خطبة عن ( من وسائل تحقيق الاستقامة وفوائدها)
فبراير 24, 2016خطبة عن ( أحوال البكائين من خشية الله)
فبراير 24, 2016الخطبة الأولى (الاستقامة )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله عز وجل في محكم آياته :( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) فصلت30،32 ، وقال تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأحقاف13، 14 ، وروى مسلم في صحيحه(عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الإِسْلاَمِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ – وَفِى حَدِيثِ أَبِى أُسَامَةَ غَيْرَكَ – قَالَ « قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ فَاسْتَقِمْ ».
إخوة الإسلام
الاستقامة: هي لزوم طاعة الله عز وجل، ولزوم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والاستقامة هي أن يثبت الإنسان على شريعة الله سبحانه وتعالى كما أمر الله ويتقدمها الإخلاص لله عز وجل والاستقامة: تعني الاعتدال بين التشدد والغلو، وبين التساهل والضياع، وهي الاعتدال على أمر الله سبحانه وتعالى، وأيضا تعني أن الإنسان يستقيم على دين الإسلام لا ينحرف عنه يمنة ولا يسرة وإن المستقيم على دين الله هو المداوم على طاعة الله مدى الحياة، كما في الأثر: ( هم الذين لا يرغون رغوان الثعالب ) .فالمستقيم على دين الله يحافظ على فرائض الله ويجتنب محارم الله، المستقيم على دين الله يصدق مع إخوانه المسلمين في المعاملة فلا يغش ولا يخدع ولا يكذب ولا يخون. والمستقيم يمثل الإسلام تمثيلا صحيحا حتى مع الكفار لا يعتدي على أحد ولا يظلم أحدا، ولا يخون، ولكن قد يكون عند الانسان المسلم نقص في الاستقامة بسبب ضعفه وغفلته ؛ وهنا يجبره بالاستغفار، فقد روى أحمد في مسنده (عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلاَةُ وَلَنْ يُحَافِظَ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ » ،والله جل وعلا يقول: (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) فصلت: 6، وهذا دليل على أن الإنسان مستقيم بحاجة إلى الاستغفار لأنه يحصل منه نقص في الاستقامة بسبب ضعفه وغفلته فيستغفر الله مما قصر فيه من الاستقامة، ( فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ) فصلت: 6 ، وفي المستدرك للحاكم وصححه الذهبي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال :ما تقولون في قول الله عز و جل { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } وقوله تعالى : { الذين آمنوا و لم يلبسوا إيمانهم بظلم } ،فقالوا : الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلم يلتفتوا ، وقوله : { و لم يلبسوا إيمانهم بظلم } بخطيئة ،فقال أبو بكر : حملتموها على غير وجه المحمل ،ثم استقاموا و لم يلتفتوا إلى إله غيره و لم يلبسوا إيمانهم بظلم : أي بشرك )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الاستقامة )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وللاستقامة درجات :أولها: الثَّبَات على التوحيد، والبراءة من الشرك وأهله. وذلك عندما سُئِل أبو بكر الصديق – رضِي الله عنْه – عن الاستقامة قال: “ألاَّ تشركَ بالله شيئًا”؛ أي: لزوم التوحيد الخالص. ثانيًا: لُزُوم الأَوامِر والنواهي بفعل الأمر وترك النهي، وهي إتيان الطاعات واجتِناب المعاصي. كما قال بذلك عمر بن الخطاب – رضِي الله عنْه -: “أن تستَقِيم على الأمر والنهي، ولا تَرُوغ روغان الثعلب”. وذلك بِلُزُوم الطاعات في كلِّ الأحوال حتى ينشَغِل الإنسان بما فيه النفْع والخيْر، ويترُك المَعاصِي والمحرَّمات؛ والاستِقامة تتضمَّن عِدَّة أمور كما بيَّنها ابن القيِّم – رحمه الله – في “مدارج السالكين” وهي: 1 – إفراد المعبود بالإرادة من الأفعال والأقوال والنيَّات، وهو الإخلاص. 2 – وقوع الأعمال وحصولها وَفْق الأمر الشرعي لا البدعي، وهو متابعة السنَّة. 3 – العمل والاجتِهاد في الطاعة بقدر وسعه، ولا يكلِّف الله نفسًا إلا وُسعَها، فاتَّقوا الله ما استطعتُم. 4 – الاقتِصاد في العمَل بين الغلوِّ والتفريط (لا إفراط ولا تفريط). 5 – الوقوف مع ما يرسمه الشرع ويحدِّده لا مع دَواعِي النفس وحظوظها، وفي حديث ثَوبان – رضِي الله عنْه – عن النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((واستَقِيموا ولن تُحْصُوا، واعلَمُوا أنَّ خير أعمالِكم الصلاة، ولا يُحافِظ على الوضوء إلا مؤمن))؛ رواه أحمد بإسنادٍ صحيح، ولنا مع الاستقامة والمستقيمين لقاء آخر إن شاء الله
الدعاء