خطبة عن ( قصة أصحاب السبت)
نوفمبر 1, 2016خطبة عن حديث ( أم زرع )
نوفمبر 2, 2016الخطبة الأولى (حديث : كُنْتُ لَكِ كَأَبِى زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين : ( عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً ، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا ….. قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : زَوْجِى أَبُو زَرْعٍ فَمَا أَبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِىٍّ أُذُنَىَّ ، وَمَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَىَّ ، وَبَجَّحَنِى فَبَجِحَتْ إِلَىَّ نَفْسِى ، وَجَدَنِى فِى أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ ، فَجَعَلَنِى فِى أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ ، أُمُّ أَبِى زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِى زَرْعٍ عُكُومُهَا رَدَاحٌ ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ ، ابْنُ أَبِى زَرْعٍ ، فَمَا ابْنُ أَبِى زَرْعٍ مَضْجِعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ ، بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا ، وَطَوْعُ أُمِّهَا ، وَمِلْءُ كِسَائِهَا ، وَغَيْظُ جَارَتِهَا ، جَارِيَةُ أَبِى زَرْعٍ ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِى زَرْعٍ لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا ، وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا ، وَلاَ تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا ، قَالَتْ خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ ، فَلَقِىَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ ، فَطَلَّقَنِى وَنَكَحَهَا ، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلاً سَرِيًّا ، رَكِبَ شَرِيًّا وَأَخَذَ خَطِّيًّا وَأَرَاحَ عَلَىَّ نَعَمًا ثَرِيًّا ، وَأَعْطَانِى مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا وَقَالَ كُلِى أُمَّ زَرْعٍ ، وَمِيرِى أَهْلَكِ . قَالَتْ فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَىْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِى زَرْعٍ . قَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « كُنْتُ لَكِ كَأَبِى زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ »
إخوة الإسلام
ثم نأتي إلى الزوجة الأخيرة والْحَادِيَةَ عَشْرَةَ ،وهي من سمي الحديث باسمها ،( أم زرع ) وذلك لكثرة وصفها وذكرها لمناقب زوجها ، وحبها الباقي لزوجها الأول ،ونأتي إلى بيان ما قالته أم زرع : فأما قولها : (زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ وَمَا أَبُو زَرْعٍ ) فأرادت به تعظيمه ، والتعجب من أمره . واظهار مدى حبها له ، وسعادتها في العيش معه ،وقولها : (أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ ) : أي حرك أذني بما حلاهما به من الحلي والذهب ،والمرأة من طبعها أنها تحب التزين بالذهب ، بل وتتباهى به بين بنات جنسها ، وتراه دليلا على رغد عيشها ، وحب زوجها ، وحب زوجها لها . وفي مسند الإمام أحمد وغيره ( عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِلإِنَاثِ مِنْ أُمَّتِى وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا ». وأما قولها :(وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ ) أي كنت سمينة الجسم عنده ، وملأ بدني شحما ولحما ، وذلك بكثرة إكرامه لي ، وما يقدم لنا من لذيذ الطعام والشراب ، وقد اكتفت بذكر العضدين عن سائر الأعضاء فإنهما إذا سمنا سمن سائر البدن. وقولها : (وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي ) أي عظمني واحترمني وقدرني وفرحني ، وأسعدني ، فعظمت وفرحت عنده نفسي ، فكنت أسعد الناس عنده ،والمرأة تحب أن تكون معززة عند زوجها مكرمة عنده غير مهانة ، ولذلك فليحرص الأزواج على أن يظهر لزوجته ذلك ، فلا يضربها ولا يهينها ولا يسبها أو يلعنها ، أو يقبح صورتها أو طعامها وشرابها ، ومن مظاهر ذلك أن يكرمها في لباسها وطعامها ويناديها بأحب الأسماء لديها ، وفي سنن ابن ماجة وغيره (أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ « أَنْ يُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمَ وَأَنْ يَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَى وَلاَ يَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلاَ يُقَبِّحْ وَلاَ يَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ ».
ولا أذيع عليكم سرا إذا قلت لكم أن أغلب المشاكل بين الزوجين يكون سببها سوء العلاقة بين الزوجين ، وعدم احترام أحدهما للآخر ،وأما قولها (وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ ): أي عندما تزوجني أبو زرع وجدني في بيت فقير ، لا نملك شيئا من متاع الدنيا ، إلا غنيمات قليلات بين شقي جبل ،( فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ ) فلما تزوجني وانتقلت عنده ، تغيرت أحوالي من حياة الفقر والضيق ، إلى حياة السعة والغنى ، فأصبحت أعيش حياة الأغنياء ، بين صهيل الخيول عنده ، وأطيط أي صوت الإبل الكثيرة ، والدانس قيل الزرع والحبوب ، وقيل البقر ،
وأما طعامنا فهو من الدقيق الفاخر المنقى من النخالة ، وقيل (منق) من النقيق وهو صوت الطيور والحيوانات عندهم
ثم تقول في وصف حياتها مع أبي زرع : (فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ ) : أي عند أبي زرع كنت أقول فلا أقبح، أي لا يرد قولي، ولا يقال لي: قبحك الله. (وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ ) والتصبح: هو نوم الصبحة، أي أنها تنام بعدما تصبح! وهي تريد أن تقول أنها مخدومة مكفية المؤنة لا تحتاج إلى القيام في البكور. وقيل: أرادت لا أنبه ولا أزعزع حتى أقضي وطري من النوم. وأما قولها: (وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ ) : أي أرفع رأسي عن الإناء للري والاستغناء عن الشرب، والمعنى: أشرب حتى إني لأرى المشروب ، فأصرف عن تمام الشبع. وبعد أن وصفت حالها وحياتها مع زوجها أبي زرع ، بدأت تصف لنا حياة من حولها من أهل زوجها أبي زرع ، فبدأت تتحدث عن أم زوجها أبي زرع فقالت : (أُمُّ أَبِي زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ ) (عُكُومُهَا رَدَاحٌ وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ ) (عكومها) أي الوعاء الذي تجمع فيه الأمتعة (رداح)أي كبيرة وعظيمة. (وبيتها فساح) أي: بيتها واسع كبير، وهذا دليل على الغنى وسعة الثروة والنعمة. فأم زوجها تعيش حياة الأغنياء والمترفين ، والموسع عليهم في الرزق أما عن الابن : فتقول : (ابْنُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ ) (مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ ) أي أن (مَضْجَعُهُ) وموضع نومه.( كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ ) فهو صغير يشبه الجريد المشطوب من قشره، وهي بذلك تصفه بأنه شاب معتدل الجسم والقامة، فليس سمينا مرهل الجسم ثم تقول عنه (وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ ) أي هو إذا أكل يشبع بطنه ذراع المعز الصغيرة ) فهو لا يملأ بطنه بالطعام الزائد عن الحاجة والذي يسبب له التخمة السمنة والمرض ، بل هو مفتول السواعد معتدل الجسم ، فهو مهفهف كالسيف المسلول من غمده. ثم تقول عن بنت أبي زرع (بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ ) . ( طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا) أي فهي مطيعة لأبيها وأمها ، بارة بهما وتحسن إليهما ، فتخلقت بأحسن الأخلاق ، هذه صفاتها الخلقية وأما صفاتها الخلقية والجسدية فهي ( وَمِلْءُ كِسَائِهَا ) أي تملأ كساءها بكثرة اللحم، وهي مستحبة في النساء ، وهذا أيضا دليل على رغد العيش ، وطيب المنبت ،وأما قولها: ( وَغَيْظُ جَارَتِهَا ) ، فالجارة هنا بمعنى الضرة، أي يغيظ الضرة ما يرى من عفتها وجمالها . فهي تغار منها النساء ، وتحسدها على جمالها وأخلاقها الضرائر ،ثم تنتقل إلى الحديث عن جارية زوجها أبي زرع ، فتقول : ( جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ ) ( لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا ) ،فقولها ( لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا ) فالمقصود أنها لا تذيع سرهم بل تكتمه ولا تظهره لأحد . ولا تنقل الكلام وتكثر من القيل والقال ، فالسر عندها مصون ،وتقول عنها :(وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا ) أي هذه الجارية تتعهد طعامهم وتحافظ عليه ، فإنها لا تنقل طعامنا ولا تذهب ولا تفرقه مسرعة: فهي بذلك تصفها بالأمانة. وقولها: ( ولا تملأ بيتنا تعشيشاً ) فهي تصفها بأنها تهتم بشأن البيت وتطهيره، فلا تدع الكناسات والقمامة هاهنا وهاهنا ، كعشة الطيور. فهي تريد أن تقول: أنها تحسن مراعاة الطعام، وتعهده وتطعم منه الشيء بعد الشيء طرياً، ولا يغفل عنه فيفسد. وتحافظ على نظافة بيتهم ، وتنسيقه ، واظهاره في أحسن صورة ، وتحفظ سرهم ومجمل كلام أم زرع : فهي تريد أن تقول : لقد انتزعني زوجي أبو زرع من بيت فقير وحياة بائسة إلى غنىً واسع وحياة رغيدة ، وأكرمني أيّما إكرام ، طعام كثير ، وخير وفير .. وذهبٌ ملأ يديّ ، ففرحت بما أُلْتُ إليه من نعمة ، وعظّمني فعَظُمَتْ نفسي عندي ، فقولي عنده القول الفصل ، والخدم من حولي يأتمرون بأمري ، ويسعَوْن إلى رضاي … أما ( أم أبي زرع ) : فهي تمتلك الكثير من المال ، وبيتها واسع رائع …. وأما (ابن أبي زرع ): فهو نشيط جميل المنظر … وأما ( بنت أبي زرع ) : فهي من أجمل الفتيات ، وذات خلق رفيع ، وتغار منها الأتراب … وحتى الخادمة ، ( فخادمة بيت أبي زرع ): فإنها أمينة تكتم السر وتحافظ على البيت ، وتعتني به .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( حديث: كُنْتُ لَكِ كَأَبِى زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وبعد هذه العيشة السعيدة مع زوجها أبي زرع ، ولكن حدث ما لا يحمد عقباه : (قَالَتْ خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا ) والمعنى : أن هذه النعمة لم تدُمْ لي .. فقد خرج زوجي في بعض أعماله فرأى امرأة جميلة في مقتبل العمر ، تلاعب ولدين لها ، وتسقيهما من ثدييها لبن الأمومة اللذيذ ، فأعجَبَتْه ، فطلّق أم زرع ، وتزوّجها ،ثم تقول (فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا رَكِبَ شَرِيًّا وَأَخَذَ خَطِّيًّا وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا وَقَالَ كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ ) فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ :أي تزوجت (رَجُلًا سَرِيًّا) أي شريفا، وسخيا وكريما. ( رَكِبَ شَرِيًّا ) أي جوادا سريع في سيره ويمضي فيه بلا فتور ولا انقطاع. (وَأَخَذَ خَطِّيًّا) وأمسك بيده رمحا غالي الثمن منسوبا إلى الخط وهو موضع بنواحي البحرين، تجلب منه الرماح. (وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا) أي وأهداني مما عنده من النعم وهي الابل والبقر والغنم وأعطاني منها الكثير والكثير ، بل وأهداني من كل ما عنده من الأصناف زوجين ، ثم قال لها .( وَقَالَ كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ ) أي تصرفي فيها كيف تشائي ، وأعط أهلك فهم أناس فقراء ، وصليهم وأوسعي عليهم من الطعام. وهكذا لم تلبث أم زرع بعد طلاقها من أبي زرع ، أن تزوّجت رجلاً آخر ، وكان رجلا أصيلاً غنيّاً ذا همّة عالية ، فأغدق عليها خيراً وكثيراً ، وأمرها بصلة أهلها وإكرامهم . ولكن مع كل هذا الكرم ، ومع كل هذا الإنعام من الزوج الثاني، إلا أن قلبها لم يكن له ، بل كان لأبي زرع ، الزوج الأول 🙁 قَالَتْ فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ ) ( أي الزوج الثاني ) ( مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ ) وهذا يدل على حبها ومدى تعلقها بزوجا السابق أبي زرع … نعم ألم يقل الشاعر :
نقّل فؤادَك حيث شئت من الهوى *** ما الحبّ إلا للحبيب الأوّل
كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى *** وحنينه أبـداً لأوّل منـزل ؟
وعندما جاءت نهاية القصة والحديث ، هنا تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم معلقا على كل ما جاء فيها ، وقال النبي الكريم صلوات الله تعالى وسلامه عليه لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن سائر أمهات المؤمنين ، قال : ” كنت لك كأبي زرع لأم زرع ” .. قالت : يا رسول الله ، بل أنت خير من أبي زرع . قال صلى الله عليه وسلم :” نعم ، فقد طلّقها ، وإنّي لا أطلقك .” وهكذا
وتسـارع بنت الصدّيـق *** بكـلام حلـو ورقـيــق
بـل أيـن أبـو زرع أينـا *** من زوج بـر ورفيـق؟
أرسـول الله يشـابهـه الـ *** أغـيار بخلـق موثـوق ؟
قد صاغك ربي من نور *** وحباك بكـل التوفـيـق
أنت العـليـاء وذروتهــا *** وسواك بوهد التضييق
أيها المسلمون
وقد تضمنت قصة هذا الحديث بعض الخصال الحسنة التي ينبغي أن يكون عليها الزوج تجاه زوجته ، فمن ذلك :- حسن العشرة بالتأنيس والمحادثة . – المباسطة بالمداعبة والمزاح في غير تعد . – إتحافها بالهدايا والألطاف .
– إكرامها بحسن الإنفاق عليها وعدم البخل حتى إنها ذكرت أن زوجها الثاني كان كريما معها ومع ذلك قالت : ( لَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ ، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ ) . – عدم استهجانها أو الاستخفاف بعقلها إذا تكلمت أو فعلت شيئا . – إمساكها بمعروف وعدم تطليقها حيث كانت عفيفة دينة ، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ ، إِلَّا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَإِنِّي لَا أُطَلِّقُكِ ) . – رعاية أولادها وحسن تربيتهم وتأديبهم ، فإن ذلك من تمام حسن عشرتها . – حسن اختيار الزوج للجارية التي تخدم في البيت ، فتصلح ولا تفسد ، وتروج للخير وتسكت عن الشر ، وذلك أيضا من تمام حسن عشرته لزوجته ..
الدعاء