خطبة عن (الإسلام يأمر بالسعي لطلب الرزق)
فبراير 7, 2016خطبة عن ( صلة العمل في الإسلام بالأخلاق )
فبراير 7, 2016الخطبة الأولى (القيم الاخلاقية للعمل في الإسلام )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. للهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (105) التوبة ،
إخوة الإسلام
ونواصال الحديث عن قيمة العمل في الإسلام ، وعن القِيَم الخلقيَّة التي ينبغي على العامِل أنْ يلتَزِم بها:
3- فمن القِيَم الخلقيَّة التي ينبغي على العامِل أنْ يلتَزِم بها المحافظة على أدوات العمل وأجهزته ومعدَّاته ووسائله، وعدم استِخدامها أو تسخيرها لقضاء مصالح شخصيَّة ومنافع ذاتيَّة، 4- ومن القِيَم الخلقيَّة التي ينبغي على العامِل أنْ يلتَزِم بها المحافظة على أسرار العمل وكتمانها، فذلك من الأخلاق الحميدة التي حَثَّ عليها الإسلام، وجعَل لها ثوابًا جزيلاً وفضلاً عظيمًا عند الله وفي حياة الناس. ويقول أبو حاتم البستي: “مَن حصَّن بالكتمان سِرَّه تَمَّ له تدبيرُه، وكان له الظَّفَر بما يُرِيد، والسلامة من العيب والضَّرَر، وإنْ أخطَأَه التمكُّن والظَّفَر” ، وقد ورَد في القرآن الكريم الأمر بحفْظ السر ضمنًا في آية الوفاء بالعهد؛ لأنَّ السرَّ من العهد؛ يقول الله – عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 34]، ولذا نبَّه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أحد أمرائه في العراق – وهو أبو عبيد بن مسعود الثقفي – إلى هذا الخلق الكريم بقوله: “وأحرز لسانك ولا تفشينَّ سرَّك؛ فإنَّ صاحب السر ما يضبطه متحصن لا يُؤتَى من وجهٍ يكرهه، وإذا ضيَّعه كان بمضيعة” . 5- ومن القِيَم الخلقيَّة التي ينبغي على العامِل أنْ يلتَزِم بها إتقان العمل: – يقول النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله يحبُّ إذا عمِل أحدُكم عملاً أنْ يُتقِنه))رواه الطبراني
أيها المسلمون
وكما جاء الإسلام بالكثير من القِيَم الخلقيَّة التي ينبَغِي على العامل أن يلتَزِم بها، جاء أيضًا في المقابل بقِيَم خلقيَّة أخرى ينبغي على ربِّ العمل الالتزام بها، ومن أبرز هذه القِيَم ما يلي: دفع أجرة العامل: وقد أمَر الإسلام بإعطاء الأجير أجرَه فوْر انتهائه من أداء عمله؛ حيث يقول – عزَّ وجلَّ – بشأن المراضع: ﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 6]، وفي سنن البيهقي (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« أعْطِ الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ ». وقد توعَّد – عزَّ وجلَّ – مَن مَنَع أجرة العامل أو أنكرها بالمخاصَمة يوم القيامة؛ حيث يقول – سبحانه – في الحديث القدسي: كما في صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « قَالَ اللَّهُ ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ ، وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ » ، ومن القِيَم الخلقيَّة التي ينبَغِي على رب العمل الالتزام بها العدل والإحسان: وجاء الأمر بالعدل في آياتٍ كثيرة في كتاب الله؛ منها: قوله – تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ﴾ [النحل: 90]، وقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ ﴾ [النساء: 135]، وقوله تعالى : ﴿ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾ [النساء: 58]. وروى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ :« يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا ) ، كما روى مسلم في صحيحه (نْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَفِى حَدِيثِ زُهَيْرٍ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( قيمة العمل في الإسلام ) 4
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
3- ومن القِيَم الخلقيَّة التي ينبَغِي على رب العمل الالتزام بها التواضع: فالتواضع فضيلة خلقيَّة محمودة ومطلوبة وفي سنن أبي داود (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَخَلَّتِهِمْ وَفَقْرِهِمُ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ وَخَلَّتِهِ وَفَقْرِهِ » ، نعم ، إنَّ التعالي والغرور والكبر من قِبَل المديرين وأرباب الأعمال مرضٌ سلوكي نفسي قبل أن يكون مرضًا وظيفيًّا، يجعلهم لا يرَوْن خلل أنفسهم، ناهيك عن السعي إلى سدِّ عيبها وتقويم اعوجاجها، كما أنَّه يؤدِّي – غالبًا – إلى تفشِّي الكراهية والحقد بينهم وبين العمال، ويَحُول دون التواصل الفعال معهم. 4- ومن القِيَم الخلقيَّة التي ينبَغِي على رب العمل الالتزام بها احترام العامل وتقدير كرامته الإنسانية: فلقد كفَل الإسلام لكلِّ إنسان كرامته الإنسانية؛ فقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]، وأقرَّ مبدأ الأخوَّة بين المؤمنين؛ فقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10]، وجعَل المعيار الوحيد للتفاضُل بينهم هو مستوى التقوى والتديُّن، فلا يكرم أحد منهم ولا يفضل على غيره إلا بالتقوى؛ قال – تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]،وقال النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم كما في مسند أحمد : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَى أَبَلَّغْتُ ». ولأصحاب العمل في رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – الأسوة والقدوة الحسنة في معاملة العمَّال؛ – ففي صحيح البخاري (أَنَسٌ – رضى الله عنه – قَالَ خَدَمْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – عَشْرَ سِنِينَ ، فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ . وَلاَ لِمَ صَنَعْتَ وَلاَ أَلاَّ صَنَعْتَ . ) ومن المعلوم أنَّ التزام رب العمل بهذا المبدأ الخلقي يؤدِّي – غالبًا – إلى بَثِّ الرُّوح المعنويَّة في نفوس العمَّال والأُجَراء؛ من حيث حماسهم لعملهم واهتِمامهم به، وإتقانهم له، وإظهارهم لروح المُبادَرة والابتِكار فيه، وامتثالهم للتعليمات والتوجيهات الصادرة من قيادتهم في المؤسسة التي يعملون فيها. 5- ومن القِيَم الخلقيَّة التي ينبَغِي على رب العمل الالتزام بها : توفير الرعاية الصحيَّة للعامل ووقايته من أخطار العمل: وذلك لا سيَّما في الأعمال المهنيَّة التي تتطلَّب ذلك – ونحو ذلك ممَّا يحقِّق لهم الرِّعاية الصحيَّة المطلوبة. وما زال حديثنا موصولا عن قيمة العمل في الإسلام إن شاء الله
الدعاء