خطبة عن (أضراره الزنا وعقوبته وعلاجه)
فبراير 17, 2016خطبة عن (الزنا : حكمه وأضراره وعقوبته )
فبراير 17, 2016الخطبة الأولى (الزنا : معناه وأضراره وموقف الاسلام منه)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) (32) الاسراء
إخوة الإسلام
الزنا : هو وطء المرأة من غير عقد شرعي ، و هو من الكبائر باتفاق العلماء ،وحد الزنا بينه الله في كتابه العزيز ، قال تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (النور:2) . فالبكر يجلد مائة و يغرب عاماً ( أي يبعد عن بلدته)، أما المحصن ( الذى سبق له الزواج ) فحكمه الرجم ، ولابد في ذلك من الإقرار أو شهادة أربعة شهود ؛ إذ الشرع لم يتشوف لكثرة عدد المحدودين والمرجومين. وهناك ضوابط لابد من مراعاتها عند الحديث عن جريمة الزنا وإثباتها وبالتالي إقامة الحد ، ومن هذه الضوابط: أنه لا يصلح الإكراه لانتزاع الاعتراف ، كما يجوز للإنسان أن يستر على نفسه و يتوب إلى ربه ويكثر من الحسنات الماحية ، ففي مسند أحمد (أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى بَغْلَتِهِ وَاقِفاً إِذْ جَاءُوا بِامْرَأَةٍ حُبْلَى فَقَالَتْ إِنَّهَا زَنَتْ أَوْ بَغَتْ فَارْجُمْهَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اسْتَتِرِي بِسِتْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ». فَرَجَعَتْ ثُمَّ جَاءَتِ الثَّانِيَةَ وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى بَغْلَتِهِ فَقَالَتْ ارْجُمْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ. فَقَالَ « اسْتَتِرِي بِسِتْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ». وفي سنن البيهقي (عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ هَزَّالٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فِي مَاعِزٍ لَمَّا ذَهَبَ :« أَلاَّ تَرَكْتُمُوهُ فَلَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ». وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« يَا هَزَّالُ لَوْ كُنْتَ سَتَرْتَ عَلَيْهِ بِثَوْبِكَ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ مِمَّا صَنَعْتَ »..(حسنه الألباني في الصحيحة) ، ويجوز التجسس لمنع وقوع الفاحشة ، لا لضبطهما متلبسين كما نقله ابن رجب عن الإمام أحمد ، ولو ضبط الرجل مع المرأة في لحاف واحد ، فهذا يستوجب التعزير لا الحد ، إذ لابد أن يكون الأمر كالرشا في البئر والميل في المكحلة ،وأن يأتي منها حراماً ما يأتي الرجل من أهله حلالاً .والزنا أكبر إثماً من اللواط ؛ لأن الشهوة داعية إليه من الجانبين فيكثر وقوعه ويعظم الضرر بكثرته ، ولما يترتب عليه من اختلاط الأنساب ، وبعض الزنا أغلظ من بعض ، فالزنا بحليلة الجار أو بذات الرحم ( كالأخت ، والبنت ،والعمة) ،أو بأجنبية في شهر رمضان ، أو في البلد الحرام فاحشة مشينة ، وأما ما دون الزنا الموجب للحد فإنه من الصغائر إلا إذا انضاف إليه ما يجعله كبيرة كأن يكون مع امرأة الأب أو حليلة الابن أو مع أجنبية على سبيل القهر و الإكراه .ومع حرص الإسلام على العناية بأخلاق المسلم وحماية أخلاقه فإنه يريد أن يحمي صحته ،لأن المجتمع إذا أطلقت فيه الغرائز انتشرت فيه الأمراض المعدية انتشار النار في الهشيم، وقد ابتلى الله الزناة بالأمراض الجنسية الخطيرة كالسيلان :(سمي بذلك لتقاطر سائل أصفر صديدي من فتحة القضيب مع ألم شديد ) والزهري (ظهور قرحة على الجلد تنتقل مع الاتصال الجنسي المحرم ) ،وذكر الأطباء ثمانية وعشرون مرضا من الأمراض الجنسية والتناسلية ، لعل آخرها وأخطرها (الإيدز ) وهو عبارة عن اختصار للكلمات الدالة على المرض (نقص المناعة الطبيعية والمكتسبة لدى الإنسان )، وهذه الأمراض الخطيرة سلطها الله على الزناة جزاء خروجهم على الفطرة التي فطر الناس عليها ، وهي أن يكون للمرأة رجلا واحدا من خلال الزواج ، ليكوّنا الأسرة التي هي نواة المجتمع .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الزنا : معناه وأضراره وموقف الاسلام منه)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وحرص الإسلام على إقامة سياج كبير أو سورعال يحول بين المسلم وبين وقوعه في فاحشة الزنا ،فبدأ بتربية الفرد على أن يعف نفسه بغض بصره سواء كان رجلا أم امرأة ، قال تعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) النور 30:31، وأمر المسلم أن يستعف حتي يجد القدرة على الزواج الحلال، قال الله تعالى :(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) النور 33، وروى الترمذي (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ « تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ ». وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ « الْفَمُ وَالْفَرْجُ ». وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من وقوع سخط الله عند انتشار الفواحش فقال كما في مستدرك الحاكم (و أقبل عليه النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا معشر المهاجرين خمس إن ابتليتم بهن و نزل فيكم أعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعملوا بها إلا ظهر فيهم الطاعون و الأوجاع التي لم يكن مضت في أسلافهم و لم ينقصوا المكيال و الميزان إلا أخذوا بالسنين و شدة المؤنة و جور السلطان عليهم و لم يمنعوا الزكاة إلا منعوا القطر من السماء و لولا البهائم لم يمطروا و لم ينقضوا عهد الله و عهد رسوله إلا سلط عليهم عدوهم من غيرهم و أخذوا بعض ما كان في أيديهم و ما لم يحكم أئمتهم بكتاب الله إلا ألقى الله بأسهم بينهم ) رواه الحاكم وصححه الألباني، ونواصل الحديث في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء