خطبة عن حديث (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ)
أغسطس 5, 2017خطبة عن ( أين الدين الحق؟)
أغسطس 22, 2017الخطبة الأولى : صرخة تائب:(وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته على لسان نبيه نوح عليه السلام : ( قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (47) هود ، وقال تعالى على لسان آدم وحواء عليهما السلام : (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (23) الاعراف ،وقال تعالى على لسان نبيه يونس عليه السلام : ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) الانبياء (87)
إخوة الاسلام
إذا كان نبي الله نوح هو القائل : (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (47) هود ، وهذا أبو البشر وأمنا حواء يقولان 🙁وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (23) الاعراف ، وهذا خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام يقول: (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) (82) الشعراء ،وهذا نبي الله يونس عليه السلام يقول: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) الانبياء (87) ، وهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لما طُعن جاءه ابن عباس رضي الله عنهما فقال: يا أمير المؤمنين لقد أسلمتَ حين كفر الناس، وجاهدتَ مع رسول الله حين خذله الناس، وقُتلتَ شهيدا، ولم يختلف عليك اثنان، وتُوفي رسول الله وهو عنك راض ،فقال عمر رضي الله عنه: أعد عليَّ مقالتك فأعاد عليه، فقال: المغرور من غررتموه، والله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع. وقال ابن عمر رضي الله عنهما: كان رأس عمر في حجري لما طعن فقال لي: ضع رأسي بالأرض فظننت إن ذلك تبرما به فلم أفعل، فقال: ضع خدي بالأرض لا أم لك، ويلي وويل أمي إن لم يغفر الله عز و جل لي. وقال له المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: هنيئا لك يا أمير المؤمنين الجنة، فقال عمر رضي الله عنه: يا ابن أم المغيرة وما يدريك..؟, والذي نفسي بيده لو كان لي ما بين المشرق إلى المغرب لافتديت به من هول المطلع. وهذا عَوْن بْن عَبْد اللَّه ، كَانَ يَقُولُ فِي بُكَائِهِ وَقد ذَكَرَ خَطِيئَتَهُ : ” وَيْحِي ! بِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ أَعْصِ رَبِّي ، وَيْحِي ! إِنَّمَا عَصَيْتُهُ بِنِعْمَتِهِ عِنْدِي ، وَيْحِي ! مِنْ خَطِيئَةٍ ذَهَبَتْ شَهْوَتُهَا ، وَبَقِيَتْ تَبِعَتُهَا عِنْدِي ، فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ كُتَّابٌ لَمْ يَغِيبُوا عَنِّي ، وَيْحِي ! طَاوَعْتُ نَفْسِي وَهِيَ لَمْ تُطَاوِعْنِي ، وأُرِيدُ إِصْلاحَهَا وَتُرِيدُ أَنْ تُفْسِدَنِي ، أَدْعُوهَا لِرُشْدِهَا وَتَدْعُونِي لِتُغْوِيَنِي ، وَيْحَهَا ! رَبِّ إِنَّ نَفْسِيَ لَمْ تَرْحَمْنِي فَارْحَمْنِي ، رَبِّ إِنِّي أَعْذُرُهَا وَلا تَعْذُرُنِي ، إِنَّهُ إِنْ يَكُ خَيْرًا أَخْذُلْهَا وَتَخْذُلْنِي ، وَإِنْ يَكُ شَرًّا أُحِبُّهَا وَتُحِبُّنِي
أخي الموحد
إذا كان هذا هو حال الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، وهذا هو حال الصحابة رضوان الله عنهم ، وهذا حال التابعين من الصالحين رحمهم الله ، فكيف بي أنا وأنت ؟؟ وكيف بالمذنب الجاني الغارق في خطاياه :
فيامن اذا وقف المسيء ببابه *** ستر القبيح وجاد بالإحسانِ
وأنا المسيء وقد عصيتك سيدي *** تعفو وتصفح للعبيد الجاني
لن تنتقصني إن أسأت وزدتني *** حتى كأن إساءتي إحسانِ
يا ربنا : مَا أَحْلَمَكَ عَلَى مَنْ عَصَاكَ! وَمَا أقَرَبَكَ مِمَّن دَعَاكَ! مَنْ الّذِي سَألَكَ فَحَرَمْتَهُ؟! أَوْ لَجَأ إِلَيْكَ فَأَسْلَمْتَهُ؟! أَوْ هَرَبَ إِلَيْكَ فَطَرَدتَّهُ؟! لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنَّا كُنـَّا مِنَ الظَّالِمِينَ! إلهي : إنَّ خَطِيئَتِيَ قَدِ أَقْرَحَتْ قَلْبِي وَلا يَتَجَافَى جَنْبِي ، وَلا تَدْمَعُ عَيْنِي ،فَويْحِي ! كَيْفَ أَنَامُ عَلَى مِثْلِهَا لِيَلِي ، وَهَلْ يَنَامُ عَلَى مِثْلِهَا مِثْلِي ؟ وَيْحِي ! لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لا يَكُونَ هَذَا الصِّدْقُ مِنِّي ، بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي ! كَيْفَ لا تُوهَنُ قُوَّتِي ، وَلا تَعْطَشُ هَامَتِي ؟ بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي ! كَيْفَ لا يُذْهِبُ ذِكْرُ خَطِيئَتِي كَسَلِي ، وَلا يَبْعَثُنِي إِلَى مَا يُذْهِبُهَا عَنِّي ؟ بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي ! كَيْفَ تَنْكَأَ قَرْحَتِي مَا تَكْسِبُ يَدِي ، وَيْحَ نَفْسِي ، بَلْ وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي ، وَيْحِي ! نعم ، وَيْحَكِ يَا نَفْسُ ، مَالَكِ تَنْسِينَ مَا لا يُنْسَى ، وَقَدْ أَتَيْتِ مَا لا يُؤْتَى ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ رَبِّكِ يُحْصَى ، كِتَابٌ لا يَبِيدُ وَلا يَبْلَى ، وَيْحَكِ يَا نَفْسُ! ألا تَخَافِينَ أَنْ أُجْزَى فِيمَنْ يُجْزَى يَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ، وَقَدْ آثَرْتِ مَا يَفْنِي عَلَى مَا يَبْقَى ؟ ،وَيْحَكِ يَا نَفْسُ ! أَلا تَسْتَفِيقِينَ مِمَّا أَنْتِ فِيهِ ، إِنْ سَقِمْتِ تَنْدَمِينَ ، وَإِنْ صَحِحْتِ تَأْثَمِينَ ، مَالَكِ إِنِ افْتَقَرْتِ تَحْزَنِينَ ، وَإِنِ اسْتَغْنَيْتِ تُفْتَنِينَ ، مَالَكِ إِنْ نَشَطْتِ تَزْهَدِينَ ، فَلِمَ إِنْ دُعِيتِ تَكْسَلِينَ ؟ وَيْحَكِ يَا نَفْسُ ! لِمَ تُخَالِفِينَ ؟ وتَقُولِينَ فِي الدُّنْيَا قَوْلَ الزَّاهِدِينَ ، وَتَعْمَلِينَ فِيهَا عَمَلَ الرَّاغِبِينَ ،وَيْحَكِ يَا نَفْسُ! لِمَ تَكْرَهِينَ الْمَوْتَ ؟ لِمَ لا تُذْعِنِينَ وَتُحِبِّينَ الْحَيَاةَ ؟ لِمَ لا تَصْنَعِينَ ؟ ، يَا نَفْسُ وَيْحَكِ ! أَتَرْجِينَ أَنْ تَرْضَيْ وَلا تُراضِينَ ، وَتُجَانِبِينَ ، وَتَعْصِينَ ؟ مَالَكِ إِنْ سَأَلْتِ تُكْثِرِينَ ، فَلِمَ إِنْ أَنْفَقْتِ تُقَتِّرِينَ ؟ أتُرِيدِينَ الآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ ، وَتُؤَخِّرِينَ التَّوْبَةَ لِطُولِ الأَمَلِ ، فلا تَكُونِين يَا نَفْسُ كَمَنْ يُقَالُ هُوَ فِي الْقَوْلِ مُدِلٌّ ، وَيُسْتَصْعَبُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ ،
نعم ، وَيْحٌ لَنَا ، مَا أَغَرَّنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، مَا أَغْفَلَنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، مَا أَجْهَلَنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، لأَيِّ شَيْءٍ خُلِقْنَا ، لِلْجَنَّةِ أَمْ لِلنَّارِ ؟ وَيْحٌ لَنَا ، أَيُّ خَطَرٍ خَطَرُنَا ؟ وَيْحٌ لَنَا مِنْ أَعْمَالٍ قَدْ أَخْطَرَتْنَا وَيْحٌ لَنَا إِنْ خُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِنَا ، وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِينَا ، وَشَهِدَتْ أَرْجُلُنَا ، وَيْحٌ لَنَا حِينَ تُفَتَّشُ سَرَائِرُنَا ، وَيْحٌ لَنَا حِينَ تَشْهَدُ أَجْسَادُنَا ، وَيْحٌ لَنَا مِمَّا قَصَّرْنَا ، لا بَرَاءَةَ لَنَا ، وَلا عُذْرَ عِنْدَنَا ، وَيْحٌ لَنَا ، مَا أَطْوَلَ أَمَلَنَا ، وَيْحٌ لَنَا حَيْثُ نَمْضِي إِلَى خَالِقِنَا ، وَيْحٌ لَنَا الْوَيْلُ الطَّوِيلُ إِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا ، فَارْحَمْنَا يَا رَبَّنَا ، رَبِّ مَا أَحْكَمَكَ ، وَأَجْوَدَكَ ، وَأَرْأَفَكَ ، وَأَرْحَمَكَ ، وَأَعْلاكَ ، وَأَقْرَبَكَ ، وَأَقْدَرَكَ ، وَأَلْطَفَكَ ، وَأَعْلَمَكَ ، وَأَشْكَرَكَ ، وَأَعْطَفَكَ ، وَأَكْرَمَكَ ،
أيها المسلمون
يقول الله تعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (31) النور ، وروى ابن ماجة في سننه : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا وَبَادِرُوا بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا وَصِلُوا الَّذِى بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِى السِّرِّ وَالْعَلاَنِيَةِ تُرْزَقُوا وَتُنْصَرُوا وَتُجْبَرُوا) ، فإلى كل مؤمن مقبل يريد التوبة ، نقول له : أسرع وحث الخطا ولا تتردد ، فإن الباب مفتوح ،وابشر برب يفرح بتوبتك وإقبالك عليه فإنك إن تقربت شبراً تقرب منك باعاً وأن أتيته تمشي أتاك هرولة ، فهو سبحانه لا حدود لكرمه حلمه ، فأعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه هو التوبة إلى الله ، والتوبة لا تفارقنا أبدا ، فهي معنا في طاعتنا ومعاصينا ، وفي إقبالنا وإدبارنا ، وفي غفلتنا وصحوتنا ، وفي برنا وبحرنا ، وإذا أردت أن تكون توبتك صادقة وخالصة ومقبولة فعليك بثلاثة أمور إذا تحققت فإن توبتك بإذن الله مقبولة : أولاً : الإقلاع على الذنب وتركه ، وثانيا : الندم على فعل المعصية ، وثالثا :العزم الصادق على أن لا يعود إليها مطلقاً ، ويا أيها التائب ، ويامن أقبلت على ربك ، ويا من أسرفت على نفس بالمعاصي ، إليك هذه البشائر : البشارة الأولى : أن الله عز وجل يقبل التوبة من العبد ويغفر ذنبه مهما بلغ عظم ذلك الذنب، قال تعالى : (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (53) الزمر ، البشارة الثانية : -أبشر يا صاحب التوبة بأن التوبة طريق الفلاح والرشاد كما قال ربك ومولاك (فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) (67) القصص ، البشارة الثالثة: ابشر يا صاحب التوبة ان باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجهك أبداً فأنت تتعامل مع الكريم الغني الذي لا يرد يدي عبده صفراً ليلا ونهارا سرا وجهارا ، ولا تحتاج إلى وسائط بل ارفع يديك إلى مولاك وأعلنها مدوية في الملاء الأعلى أستغفر الله وأتوب إليه فقد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية صرخة تائب 🙁وَيْلِي إِنْ لَمْ يَرْحَمْنِي رَبِّي )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما البشارة الرابعة للتائبين: فأبشر يا صاحب التوبة أن من بركات التوبة أن الله يبدل كل عظائمك وجرائمك ومعاصيك وفواحشك ولياليك التي بارزت الله فيها بالحرام يبدلك الله عنها حسنات ، يا الله ما اكرمك ، ما أعظمك ، وما اشد تقصيرنا في حقك ، قال تعالى : (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) (70) الفرقان ، البشارة الخامسة :- التوبة تجب ما قبلها وتهدم ما قبلها ، فكن مرفوع الرأس عزيزاً كريماً لأن حياة المعصية هي حياة الذلة والمسكنة وأما حياة الطاعة ، فهي حياة الرفعة والعزة فقد جاء في البخاري :ِ (أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ يَدُهَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا وَتَزَوَّجَتْ وَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) – وأيضا جاء في البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ) ، البشارة السادسة : إذا صدقت توبتك يُيسر الله لك أمرك ،ويحسن ختامك على الخير وعلامة صدقك ترك رفاق السوء فقد جاء في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ هَلْ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَجَعَلَ يَسْأَلُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَنَاءَ بِصَدْرِهِ نَحْوَهَا فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي وَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إِلَى هَذِهِ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ فَغُفِرَ لَهُ ) . البشارة السابعة : أبشر يا صاحب التوبة يا من اقبلت على الله أن من وقع في الموبقات، نُزع منه الإيمان ، فإن تاب عاد إليه إيمانه الذي في القلب ، ،فقد جاء في الحديث في البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَقْتُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ قَالَ عِكْرِمَةُ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ كَيْفَ يُنْزَعُ الْإِيمَانُ مِنْهُ قَالَ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ) ، البشارة الثامنة : أن الله الغني الكريم يفرح فرحاً عظيماً بتوبتك ، والله لو لم يكن فضل وشرف للتوبة إلا فرح الله بها لكفى بها لك حافزاً للمبادرة إلى التوبة ،فقد جاء في البخاري ومسلم واللفظ له عن أنس بن مالك قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ) . البشارة التاسعة : ابشر يا صاحب التوبة أنت حبيب الله قال سبحانه : (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة (222) ، فسُبْحَانَكَ خَالِقِي ، فَأَنَا تَائِبٌ إِلَيْكَ فَاقْبَلْ تَوْبَتِي ، وَاسْتَجِبْ دُعَائِي ، وَارْحَمْ شَيبَتي ، وَأَقِلْ عَثْرَتِي ، وَارْحَمْ طُولَ عَبْرَتِي ، وَلا تَفْضَحْنِي بِالَّذِي قَدْ كَانَ مِنِّي ، سُبْحَانَكَ خَالِقِي أَنْتَ غَيَّاثُ الْمُسْتَغِيثِينَ ، وَقُرَّةُ أَعْيُنِ الْعَابِدِينَ ، وَحَبِيبُ قُلُوبِ الزَّاهِدِينَ ، فَإِلَيْكَ مُسْتَغَاثِي وَمُنْقَطَعِي ، فَارْحَمْ شَبَابِي ، فاسْتَجِبْ دَعْوَتِي ، وَلا تَخْذُلْنِي بِالْمَعَاصِي الَّتِي كَانَتْ مِنِّي ، إِلَهِي أَنَا إِن ذَكَرْتُ ذُنُوبِي وَمَعَاصِيَّ لَمْ تَقَرَّ عَيْنِي لِلَّذِي كَانَ مِنِّي ، فَأَنَا تَائِبٌ إِلَيْكَ فَاقْبَلْ ذَلِكَ مِنِّي ، وَلا تَجْعَلْنِي لِنَارِ جَهَنَّمَ وَقُودًا بَعْدَ تَوْحِيدِي وَإِيمَانِي بِكَ ، فَاغْفِرْ لِي ، آمين ،آمين .
الدعاء