خطبة عن ( الصحابي عثمان بن عفان)
فبراير 25, 2016خطبة عن ( حق الجار في الاسلام )
فبراير 26, 2016الخطبة الأولى ( حق الجار وصور من أذيته )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد ايها المسلمون
روى مسلم في صحيحه : ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ».
إخوة الإسلام
حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد لبتحذير من أذية الجار لجاره ، ولأذية الجار صور متعددة : فمن صور إيقاع الأذى بالجار : منع الجار جاره مما يحتاج إليه عادةً: مثل النار، والملح،والماء او رفض إعارته ما اعتاد الناس استعارته من أمتعة البيت ،وقد حمل بعض المفسرين قوله تعالى :[وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ] انه المتاع الذي يتعاطاه الناس بينهم، مثل الذي ذكرت لكم .. ومن اذى الجار أن تمنعه من استخدام الجدار الذي بينك وبينه ففي الصحيحين، وغيرهما عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لاَ يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِى جِدَارِهِ »، ومن أذية الجار عدم إعادة المعار من الجيران إليهم: فمن الناس من يستعير بعض ما يحتاج إليه من جيرانه، ولكنه لا يهتم بإعادة الشىء المستعار، بل إن من الناس من يستعير ويجحد وينكر ما استعاره ولا يدري انه قد خان الامانة التي امر الله بادائها َقَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) النساء (58) ،ومن صور أذية الجار: كثرة الخصومة والملاحاة بين الجيران: فكثيرا ما نسمع ونرى الخصومات والعدوات والقضايا في المحاكم وأقسام الشرطة بين الجار وجاره وتراهم يتشاجرون عند كل صغيرة وكبيرة، وربما وصل الأمر إلى الاشتباك بالأيدي، وفي سنن أي داود وغيره (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَشْكُو جَارَهُ فَقَالَ « اذْهَبْ فَاصْبِرْ ». فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا فَقَالَ « اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ ». فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ فَجَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَفَعَلَ ، وَفَعَلَ فَجَاءَ إِلَيْهِ جَارُهُ فَقَالَ لَهُ ارْجِعْ لاَ تَرَى مِنِّى شَيْئًا تَكْرَهُهُ. )، وفي مسند الإمام احمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَيْفَ لِى أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ وَإِذَا أَسَأْتُ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا سَمِعْتَ جِيرَانَكَ يَقُولُونَ قَدْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ وَإِذَا سَمِعْتَهُمْ يَقُولُونَ قَدْ أَسَأْتَ فَقَدْ أَسَأْتَ ». ومن أذية الجار التهاجر والتقاطع بين الجيران عند أدنى سبب وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ” لَا تَبَاغَضُوا , وَلَا تَحَاسَدُوا , وَلَا تَدَابَرُوا , وَلَا تَقَاطَعُوا , وَكُونُوا عِبَاد اللَّه إِخْوَانًا , وَلَا يَحِلّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُر أَخَاهُ فَوْق ثَلَاث “
أيها الموحدون :-
هكذا كان الحق الأول من حقوق الجار هو كف الأذى عن الجار ،وتعرفنا على بعض صور الأذى التي تقع من الجار على جاره ثم ننتقل إلى الحق الثاني من حقوق الجار على جاره وهو احتمال أذاه : فاذا كان الإسلام قد دعانا الى كف الأذى عن الجار وحذر الجار من أن يؤذي جاره ومع ذلك فقد يرى الجار من جاره ما يؤذيه فماذا عليه ان يفعل ؟ هل يقاتل الجار جاره ؟ هل يهجره او يخاصمه او يقاطعه ، أقول لا ، لا تتسرع بالعقوبة أو بالشكوى ولكن عليك ان تتحمل أذاه طاعة لله ورغبة في حبه ورضاه وفي مسند الامام احمد: ( قال صلى الله عليه وسلم : (ثَلاَثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ وَثَلاَثَةٌ يَشْنَؤُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرَّجُلُ يَلْقَى الْعَدُوَّ فِى الْفِئَةِ فَيَنْصِبُ لَهُمْ نَحْرَهُ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يُفْتَحَ لأَصْحَابِهِ وَالْقَوْمُ يُسَافِرُونَ فَيَطُولُ سَرَاهُمْ حَتَّى يُحِبُّوا أَنْ يَمَسُّوا الأَرْضَ فَيَنْزِلُونَ فَيَتَنَحَّى أَحَدُهُمْ فَيُصَلِّى حَتَّى يُوقِظَهُمْ لِرَحِيلِهِمْ وَالرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الْجَارُ يُؤْذِيهِ جِوَارُهُ فَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا مَوْتٌ أَوْ ظَعْنٌ. قُلْتُ وَمَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَشْنَؤُهُمُ اللَّهُ قَالَ التَّاجِرُ الْحَلاَّفُ – أَوْ قَالَ الْبَائِعُ الْحَلاَّفُ – وَالْبَخِيلُ الْمَنَّانُ وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ.)، وففي صحيح ابن حبان عن أبي هريرة ، قال : « جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فشكا إليه جارا له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات : » اصبر « ثم ، قال له في الرابعة أو الثالثة : » اطرح متاعك في الطريق « ففعل ، قال : فجعل الناس يمرون به ويقولون : ما لك ؟ فيقول : آذاه جاره ، فجعلوا يقولون : لعنه الله فجاءه جاره ، فقال : رد متاعك ، لا والله لا أوذيك أبدا » ، وفي رواية (فجاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله ما لقيت من الناس قال : و ما لقيته منهم قال : يلعنوني قال : فقد لعنك الله قبل الناس قال : يا رسول الله فإني لا أعود)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الأولى ( حق الجار وصور من أذيته )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما الحق الثالث من حقوق الجار فهو الإحسان إليه ففي صحيح مسلم أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ ». ومن الاحسان الى الجار الإهداء إليه وكما قيل :إن الهدية كالسحر تجتذب القلوبا وتدني البعيد عن الهوى حتى تصيّره قريبًا، والرسول صلى الله عليه وسلم هو القائل (تهادُوا تحابُّوا))، وفي صحيح البخاري (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِى قَالَ « إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا » ، وينبغي أن لا يحقر الجار هديةً جاءته من جاره مهما كانت، فإن ذلك من الكبر المذموم، فإن الهدية لا تقدّر بقيمتها، وإنما تقدر بمعناها،وفي الصحيحين (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ « يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ ». أي: العظم قليل اللحم، أما الحق الرابع من حقوق الجار فهو حماية الجار حمايته من الاعداء ومن اللصوص ومن الفسدة والمنحرفين ولذلك كانت حماية الجار من أشهر مفاخر العرب التي ملأت أشعارهم. قال عنترة:
وإني لأحمي الجار من كل ذلة وأفرح بالضيف المقيم وأبهج
بل وحمايته من الفقر والفاقة والإفلاس ( قيل إن رجلا باع داره بمائة ألف درهم، ثم سئل عن جاره فقال جاري رجل إن قعدتُ سأل عني، وإن رآني رحّب بي، وإن غبتُ حفظني، وإن شهدت قرّبني، وإن سألتُه قضى حاجتي، وإن لم أسأله بدأني، وإن نابتني نائبة فرَّج عني، فبلغ ذلك جاره فبعث إليه بمائة ألف درهم.وقال له رد عليك دارك )
إخوة الاسلام
هذه هي بعض حقوق الجار ،فما عقوبة من ضيع حقوق جاره و أساء إليه وتسبب في أذيته، نستمع إلى الاجابة في هذا الحديث ففي صحيح الأدب المفرد عن أبي هريرة قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ! إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار، وتفعلُ، وتصدقُ، وتؤذي جيرانها بلسانها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لا خير فيها، هي من أهل النار”. قالوا: وفلانة تصلي المكتوبة، وتصدق بأثوار بأثوار أقط ولا تؤذي أحدًا ، ولا تؤذي أحداً؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هي من أهل الجنة “.
الدعاء