خطبة عن حديث ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ)
نوفمبر 12, 2016خطبة عن ( لو عرفت الله لأحببته)
نوفمبر 12, 2016الخطبة الأولى ( من عرف الله أحبه، فكيف نحبه)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (54) المائدة ، وفي الصحيحين : ( عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًا لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ ، وَمَنْ يَكْرَهُ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِى النَّارِ »
إخوة الإسلام
كيف نحب ربنا؟، وما هي الأسباب المعينة والجالبة لمحبة الله تعالى ؟ فنقول : إذا كنت متعطشًا حقًا لأن تَروي قلبك بمحبة الله تعالى، فهذه أسباب إذا قمت بها رُزقت هذه المنحة الربانية العظيمة، لو كنت صادقًا فلن تترك سببًا إلا وحاولت بكل عزم واجتهاد أن تقوم به على أفضل وجه، ولن تملَّ من طرق الأبواب عسى أن يُحبك، ووالله بعدها لا تسل عن أي شيء فكفاك هذا الشرف الذي لا يدانيه شرف. ومن هذه الأسباب: (1) معرفة الله تعالى ومطالعة أسمائه وصفاته : فالله يحب أن يتعرف إليه عباده في كل حال، بل يشكر لهم ذلك ويجازيهم عليه، أن ينزل محبته في قلوبهم.
قال صلى الله عليه وسلم: « تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ » رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليعجب من العبد إذا قال: لا إله إلا أنت إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: عبدي عرف أن له ربا يغفر و يعاقب» [رواه الحاكم وصححه الألباني ،والشاهد أنَّ الله يحب أن يتعرف عليه عبده، ويتحبب ويتقرب إليه بطاعته، ويشكره على سابغ نعمته. قال عتبة الغلام: “من عرف الله تعالى أحبه، ومن أحب الله أطاعه، ومن أطاع الله أكرمه، ومن أكرمه أسكنه في جواره، ومن أسكنه في جواره فطوباه ، وطوباه، وطوباه، فلم يزل يقول وطوباه حتى خرَّ ساقطًا مغشيًا عليه” (حلية الأولياء )). ومما يعين على هذه المعرفة: التفكر في ملكوت السموات والأرض. فو الله ما زال المؤمنون يتفكرون فيما خلق لهم ربهم، حتى أيقنت قلوبهم، وحتى كأنَّما عبدوا الله عن رؤية، وقد كان سلفنا الصالح يفضلون التفكر على النوافل، فكان أكثر عمل أبي الدرداء رضي الله عنه الاعتبار والتفكر. قال عبد الله التيمي: “أفضل النوافل طول الفكرة”. ولا شك أن التفكر في أسماء الله وصفاته من أعظم الأسباب التي تؤدي على المحبة، فهل يحب الإنسان أحدًا إلا لجميل صفاته عنده، ولذلك عليك أن تتفكر في صفات ربك، في رحمته وبره، في جوده وكرمه وإنعامه، في حلمه وستره، انظر كما تقدم معنا قريبًا إلى عظيم صفته، واعلم أنَّ من عرف ربه حق المعرفة ادخله الله الجنة. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ » [متفق عليه]. (2) ومما يعين المسلم على معرفة الله : استشعار نعم الله على عباده. يقول الطاهر بن عاشور: “وربَّما كان تعداد النعم مغنيا عن الأمر بالطاعة والامتثال؛ لأن من طبع النفوس الكريمة امتثال أمر المنعم لأن النعمة تورث المحبة” (التحرير والتنوير ). فإنَّ النفوس جُبلت على حب من أحسن إليها، ولذلك ندبنا الله إلى التحدث بنعمه، فإنَّه يورث المحبة. قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [ الضحى: 11]. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ اللَّهِ وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّى ». [رواه الترمذي، وقال: حسن غريب]. وقال الفضيل: أوحى الله إلى نبي الله داود عليه السلام: أحبني وأحب من يحبني، وحببني إلى عبادي، قال: يا ربُ، هذا أحبك، وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى عبادك، تذكرني، ولا تذكر مني إلا حسنا”. وقال عمر بن عبد العزيز: “الفكر في نعم الله أفضل العبادة”. قال ذو النون: “تنال المعرفة بثلاث: بالنظر في الأمور كيف دبرها، وفي المقادير كيف قدرها، وفي الخلائق خلقها”. فانظر في حالك: مم خلقت؟ كيف صرت هكذا بشرًا سويًا؟ ثمَّ انظر من الذي أنشأك؟ من الذي يسَّر لك ما أنت فيه من نعيم؟ وانظر في خاصة أمرك، أليس قد أعطاك أشياء وحرم منها غيرك ألا يستوجب هذا أن تشكره فلا تعصاه؟ أليس قد منع عنك أشياء؟ – والله – ما منعها عنك إلا لخوفه عليك أن يكون فيها هلاكك، ولكننا نريد الدنيا والله يريد الآخرة. اسمع لهذه الآيات ومرر على قلبك تلك المواقف التي مازالت عالقة بذهنك، فتقول: والله لولا الله ما كانت، الحمد لله الذي فضلني على كثير من عباده بهذه النعم. يقول الله مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} [الضحى: 6-8]. تصور كيف نزلت هذه الآيات على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وتصور حالك أنت، وقل لنفسك: ألم يجدك… ألم يجدك… ألم …؟ ثمَّ ماذا صنعت معه؟ عصيته، خالفت أمره، ابتعدت عن طريقه، أي إساءة أشد من هذا؟ ما زلت مترددًا في الالتزام، ما زلت لا تريدين الحجاب، ما زلت تقطع في الصلاة، ما زلت لا تنفك عن المشي مع البنات وشرب المخدرات والسهر في أماكن اللهو الحرام، ما زلت لا تريده! وهو الذي أعطاك كل نعيم فصرفته في طريق الجحيم، ربنا اغفر لنا وتب علينا. (3) ومما يعين المسلم على معرفة الله : كثرة ذكر الله تعالى. قال ذو النون :”من شغل قلبه ولسانه بالذكر، قذف الله في قلبه الاشتياق إليه”. وقال إبراهيم بن الجنيد: “كان يُقال: من علامة المحبة لله: دوام الذكر بالقلب واللسان، وقلَّ ما ولع المرء بذكر الله عز وجلَّ إلا أفاد منه حب الله جل جلاله”. ويقول ابن القيم: “وقد جعل الله لكل شيء سببًا، وجعل سبب المحبة دوام الذكر، فمن أراد أن ينال محبة الله عز وجلَّ فليلهج بذكره، فإنَّه الدرس والمذاكرة، كما أنَّخ باب العلم، فالذكر باب المحبة، وشارعها الأعظم، وصراطها الأقوم” (الوابل الصيب ).
فلا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله، لا تغفل عن أذكار الصباح والمساء فإنَّها زادك الإيماني. أكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فإنَّها حرز من الشيطان وسبب للعتق من النيران، ورافعة للحسنات، ماحية للسيئات، وهي من أفضل الأعمال إلى الله تعالى. أكثر من قول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، فكما تعلم فإنّها تثقل الميزان، ومدعاة لمحبة الرحمن. أكثر من الاستغفار: فإنَّه يطهر القلب والجنان، ومدعاة لتكفير الذنوب والآثام. أكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: فإنها من أعظم أسباب تنزل الرحمات، وبها تستجلب محبة الحبيب صلى الله عليه وسلم وشفاعته يوم المعاد، وترفع بها الدرجات، وتقضى الحاجات. اصنع هذا ولسان حالك كأنه يقول: وكيف أشغل قلبي عن محبتكم *** بغير ذكركم يا كل أشغالي،
(4) : ومما يعين المسلم على معرفة الله : تلاوة القرآن بالتدبر والتفكر. ففي صحيح البخاري :(عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِ فَيَخْتِمُ بِپ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ « سَلُوهُ لأَىِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ » . فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا . فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ » ،هكذا لمَّا أحب تلك السورة لما فيها من صفات الله جل وعلا، أحبه الله من أجل ذلك، وهذه هي القراءة المطلوبة، قراءة بتمعن وتفكر في كلام من تحب. يقول ابن القيم: “فتبارك الذي جعل كلامه حياة للقلوب، وشفاء لما في الصدور، وبالجملة فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر، فإنه جامع لجميع منازل السائرين، وأحوال العاملين ومقامات العارفين، وهو الذي يورث المحبة والشوق، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكل، والرضا والتفويض، والشكر والصبر، وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكمال، وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة، والتي بها فساد القلب وهلاكه، فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها، فإذا قرأه بتفكر حتى مرَّ بآية وهو محتاجًا إليها في شفاء قلبه كررها، ولو مائة مرة ولو في ليلة”. فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب وقوله: لي حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن، وهذه كانت عادة السلف يردد أحدهم الآية إلى الصباح. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام بآية يرددها حتى الصباح وهي قوله : {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] ،فقراءة القرآن بالتفكر هي أصل صلاح القلب (مفتاح دار السعادة ). (5) : ومما يعين المسلم على معرفة الله : الانكسار والذل بين يديه سبحانه. ذكره ابن القيم في الأسباب الجالبة للمحبة فقال: “وهو من أعجبها، انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى، وليس في التعبير عن هذا المعنى غير الأسماء والعبارات (مدارج السالكين ). فإذا أراد أن يعز عبده وينصره ويرفعه كسره أولا ويكون جبره له ونصره على مقدار ذله وانكساره ، قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران: 123]، فتفيض منن الله على أهل الانكسار {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ} [القصص: 5-6]، فالعبد أقرب ما يكون من ربه إذا انكسر قلبه ورحمة ربه عندئذ قريبة منه. وفي بعض الإسرائيليات قال موسى عليه السلام: “يا رب أين أبغيك؟” قال: “أبغني عند المنكسرة قلوبهم” (الحلية ). ولذلك قد يبتليك الله ليسمع تضرعك، وتضرعك حبيب إليه، يحب أنينك لما فيه من انكسارك وافتقارك له وذلك بين يديه، وهذا مقام العبودية الأعظم الذي خلقك من أجله، فهل فهمت عنه مراده؟ اللهم اجعلنا لك أواهين منيبين مخبتين، واجعلنا ممن لا يذل إلا إليك، يا من خضعت لك رقبتي، وذلَّ لك جسده، ارحم حنين الحان إليك، وأنين الآن بين يديك.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من عرف الله أحبه، فكيف نحبه)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومما يعين العبد على معرفة ربه : المحافظة على صلاة الجماعة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَالَ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ. يُجِبْكُمُ اللَّهُ » [رواه مسلم]. فصلاة الجماعة من أعظم القربات إلى الله تعالى، فهي أفضل من صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة، ومن خرج لأدائها في المسجد كتب الله له أجر حجة، وشمله برحمته، وغفرت ذنوبه، ومن حافظ عليها شاهدًا تكبيرة الإحرام أربعين يومًا فإنَّه يسلم من النفاق، وتعتق رقبته من النار. وفي صلاة الجماعة تجسيد لمعاني الترابط والتآلف بين المسلمين، لما فيها من اجتماع القلوب على طاعة ربهم، والله يحب أن يكون أهل الإيمان كالجسد الواحد والبنيان المرصوص؛ ولذلك كلما كان عدد المصلين أكثر كان هذا أحب إلى الله تعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « وَإِنَّ صَلاَةَ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلاَتِهِ وَحْدَهُ وَصَلاَتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلاَتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ». [رواه أبو داود وحسنه الألباني ، فاحرص عليها، فإنَّها سبب عظيم لمرضاة الله تعالى، وتركها يوجب غضبه وسخطه. قال ابن مسعود رضي الله عنه: « وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ.» [رواه مسلم]. وقال أبو سليمان الداراني: “لا تفوت أحدًا صلاة الجماعة إلا بذنب” (الإحياء (7) ومما يعين العبد على معرفة ربه : كثرة النوافل. قال تعالى في الحديث القدسي: « وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ » [رواه البخاري]. وذلك لأنَّه قد جرت العادة أنَّ التقرب يكون غالبًا بغير ما وجب على المتقرب، لأنَّ في ذلك دليلاً على حرصه على رضا ربه، فهو مازال يصنع من أعمال البر، وكأنه يطرق باب ربه عسى أن يفتح له. فحافظ -حبيبي في الله– على أداء نوافل الصلوات: فتصلي ركعتين قبل الفجر هما خير عند الله من الدنيا وما فيها. وتصلي الضحى أربعًا يكفك الله من كل بلاء وشر، وكنت عنده من صفوة عباده فكتبت عنده من الأوابين. وتصلي قبل الظهر أربعًا وبعده أربعًا فإن فعلت حرَّم الله جسدك على النار. وتصلي قبل العصر أربعًا فيختصك الله برحمات من عنده. وتصلي بعد المغرب اثنتين إحياءً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وتصلي بعد العشاء ركعتين. وتقوم الليل بإحدى عشر ركعة، وقيام الليل دأب الصالحين وشعارهم، وعبادتهم التي لا ينفكون عنها، وهو شرف المؤمن، ومن أعظم الأسباب لتكفير الذنوب والخطايا. وأقل ذلك أن تصلي في اليوم والليلة (12 ركعة) فعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّى لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلاَّ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَوْ إِلاَّ بُنِىَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ »[رواه مسلم]. (8) : ومما يعين العبد على معرفة ربه : الخلوة للمناجاة. فمن أسباب المحبة -كما يقول ابن القيم- : “الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته وتلاوة كلامه، والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه، ثمَّ ختم ذلك بالاستغفار والتوبة”. وهذا من فضل قيام الليل في وقت السحر، في جوف الليل المظلم، حين ينزل الرب سبحانه، يسأل عباده عن حوائجهم ليقضيها لهم، فاللهم لا حاجة لنا إلا أنت فارزقنا حبك.قيل للحسن: “ما بال القائمين أحسن الناس وجوها؟”، فقال: “إنهم خلوا بالله في السحر فألبسهم من نوره”. (9) : ومما يعين العبد على معرفة ربه : معاملة الله بالصدق والإخلاص ومخالفة الهوى. قال أبو حازم: “خصلتان من تكفل بهما تكفلت له بالجنة تركك ما تحب، واحتمالك ما تكره إذا أحبه الله عز وجل” (الحلية قال فتح الموصلي: “من أدام النظر بقلبه ورثه ذلك الفرح بالمحبوب، ومن آثره على هواه ورثه ذلك حبه إياه، ومن اشتاق إليه وزهد فيما سواه ورعى حقه وخافه بالغيب ورثه ذلك النظر إلى وجهه الكريم” (مجموع رسائل ابن رجب) الله…الله .. ما أعظمها من بشارات ،فلو أدام المرء التفكر في أسماء الله وصفاته شرح الله صدره، وأدخل على قلبه السرور، فلا يشعر بشقاء ولا عناء، ومن آثر الله على هوى نفسه، ففضل الله وطاعته على شهواته ورغباته، فالله لابد أن يجازيه خيرًا، فإنَّ الرب شكور، فيمنحه حبه الذي هو أعظم العطايا. جرب أن تغض بصرك وتقول في نفسك كما قال يوسف عليه السلام: {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33]. وأدم ذلك، والله ستجد لذلك لذة ونعيمًا، فإنَّ من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منها، وهل هناك عوض يداني أن يحبك الله؟! جربي أن تتركي التبرج والملابس الضيقة لا تصنعي هذا إلا لله، وأنت تحبين أن تشعري بأنك مرغوبة وتتخطفك الأعين المسعورة، جربي أن تفعليها لله، فقط قولي كما قال موسى صلى الله عليه وسلم: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84]. والله سيشملك بحفظه، ويشكر لك هذا، ويجازيك عنه خير الجزاء… فماذا تنتظرين؟!! هل لا تريدين أن يحبك الله؟! ، (10): ومما يعين العبد على معرفة ربه : تذكر نعيم أهل الجنة ورؤيتهم لربهم انشر ففي الصحيحين (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أُنَاسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ « هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ ، لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ » قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ » . قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ )
الدعاء