خطبة عن (علمني رسول الله: اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ)
يوليو 22, 2017خطبة عن (أن أحفظ الله،وألا أسأل أحدا غيره (هكذا علمني رسول الله)
يوليو 22, 2017الخطبة الأولى ( علمني رسول الله: الانفاق في سبيل الله ، والْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) الجمعة(2) ، وفي صحيح البخاري : (أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « بَلِّغُوا عَنِّى وَلَوْ آيَةً ، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ »
إخوة الاسلام
وما زال حديثنا موصولا عن ( علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، فقد علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الإكثار من الانفاق في سبيل الله ، لننجو يوم القيامة من عذاب الله ، فقد روى الامام البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا أَبُو ذَرٍّ قال: (كُنْتُ أَمْشِى مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فِي حَرَّةِ الْمَدِينَةِ عِشَاءً اسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ فَقَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ مَا أُحِبُّ أَنَّ أُحُدًا لِي ذَهَبًا يَأْتِي عَلَىَّ لَيْلَةٌ أَوْ ثَلاَثٌ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ ، إِلاَّ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ ، إِلاَّ أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا » … ثُمَّ قَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الأَكْثَرُونَ هُمُ الأَقَلُّونَ إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا » . ثُمَّ قَالَ لِي « مَكَانَكَ لاَ تَبْرَحْ يَا أَبَا ذَرٍّ حَتَّى أَرْجِعَ » . فَانْطَلَقَ حَتَّى غَابَ عَنِّى ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا فَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُرِضَ لِرَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْهَبَ ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « لاَ تَبْرَحْ » فَمَكُثْتُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ صَوْتًا خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُرِضَ لَكَ ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَكَ فَقُمْتُ .فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَانِي ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ « وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ » .
إخوة الاسلام
ففي قوله صلى الله عليه وسلم « يَا أَبَا ذَرٍّ مَا أُحِبُّ أَنَّ أُحُدًا لِي ذَهَبًا يَأْتِي عَلَىَّ لَيْلَةٌ أَوْ ثَلاَثٌ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ ، إِلاَّ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ ، إِلاَّ أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا » ، فهو صلى الله عليه وسلم يحثنا على الانفاق في سبيل الله ، فليَكُنْ لكم في رسولِ الله – صلَّى اللَّه عليْه وسلَّم – الأسوة الحسنة إذا كنتم تُريد الله والدَّار الآخرة. ونحن لا نقول: لا تدَّخر شيئًا لغدٍ؛ فليس هناك أحد يُطيق ذلك؛، ولكن سدِّدوا وقاربوا. وأكثروا من الإنفاق والصَّدقة والبرّ والصِّلة؛ انفقوا مما رزقكم الله ، ولا تخشوا من ذي العرش إقلالا . وفي قوله صلى الله عليه وسلم (إِلاَّ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ)، فهذا يدل على أن قضاء الدين أولى من الصدقة، وأن الإنسان قد يُبقى عنده مالاً من أجل سداد الدين، ولا يذهب الإنسان يتصدق وعليه حقوق للخلق. وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « الأَكْثَرُونَ هُمُ الأَقَلُّونَ إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا » فإن الأكثرين في الدنيا من أصحاب العرض والمال والثراء هم الأقلون يوم القيامة. أي هم الأقلون في منازل الجنات ودرجاتها ، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا، أي عن يمينه، وعن شماله، ومن خلفه، ينفقه في سبيل الله ، ويعين به أصحاب الحاجات ،وهؤلاء في الدنيا قليلون ، لأن النفوس مجبولة على الشح، وقد حبب إليها المال حبًّا شديداً كما قال الله -عز وجل-: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) الفجر: 20. وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَانِي ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ . قَالَ « وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ » . فهذا يدل على أن المسلم لا يخرج من الإسلام بفعل الكبيرة، كما أنه لا يخلد بالنار بفعل الكبيرة خلافاً لمذهب المعتزلة والخوارج الذين يكفرون الناس بالكبائر، وفي قول جبريل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) ، فهل المقصود أنه يدخل الجنة ابتداءً بمعنى أنه لا يدخل النار أبداً؟ أو أنه يدخل الجنة بعد أن يعذب؟. هذا فيه أقوال للعلماء ،ولكن الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الشأن إذا جمعناها تدل على أن أقوامًا من هذه الأمة يدخلون النار، وكذلك أحاديث الشفاعة يشفع النبي -صلى الله عليه وسلم- لأقوام قد صاروا حمماً في النار من المسلمين، فيخرجون منها، فيلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، إلى غير ذلك من الأحاديث التي تدل على أن الإنسان يدخل النار إذا قارف بعض الأعمال ، إلا إذا أدركه الله -عز وجل- بلطفه ورحمته وغفر له، فيُجمع بين الأحاديث ولا يغتر الإنسان بمثل هذا. ومن الأحاديث على أن مرتكب الكبيرة يكون في مشيئة الله في الآخرة إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه، قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ « تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ تَزْنُوا وَلاَ تَسْرِقُوا وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( علمني رسول الله: الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ )
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وعَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ ) فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَأَنَا جُنُبٌ ، فَأَخَذَ بِيَدِى ، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ فَانْسَلَلْتُ ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ ، فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهْوَ قَاعِدٌ فَقَالَ « أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ » فَقُلْتُ لَهُ . فَقَالَ « سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ »، وفي قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ ). دليل على أن المسلم لا ينجس نجاسة معنوية ، بخلاف الكافر الذي نجاسته نجاسة معنوية . قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا ) التوبة 28 ، فالمسلم لا ينجس حياً ولا ميتاً . قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا ) ، وفي الحديث جواز خروج الجُنب لبعض حاجته دون أن يغتسل ، ما لم يحضره وقت صلاة . ولذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُنكر على أبي هريرة رضي الله عنه أن يخرج من بيته دون اغتسال ، أو أن يلقاه في بعض طُرُق المدينة . والنبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة ، وله يومئذ تسع نسوة . وهذا يعني أنه يخرج من بيت إلى بيت دون غُسل . ولكن الجُنُبَ صَاحِب الحدث الأكبر لا يقرأ القرآن ، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحجبه شيء عن القراءة إلا الجنابة ، فقد روى الامام أحمد : ( قَالَ أُتِىَ عَلِىٌّ بِوَضُوءٍ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلاَثاً وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثاً وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ ثَلاَثاً ثَلاَثاً ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَوَضَّأَ ثُمَّ قَرَأَ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ قَالَ هَذَا لِمَنْ لَيْسَ بِجُنُبٍ فَأَمَّا الْجُنُبُ فَلاَ وَلاَ آيَةَ. فصاحب الجنابة لا يقرأ القرآن لا من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل ، وأما المحدث حدثا أصغر ( أي انتقض وضوؤه) فله أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب ولكن لا يمس المصحف ، وما زال حديثنا موصولا عن ( علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ،
الدعاء