خطبة عن ( اسم الله: الْجَبَّارُ )
يوليو 22, 2017خطبة عن ( قَالَ النَّبِيُّ: لَيْسَ مِنَّا )
يوليو 29, 2017دروس بعنوان ( علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم )
يقول الله تعالى في محكم آياته : (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (164) آل عمران
إخوة الاسلام
إن الله سبحانه وتعالى بعث نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- معلماً ومزكياً، ومبشراً ونذيراً ، فقال الله تعالى : {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّـمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْـحِكْمَةَ} الجمعة 2 وفي صحيح مسلم ـ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلاَ مُتَعَنِّتًا وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا ». فالحكمة مِنْ بَعْث النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعلِّم الناس ويزكيهم ، ويبشرهم وينذرهم ، ولذا كانت حياته -صلى الله عليه وسلم- كلها تربية وتعليم وتزكية ، كما أمر الرسول أصحابه وأمته من بعده أن يبلغوا هذا العلم حتى لا يقف عندهم ، ففي البخاري يقول صلى الله عليه وسلم(لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ،فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ) ومن هذا المنطلق، سوف أتناول معكم إن شاء الله لقاءات متتالية بعنوان (عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم-) نتناول فيها بعض الأحاديث التي علم فيها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، لنقف على ما جاء فيها ، ونعمل بها ، ونبلغها للآخرين إن شاء الله
أيها المسلمون
علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ آية الكرسي كل ليلة عندما أضجع ،وأضع جنبي على فراشي ،وأتهيأ للنوم ، فالكثير من الناس يشكو الأحلام المفزعة في نومه ، والفزع عند رقاده ، وعدم الاستغراق في نومه ، وما يترتب على ذلك من توتر في أعصابه ، وآلام في جسمه ،وسهر وأرق ، وسبب ذلك كله أن الشياطين تحضره وتفزعه عند نومه ، وتوقظه من رقدته ، وتسبب له الأرق والسهر والتعب والنصب ، لأن الشياطين لا تريد لنا أن نسعد ونهنأ بنومنا
والسبب: أن المسلم غفل عن ذكر الله ، فلم يذكر الله عند نومه ، لذلك علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتجنب همز الشيطان ولمزه ، وكيده ومعاكساته ، بقراءة آية الكرسي عند نومنا ، فلا يقربنا الشيطان ليلتنا ، فلا نفزع عند نومنا ، ولا تتوتر أعصابنا ، وينام المسلم ليلته هادئا ، والشاهد على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ ، وَقُلْتُ وَاللَّهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – . قَالَ إِنِّي مُحْتَاجٌ ، وَعَلَىَّ عِيَالٌ ، وَلِى حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ . قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ » قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً فَرَحِمْتُهُ ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . قَالَ « أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ » . فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِنَّهُ سَيَعُودُ . فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – . قَالَ دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ ، وَعَلَىَّ عِيَالٌ لاَ أَعُودُ ، فَرَحِمْتُهُ ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً ، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . قَالَ « أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ » . فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ . قَالَ دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا . قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ . فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ ، يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ . قَالَ « مَا هِيَ » . قُلْتُ قَالَ لِي إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ ) وَقَالَ لِي لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ .فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ » . قَالَ لاَ .قَالَ « ذَاكَ شَيْطَانٌ »
=========================================
وعلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم آداب الاستئذان ، وأن أتثبت من الأخبار ، والتأني في اتخاذ القرار ، ففي التأني السلامة ، وفي العجلة الندامة ، وفي هذا الحديث شاهد ودليل ، فقد روى مسلم (عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ جَاءَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ. فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ هَذَا أَبُو مُوسَى السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ هَذَا الأَشْعَرِيُّ. ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ رُدُّوا عَلَىَّ رُدُّوا عَلَىَّ. فَجَاءَ فَقَالَ يَا أَبَا مُوسَى مَا رَدَّكَ كُنَّا فِى شُغْلٍ. قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « الاِسْتِئْذَانُ ثَلاَثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلاَّ فَارْجِعْ ». قَالَ لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ وَإِلاَّ فَعَلْتُ وَفَعَلْتُ. فَذَهَبَ أَبُو مُوسَى قَالَ عُمَرُ إِنْ وَجَدَ بَيِّنَةً تَجِدُوهُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ عَشِيَّةً وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً فَلَمْ تَجِدُوهُ. فَلَمَّا أَنْ جَاءَ بِالْعَشِىِّ وَجَدُوهُ قَالَ يَا أَبَا مُوسَى مَا تَقُولُ أَقَدْ وَجَدْتَ قَالَ نَعَمْ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ. قَالَ عَدْلٌ. قَالَ يَا أَبَا الطُّفَيْلِ مَا يَقُولُ هَذَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ ذَلِكَ ، يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَلاَ تَكُونَنَّ عَذَابًا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا سَمِعْتُ شَيْئًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ.
إخوة الاسلام
ففي قول عمر بن الخطاب في الحديث السابق لأبي موسى (لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبَيِّنَةٍ) فمرده خوف عمر من مسارعة الناس إلى القول على النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتقول عليه بعض المبتدعين أو الكاذبين أو المنافقين ونحوهم ما لم يقل , فأراد عمر سد هذا الباب خوفا من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،لا شكا في رواية أبي موسى , وأما عن الاستئذان ، فقد أجمع العلماء أن الاستئذان مشروع , وتظاهرت به دلائل القرآن والسنة وإجماع الأمة . ومن السنة أن يسلم الزائر , ويستأذن ثلاثا , فيجمع بين السلام والاستئذان كما صرح به في القرآن . وفي قول أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه (إِنَّمَا سَمِعْتُ شَيْئًا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ. ) فهو يعلمنا التأني والتثبت من صحة الاخبار ،فإذا سمعت قولاً عن الله، أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن أحد من الناس فتأنَّ في أخذ هذا القول وقبوله، ولا تتسرع في تصديقه ونشره ، والرسول صلى الله عليه وسلم ذكر لنا أنه في آخر الزمان يوجد رءوس من جهال، يتكلمون ويفتون في الدين بغير علم، فيضلون ويُضلون، ولا شك أن هذا نوع من التحذير من الفتيا بغير علم، ومن القول على الله تعالى بغير علم، وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتباع هذه الأقوال والآراء والفتاوى التي لا دليل عليها دون تثبت ففي صحيح البخاري عن (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاهُمُوهُ انْتِزَاعًا ، وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ ، فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ ، فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ »
=========================================
وعلمني صلى الله عليه وسلم أن أحفظ الله في أوامره ونواهيه ، وأن لا أسأل أحدا غيره ، فهو خير مسئول ، وأكرم مأمول ، وعلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أستسلم وأن أرضى بقضاء الله وقدره ، وأن أشكره في الرخاء ، وأصبر في الضراء ، ففي الصبر والرضا خير كثير ، فقد روى الترمذي في سننه (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فَقَالَ « يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ ».
إخوة الاسلام
في قوله صلى الله عليه وسلم: (احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ): يعني احفظ حدودَه وحقوقه، وأوامره ونواهيَه، وحفظُ ذلك هو الوقوف عند أوامره بالامتثال، وعند نواهيه بالاجتناب، وعند حدوده فلا يتجاوز ما أمر به، وأذن فيه ،إلى ما نهى عنه، فمن فعَلَ ذلك فهو من الحافظين لحدود اللهومن أعظم ما يجب حفظُه من أوامر الله الصلاةُ، والطهارة ، وحفظ الإيمان, وحفظ الرأس وما فيه ، من سمعُ وبصر ولسان، وحفظ الفرج من الزنا، وحفظ البطن، وما يدخل إليه من المآكل والمشارب ،وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (يَحْفَظْكَ ): يعني أن من حفِظ حدود الله وراعى حقوقه، حفظه الله؛ فإن الجزاء من جنس العمل، فمن حفظ الله حَفِظَهُ الله من كُلِّ أذى ؛ قال بعضُ السَّلف : من اتقى الله ، فقد حَفِظَ نفسه ، ومن ضيَّع تقواه ، فقد ضيَّع نفسه ، والله الغنىُّ عنه ويحفظُ الله العبد في دينه وإيمانه ، فيحفظه في حياته من الشبهات المُضِلَّة ، ومن الشهوات المحرَّمة ، ويحفظ عليه دينَه عندَ موته ، فيتوفَّاه على الإيمان .وقوله صلى الله عليه وسلم: (احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ )، وفي رواية: ((أمامك)): معناه: أن من حفظ حدود الله وراعى حقوقه، وجد الله معه في كل أحواله ، وحيث توجَّه ، يَحُوطه وينصره، ويحفظه ويوفِّقه ويسدِّده، قال قتادة : من يتق الله يكن معه ، ومن يكن الله معه ، فمعه الفئة التي لا تُغلب ، والحارس الذي لا ينام ، والهادي الذي لا يضل وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ) فتضمَّن هذا الكلامُ أن يسأل العبد الله – عز وجل – ولا يسأل غيره, وأن يُستعان بالله دون غيره، وقوله: (وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ ». فقد دلَّ على ذلك الكتاب والسنة، قال تعالى ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحديد: 22], وفي “صحيح مسلم” من حديث عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: « كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلاَئِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ – قَالَ – وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ». والعبد إذا علِم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له من خيرٍ وشر، ونفعٍ وضر، وأن اجتهاد الخلْق كلِّهم على خلاف المقدور غيرُ مفيد وإذا علم أن الله وحده هو الضار النافع، المعطي المانع، أوجب ذلك على العبد توحيدَ ربه – عز وجل – وإفراده بالطاعة، وحفْظ حدوده، ومن علِم أنه لا ينفع ولا يضر، ولا يعطي ولا يمنع غير الله، أوجب ذلك إفرادَه بالخوف والرجاء، والمحبة والسؤال، والتضرُّع والدعاء، وتقديم طاعته على طاعة الخلق جميعًا، وأنه يتَّقي سخطه ولو كان فيه سخط الخلق جميعًا، وإفراده بالاستعانة والسؤال له، وإخلاص الدعاء له في حال الشدَّة وحال الرخاء،
===================================
وعلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أصور ما فيه روح ، حتى لا أعرض نفسي للعقاب يوم القيامة ، ففي التصوير مضاهاة لخلق الله ، وتشبه بالخالق سبحانه ، فهو الخالق المصور ، وعلمني ألا أعلق هذه التصاوير في أماكن تواجدي في المنزل أو في السيارة أو في أي مكان آخر فقد روى البخاري (عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى الْحَسَنِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنِّي إِنْسَانٌ ، إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِى ، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ . فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ أُحَدِّثُكَ إِلاَّ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ « مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ ، حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا » . فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ . فَقَالَ وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ ، فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ ، كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ ). ومن هذا يُعلم أنه يحرم التصوير لما فيه الروح من انسان وحيوان ؛وذلك لِما يجرُّ إليه من الافتتان بالصورة الجميلة ، خصوصًا النساء الخليعات المتبرِّجات العاريات، فإن هذه الصور تدعو إلى فساد الأخلاق، وانتشار الجريمة، وكذا عرْض صور الرجال أمام النساء، مما يدعوهنَّ للافتتان بهم، وقد أصبح هذا اللون من الصور من أعظم الفتن التي أفسَدت الأخلاق. وقد ورد في التصوير أنواع من الوعيد؛ منها: لعن المصورين، وأنهم أشد الناس عذابًا يوم القيامة، وأنه يقال للمصورين: ((أحيُوا ما خلَقتم))، وأنهم يكلفون أن ينفخوا الروح في الصور التي صوَّروها، وأن المصور يعذَّب بكل صورة صوَّرها في الدنيا، ويُجعل له نفسٌ يعذَّب بها، وكما يحرم التصوير، يحرم أيضا استعمال هذه الصور ، وتعليقها على الجدران، ؛ سواء أكانت تماثيلَ، أو رسومًا، وصحَّ في الحديث أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة. وكذا يَحرم بيع هذه الصور وأكْل ثمنها، فيجب على المسلمين الحذر من ذلك، حتى لا يعرضوا أنفسهم لعقاب الله وسخطه
====================================
علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الإكثار من الانفاق في سبيل الله ، لننجو يوم القيامة من عذاب الله ، فقد روى الامام البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا أَبُو ذَرٍّ قال (كُنْتُ أَمْشِى مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فِي حَرَّةِ الْمَدِينَةِ عِشَاءً اسْتَقْبَلَنَا أُحُدٌ فَقَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ مَا أُحِبُّ أَنَّ أُحُدًا لِي ذَهَبًا يَأْتِي عَلَىَّ لَيْلَةٌ أَوْ ثَلاَثٌ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ ، إِلاَّ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ ، إِلاَّ أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا » … ثُمَّ قَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ » . قُلْتُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « الأَكْثَرُونَ هُمُ الأَقَلُّونَ إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا » . ثُمَّ قَالَ لِي « مَكَانَكَ لاَ تَبْرَحْ يَا أَبَا ذَرٍّ حَتَّى أَرْجِعَ » . فَانْطَلَقَ حَتَّى غَابَ عَنِّى ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا فَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُرِضَ لِرَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْهَبَ ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « لاَ تَبْرَحْ » فَمَكُثْتُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ صَوْتًا خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عُرِضَ لَكَ ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَكَ فَقُمْتُ .فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَانِي ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ « وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ » .
إخوة الاسلام
ففي قوله صلى الله عليه وسلم « يَا أَبَا ذَرٍّ مَا أُحِبُّ أَنَّ أُحُدًا لِي ذَهَبًا يَأْتِي عَلَىَّ لَيْلَةٌ أَوْ ثَلاَثٌ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ ، إِلاَّ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ ، إِلاَّ أَنْ أَقُولَ بِهِ فِي عِبَادِ اللَّهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا » فهو صلى الله عليه وسلم يحثنا على الانفاق في سبيل الله ، فليَكُنْ لكم في رسولِ الله – صلَّى اللَّه عليْه وسلَّم – الأسوة الحسنة إذا كنتم تُريد الله والدَّار الآخرة. ونحن لا نقول: لا تدَّخر شيئًا لغدٍ؛ فليس هناك أحد يُطيق ذلك؛، ولكن سدِّدوا وقاربوا. وأكثروا من الإنفاق والصَّدقة والبرّ والصِّلة؛ انفقوا مما رزقكم الله ، ولا تخشوا من ذي العرش إقلالا .وفي قوله صلى الله عليه وسلم (إِلاَّ أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ)، فهذا يدل على أن قضاء الدين أولى من الصدقة، وأن الإنسان قد يُبقى عنده مالاً من أجل سداد الدين، ولا يذهب الإنسان يتصدق وعليه حقوق للخلق. وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « الأَكْثَرُونَ هُمُ الأَقَلُّونَ إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا » فإن الأكثرين في الدنيا من أصحاب العرض والمال والثراء هم الأقلون يوم القيامة. أي هم الأقلون في منازل الجنات ودرجاتها ، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا، أي عن يمينه، وعن شماله، ومن خلفه، ينفقه في سبيل الله ، ويعين به أصحاب الحاجات وهؤلاء في الدنيا قليلون ، لأن النفوس مجبولة على الشح، وقد حبب إليها المال حبًّا شديداً كما قال الله -عز وجل-: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ) الفجر: 20.وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَانِي ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ . قَالَ « وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ » . فهذا يدل على أن المسلم لا يخرج من الإسلام بفعل الكبيرة، كما أنه لا يخلد بالنار بفعل الكبيرة خلافاً لمذهب المعتزلة والخوارج الذين يكفرون الناس بالكبائر، وفي قول جبريل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِى لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) فهل المقصود أنه يدخل الجنة ابتداءً بمعنى أنه لا يدخل النار أبداً؟ أو أنه يدخل الجنة بعد أن يعذب؟. هذا فيه أقوال للعلماء ولكن الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الشأن إذا جمعناها تدل على أن أقوامًا من هذه الأمة يدخلون النار، وكذلك أحاديث الشفاعة يشفع النبي -صلى الله عليه وسلم- لأقوام قد صاروا حمماً في النار من المسلمين، فيخرجون منها، فيلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، إلى غير ذلك من الأحاديث التي تدل على أن الإنسان يدخل النار إذا قارف بعض الأعمال ، إلا إذا أدركه الله -عز وجل- بلطفه ورحمته وغفر له، فيُجمع بين الأحاديث ولا يغتر الإنسان بمثل هذا. ومن الأحاديث على أن مرتكب الكبيرة يكون في مشيئة الله في الآخرة إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه، قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ « تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ تَزْنُوا وَلاَ تَسْرِقُوا وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ »
========================
وعَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ ) فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَأَنَا جُنُبٌ ، فَأَخَذَ بِيَدِى ، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ فَانْسَلَلْتُ ، فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ ، فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهْوَ قَاعِدٌ فَقَالَ « أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ » فَقُلْتُ لَهُ . فَقَالَ « سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ »
إخوة الإسلام
في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ لاَ يَنْجُسُ ). دليل على أن المسلم لا ينجس نجاسة معنوية ، بخلاف الكافر الذي نجاسته نجاسة معنوية . قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا ) التوبة 28 ،فالمسلم لا ينجس حياً ولا ميتاً . قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا ) وفي الحديث جواز خروج الجُنب لبعض حاجته دون أن يغتسل ، ما لم يحضره وقت صلاة . ولذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُنكر على أبي هريرة رضي الله عنه أن يخرج من بيته دون اغتسال ، أو أن يلقاه في بعض طُرُق المدينة . والنبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة ، وله يومئذ تسع نسوة . وهذا يعني أنه يخرج من بيت إلى بيت دون غُسل . ولكن الجُنُبَ صَاحِب الحدث الأكبر لا يقرأ القرآن ، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحجبه شيء عن القراءة إلا الجنابة ، فقد روى الامام أحمد ( قَالَ أُتِىَ عَلِىٌّ بِوَضُوءٍ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلاَثاً وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثاً وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ ثَلاَثاً ثَلاَثاً ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَوَضَّأَ ثُمَّ قَرَأَ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ قَالَ هَذَا لِمَنْ لَيْسَ بِجُنُبٍ فَأَمَّا الْجُنُبُ فَلاَ وَلاَ آيَةَ.فصاحب الجنابة لا يقرأ القرآن لا من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل ، وأما المحدث حدثا أصغر ( أي انتقض وضوؤه) فله أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب ولكن لا يمس المصحف
========================================
علمني الرسول ألا أتشبث برأيي ، ولا أتمسك بكلامي ، ولا أرى أني دائما على الحق وغيري على الباطل ، وألا أتهم الدين والشرع بالنقص ، أو عدم الكمال ، فقد روى البخاري في صحيحه أنه ( قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَلَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا ، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ فَقَالَ « بَلَى » . فَقَالَ أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ قَالَ « بَلَى » . قَالَ فَعَلَى مَا نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا أَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَقَالَ « ابْنَ الْخَطَّابِ ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا » . فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا . فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ ، فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهَا . فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوَ فَتْحٌ هُوَ قَالَ « نَعَمْ »وفي مسند البزار (عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ : اتَّهِمُوا الرَّأْيَ عَلَى الدِّينِ ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ أَرُدُّ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرَأْيِي ، وَمَا أَلَوْتُ عَنِ الْحَقِّ )وفي البخاري ( .. قَالَ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُمَرُ فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالاً..)
إخوة الاسلام
تأملوا معي هذا الموقف من الفاروق عمر بن الخطاب يوم الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم ومنازعته له.. ثم يقول بعد ذلك 🙁 اتَّهِمُوا الرَّأْيَ عَلَى الدِّينِ )، ويقول رضي الله عنه : ( فعملت لذلك أعمالا..) أي أنه ندم على ما كان منه فصار يتصدق ويحسن ، رجاء أن يغفر الله له اعتراضه على رسوله صلى الله عليه وسلم.فلا بد أن نعلم أن للعقل البشري طاقاته المحدودة ، وفهمه القاصر ، فقد يفهم شيئا ويجهل آخر ، ولذا لا نغتر بعقولنا ، ولا نتمسك برأينا ، فرأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ ، يحتمل الصواب فبحكم الأسباب وحدود العقل البشرى دُهش المسلمون من شروط صلح الحديبية، ودهشوا أكثر مما رأوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من التساهل والموافقة على كل شروط المشركين في الصلح: أن يرجع المسلمون دون زيارة البيت الحرام، وأن يرد الرسول صلى الله عليه وسلم على المشركين من يأتيه منهم، أما من جاء من المسلمين إليهم فلا يردونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.فنظر العقل المجرد ـ إلى هذه الشروط ـ هو الذى استفزّ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحماسه للدين ولعزة هذا الدين؛ فتوجه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ إلى أبي بكر رضي الله عنه بأسئلته اللاهبة: ألسنا على الحق وهم على الباطل؟! أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟! فعلام نعطى الدنية في ديننا؟!.وتأتى حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في معالجة الأمر؛ حيث بين صلى الله عليه وسلم أن الأمر له بُعْد أعمق، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتصرف بعقله المجرد فقط ولا ببشريته المطلقة، ولكنه يتصرف من موقع النبوة المؤيدة بالوحى من الله تعالى، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعصى ربه، وأن الله لن يضيعه، وعندئذ هدأت نفس سيدنا عمر رضي الله عنه بعد بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لحقيقة الأمر، وما هو إلا وقت يسير حتى نزلت سورة الفتح على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) (الفتح/1).فواجب على المسلم أن يتهم رأيه ، فقد يكون رأيه صوابا ، وقد يكون خطأ ، وكذلك إذا لم يفهم أمرا من الدين ، والحكمة من التشريع ، فلا يتهم الدين ، ولكن يتهم عدم فهمه الصحيح للدين ، وعدم إدراكه للحكمة من ذلك التشريع ، وهذا الذي جعل بعض المتفلسفين يقول : إن الاسلام لا يصلح لكل زمان ؟؟؟ وقال ابن القيم رحمه الله (من لم يتهم نفسه على دوام الأوقات ، ولم يخالفها في جميع الأحوال، ولم يجرها إلى مكروهها في سائر أوقاته، كان مغرورا فالنفس داعية إلى المهالك ، معينة للأعداء ، طامحة إلى كل قبيح ، متبعة لكل سوء ،
========================
علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ألجأ إلى الله سبحانه وتعالى في طلب الشفاء من الأمراض وذلك بالرقية الشرعية ، والواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالكثير منا إذا أصيب بمرض ، لا يفكر في رقية نفسه ، بقدر ما يفكر في الذهاب إلى الطبيب وتناول الأدوية ، ونحن نريد أن نجمع بين العلاج بالرقية الشرعية ، والعلاج بالأدوية ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الأمرين ، فكان يرقي نفسه ، وكان يشرب العسل ، ويحتجم أحيانا أخرى وفي صحيح البخاري (عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ ثَابِتٌ يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ . فَقَالَ أَنَسٌ أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ بَلَى . قَالَ « اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لاَ شَافِيَ إِلاَّ أَنْتَ ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا »
أيها المسلمون
الرقية هي أن يلجأ العبد إلى الله بتلاوة كتابه وبدعاء رسوله صلى الله عليه وسلم طالبا شفاءه مما أصابه ، ومن الرقية بكتاب الله عز وجل : قراءة الفاتحة وأوائل سورة البقرة وآية الكرسي ، وأواخر سورة البقرة ، والإخلاص والكافرون ، والمعوذتينومن الرقى الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم قوله « ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِى تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ. ثَلاَثًا. وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ ». وقوله صلى الله عليه وسلم « اجْعَلْ يَدَكَ الْيُمْنَى عَلَيْهِ وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ سَبْعَ مَرَّاتٍ » وقوله صلى الله عليه وسلم « مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَعُودُ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَيَقُولُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ إِلاَّ عُوفِيَ » وللرقية الشّرعية الصّحيحة شروطاً، وهي: أن تكون الرّقية الشّرعية بكلام الله سبحانه وتعالى، أو بأسمائه، أو بصفاته، أو بما هو مأثور عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم كما أوردت لكم وأن تكون باللسان العربي، وأن يعتقد المسلم أنّ الرّقية الشّرعية لا تؤثّر بذاتها بل بتقدير الله سبحانه وتعالى. ولنا لقاء قادم إن شاء الله مع مجموعة أخرى من دروس ( علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم )