالح) كما يقول عليه الصلاة والسلام (السؤال آخر كسب العبد).ومن ناحية أخرى يعتبر عمل الفرد في نظر الإسلام فرض كفاية بالنسبة للمجتمع فالعمل في مجالات النفع العام كالصناعة والزراعة والتجارة والحدادة والكهرباء ونحو ذلك يعتبر خدمة للمجتمع بأكمله يأثم الجميع إذا ترك العمل في هذه المجالات ونحوها. وكما أن الإسلام قد أكد على أهمية العمل وضرورته للفرد والمجتمع فقد اهتم بحقوق العاملين وواجباتهم، فمن ناحية الحقوق كان هناك حرص على أن يعطي العامل أجراً مناسباً ومجزياً وأن يصرف هذا الأجر فور استحقاقه، ففي السنّة (اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)،
كما تم وضع الأسس اللازمة التي من شأنها المحافظة على صحة العامل ومنحه الرعاية الصحية بما في ذلك حفظ النفس والعقل، وكذلك إتاحة الفرصة له للراحة لأن لكل إنسان طاقة محددة ينبغي عدم تجاوزها، {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}