خطبة عن (الامام الحسين: حياته ومواقفه ووفاته)
فبراير 28, 2016خطبة عن ( الامام الحسين بن علي)
فبراير 28, 2016الخطبة الأولى ( الامام الحسين: مولده ونشأته)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه : (قَالَتْ عَائِشَةُ خَرَجَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا ثُمَّ جَاءَ عَلِىٌّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ قَالَ (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)
إخوة الإسلام
حديثنا عن أبي عبد الله الحسين بن علي رضي الله عنه وعن آل بيت رسول الله أجمعين ،فقد ولد رضي الله عنه في العام الرابع الهجري ، وأسماه أبوه حربا ، ففي مسند أحمد (عَنْ عَلِىٍّ قَالَ لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ سَمَّيْتُهُ حَرْباً فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَرُونِي ابْنِى مَا سَمَّيْتُمُوهُ ». قَالَ قُلْتُ حَرْباً. قَالَ « بَلْ هُوَ حَسَنٌ ».فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ سَمَّيْتُهُ حَرْباً فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَرُونِي ابْنِى مَا سَمَّيْتُمُوهُ ». قَالَ قُلْتُ حَرْباً. قَالَ « بَلْ هُوَ حُسَيْنٌ ». وقد تربى رضي الله عنه في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنبته الله نباتا حسنا ، فقد رباه الرسول صلى الله عليه وسلم على الأخلاق الفاضلة ، حتى صار هاديا مهديا ، وكان صلى الله عليه وسلم يضمه إليه ويشمه ، وكثيرا ما كان يلعب بين يديه ، فلا يقطع عليه لعبه ، ففي مسند أحمد وغيره : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي إِحْدَى صَلاَتَىِ الْعَشِىِّ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ وَهُوَ حَامِلٌ الْحَسَنَ أَوِ الْحُسَيْنَ فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَوَضَعَهُ ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلاَةِ فَصَلَّى فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلاَتِهِ سَجْدَةً أَطَالَهَا فَقَالَ ِ إنِّي رَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا الصَّبِىُّ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ سَاجِدٌ فَرَجَعْتُ فِي سُجُودِي فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الصَّلاَةَ قَالَ النَّاسُ : يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلاَتِكَ هَذِهِ سَجْدَةً قَدْ أَطَلْتَهَا فَظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْكَ. قَالَ « فَكُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّ ابْنِى ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِىَ حَاجَتَهُ ». وفي صحيح ابن حبان (عن يعلى العامري أنه حَدَّثَهُمْ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى طَعَامٍ دُعُوا لَهُ فَإِذَا حُسَيْنٌ يَلْعَبُ فِي السِّكَّةِ قَالَ فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَمَامَ الْقَوْمِ وَبَسَطَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ الْغُلاَمُ يَفِرُّ هَا هُنَا وَهَا هُنَا وَيُضَاحِكُهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى أَخَذَهُ فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ تَحْتَ ذَقَنِهِ وَالأُخْرَى فِي فَأْسِ رَأْسِهِ فَقَبَّلَهُ وَقَالَ « حُسَيْنٌ مِنِّى وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ » ، عاش الحسين طفولته وصدر شبابه في المدينة المنورة،وتربّى في بيت النبوة ثم في بيت والده، وفي حلقات العلم في المسجد النبوي الشريف على الأخلاق الفاضلة والعادات الحميدة، أُثر عنه أنه حج خمساً وعشرين حجة ماشياً،ويروى لنا الامام الحسين بن عليّ، ما حدث معه في صغره مع عمر بن الخطاب وهو خليفة للمسلمين ، فقال:( أتيت عمر وهو يخطب على المنبر فصعدت إليه فقلت: ( انزل عن منبر أبي، واذهب إلى منبر أبيك. فقال عمر: لم يكن لأبي منبر. وأخذني فأجلسني معه أقلّب حصى بيدي، فلما نزل انطلق بي إلى منزله، فقال لي: من علّمك؟ قلت: واللَّه ما علّمني أحد. قال: بأبي، لو جعلت تغشانا. قال: فأتيته يوما وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب، فرجع ابن عمر فرجعت معه فلقيني بعد قلت فقال لي: لم أراك. قلت: يا أمير المؤمنين، إني جئت وأنت خال بمعاوية، فرجعت مع ابن عمر. فقال: أنت أحقّ بالإذن من ابن عمر: فإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا اللَّه ثم أنتم وبينما عبد اللَّه بن عمرو بن العاص جالس في ظلّ الكعبة إذ رأى الحسين مقبلا، فقال: هذا أحبّ أهل الأرض إلى أهل السّماء اليوم.
أيها المسلمون
وكان الحسين رضي الله عنه عابدا لله قانتا ، كثير الصوم والصلاة ، وكان كثير التضرع إلى الله ، ومن دعائه الذي كان يدعو به ( إلهي : نعمتني فلم تجدني شاكرا ، وابتليتني فلم تجدني صابرا ، فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر ، ولا أنت أدمت الشدة بترك الصبر،ما يكون من الكريم إلا الكرم ) ،وكان رضي الله عنه عالما فقيها ، ورعا زاهدا ، حفظ القرآن في صغره ، وروى الأحاديث عن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت تضرب له حلقات العلم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أن رجلا وافدا إلى المدينة فسأل عنه ، فقيل له : ( إذا دخلت مسجد رسول الله ، فرأيت حلقة فيها قوم كأن على رؤوسهم الطير ، فتلك حلقة أبي عبد الله الحسين رضي الله عنه
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الامام الحسين: مولده ونشأته)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد عرف الإمام الحسين بالكرم والسخاء ، والجود والعطاء ، فكان يؤتي المال ذوي القربى واليتامى والمساكين ، كان يعين على نوائب الدهر ، يحكى أنه دخل عليه رجل ، فقال : يا ابن رسول الله ، إني قتلت ابن عم لي خطأ ، وقد طالبوني بالدية ، فهل لك أن تساعدني على أدائها ؟ ،فقال له الحسين مازحا ، نحن قوم لا نعطي المعروف إلا على قدر المعرفة ، فإن عرفت أعطيناك ، قال الرجل : سل ما تريد فقال الحسين : ما النجاة ؟ . قال الرجل : التوكل على الله قال الحسين : ما الهمة ؟ . قال الرجل الثقة بالله قال الحسين : فما يزين المرء ؟ . قال الرجل : علم وحلم قال فإن لم يكن ؟ . قال : أدب وتواضع قال : فإن لم يكن ؟ . قال الرجل : سبحان الله ، لا علم ولا حلم ؟،ولا أدب ولا تواضع ؟ والله .ما أرى له إلا أن تنزل عليه صاعقة من السماء تذهب به فضحك أبو عبد الله الحسين ، وأعجبه ما سمع من الرجل ، وأمر له بعشرة آلاف درهم ، وقال له : هذا لقضاء ديونك ، وعشرة آلاف أخري ، هذه تلم بها شعثك ، وتحسن بها حالك ، وتنفق بها على أهلك ،فاهتز الرجل طربا ، ثم قال : هم الأكرمون الأنجبون نجوم السماء بهم تشرق
أبوك الذي ساد بالمكرمات فقصر عن سبقه السبق
به فتح الله باب الرشاد وباب الفساد بكم مغلق
نعم ، فهم مفاتيح لكل خير ، مغاليق لكل شر ،وكان من أخلاقه رضي الله عنه : أنه يكرم الضيف ، ويسعف السائل ، ويكسو العاري ، ويشبع الجائع ، ويعطي الغارم ، ويشد الضعيف ، ويشفق على اليتيم ، ومن أخلاقه أنه كان راضيا بقضاء الله ، قيل :( مات ابن للحسين ، فلم ير عليه الجزع ، فسألوه ، فقال : إنا معشر أهل البيت ، نسأل الله تعالى فيعطينا ، فإذا أراد سبحانه ما نكره رضينا) ،ومن نصائحه ( نافسوا في المكارم ، وسارعوا في المغانم ، واكتسبوا الحمد بالمنح ، واعلموا أن المعروف يكسب حمدا ، ويعقب أجرا ، ويقول : من جاد ساد ، ومن بخل ذل ، وإن أجود الناس من أعطى ما لا يرجوه ، وأعف الناس ، من عفا عن قدرة ، وأحسن الناس من وصل رحمه ) ونواصل الحديث عنه في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء