خطبة عن (فضل عمارة المساجد وسننها)
فبراير 16, 2016خطبة عن ( في شرب الخمر عشر خصال مذمومة)
فبراير 17, 2016الخطبة الأولى ( فضل المساجد وآدابها )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) التوبة 18 ، وقال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [النور: 36 – 38]. وروى البخاري في “صحيحه” عُبَيْد اللَّهِ الْخَوْلاَنِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاسِ فِيهِ حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ – صلى الله عليه وسلم – إِنَّكُمْ أَكْثَرْتُمْ ، وَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « مَنْ بَنَى مَسْجِدًا – قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ – يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ ، بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ »، وجاء في بعض الروايات في صفة المسجد: ((صغيرًا أو كبيرًا))، وفي رواية أخرى: ((ولو كمفحص قطاة))؛ أي: ولو كانت سعته كما تفحص القطاة، وهي الطائر المعروف فتضع بيضها، وحمل أكثر العلماء ذلك على المبالغة؛ لأن المكان الذي تفحص القطاة عنه لتضع فيه بيضها وترقد عليه لا يكفي مقداره للصلاة فيه . وقيل بل هو على ظاهره والمعنى أن يزيد في مسجد قدرًا يحتاج إليه تكون تلك الزيادة هذا القدر.
إخوة الإسلام
لقد خص الله هذه الأمة بأن شرع لها بناء المساجد والسعي في عمارتها والمسابقة إليها وتخصيصها بأنواع من العبادة لا تصح في غيرها. والمساجد بيوت الله سبحانه وتعالى، ولمكانتها وفضلها ذكرها الله سبحانه في ثمان وعشرين آية من كتابه الكريم وأضافها إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم فقال سبحانه: ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) الجن 18 ، ورغب الله سبحانه وتعالى في بناء المساجد وعمارتها ،وأخبر أن عُمَّارها هم المؤمنون بالله واليوم الآخر فقال سبحانه وتعالى: ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) التوبة 18، فالمساجد دور عبادة وذكر وتضرع وخضوع لله سبحانه، ومواضع تسبيح وابتهال وتذلل بين يدي الله. كما أخبر سبحانه أن تعطيل المساجد ومنع الناس من ذكر الله فيه ظلم قال تعالى: ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) البقرة 114 ،والله سبحانه وتعالى قد أمر بإقامة المساجد ليعبد فيها ويذكر اسمه سبحانه وتعالى ،وجعل القرآن الكريم الدفاع عن المساجد وحمايتها مطلبًا من مطالب الدين يشرع لأجله القتال في سبيله قال تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ) الحج 40 . ويدخل في معنى البناء الأمر اليسير كتحويط الأرض بالحجارة كالمساجد في طرق المسافرين، وهو أمر لا يستهان به فهو داخل في عموم بناء المساجد وحصول الأجر المترتب على ذلك،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فضل المساجد وآدابها )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وكما جاءت الشريعة حاثة على بناء المساجد، جاءت تحث أيضا على محبتها وتقديرها، والنظر إليها بعين التكريم والتعظيم والتقديس والاحترام، لأنها بيوت الله صلى الله عليه و سلم التي بنيت لذكره وعبادته، وتلاوة كتابه وأداء رسالته، ونشر تعاليمه وتبليغ منهجه، وتعارف أتباعه ولقائهم على مائدة العلم والحكمة ومكارم الأخلاق. فقد قال تعالى : ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾. الحج 32 ، وقال سبحانه: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ النور 36. وفي مسند البزار (كَتَبَ سَلْمَانُ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ : يَا أَخِي عَلَيْكَ بِالْمَسْجِدِ فَالْزَمْهُ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ 🙁 الْمَسْجِدُ بَيْتُ كُلِّ تَقِيٍّ ) وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح، والرحمة، والجواز على الصراط إلى رضوان الله، إلى الجنة». وفي منازل القيامة، وكربات مواقفها، وأهوال مشاهدها، يكون أهل المساجد في ظل عرش الرحمن، آمنين مطمئنين. ففي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ ….وذكر منهم،( وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ ) ولا شك أن أعظم هذه الأجور والفضائل، وأفضل هذه الأعطيات، أن يذيقه الله تعالى لذة قربه وحلاوة مناجاته، وأن يمنحه شهادة الإيمان. ففي سنن ابن ماجة والدارمي (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسَاجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالإِيمَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ) الآيَةَ.) ، ثم يصله تعالى بنعمة الجنة، وما أعده له فيها من نعيم مقيم، وفضل عميم، فقد روى البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَرَاحَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الْجَنَّةِ كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ » ونستكمل الحديث عن المساجد وآدابها في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء