خطبة عن ( الخشية من الله بِالْغَيْبِ)
يونيو 26, 2017خطبة عن قوله تعالى(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
يوليو 1, 2017الخطبة الأولى ( العلاقة بين الصلاة وسعة الرزق )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (56): (58) الذاريات ،وقال تعالى : (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) 131، 132 طه ،وقال تعالى : (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (37) آل عمران ، وقال تعالى :(فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) (39) آل عمران
إخوة الإسلام
إن الرّزق سواء أكان مالا، أو عقارا، أو ولدا، أو غير ذلك. كان ولا يزال أهمَّ قضيّة لدى الأفراد والشّعوب. والرزّق نعمة من نعم الله تحوّلت لدى الكثيرين إلى طوفان كبير ، وشرّ مستطير .وصار مفرّقاً للجماعات، وهادِماً للأُسر والمجتمعات .. فكم من أسرة قد فرّق شملها، وكم من جماعة قد شتّت جمعها .. وكم من رحم من أجله قُطِعت، وكم من محبّة تلاشت وقُلِعت .. كم أضلّ من القلوب، وكم جلب من الكروب، وكم جرّ من الذّنوب .. وصدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين قال كما في الصحيحين : (فَوَاللَّهِ لاَ الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ » ، والرّزق نوعان : رزق حسن حلال، عذب زلال، ورزق مذموم حرام، هو مرتع الأنذال واللّئام. فالرّزق الحسن: هو ما كُسِب من طريق مشروع، ولم يصدّك عن الواجب. والرّزق الحرام : هو ما كان طريقه غير مشروع، أو صدّك عن الواجب .. فذاك مهلكة من المهالك، يؤتاه الكفّار والفجّار كذلك. واعلموا أن أعظم مفاتيح الرّزق الحلال هو: المحافظة على الصّلاة وطاعة الكبير المتعال. فالصلاة مجلبة للرزق, حافظة للصحة, دافعة للأذى, مطردة للأدواء, مقوية للقلب, مبيضة للوجه, مفرحة للنفس, مذهبة للكسل, منشطة للجوارح, ممدة للقوى, شارحة للصدر, مغذية للروح, منورة للقلب, حافظة للنعمة, دافعة للنقمة, جالبة للبركة, مبعدة من الشيطان مقربة من الرحمن ،قال الله سبحانه وتعالى : ” وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ ” (طه :132) .فقد أمر الله جلا وعلا نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بأن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم, ويصطبر عليها ويلازمها : وهذا الخطاب يدخل في عمومه جميع الأمة ، وقوله تعالى : ” وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ ” أي : استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلاة, واصبر أنت على فعلها, واستعينوا بها على خصاصتكم, ولا تهتم بأمر الرزق والمعيشة, فإن رزقك مكفي من عندنا, وليس المقصود بالآية التكاسل عن طلب الرزق, وترك التكسب؛ لأنه تعالى قال في وصف المتقين : ” رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ” (النور:37 ): أي : كانوا يبيعون ويشترون, ولكن لا يلهيهم ذلك عن حضور الصلاة, وأن يقيموها كما أمرهم الله, وأن يحافظوا على مواقيتها ، وروى الترمذي : ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَا ابْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِلاَّ تَفْعَلْ مَلأْتُ يَدَيْكَ شُغْلاً وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ »، وروى الإمام أحمد : ( عَنْ أَبِى وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ كُنَّا نَأْتِي النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَيُحَدِّثُنَا فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ إِنَّا أَنْزَلْنَا الْمَالَ لإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَانَ لاِبْنِ آدَمَ وَادٍ لأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِ ثَانٍ وَلَوْ كَانَ لَهُ وَادِيَانِ لأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهِمَا ثَالِثٌ وَلاَ يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ »
أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم التنزيل :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون:9]، كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بطلب الرّزق، وأمرنا بالعمل، ونهانا عن طول الأمل والكسل، وأمرنا قبل كلّ ذلك أن نحرص على أشرف مقامات المؤمنين، وقرّة عيون الموحّدين .. ألا وهي الصّلاة .. فكان من آخر ما أوصى به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمّته الصّـلاة .. ففي مسند أحمد وغيره: (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كَانَ مِنْ آخِرِ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ». حَتَّى جَعَلَ نَبِىُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُلَجْلِجُهَا فِى صَدْرِهِ وَمَا يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ ). كما حذرنا صلى الله عليه وسلم من فتنة المال ، فقد روى أحمد والتّرمذي : (عَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ:( إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ )، وقال الحسن البصريّ رحمه الله : “إنّ لكلّ أمّة وثنا يعبد، ووثن هذه الأمّة الدّرهم والدّينار ” ، وروى البخاري ومسلم : (عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ عَبْدُ الْقَطِيفَةِ، تَعِسَ عَبْدُ الْخَمِيصَةِ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ )). وفي مسند البزار : ( عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا النَّاسَ ، فَقَالَ : هَلُمُّوا إِلَيَّ ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ فَجَلَسُوا ، فَقَالَ : هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ جِبْرِيلُ نَفَثَ فِي رَوْعِي أَنَّهُ لاَ تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا ، وَإِنْ أَبْطَأَ عَلَيْهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، وَلاَ يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَأْخُذُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ) … فلَوْ فَرَّ ابْنُ آدَمَ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا يَفِرُّ مِنْ أَجَلِهِ، لَأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ كَمَا يُدْرِكُهُ أَجَلُهُ .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( العلاقة بين الصلاة وسعة الرزق )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وإن المتدبر لكتاب الله الحكيم يلاحظ ارتباطا بليغا بين الصلاة والرزق وكأن الله عز وجل يريد أن ينبهنا إلى أن الصلاة من أعظم أسباب الرزق – ففي قصة شعيب في سورة هود : (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) هود (87) ،(88) ، فمشكلة شعيب مع قومه بعد الشرك بالله كانت في طلب الرزق، وسبله المشروعة ،فكان التنبيه إلى أثر الصلاة في تحقيق الأرزاق. – وفي سورة إبراهيم : (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) إبراهيم (37). – وفي سورة البقرة .قوله عز وجل : (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة (238) :(241) ، وقد جاء ذكر الصلاة بين آيات الطلاق والنفقة ،وكأن الله يريد أن يقول لنا: أدوا ما أمر الله عليكم من حقوق المطلقات ، وسأرزقكم ما دمتم مقيمي للصلاة. – وفي سورة آل عمران : قوله تعالى : (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ) آل عمران 37، وقوله تعالى : ( فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى) آل عمران 39، . فبعد الصلاة جاء “التبشير برزقه بالولد”– وفي سورة طه : قوله تعالى : (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) (131) ،(132) طه، وكذلك فالصلاة جاءت في أغلب الآيات مقرونة بالزكاة للإشارة إلى أنها من أعظم أسباب زكاة الأموال ونمائها
أيها المسلمون
وكان السلف الصالح من الصحابة, والتابعين ومن تبعهم بإحسان إذا أصابتهم خصاصة أو شدة أو ضيق بادروا إلى الصلاة, وأمروا أهلهم بها : ففي موطإ الإمام مالك : (عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أَيْقَظَ أَهْلَهُ لِلصَّلاَةِ يَقُولُ لَهُمُ الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) طه 132، وكان الإمام الفقيه عروة بن الزبير رضى الله عنه إذا دخل على أهل الدنيا فرأى من دنياهم طرفا أي : نفائس الأموال التي يندر مثيلها, رجع إلى أهله, فدخل بيته فقرأ : ” وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ” (طه:131) إلى قوله : ” نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ ” ثم ينادي الصلاة الصلاة رحمكم الله, ويصلي (أخرجه ابن أبي شبية في مصنفه) . وكان الإمام, القدوة, الواعظ, الحجة بكر بن عبدالله المزني – رحمه الله تعالى – إذا أصاب أهله خصاصة قال : قوموا فصلوا, ثم يقول: بهذا أمر الله تعالى ورسوله, ويتلو هذه الآية : ” وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ ” (الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل) .
الدعاء