خطبة عن ( من موقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الابتلاء )
فبراير 8, 2016خطبة عن ( علامات نزع الأمانة )
فبراير 8, 2016الخطبة الأولى (الأسوة الحسنة في الابتلاء ) 1
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى في محكم آياته (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) الملك (2)
إخوة الإسلام
لقد خلق الله الإنسان في هذه الحياة الدنيا ليبتليه ويختبره ويمتحنه وهذا البلاء والإختبار إنما هو فتنة له والإنسان يفتن ويبتلى ويمتحن ليعلم المؤمن من الكافر والمهتدي من الضال والمحسن من المسيء والمطيع من العاصي .. وبالجملة حزب الله من حزب الشيطان وأصحاب الجنة من أصحاب النار قال الله تعالى :(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ). آل عمران (179)، والفتنة والإبتلاء تقع على الإنسان فيما يحب وفيما يكره .فيبتلى الإنسان بالغنى كما يبتلى بالفقر ويبتلى بالصحة كما يبتلى بالمرض ويبتلى بما يسعده كما يبتلى بما يحزنه..قال تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ) الانبياء (35) .وقال سبحانه (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ) الانفال (28). وقال تعالى :(فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ .. وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ .. كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) الفجر (15 :17). فكل ما يقع على الإنسان في حياته كلها من خير أو شر إنما هو فتنة واختبار له.ومطلوب من الإنسان أن يحقق نجاحات فيما يبتلى به ليفوز فوزا عظيما .ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم هو وحده من حقق كل هذه النجاحات هو وحده الذي نجح في جميع الإختبارات. وهو الذي أرضى رب الأرض والسماوات ففي مسند الإمام حمد عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً قَالَ :« الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ مِنَ النَّاسِ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ فِى دِينِهِ صَلاَبَةٌ زِيدَ فِى بَلاَئِهِ وَإِنَ كَانَ فِى دِينِه رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ وَمَا يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِىَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ » ، فلقد ابتلى الله رسوله بكل أنواع الإبتلاءات. وتعرض لكل أنواع الفتن والإمتحانات التي يتعرض لها الإنسان في حياته الدنيا.حتى يكون صلى الله عليه وسلم مثالا يحتذى به . لذلك فقد ابتلي صلى الله عليه وسلم بالصحة والمرض. وابتلي بالفقر والغنى وابتلي بالجوع والشبع وابتلي بالفرح والحزن. وابتلي بالبكاء والضحك ،ابتلي في حلمه وعفوه.وفي صبره وتوكله .في حكمه وعدله.وابتلي بموت الأحباب.وبشر بمولد الأبناء والأحفاد. وابتلي بالزواج والعزوبه وابتلي بالفراش المتواضع والفراش اللين .وابتلي بالفتح وبالنصر على الأعداء وبالإصابات والجروح عندما تمكن منه الأعداء.ابتلي بالتصديق والتكذيب وبالمدح والهجاء وبالغضب والرضا.ابتلي بحبه للزوجة كما ابتلي بالنيل من عرضها وشرفها.ابتلى بالإكرام والأكل من أطايب الطعام ووضع له السم في الطعام.ابتلى بالمحبين والمحترمين كما ابتلي بالمستهزئين واللاعنين.ابتلي بالأصدقاء المخلصين كما ابتلي بالاعداء الماكرين المخادعين.وهكذا.تعرض صلى الله عليه وسلم لكل أنواع الفتن والبلايا. فحقق صلى الله عليه وسلم نجاحا بعد نجاح في كل ما ابتلي به.بل وكان معتدلا في كل مابتلي به. فمثلا كان معتدلا في سعادته وغضبه وفي حزنه وفرحه.فلا الحزن يجعله يخرج عن شعوره ولا الفرح يجعله ينسى المتفضل عليه. فاستحق أن ينال شهادته من الله .شهادة الفوز والفلاح شهادة التفوق والنجاح. شهادة تثبت أنه كان كاملا ومتفوقا في كل الإبتلاءات فقال الله لرسوله في كتابه العزيز (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم 04) ، فأخلاقك يامحمد عظيمة في كل شيء. وحققت نجاحا في كل اختبار وتفوقت في كل بلاء وامتحان.وتعلقت بالله في كل فتنة. ولذلك أصبحت قدوة وأسوة لغيرك من البشر فمن أراد أن يفوز وينجح من أراد أن يحقق نجاحا في كل اختبار وابتلاء وفتنة. فما عليه إلا أن يقتدي بك يا صاحب الخلق العظيم. فقال وقوله الحق مخاطبا عباده المؤمنين : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) الاحزاب (21)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الأسوة الحسنة في الابتلاء ) 1
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونستكمل الحديث .فالمسلمون من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم مطالبون بأن يقتدوا برسول الله في كل أحواله ليكونوا من الفائزين. وعلينا أن نسأل أنفسنا عند كل بلاء وفتنة بالخير أو بالشر.فنقول.كيف كان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تعرض هو لمثل هذا البلاء والإختبار ؟ ،وهذا يجعلنا نبحث عن أحواله ونتعلم من مواقفه . فتعالوا بنا نتعرف بالتفصيل من خلال سيرته وحياته وأخلاقه على الإبتلاءات والفتن التي تعرض لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف حقق فيها نجاحا ليكون لنا فيه أسوة وقدوة حسنة . والرسول كما قلت لكم .كان يبتلى بالخير والشر.بالأمر وضده.وأبدأها بأشد ما يبتلى به الإنسان في حياته الدنيا.وأحب ما يبشر به في حياته.الموت.والولاده.موت الأحباب.وولادة الأولاد أو الأحفاد. فكيف كان حزنه صلى الله عليه وسلم عندما مات أولاده وأحبابه؟ وكيف كان فرحه عندما بشر بالولد؟ وكلاهما فتنة واختبار . وبداية أقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات كل أولاده في حياته .ماعدا فاطمة رضي الله عنها.وماتت زجته خديجة وعمه العباس وابن عمه جعفر وغيرهم. فكيف كان حزنه على فراق الأحباب.هل لطم الخدود وشق الجيوب.هل تسخط ولم يرض بحكم علام الغيوب؟كلا فقد كان معتدلا في أحزانه لما مات ولده ابراهيم.انظروا ماذا فعل روى البخاري (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله عنه قَالَ دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِى سَيْفٍ الْقَيْنِ وَكَانَ ظِئْرًا لإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَذْرِفَانِ.فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضى الله عنه وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ ».ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فَقَالَ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ،وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ،وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يَرْضَى رَبُّنَا،وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ» ونستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء