خطبة عن(من يبايع الرسول) و(هَلْ تَدْرُونَ عَلامَ تُبَايِعُونَ)
أغسطس 5, 2017خطبة عن حديث (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ)
أغسطس 5, 2017الخطبة الأولى ( مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه :(عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي فَقَالَ « مَا عِنْدِي ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ». وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ جَاءَ نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَيْهِمُ الصُّوفُ فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ فَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَبْطَئُوا عَنْهُ حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ – قَالَ – ثُمَّ إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ مِنْ وَرِقٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ثُمَّ تَتَابَعُوا حَتَّى عُرِفَ السُّرُورُ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ». وفي سنن الترمذي وصححه الألباني : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ يَسْتَحْمِلُهُ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ مَا يَتَحَمَّلُهُ فَدَلَّهُ عَلَى آخَرَ فَحَمَلَهُ. فَأَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ « إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ ». وروى احمد في مسنده : (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِرَجُلٍ أَتَاهُ « اذْهَبْ فَإِنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ ».
إخوة الإسلام
هكذا تكمن عظمة الإسلام في تشجيع المسلمين على هذه المبادئ الراقية، بأن جعل لمن يدل على الخير أجرا كأجر من قام بهذا الخير، وهكذا يكون التعاون بين الناس. وقد أمرنا الله – تبارك وتعالى – بالتعاون على البر والتقوى فقال – تعالى -: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} المائدة 2 ، والإرشاد إلى الخير وفعل المعروف هو من التعاون على البر والتقوى، كما أن الدلالة على الشر أو الإعانة عليه جالبة للوزر. فالذي يدل على الخير ينال أجره في الدنيا والآخرة، فأجره في الآخرة بقدر الخير الذي قُدم لمن احتاجه، وأما في الدنيا فكما تُدين تُدان، وقد يأتي يومٌ تتبدل فيه الأحوال وقد يكون الشخص في حاجة غيره فيجد من يدله قبل أن يتكبد العناء والشقاء. وكلما ازداد عدد المنتفعين ،ازداد الأجر بإذن الله جل وعلا، مع الأخذ في الاعتبار أن الناس يتفاضلون في أجرهم على حسب إخلاصهم وصدقهم، وهذا لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. والدلالة على الخَير متيسَّرة لكلِّ مسلم على حسب صفاء نيَّته، وعلوِّ عزيمته، والدلالة على الخَير لها أهمية كبرى ، فأنها توطِّد العلاقة بين المسلمين في المجتمع المسلِم، وتُعلِي رايةَ الإسلام في المجتمعات غير المسلمة، وتبيِّن النهج العظيم للشريعة الإسلامية في جلب المنافع، وتبرِز الأثَر الشريف لدين الله الكريم في دَرء المفاسد، والدلالة على الخَير لها سبل متعددة ووسائل كثيرة ، ومن أعظم السُّبل للدلالة على الخير الدَّعوة إلى الله تعالى بنوعَيها: توعية المسلمين وتعليمهم سبل الصلاح، والطريق إلى الفلاح والإصلاح، وتنبيه غَير المسلمين للعقيدة الصَّحيحة؛ لكي يتَّبعوا الإسلام، ويَسيروا على نَهجه، وكل مسلِم يَنبغي له إدراك هذا الأمر، فيسخِّر قدراته وعِلمه وإمكانيَّاته للدَّعوة إلى الله سبحانه، وإلى الدلالة على الخير لوجه الله الكريم، ويطوِّع ما يملِك، ويسلك كلَّ مسلَك للبحث عن السُّبل؛ ليكون في زمرة الصَّالحين، ويسير في صحبة المصلِحين. والدلالة على الخير لها أجرٌ كبير، ومقام كريم، وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الفضلَ في كثير من الأحاديث النبويَّة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله وملائكتَه وأهلَ السَّموات والأرض، حتى النَّملة في جُحرها، وحتى الحوت، لَيُصَلُّونَ على معلِّم النَّاس الخيرَ» (رواه الترمذي وصحَّحه الألباني)، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بَلِّغوا عنِّي ولو آيةً» (البخاري)، وفي هذا الصدد قال المناوي رحمه الله تعالى: “ومن تأمَّل هذا المعنى ورُزق التوفيق، انبعثَت همَّته إلى التعليم، ورغب في نَشر العلم؛ ليتضاعف أجرُه في الحياة وبعد الممات على الدوام، ويكف عن إحداث البِدَع والمظالم؛ من المكوس وغيرها؛ فإنَّها تضاعف عليه السيئات بالطريق المذكور، ما دام يَعمل بها عاملٌ، فليتأمَّل المسلم هذا المعنى، وسعادة الدالِّ على الخير، وشقاوة الدالِّ على الشرِّ” (فيض القدير). والمسلم يكون دالًّا على الخير في بَيته، وفي عمله، وفي الطريق، ليكون القرب من الله تعالى نُصب عينيه، فيَحظى بشرف محبَّة الله الكريم، ويجنِّبه الله تعالى السوءَ في الدَّارين. ولا بد أن تدل كل مسلم على ما يتناسب معه فمن رأيته من أهل الغضب فقل له “لا تغضب” ومن رأيته قليل الذكر لله فدله على الإكثار من ذكر الله ، ومن رأيته يتخلف عن الصلاة أو عن صلاة الفجر فدله على الصلاة وعلى صلاة الفجر وهكذا. من طلب منك أن تدله على عمل يدخل به الجنة ويباعده عن النار فدله على القيام بالفرائض وترك المحرمات ، ففي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ . قَالَ « تَعْبُدُ اللَّهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ ، وَتُؤَدِّى الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ » . قَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا . فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا » ، وبالعموم فإن أفعال الخير كثيرة جداً, وعلى كل إنسان أن يعمل جاهداً في طاعة الرحمن، مسارعاً فيها، متخيراً منها ما يستطيعه ؛ قال تعالى : { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ) البقرة 197،
أيها المسلمون
وإذا كان الدال على الخير له مثل أجر فاعله إذا ابتغى بذلك وجه الله ، فإن الدال على الشر أيضا له مثل وزر فاعله ، قال الله تعالى عن أهل الفساد والضلال : (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) (25) النحل، وفي الحديث المتقدم والذي رواه مسلم ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ». فكل من يدعو الناس إلى لهو أو باطل أو غناء أو ربا أو غير ذلك من المحارم، فإن كل إنسان تأثر بدعوته فإنه يُكتب له مثل أوزارهم؛ لأنه دعا إلى الوزر، ألا فعليكم أيها المسلمون بالدلالة إلى الخير ، لتفوزوا بخيري الدنيا والآخرة ، واعلموا أن أبواب الخير كثيرة ومتعددة ، ففي سنن الترمذي وغيره (عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلاَلِ لَكَ صَدَقَةٌ وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرديء الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ ».
الدعاء