خطبة عن (من أخلاق الرسول: الحلم والعفو)
ديسمبر 6, 2016خطبة عن ( من أخلاق الرسول الحياء)
ديسمبر 6, 2016الخطبة الأولى (الفرق بين الحياء والخجل )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِى الْحَيَاءِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ »
إخوة الإسلام
بعد أن تعرفنا في اللقاء السابق على الحياء : (معناه وصوره ودلائله) ، وقد حثنا عليه أشرف الخلق رسولنا صلى الله عليه وسلم حينما قال كما في سنن الترمذي : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ». قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. قَالَ « لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ». ولكن قد يخلط الكثير من الناس بين الحياء والخجل … والسؤال : ما الفرق بين الحياء والخجل ؟؟ وأقول قد يطلق الناس كلمة الحياء على الخجل ، وكلمة الخجل على الحياء ، ولكن هناك بينهما إختلاف كبير ، فالحياء : خلق كريم ، وصفة من صفات المؤمنين وهو 🙁 انقباض النفس وتحفظها عما يعيبها )
أما الخجل : فهو مرض نفسي اجتماعي ، ومن مظاهره 🙁 عدم القدرة على مواجهة المواقف , وانعدام الجرأة ، والهروب من الأضواء ) ، وأقدم لذلك أمثلة عند أطفالنا وشبابنا ، فامتناع الطفل عن مقابلة الضيوف وعدم قدرة الشاب المتعلم على التحدث أو إلقاء خطبة أمام الحاضرين فهذا خجل ، فالخجل من علاماته الامتناع عن فعل المباحات أو الواجبات ، أما الحياء ، فهو الامتناع عن فعل المنكرات ، والتزام الفضيلة ، فعندما تمتنع الفتاة عن كشف مفاتنها أو تمتنع عن مخالطة الأجانب من الرجال ، أو يمتنع الموظف عن الرشوة أو تعاطي المسكرات ، طاعة لله ، فكل ذلك من علامات الحياء وليس الخجل ،والخجل: معنى يظهر في الوجه لغمٍّ يلحق القلب، عند ذهاب حجَّةٍ، أو ظهور على ريبة، وما أشبه ذلك، فهو شيء تتغير به الهيبة. والحَيَاء: هو الارتداع بقوَّة الحَيَاء، ولهذا يُقَال: فلانٌ يستحي في هذا الحال أن يفعل كذا، ولا يقال: يخجل أن يفعله في هذه الحال؛ لأنَّ هيئته لا تتغيَّر منه قبل أن يفعله، فالخَجَل ممَّا كان والحَيَاء ممَّا يكون. فالإنسان الذي يتمتع بالحياء هو إنسان رائع ومحبوب من الناس ، ويراعي شعور الناس إلى أبعد حد ، وهو مستمع جيد ومتحدث جيد بعكس الخجل ، وفي الأغلب يكون الخجل سببه نقص في شخصية الإنسان إذ يشعر بأنه أضعف من الآخرين ، ويكون غير قادر على مواجهتهم والتعبير عن رأيه بكل جرأة, حتى وإن كان على حق و صواب ,وقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات في الشخصية ويكون عادة ضعيف اجتماعياً غير قادر على التعايش مع كل فئات وأصناف البشر, ويحاول الشخص الخجول تفادي الناس ، ويفضل الصمت ، وإذا تحدث معه أحد يتلعثم ويحمرّ وجهه ، ويتسبب ذلك بشعور بالضيق والكبت ، وبهذا يفشل في الوصول إلى أهدافه وطموحاته ،فالحياء شعور نابع من الإحساس برفعة وقوة وعظمة النفس ,وهذا يختلف تماما عن الخجل ، فكلما رأيت نفسي رفيعة وعاليةَ كلما استحييت أن أدنو بنفسي للخطايا والآثام فالشخص المتصف بالحياء لا يقدر أن يزني أو يكذب حتى لو كان لا أحد يراه, فهو بذلك يستحي من الله الذي يعلم ما في السر والعلن , ولكن الخجول إذا أتيحت له الفرصة أن يفعل ذلك دون أن يراه احد لفعل دون مخافة من الله الذي يراه . .. فبالحياء تطمئن النفس وترتقي وتزهو للأعلى والافضل .. فكلما زاد حياؤنا زادت حياتنا بالخير والإيمان, فإن أكمل الناس حياة أكملهم حياء… فلنعلو بأخلاقنا ولنسمو بأنفسنا ولنكون ممن يتصفون بالحياء . قال الشاعر : إذا قلَ ماء الوجه قلَ حيائهُ ولا خير في وجهٍ إذا قلَ مائهُ حيائكَ فاحفظه عليك فإنما يدلُ على فعل الكريم حيائهُ
الخطبة الثانية (الفرق بين الحياء والخجل )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
اثر الحياء على النفس : تطمئن إليه النفس ولا تنزعج منه وتتوافق معه من داخلها . وعواقب الحياء : لا يترتب عليه تفويت مصالح او ضياع حقوق والاستسلام والخضوع للآخرين بذله . أما الخجل : فهو الخوف من الناس و التصريح عن الانفعالات العادية وهو غير محمود لما يترتب عليه من تفويت المصالح او الرضا بالإذعان ونحو ذلك كانكماش الولد أو بنت وانطوائه وتجافيه عن ملاقاة الآخرين .
أيها المؤمنون
وقد ربى السلف الصالح أولادهم على الجرأة في قول الحق ، وعدم الهيبة من مواجهة المواقف ، وعدم خشية الخلق ، والحياء من الله أن يراهم على معصية ،فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا ، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ » . فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَوَقَعَ فِي نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ ، فَاسْتَحْيَيْتُ ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « هِيَ النَّخْلَةُ » ، وفي رواية : (فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ هِيَ النَّخْلَةُ ، فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ فَسَكَتُّ )، ( قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَحَدَّثْتُ أَبِى بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِى فَقَالَ لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا ). هكذا يربي الصحابة أولادهم على الجرأة وعدم الخجل ما دام ذلك في حدود الأدب ،وتمر الأيام ويصبح عمر رضي الله عنه أميرا للمؤمنين ، فيمر في طرق المدينة والأطفال يلعبون ، وفيهم عبد الله بن الزبير ، وأمه أسماء بنت أبي بكر ، فهرب الأطفال هيبة من سيدنا عمر ، ووقف بن الزبير ساكنا ولم يهرب ، فلما وصل إليه عمر قال له : لم لم تهرب مع الصبيان ؟ فقال الفتى الجريء : لست جانيا فأفر منك ؟، وليس في الطرق ضيق فأوسعها لك ؟ ، فعجب عمر منه وشكر له ،وفي صحيح البخاري ومسلم واللفظ له (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أُتِىَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ فَقَالَ لِلْغُلاَمِ : « أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِىَ هَؤُلاَءِ ». فَقَالَ الْغُلاَمُ لاَ. وَاللَّهِ لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا ». قَالَ فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي يَدِهِ.( تله : أي دفعه إليه ) هكذا ربى القوم أبناءهم على الجرأة وعدم الخجل
الدعاء