خطبة عن (أمي يا نبع الحنان) (فضل الأم والوالدة على ولدها)
مارس 15, 2017خطبة عن (الإسلام : إيمان وعمل )
مارس 19, 2017الخطبة الأولى ( أهمية العلم ، وخطورة الجهل )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) [ المجادلة: 11]. وقال تَعالى : ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه : ١١٤] ، وقال تَعالى 🙁 وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) (55) القصص ، وقال تَعالى : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) (199) الأعراف ، وقال تَعالى : (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (35) الانعام ، وقال تَعالى : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (67) البقرة ، وفي الصحيحين البخاري ومسلم : (عن أَبي مُوسَى قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ أَيَّامًا يُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ ، وَيَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ ، وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ »
إخوة الإسلام
لقد حثّ الله سبحانه وتعالى على العلم ، وبين منزلة العلم والعلماء ، والثواب العظيم عند الله تعالى ، فقال سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) [ المجادلة: 11]. وذم الله تعالى الجهل والجاهلين ، وحذر منه ، وبيّن أنه سبب إعراض المعرضين عن دعوة الأنبياء والمرسلين ، وأن الناس لجهلهم كذبوا بهم ، يقول الله تعالى مخبراً عن قول نوح لقومه: ( وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ) [ هود: 29]. ولكن ، ما هو العلم ؟؟، وما هو الجهل ؟؟ وما هي أهمية الأول ، وخطورة الثاني ؟؟، فأقول مستعينا بالله تعالى : للعلم معان كثيرة ، ومفاهيم متعددة ، ومنها: أن العِلم : هو (إدراك الشيء بحقيقته) ، وهو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع الموافق للمتوقع ، ونقيضه الجهل. والعِلم أيضا : هو ( اليقين ، ونقيضه الشّك والظن ) ، والعِلْـمُ : هو منظومة من المعارف المتناسقة التي يعتمد في تحصيلها على المنهج العلمي دون سواه أو مجموعة المفاهيم المترابطة التي نبحث عنها ونتوصل إليها بواسطة هذه الطريقة. وبذلك يكون العِلمُ هُوَ الأَساسُ الأَعظم لِجَميعِ المعَامَلاتِ، والشرطُ اللازم لِصدق الأقوال وصِحَّةِ الأَعْمالِ وعَامَةِ التوجهات والتَصَرُّفاتِ، ومِفْتاحُ بابِ كُلِ العِباداتِ والطَّاعاتِ. وأما الجهل : فقد عرّف الجهل : بأنّه فُقدان الفرد للعلم والثقافة الفِكرية، فهو نقيض العلم ، وهُو العُنصر الاساسي في تدمير الشّعور. فمِن خِلَال الجَهل تُطمس كافة مَناحي الحياة الفكرية والاقتصادية والحضارية، التي تتمتّع بِها الشّعوب التي تَحظى بِالثَقافة والمَعرِفة.
أيها المسلمون
ولَقد وردت فِي القرآن الكريم آيات عديدة للتحذير مِن مَخاطِر الجَهل، ومِنها قول الله سبحانه وتعالي: ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً) الفرقان 63، فلا يخفى على عاقل أن العلم أفضل مكتسب ، و أشرف منتسب، وأنفس ذخيرة تقتني، وأطيب ثمرة تجتني، به يتوصل إلى معرفة الحقائق ، ويتوسل به إلى نيل رضى الخالق، وهو أفضل نتائج العقل وأعلاها ، وأكرم فروعه وأزكاها، لا يضيع أبداً صاحبه، ولا يفتقر كاسبه، ولا يخيب مطالبه، ولا تنحط مراتبه. وهو وسيلة لكل فضيلة ، وذريعة لكل شريعة ، ونور زاهر لمن استضاء به، والعلم ترتاح به الأنفس إذ هو غدائها ، وتفرح به الأفئدة إذ هو قواها، وهو الدليل على الخير، وهو العون على المروءة ، وهو الصاحب في الغربة ، والمؤنس في الخلوة ، وهو الشرف في النسب ، قال الله تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) المجادلة 11، وللعلم أهمية عظمى وفوائد جمة ، وأذكر لكم منها : أولا : أن العلم حياة للقلوب ، وأنه بالعلم ينشرح صدر الإنسان ويشعر صاحبه بالاطمئنان في هذه الحياة، وكلما أزداد علماً أزداد انشرح صدره واتسع ، يقول العلامة ابن القيم -رحمه الله- وهو يتحدث عن فضل العلم والعالم على الجاهل: “العلم ،فإنه يشرح الصدر ويوسعه ،حتى يكون أوسع من الدنيا ،والجهل يورثه الضيق والحصر والحبس ، فكلما اتسع علم العبد انشرح صدره واتسع ، وليس هذا لكل عالم بل للعلم الموروث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ،وهو العلم النافع ، فأهله أشرح الناس صدرا ، وأوسعهم قلوبا، وأحسنهم أخلاقا ،وأطيبهم عيشا..” ثانيا: من فوائد العلم : أنَّ العِلمَ يَنفَعُ النَّاسَ أَكثَرَ من غَيرِهِ من الابداعات والممتلكات، وحاجتهم إِلَيهِ أَعظَمُ مِن حاجَتِهِم إِلى الطَّعامِ والشَّرابِ، قال الإمامُ أَحمَدُ رَحِمَهُ اللهُ : ” النَّاسُ إِلى العِلمِ أَحْوَجُ مِنْهُم إِلى الطَّعامِ والشَّرابِ، لِأَنَّ الرَّجُلَ يَحتاجُ إِلى الطَّعامِ مَرَّةً أَو مَرَّتَينِ وحاجَتُهُ إِلى العِلمِ بِعَدَدِ أَنْفاسِهِ”
وقال الأوزاعي -رحمه الله-: سأل رجل ابن مسعود -رضي الله عنه- أي العمل أفضل؟ قال: العلم، فكرر عليه ثلاثاً كل ذلك يقول العلم، ثم قال: ويحك إن مع العلم بالله ينفعك قليل العلم وكثيرة، ومع الجهل بالله لا ينفعك قليل العمل ولا كثيره. ثالثا :من فوائد العلم: أن العلم نُورٌ يُهْتَدَى بِهِ في ظُلُماتِ الشُّكُوكِ والجَهالاتِ، وسَكِيَنةٌ لِلقُلوبِ والنُّفوسِ، وحافِظٌها مِن كُلِّ ما يَشُوبُها ويُشَوِّهُها مِنَ الشُّبُهات والشَّهَوات ، رابعا : من فوائد العلم: أن للعلم فضائل عظيمة ليست في غيره، ومنها : أن العلم ميراث الأنبياء والرسل ، ففي صحيح البخاري (وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ – وَرَّثُوا الْعِلْمَ – مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ) وفي مسند أحمد وغيره (عَنْ قَيسِ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ قَدِمَ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى أَبِى الدَّرْدَاءِ وَهُوَ بِدِمَشْقَ فَقَالَ مَا أَقْدَمَكَ أَيْ أَخِي قَالَ حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ أَمَا قَدِمْتَ لِتِجَارَةٍ قَالَ لاَ. قَالَ أَمَا قَدِمْتَ لِحَاجَةٍ قَالَ لاَ. قَالَ مَا قَدِمْتَ إِلاَّ فِي طَلَبِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ نَعَمْ. قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَطْلُبُ فِيهِ عِلْماً سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّهُ لَيَسْتَغْفِرُ لِلْعَالِمِ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الَعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ لَمْ يَرِثُوا دِينَاراً وَلاَ دِرْهَماً وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ». ومنها: أن العلم يبقى والمال يفنى، كما ثبت في صحيح مسلم ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ». ومنها: أن صاحبه لا ينصب في حراسته ولا يتعب ،لأنه إذا رزق الله عبده علما فمحله القلب ،فلا يحتاج إلى صناديق ،أو مفاتيح، فهو في القلب محروس ، بل هو يحرس صاحبه ويحفظه، ومنها: أن العلماء هم أحد صنفي ولاة الأمور الذي أمرنا الله بطاعتهم في قوله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) النساء 59، قال ابن عباس – رضي الله عنهما -: يعني أهل الفقه والدين، وقال ابن كثير في تفسيره : إنها عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء. ومنها: أن طريق العلم الشرعي طريق إلى الجنة كما صح في صحيح مسلم ( يقول صلى الله عليه وسلم 🙁 وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ) ، ومنها: أن الله إذا أراد بعبد خيراً وفقه وفقهه في دينه كما في الصحيحين (عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم –
« مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ) أي يجعله فقيها في دين الله عز وجل عالما بالتوحيد وأصول الدين وما يتعلق بشريعة الله من أحكام. ومنها: أن الملائكة وغيرها من المخلوقات لتستغفر للعالم وتدعو له كما في سنن أبي داود أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ». وثبت عند الطبراني من حديث أبي أمامة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “إن الله وملائكته حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير”. وقال معاذ بن جبل – رضي الله عنه – : “تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة وطلبه عبادة ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وبذله قربة وتعليمه من لا يعلمه صدقة”. وقال ابن عمر – رضي الله عنهما -: “مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة”، وقال أبو هريرة – رضي الله عنه -: “باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوعا”، وقال الزهري – رحمه الله – : ما عُبد الله بمثل الفقه”. وقال أبو الأسود الدؤلي – رحمه الله -: “ليس شيء أعز من العلم، الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك”، وقال أبو مسلم الخولاني – رحمه الله -: العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء إذا بدت للناس اهتدوا بها، وإذا خفيت عليه تحيروا”. وقيل: “خير المواهب العقل، وشر المصائب الجهل”
أيها المسلمون
ونحن اليوم بحاجة ماسة إلى العلم والعلماء الربانيين ، فالعلم هو السلاح القوي الذي يعيد لنا ديننا وأرضنا وثقافتنا وعزَّتنا، والعلم أرضٌ خصبة لإنباتِ رجال يعرفون ما لهم وما عليهم، من خلال أحكامٍ، وحدودٍ، وأوامرَ، ونواهٍ، هؤلاء الرجال سيكونون قادرين على تغيير هذا الواقع الأليم، وإعادة الانتصارات من جديد؛ كما كان الإسلام أيام العزة، هؤلاء الرجال لديهم القدرة على مواجهة الأفكار الفاسدة، والثقافات الضالة التي تأتي من الأعداء من خلال العلم الصحيح الذي يساعد على تصحيح العقول الفاسدة، وهداية القلوب الضالة، ويمد الإنسان بدلائل الخير والإرشاد، ويفتح لنا مجالات النعيم في الدنيا قبل الآخرة ، ويعيننا على قضاء حوائجنا دون إفراط أو تفريط، ويوجِّهنا إلى الطريق المستقيم والقوة المستديمة، ويكشف الحقائق الزائفة للمتكلمين والذين يدَّعون بأن الدين لا يتناسب مع الواقع، ويزعمون أن العقيدة السليمة لا تأتي إلا من العقل والمنطق والمصلحة. فالعودة إلى الأمجاد لن تأتي إلا بالاهتمام بالعلم الشرعي أولاً، ومن ثَمَّ العلم الدنيوي، وهذا يأتي من خلال رجال مخلصين يأخذون العلم الصحيح كما أنزل، ويقدمونه لطلاب العلم وللأمة بإخلاص؛ لبناء أمة قادرة على مواجهة الشدائد والصعاب والأخطار، ويجاهدون بعلمهم في نصر دينهم؛ فلا فرق بين المجاهد الذي يسوي خلل قوسه، وبين طالب العلم الذي يستخرج المسائل العلمية من بطون الكتب؛ فكل منهما يعمل للجهاد في سبيل الله، وبيان شريعة الله لعباد الله. والإمام علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال: “كفى بالعلم شرفًا أن يدَّعيه مَن ليس بأهله، وكفى بالجهل عارًا أن يتبرأ منه مَن هو فيه”؛ وليس المهم – في نظر الإسلام – هو العلم والسعي في التحصيل، وإنما يراد من وراء ذلك ما هو أهم، وهو العمل بالعلم، وتحويله إلى سلوك واقعي، يهيمن على تفكير المتعلِّم وتصرفاته، وإذا كانت الأموال تقتنَى لإنفاقها، فإن العلم يراد للعمل،
أيها المسلمون
ولَمَّا كانَتْ فَوائِدُ العِلمِ أَكْثَر مِن أَن تُحْصَر وأَشْهَر مِن أَنْ تذكر تعرف ولا تُنْكَر، أَمَرَ اللهُ العِبادَ بالتَعلُّمِ، وأَمَرَ أَشْرَفَ الخَلْقِ ،محمد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّم بالاستِزَادَةِ مِنْهُ . قال تَعالى : ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه : ١١٤] وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ) رواه ابن ماجة والمقصود بالعلم هنا هو العلم الذي لا يُعذر العبد في الجهل به. فكان طلب العلم من أشرف الأعمال وأجل العبادات التي يتقرب بها إلى رب الأرض والسموات، وقد تواترت الآيات والأحاديث بفضله وجلالة قدره. وقال سبحانه و تعالى:{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [ 18 آل عمران]. فالقرآن الكريم والسُّنَّة النبويَّة بيَّنَا منزلةَ العلم الرَّفيعةَ، ومَقامَه العالي، كما دعا القُرآن والسُّنَّةُ إلى الأخْذ به، والحث عليه، ومعرفة أسباب تحصيله وجمعه، والتي تتمثَّل أسباب ثلاثة تمكن الإنسان من العِلم الصحيح والمعرفة النافعة: – أ القراءة- ب النظَر والتفكُّر في ملكوت السموات والأرض-السَّير في الأرض
قال تَعالى :﴿﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ 1 خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ 2 اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ 3 الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ 4 عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ 5﴾ (سورة العلق: 1 – 5) ، وقوله تعالى -: ﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ﴾ (الأعراف: 185). وقوله تعالى ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ﴾(ق: 6). وإن دراسة العلوم الدنيوية (الكونيَّة و الإنسانيَّة)،عُلوم الطبيعة، والكيمياء، والفلك، والأحياء والنبات، والنفس والاجتماع، والتاريخ العام.. لا تقلُّ في أهميَّتها عن دِراسة العلوم الشرعيَّة. قال تعالى : ﴿ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ 1 وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ 2 تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ 3 وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ 4 وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ 5رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ 6﴾ (سورة ق: 6 – 11). وقد أمرنا الله جلت قدرته ووسع علمه بتعلم العلم قبل العمل ، فقال تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) (محمد:19)، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل. ورفع أهل العلم على سائر الناس لما حصلوه من العلم فقال جل وعلا ﴿يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة:11] وأمر بالرجوع اليهم عند الحاجة فقال: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النحل:43)
أيها المسلمون
ومن المعلوم أيضا أن للجهل مضاره العديدة ، وخطورته الأكيدة، ومما يدل على خطورة الجهل وضرره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعاذ منه وسأل المولى -جل وعلا- أن يغفر له خطاياه وجهله فقد كان من دعاء النبي-صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِى ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلِى وَجِدِّى وَخَطَايَ وَعَمْدِى ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي » ، كما استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجهل ، ففي مسند أحمد وغيره (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَالَ « بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّى إِنِّى أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَزِلَّ أَوْ أَضِلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَىَّ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أهمية العلم ، وخطورة الجهل )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما عن مضار الجهل وخطورته ، فمنها : أولا : أن الجهل من أسباب ضعف الإيمان: فالجاهل معرض للشبهات التي تزعزع الإيمان وتنقصه، والجاهل يرتكب الخرافات والبدع التي تهدم الدين وتقوض أركان العقيدة، ثانيا : الجهل موت لصاحبه: فالجاهل ميت القلب والروح، وقد قال الله تعالى: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا﴾ [الأنعام: 122]. ومن وصايا لقمان لأبنه أنه قال له يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل القطر. ولله در القائل: وفي الجهل قبل الموت موت لأهله *** وأجسامهم قبل القبور قبور وأرواحهم في وحشة من جسومهم *** فليس لهم حتى النشور نشور.
ثالثا : أن الجهل من أسباب الضلال والانحراف: فهو من أهم الأسباب لحصول الضلال والانحراف عن الحق لصاحبه ولغيره ،وهو سبب لانحراف كثير من الناس عن الهدى والصواب ، وفي الصحيحين (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا ، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا ، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا ، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا » . ولقد جاءت نصوص أخرى تحذر من ترؤس الجهلة وتصدرهم لقيادة الأمة ، إذ بذلك تجتلب المحن والفتن على المسلمين ، ففي سنن ابن ماجة (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ ». ويقول ابن حجر: إن إسناد الأمر إلى غير أهله إنما يكون عند غلبة الجهل، ورفع العلم، ومن المعلوم أنه ما حدثت الفتنة في الأمة ودبت الفرقة إلا حينما تصدر مثل هؤلاء الناس وقادوهم, وهذا ما حدث في الفتنة على عثمان رضي الله عنه ، رابعا : أن الجهل أصل كل شر: فلولا الجهل ما عبد مع الله تبارك وتعالى أحد، فكل فساد وضلال في الأرض لو نقبت عنه لوجد ت الجهل هو سببه ومنبعه
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: “والجهل والظلم هما أصل كل شر، كما قال سبحانه: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ [الأحزاب: 72]”
وذكر سبحانه أن الجهل هو الذي دفع قوم لوط لعمل جريمتهم البشعة من اللواط, يقول تعالى: أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [ النمل: 55] ، خامسا : أن الجَهل يَمنع صَاحِبه مِن إتقان العمل والتقرب به بالصورة الصحيحة والسليمة التي ينبغي أن يكون عليهَا بسبب ما عنده من القصور، فمن عبد الله بغير علم يُفسِد أكثر مما يصلح، كما قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله. سادسا : أن الجهل سبب في عدم معرفة الأولوية في الأعمال الصالحات: فالأعمَال الصالحات مُتَفاوتة من حيث الواجب والأوجب، والفرائض مِن فَرض عَين وكِفَاية، ومِن حَيثُ المَندُوبات والسّنن، فالجاهل قد يُقدّم النفل على الفرض، والسنة على الواجب، بل قد يترك بعض الواجبات مع الحرص على كثير من السّنن والنوافل. فالجاهل يشتغل بالمفضول عن الفاضل، وبالمرجوح عن الراجح، وربما توسع في النوافل والمندوبات وترك الفرائض والواجبات، فتجده ينشغل بالمحافظة على بعض النوافل والمسنونات، مع تقصيره ببعض الفرائض كبر الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يحافظ على سنن الصلاة ويتخلف عن صلاة الفجر، يمتنع عن الطعام والشراب في رمضان ولا يمتنع عن شهادة الزور والكذب والرشوة وغيرها كثير. سابعا : أن الجهل يوقع الفرد في بعض البدع: فالجاهل يقع في كَثِير من البدع والمَحدِثات سواء أكانت في الاعتقادات أو في العبادات والأعمال، والأعظم من ذلك أن يتقرّب بها إلى ربه ظنا منه أنه على هدى ونور،
فقد يُؤتَى الإنسان من قِبَل جهله من وجه آخر؛ حيث يظن أن فعله هذا مبارك مشروع، وصاحبه مأجور مشكور، وليس الأمر على ظنه وحسبانه في الواقع، كمَن يظلم كافرًا أو فاسقًا، ويتعمَّد الإساءة إليه بالقول والفعل، وهو يظن أن عمله هذا قربة يرفعه الله بها درجات، ويجهل أن الظلم حرامٌ في حق كل أحد، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، برًّا أو فاجرًا، وأن فعله هذا من الصدِّ عن سبيل الله، والظلم لعباد الله، وكلاهما حرام بنصوص كثيرة في الكتاب والسنة”؛
أيها المسلمون
وفي نهاية الحديث عن أهمية العلم وخطورة الجهل ، فهذه مقارنة بين العلم والجهل: فالعلم نور يستضيء به الناس ويهتدون به، والجهل ظلمة يجر الناس إلى الهلاك. والعلم يدعو إلى الحكمة والتأني، والجهل يدعو إلى العجلة والاستعجال، قال صلى الله عليه وسلم: “التأني من الله والعجلة من الشيطان”. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان.
والعلم يدعو إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة من الصحابة ومن بعدهم من القرون المفضلة، والجهل يدعو إلى العاطفة والحماسة غير المتزنة، وإلى نصوص شرعية بلا فقه ولا فهم صحيح. والعلم يدعو إلى العدل في كل شيء، والجهل يدعو إلى الظلم والاعتداء، قال تعالى: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) (المائدة:8). والعلم ينظر إلى عواقب الأمور ونتائجها وما يتوقع من المفاسد وراءها، والجهل لا ينظر إلا إلى واقع الحال دون النظر في العواقب.والعلم يدعو إلى إنكار المنكر بشروط وضوابط، والجهل يدعو إلى إنكار المنكر حتى ولو أدى هذا الإنكار إلى مفاسد عظيمة وعواقب وخيمة تهدد كيان الأمة. والعلم يدعو إلى احترام العلماء وتوقيرهم وعدم استثارة الناس على حكامهم، والجهل يدعو إلى الطعن في العلماء ونعتهم بالعمالة والخوف والجبن، واستثارة الناس وإشاعة الفوضى في المجتمع. فهذا هو العلم ، وهذا هو الجهل، فماذا تختار أيها العاقل اللبيب؟!
الدعاء