خطبة عن الصحابي: (سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ)
يناير 31, 2017خطبة عن ( احذر الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ)
فبراير 1, 2017الخطبة الأولى (الخمر والمخدرات والمسكرات: تناولها وبيعها من منظور إسلامي )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90] وروى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِيِّ – رضى الله عنه – أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْرِبَةٍ تُصْنَعُ بِهَا ، فَقَالَ « وَمَا هِيَ » . قَالَ الْبِتْعُ وَالْمِزْرُ . فَقُلْتُ لأَبِى بُرْدَةَ مَا الْبِتْعُ قَالَ نَبِيذُ الْعَسَلِ ، وَالْمِزْرُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ . فَقَالَ « كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ » ، وفي رواية لمسلم : (قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا بِالْيَمَنِ الْبِتْعُ وَهُوَ مِنَ الْعَسَلِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ وَالْمِزْرُ وَهُوَ مِنَ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ قَالَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ أُعْطِىَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ بِخَوَاتِمِهِ فَقَالَ « أَنْهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ أَسْكَرَ عَنِ الصَّلاَةِ ».
إخوة الإسلام
إن شريعة الإسلام شريعة نقية طاهرة نظيفة، وما تدعو إلى فعل شيء ،إلا كان فيه فلاح ونجاح للإنسان، وما تمنع عنه شيء ،إلا كان فيه ضرر متحقق؛ ويكفي أن الله هو منزل التشريع، وهو القائل: « أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » الملك (14)، ويقول الخالق سبحانه: « أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ » الأعراف(54) . فلقد حرَّم الإسلام كلَّ ما يضرُّ بالفرد ،أو بالأسرة أو بالمجتمع، وأحلَّ كل ما هو طيِّب ومفيد للبشر جميعًا، فما حرَّم الله شيئًا إلاَّ عوَّض الناسَ خيرًا منه، فقال الله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157]، ولأن النفس البشريَّة تميل دائمًا إلى تحقيق رغباتها – دون نظر إلى ما يَتَرَتَّب على ما تقترفه من مضارَّ جسيمةٍ – فقد أرشد الإسلام أتباعه إلى كبح جماح أنفسهم، وسَنَّ لهم الأحكام والتشريعات والقوانين الوقائيَّة والعلاجيَّة لحلِّ كل مشكلة تعترضهم، ومما حرمه الله على المسلمين الخمر والمسكرات والمخدرات بكل أنواعها ومسمياتها ، قليها وكثيرها ، وتناولها وبيعها والمشاركة في ترويجها ، أو العوة إليها. ومشكلة إدمان الخمور والمسكرات، كانت قد تغلغلت في نفوس العرب جميعًا؛ حتى إنهم كانوا يمدحونها في شعرهم؛ حيث تبدأ القصائد عادة بذكر الأطلال ثم وصف الخمر.. كما كانوا يشربونها في بيوتهم وأنديتهم ومنتدياتهم؛ ولذا فقد جاء الحلُّ الرباني للمشكلة حلاًّ حاسمًا، ودالاًّ بشكل واضح على أنه وحي من ربِّ العالمين. فلقد نزلت الآيات القرآنيَّة لتحلَّ المشكلة في تدرُّج مدهش، فكان أوَّل ما نزل في تنفير الناس مِنْ شُرْبِ الخمر قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل: 67]، فوصف الله تعالى الرزق بالحَسَن، ولم يصف السكر بذلك؛ تمهيدًا لتحريم الخمر، ثم لفت الأنظار إلى آثارها الضارَّة التي تَفُوقُ ما فيها من منافع محدودة، فقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: 219]، وفي مرحلة لاحقة حرَّم تعاطيها قبل أوقات الصلاة؛ بحيث لا يأتي وقتُ الصلاة إلاَّ والواحد منهم في أتمِّ صحوة، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43]،
ففي سنن النسائي (عَنْ عُمَرَ رضى الله عنه قَالَ لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ قَالَ عُمَرُ اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا. فَنَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا. فَنَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) فَكَانَ مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَقَامَ الصَّلاَةَ نَادَى لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا. فَنَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَلَمَّا بَلَغَ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) ،قَالَ عُمَرُ رضى الله عنه انْتَهَيْنَا انْتَهَيْنَا) – فجاء التحريم القاطع في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]. ولأن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تعرف جيِّدًا عمق مشكلة الخمر في نفوس المجتمع الجاهلي؛ لذلك قالت عن التدرُّج الذي نزلت به الآيات: “… ولو نزل أوَّل شيء: لا تشربوا الخمر. لقالوا: لا نَدَعُ الخمرَ أبدًا…” صحيح البخاري ، ولكن المجتمع – الذي ربَّاه النبي صلى الله عليه وسلم على مراقبة الله تعالى – امتثل لأوامره فور نزولها على نبيِّه صلى الله عليه وسلم ، ففي الصحيحين ( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ سَاقِىَ الْقَوْمِ يَوْمَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فِي بَيْتِ أَبِى طَلْحَةَ وَمَا شَرَابُهُمْ إِلاَّ الْفَضِيخُ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ. فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِى فَقَالَ اخْرُجْ فَانْظُرْ فَخَرَجْتُ فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِى أَلاَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ – قَالَ – فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ فَاهْرِقْهَا. فَهَرَقْتُهَا فَقَالُوا أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ قُتِلَ فُلاَنٌ قُتِلَ فُلاَنٌ وَهِىَ فِي بُطُونِهِمْ – قَالَ فَلاَ أَدْرِى هُوَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ – فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) المائدة (93) ، ومع نزول هذا التحريم القاطع من الله سبحانه وتعالى، جاء الحل النبوي لمشكلة إدمان الخمور، فقد استمرَّ تنفير رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه منها، ففي سنن ابن ماجة وغيره (عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ أَوْصَانِي خَلِيلِي -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَشْرَبِ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ ». بل ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مَنْ يقوم بصناعتها وبيعها وشُرْبها، ففي مسند أحمد وغيره : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَلَعَنَ شَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا ). ومع هذا فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُغلق باب التوبة أمام هؤلاء المدمنين؛ بل جعله مفتوحًا أمامهم ، حتى لو تكرَّر الخطأ أكثر من مرَّة؛ حيث ربط رسول الله صلى الله عليه وسلم بين التخويف من سخط الله وعقابه في الآخرة ،وبين عدم توبتهم إليه سبحانه ، وهذه هي عظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في معالجته لمثل هذه المشكلات المتجذِّرة في مجتمع ما، ففي سنن الترمذي بسند حسن (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلاَةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ تَابَ لَمْ يَتُبِ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَقَاهُ مِنْ نَهْرِ الْخَبَالِ ». قِيلَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَا نَهْرُ الْخَبَالِ قَالَ نَهْرٌ مِنْ صَدِيدِ أَهْلِ النَّارِ ).
كما جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيَّة من الوصايا التي خصَّ بها بعض أصحابه؛ وفي ذلك دلالة على تنفير الأُمَّة منها، ووقايتهم من الوقوع في شِرَاك كلِّ مسكر أو مخدِّر، فعَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ أَوْصَانِى خَلِيلِى -صلى الله عليه وسلم- أَنْ « لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ وَلاَ تَتْرُكْ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ وَلاَ تَشْرَبِ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ » رواه أبو داود . ويؤكِّد رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضارِّها على صحَّة الإنسان؛ ففي مسند أحمد (أَنَّ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ سُوَيْدُ بْنُ طَارِقٍ سَأَلَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْخَمْرِ فَنَهَاهُ عَنْهَا فَقَالَ إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّهَا دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِدَوَاءٍ » ، وقد أثبتت الدراسات الطبِّيَّة الحديثة إصابة الذي يتناول الخمر بالعديد من الأمراض؛ مثل: مرض تليُّف الكبد؛ فالخمور تسبِّب تحطيمًا لخلايا الكبد، وتقوم بترسيب الدهون فيها، وكذلك تُصيب الجهاز الهضمي باضطرابات مختلفة؛ فيفقد الإنسان شهيَّته للطعام، ويُصاب بسوء التغذية ونقص الفيتامينات، كما تؤثِّر على الأعصاب، وعضلة القلب، والعناصر المكوِّنة للدم ،ثم يُواصل رسول الله صلى الله عليه وسلم تعليم أُمَّته مضارَّ الخمر – بطريقة أخرى بِذِكْرِ قصص السابقين ؛ حتَّى يَتَّعظ منها مَنْ كان له عقل يفكِّر، فعن عُثْمَانَ رضى الله عنه يَقُولُ اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلاَ قَبْلَكُمْ تَعَبَّدَ فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا فَقَالَتْ لَهُ إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ عِنْدَهَا غُلاَمٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ فَقَالَتْ إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَىَّ أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلاَمَ. قَالَ فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا فَسَقَتْهُ كَأْسًا. قَالَ زِيدُونِي فَلَمْ يَرِمْ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا وَقَتَلَ النَّفْسَ فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لاَ يَجْتَمِعُ الإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلاَّ لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ) رواه النسائي . ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين يعالج مشكلة ما،فإنه لا تشغله كثيرًا الأسماء ،بقدر ما تشغله المسمَّيَات؛ فهو صلى الله عليه وسلم حين حرَّم الخمر حرَّم كذلك كل ما تنطبق عليه صفتها من إذهاب العقل، أيًّا كان مصدر هذا الشراب؛ العنب أو التمر أو غيرهما، فعَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ » رواه البخاري . وقالت أمُّ سلمة -رضي الله عنها- في حديث آخر يُبَيِّنُ أن كل أنواع المسكرات والمخدِّرات مُحَرَّمة شرعًا؛ لأنها تُهلك الفرد، وتُضْعِف المجتمع: فعن أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ) رواه أحمد. كما نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحَرِّم كل شيء يضرُّ بصحَّة الإنسان، ففي موطإ مالك (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ ». فما ينطبق على الخمر من تحريم وعقوبات ينطبق على المخدرِّات وكل المسكرات والمفترات وغيرها من السموم التي تضرُّ الإنسان.
أيها المسلمون
وبعدما استقرَّ التحريم، كانت التشريعات واضحةً في معاقبة مَنْ يُقْدِم على تناول المسكرات ، وكان تطبيق رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه التشريعات تطبيقًا رائعًا، ففي الصحيحين (عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَلَدَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ) ، وفي مسند أحمد وغيره : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ شَرِبَهَا فَاجْلِدُوهُ فَإِنْ شَرِبَهَا فَاجْلِدُوهُ ». وكان الهدف من العقاب في نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ردع كل مَنْ تُسَوِّل له نفسه أن يُدمن المسكرات أو المخدِّرات، وليس التشفِّي أو الانتقام من صاحبها؛ فهو شخص مريض في حاجة إلى العلاج؛ لذلك عَمِل رسول الله صلى الله عليه وسلم على تأصيل هذه المعاني في نفوس الصحابة فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أُتِىَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ قَالَ « اضْرِبُوهُ » . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ
قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَخْزَاكَ اللَّهُ . قَالَ « لاَ تَقُولُوا هَكَذَا لاَ تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ » رواه البخاري ، هكذا عالج النبي صلى الله عليه وسلم مشكلة المسكرات والمخدِّرات معالجة عمليَّة متدرِّجة مبنيَّة على تقوى الله أوَّلاً، والخوف من عصيانه؛ فهو الآمر بتحريم كل مسكر، ثم بِسَنِّ القوانين الرادعة التي تعالج – أيضًا – كل نفس تخرج عن السلوك السَّوِيِّ، وفي ذلك صلاح للفرد والمجتمع. هذا هو منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلِّ مشكلات عصره، وقد تميَّز المنهج النبوي في معالجة المشكلات بمزيَّة متفرِّدة؛ ألا وهي غرس مراقبة الله سبحانه وتعالى في قلوب كل أفراد المجتمع، فامتنعوا بفضل هذه القيمة عن فعل كل قبيح ؛ فعاش الجميع في أمن وسلام، وفي عالمنا المعاصر ما زالت تلك المشكلات متجذِّرة في المجتمعات الحديثة، ويعاني منها العالم جميعًا، فما أحوجه إلى منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي لم ينسب الفضل فيه لنفسه بل نسبه لله تبارك وتعالى، ففي ذلك دليل قاطع على صدقه وانتفاء الغرض الشخصي من وراء رسالته.
أيها المسلمون
وفي قول الله تعالى : (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) المائدة 91 ، فيه بيان بأن المفسدة التي لأجلها حرم الله سبحانه وتعالى الخمر ، هي أنها تصد عن ذكر الله ، وعن الصلاة وتوقع العداوة والبغضاء . وهذا أمر تشترك فيه جميع المسكرات ، لا فرق في ذلك بين مسكر ومسكر ، والله سبحانه وتعالى حرم القليل ؛ لأنه يدعو إلى الكثير ، وهذا موجود في جميع المسكرات .
وفي مسند أحمد وأبي داود أن أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ) ، ومن المعلوم أن من الخمر والمسكرات الحشيشة ، فهي بمنزلة غيرها من المسكرات ، فكل ما يزيل العقل أو يفتره فإنه يحرم أكله ولو لم يكن مسكرا : كالبنج ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام يتناول كل ما يسكر ، ولا فرق بين أن يكون المسكر مأكولا ، أو مشروبا ، أو جامدا، أو مائعا ونبينا -صلى الله عليه وسلم- بعث بجوامع الكلم ، فإذا قال كلمة جامعة كانت عامة في كل ما يدخل في لفظها ومعناها ، سواء أكانت الأعيان موجودة في زمانه ،أو مكانه ، أو لم تكن . ومن المعلوم أيضا أن هذه المخدرات والمسكرات تورث التخنث والديوثة وتفسد المزاج ، وتوجب كثرة الأكل ، وتورث الجنون ، وكثير من الناس صار مجنونا بسببها .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الخمر والمخدرات والمسكرات: تناولها وبيعها من منظور إسلامي )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما عن التجارة في الخمر والمخدرات والمسكرات أو (تجار المخدرات) ، فهم ملعونون من الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ففي سنن أبي داود أن (ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ ». وفي صحيح البخاري (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَ الآيَاتُ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا ، خَرَجَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ ، ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الْخَمْرِ ) وفي رواية (فَقَالَ « حُرِّمَتِ التِّجَارَةُ فِي الْخَمْرِ » وفي رواية (حَرَّمَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – بَيْعَ الْخَمْرِ). فهؤلاء التجار في المخدرات ، كسبهم حرام ،ولحمهم نبت من سحت ، ولا تقبل الصدقة منهم ،لأن طيب لا يقبل إلا طيبا ، وهم لصوص محاربون لله ورسوله ، ويجندون أناساً ينشرون هذه السموم بين الناس ،فإذا سقط أحدهم ضحية لهؤلاء الناس فقد انتهت حياته، ودمر تدميراً، ويصبح إنساناً مدمنا لا يسيطر على نفسه لا يملك إرادته أو يفكر لنفسه ، فالمدمن إن لم يأخذ هذه الجرعات السامة يصبح كالمجنون ، ويسعى للبحث عمن يغذيه بهذا السم من جديد ، وإذا كان معه مال أنفقه حتى ينفذ ماله ، فإن لم يجد يسرق من أبيه وأخيه أو قريبه أو صديقه أو الشركة أو الحكومة التي يعمل بها أو يسرق من أي مكان حتى يستجيب لهذه الشهوة العارمة المدمرة، فالمدمن لا يتورّع عن أن يعمل أي شيء، وهنا يصبح إنساناً ضعيفاً رخواً يستطيع أعداء الأمة أن يستغلوه ليعمل لحسابهم جاسوساً يتجسس على وطنه و أهله وأقرب الناس إليه، فلقد ضعفت مقاومته وانهارت إرادته فلم يعد عنده شيء
ومن أجل هذا نجد أن أعداء الله والدين والوطن والأمة يحاولون إشاعة هذه المخدرات في الأمة، فإسرائيل كما تحاول أن تنشر الإيدز في شمال الأمة تحاول أن تنشر المخدرات وتروجها وتهربها إلى أمتنا لتقتل الإرادة في أبنائها، وتقتل روح المقاومة والقوة النفسية .
أيها المسلمون
والسؤال : كيف نقاوم هذه الآفة؟؟ ، فلابد أن نقاوم هذه الآفات بكل ما نستطيع، وبكل أجهزة الإعلام فتقاومها الصحافة والإذاعة والتلفزيون والمسجد والوعظ والشرطة والناس فنحن في حرب مع هؤلاء، وأصبحت المخدرات الآن جزءاً من الحرب الشرسة التي تشن على الإسلام والمسلمين فلابد أن نكون أيقاظاً لهذه المعركة نحاول أن نصون أبناءنا ،
فيجب على كل أب وكل أم أن يكونوا أيقاظاً لحركات أبنائهم وتصرفاتهم، فقد رأينا في الأفلام ما يصنع هؤلاء للوصول لشبابنا، والأهل في غفلة لا يعلمون ماذا حدث لأولادهم، الولد يذهب باسم المذاكرة عند صديقه وهو يذهب إلى تلك البؤرة ،إلى ذلك الوكر النجس القذر حيث يصبح فريسة لهؤلاء يتحكمون فيه كيف يشاؤون . فيجب أن نستيقظ ونباشر مسؤوليتنا، -وكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته- لابد أن نقاوم هذه الآفة، نقاومها بالتربية الاسلامية ، ونقاومها بالمراقبة ، ونقاومها بالوعظ والارشاد في المساجد والنوادي وأماكن التجمعات ، ونقاومها بالعقوبة، فالمتعاطي يعاقب ، صحيح أنه ضحية لكنه مسؤول أمام الله والشرع والقانون فلابد أن يعاقب عقوبة شارب الخمر، يعاقب بالجلد أو بالسجن لابد من عقوبته، ومن وصل منهم إلى حد الإدمان وسلّم نفسه يجب أن نعالجه أن نعينه على العلاج، فتسليمه نفسه نوع من التوبة ومن تاب الله عليه لابد أن نفتح له صدورنا، نفتح صدورنا للتائبين ونعينهم على أنفسهم وعلى شياطينهم، أما الذين يجب ألا تأخذنا فيهم لومة لائم ولا تأخذنا فيهم رأفة في دين الله، فهم التجار الذين يتجرون في هذه المخدرات هذه السموم البيضاء أو الخضراء أو الصفراء سموّها ما شئتم لابد أن نقف لهؤلاء بالمرصاد، ولابد من تشديد العقوبة عليهم، فالسجن ليس عقوبة لهؤلاء، وليس تأديباً ولا تهذيباً ولا إصلاحاً لهم، إنما العقوبة الرادعة لهم بالموت. فالإسلام قد شرع القصاص لمن قتل نفساً واحدة ، قال تعالى ” مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ” المائدة 32. فإذا كان من قتل نفساً واحدة يجب أن يقتص منه ،فهؤلاء الذين يقتلون مجتمعات، ويقتلون شعوباً يدمرون كيانها بهذه المخدرات ، ليصبحوا من أصحاب البلايين، ويريدون أن يكسبوا الثروات والغنى على حساب حياة البشر ، ويبنون قصوراً من جماجم الخلق، ويزخرفونها بدماء الناس، هؤلاء العتاة القساة الطواغيت لا علاج لهم إلا الموت بالإعدام، فقد جاءت الأحاديث أن بعض العقوبات تصل إلى القتل وهي ليست من الحدود المعروفة لإفسادها في الأرض. وكذلك مرتكبو هذه الجريمة ، جريمة الاتجّار في المخدرات، الإثراء على حساب صحة وعقول الناس، هذا ما ينبغي لأن نعلمه هؤلاء، ليس لهم عقوبة إلا الإعدام، ثم أنهم من ناحية أخرى محاربون لله ورسوله وساعون في الأرض بالفساد، هؤلاء ينطبق عليهم قول الله تعالى ” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة (33) فهم محاربون، وحد الحرابة يجب أن ينطبق على هؤلاء. ولابد أن نقف ضد هؤلاء الذين يحاولون تدمير مجتمعاتنا وتحطيم أبنائنا، هؤلاء قتلة سفاحون لا يقتلون فرداً إنما يقتلون أمة فلابد أن نتعاون على حربهم. أيها المسلمون ونأتي إلى الوقاية من هذا الوباء ،والعلاج من هذه الآفة، فكما قيل : فدرهم وقاية خير من قنطار علاج، وأعظم وقاية من هذه المخدرات والآفات هي التربية الدينية : فالدين هو الواقي الأول والسلاح الأول الذي ينبغي أن نفزع إليه في محاربة هذه الآفات المدمرة القاتلة. فإذا ربينا أولادنا تربية دينية ،وعيشناهم في بيئة صالحة ،وعرفنا كيف نختار لهم الأصدقاء الأخيار الأطهار، ولم نتركهم لأصدقاء السوء ،يفسدونهم ويدمرون حياتهم، إذا استطعنا أن نعيش أبناءنا في بيئة ومحضن صالح ، ويرعى عقولهم وإيراد تهم ، ويعلمهم مخافة الله ورقابته سبحانه ،والإيمان بالآخرة، وذكر الحساب والجنة والنار، فإذا أقمنا هذا الوازع الذاتي والروادع الأخلاقية في نفوسهم ،وأحيينا هذا الضمير الحي في صدورهم ، فقد أقمنا سداً منيعاً بينهم وبين هذه الآفة. فالشاب المتدين الملتزم بأخلاق وقيم دينه ،هو أبعد الناس أن يقع فريسة لهؤلاء ،لأنه لا يشرب حتى سيجارة فهو يراها حراماً، فلا يأخذ شيئاً بالشم أو الفم ولا الحقن، فهو يمتنع تماماً عن هذه الأشياء ويعيش في بيئة صالحة. ابن المسجد وابن القرآن وابن الإسلام هو الذي يستعصي على هؤلاء، لا يستطيع هؤلاء أن يصلوا إليه بحال من الأحوال، فقد حصّنه الله بالإيمان و وحصنه الله بالاستقامة فلا يستطيع شياطين الإنس أن يصلوا إليه كما عجز شياطين الجن أن يصلوا إليه ، قال تعالى 🙁 إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا) الإسراء (65) .
أيها المسلمون
فحافظوا على أبنائكم بتربيتهم التربية الدينية ووضعهم في البيئة الصالحة ،وبأن يكونوا تحت إشراف علماء ودعاة ومربين صالحين ،ولا تتركوهم يضيعوا ويذوبوا في المجتمع كما يذوب الملح في الماء، هذا أخطر الأشياء، فنحن في عصرنا هذا أصبحنا نغزى ونحارب من كل جهة ، وبأجهزة شتى ، فلابد أن نحافظ على أبنائنا، حافظ على ابنك علمه الصلاة علمه الأخلاق وفرائض الدين وفعل الخير ومقاومة الشر وصله بالخيّرين من الناس، بهذا وحده نقاوم هذه الآفات القاتلة وهذه المخدرات المدمرة ونحمي أولادنا وشبابنا ومجتمعنا من كل من يريد به السوء.
الدعاء