خطبة عن (أن أحفظ الله،وألا أسأل أحدا غيره (هكذا علمني رسول الله)
يوليو 22, 2017خطبة عن خلق ( الْإِحْسَان )
يوليو 22, 2017الخطبة الأولى ( علمني رسول الله: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ)
الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (164) آل عمران
إخوة الاسلام
إن الله سبحانه وتعالى بعث نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- معلماً ومزكياً، ومبشراً ونذيراً ، فقال الله تعالى : {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّـمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْـحِكْمَةَ} الجمعة 2 وفي صحيح مسلم ـ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلاَ مُتَعَنِّتًا وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا ». فالحكمة مِنْ بَعْث النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعلِّم الناس ويزكيهم ، ويبشرهم وينذرهم ، ولذا كانت حياته -صلى الله عليه وسلم- كلها تربية وتعليم وتزكية ، كما أمر الرسول أصحابه وأمته من بعده أن يبلغوا هذا العلم حتى لا يقف عندهم ، ففي البخاري يقول صلى الله عليه وسلم(لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ،فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ) ، ومن هذا المنطلق، سوف أتناول معكم إن شاء الله لقاءات متتالية بعنوان : (عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم-) ، نتناول فيها بعض الأحاديث التي علم فيها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، لنقف على ما جاء فيها ، ونعمل بها ، ونبلغها للآخرين إن شاء الله
أيها المسلمون
علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ آية الكرسي كل ليلة عندما أضجع ،وأضع جنبي على فراشي ،وأتهيأ للنوم ، فالكثير من الناس يشكو الأحلام المفزعة في نومه ، والفزع عند رقاده ، وعدم الاستغراق في نومه ، وما يترتب على ذلك من توتر في أعصابه ، وآلام في جسمه ،وسهر وأرق ، وسبب ذلك كله أن الشياطين تحضره وتفزعه عند نومه ، وتوقظه من رقدته ، وتسبب له الأرق والسهر والتعب والنصب ، لأن الشياطين لا تريد لنا أن نسعد ونهنأ بنومنا ، والسبب: أن المسلم غفل عن ذكر الله ، فلم يذكر الله عند نومه ، لذلك علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتجنب همز الشيطان ولمزه ، وكيده ومعاكساته ، بقراءة آية الكرسي عند نومنا ، فلا يقربنا الشيطان ليلتنا ، فلا نفزع عند نومنا ، ولا تتوتر أعصابنا ، وينام المسلم ليلته هادئا ، والشاهد على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ ، وَقُلْتُ وَاللَّهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – . قَالَ إِنِّي مُحْتَاجٌ ، وَعَلَىَّ عِيَالٌ ، وَلِى حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ . قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ » قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً فَرَحِمْتُهُ ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . قَالَ « أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ » . فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِنَّهُ سَيَعُودُ . فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – . قَالَ دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ ، وَعَلَىَّ عِيَالٌ لاَ أَعُودُ ، فَرَحِمْتُهُ ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً ، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . قَالَ « أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ » . فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ . قَالَ دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا . قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ . فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ ، يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . قَالَ « مَا هِيَ » . قُلْتُ قَالَ لِي إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) وَقَالَ لِي لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ .فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ » . قَالَ لاَ .قَالَ « ذَاكَ شَيْطَانٌ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( علمني رسول الله :آداب الاستئذان، والتثبت من الأخبار )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وعلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم آداب الاستئذان ، وأن أتثبت من الأخبار ، والتأني في اتخاذ القرار ، ففي التأني السلامة ، وفي العجلة الندامة ، وفي هذا الحديث شاهد ودليل ، فقد روى مسلم (عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ جَاءَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ. فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ هَذَا أَبُو مُوسَى السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ هَذَا الأَشْعَرِيُّ. ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ رُدُّوا عَلَىَّ رُدُّوا عَلَىَّ. فَجَاءَ فَقَالَ يَا أَبَا مُوسَى مَا رَدَّكَ كُنَّا فِى شُغْلٍ. قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « الاِسْتِئْذَانُ ثَلاَثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلاَّ فَارْجِعْ ». قَالَ لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ وَإِلاَّ فَعَلْتُ وَفَعَلْتُ. فَذَهَبَ أَبُو مُوسَى قَالَ عُمَرُ إِنْ وَجَدَ بَيِّنَةً تَجِدُوهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ عَشِيَّةً وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً فَلَمْ تَجِدُوهُ. فَلَمَّا أَنْ جَاءَ بِالْعَشِىِّ وَجَدُوهُ قَالَ يَا أَبَا مُوسَى مَا تَقُولُ أَقَدْ وَجَدْتَ قَالَ نَعَمْ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ. قَالَ عَدْلٌ. قَالَ يَا أَبَا الطُّفَيْلِ مَا يَقُولُ هَذَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ ذَلِكَ ، يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَلاَ تَكُونَنَّ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا سَمِعْتُ شَيْئًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ.
إخوة الاسلام
ففي قول عمر بن الخطاب في الحديث السابق لأبي موسى (لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ) فمرده خوف عمر من مسارعة الناس إلى القول على النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتقول عليه بعض المبتدعين أو الكاذبين أو المنافقين ونحوهم ما لم يقل , فأراد عمر سد هذا الباب خوفا من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،لا شكا في رواية أبي موسى , وأما عن الاستئذان ، فقد أجمع العلماء أن الاستئذان مشروع , وتظاهرت به دلائل القرآن والسنة وإجماع الأمة . ومن السنة أن يسلم الزائر , ويستأذن ثلاثا , فيجمع بين السلام والاستئذان كما صرح به في القرآن . وفي قول أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه (إِنَّمَا سَمِعْتُ شَيْئًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ. ) ،فهو يعلمنا التأني والتثبت من صحة الاخبار ،فإذا سمعت قولاً عن الله، أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن أحد من الناس فتأنَّ في أخذ هذا القول وقبوله، ولا تتسرع في تصديقه ونشره ، والرسول صلى الله عليه وسلم ذكر لنا أنه في آخر الزمان يوجد رءوس من جهال، يتكلمون ويفتون في الدين بغير علم، فيضلون ويُضلون، ولا شك أن هذا نوع من التحذير من الفتيا بغير علم، ومن القول على الله تعالى بغير علم، وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتباع هذه الأقوال والآراء والفتاوى التي لا دليل عليها دون تثبت ففي صحيح البخاري عن (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاهُمُوهُ انْتِزَاعًا ، وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ ، فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ ، فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ » ولنا لقاء آخر مع (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم )
الدعاء