خطبة عن(الجنة:إنها حلم المؤمنين وموعود الصادقين ودار المتقين)
أكتوبر 14, 2017خطبة عن اسم الله ( السَّلَامُ )
أكتوبر 14, 2017الخطبة الأولى ( من سمات الصالحين، وأخلاق المقربين )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) (63) :(68) الفرقان ،وقال تعالى : (فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (101) يوسف
إخوة الإسلام
الصالحون هم أولياء الله المقربون ، وهم أحباؤه المخلصون ،وهم خاصته من عباده، الذين صدقوا في محبتهم لله -عز وجل-، فتعلقت قلوبهم بالله -عز وجل-، وانعكس ذلك على أخلاقهم وسلوكهم ، فالصالحون لهم أوصاف وسمات يتميزون بها عن غيرهم ، ومن شأن هذه الأخلاق وتلك السمات أنْ تجعل النّاس يحبونهم ويألفونهم. والصالحون هم أهل الإيمان والعمل الصالح ، فما تركوا لله طاعة إلا شمروا عن ساعد الجد لأدائها ، وما علموا بشيء فيه رضا لله إلا فعلوه ،راغبين راهبين ، فأورثهم الله نور الإيمان في قلوبهم ، فصارت قلوبهم لينة من ذكره تعالى ، وقادت جوارحهم للخشوع ، فما تكاد تخلوا بالله إلا فاضت أعينهم من الدمع من كمال خشيته ، قال تعالى: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ } [الفتح 29]، فالصالحون يبدوا على وجوههم أثر السجود، وفي أخلاقهم ومعاملاتهم أثر الطاعة ، فإن للطاعة نوراً وإشراقاً وحلاوةً ولذةً تبدو على أهل الطاعات. يقول بن عباس: “إن للحسنة ضياءً في الوجه ،ونوراً في القلب ،وقوةً في البدن ،وسعةً في الرزق ،ومحبةً في قلوب الخلق ” وسُئل أحد الصالحين: “ما بال المتهجدين أحسن الناس وجهاً؟”،
فقال لهم: “أولئك قومٌ خلَوا بالحبيب فألبَسَهم من نوره”. نعم لقد كانوا طِوال الليل مع الله سبحانه وتعالى في حالة ذكرٍ، وسجودٍ، وقيامٍ، وركوعٍ، وتلاوةٍ، ودعاءٍ واستغفار، فألبسهم الله تعالى من نور عبادته، وأذاقهم من حلاوة طاعته، فظهر ذلك على وجوههم نوراً وسِيْماً وعلامةً يعرفهم بها الناس، فإذا رأوهم ذكروا الله تعالى. والصالحون قوم تحابوا في الله: ففي سنن أي داود ( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ.
قَالَ « هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلاَ أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لاَ يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلاَ يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ ». وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ (أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ). والصالحون يجتمعون على طاعة الله، ويتفرقون على طاعته، ويتعاونون على البِرّ والتقوى، روحهم روحٌ إيمانية، ومجالسهم مجالس ذكر ووعظ وتلاوة للقرآن.
أيها المسلمون
فينبغي على المسلم أن: يتعرف على صفات وسمات وأخلاق الصالحين ، وأن يقرأ في سيرتهم ليقف على أخلاقهم ، ويتتبع خصالهم ، حتى يقتدي بهم. فمن أخلاق الصالحين الحياء من الله : والحياء خُلُق الإسلام ، روى ابن ماجة (عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الإِسْلاَمِ الْحَيَاءُ ». ومن أخلاقهم الزهد في الدنيا : لأن الزهد لباس الراغب في لقاء الله ، والطامع في جنته , قال الحسن : لو رأيت الأجل ومروره , لنسيت الأمل وغروره . ومن أخلاق الصالحين وسماتهم الكرم : والكرم من علامات البر ،قال تعالى : { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} (92) آل عمران ، والكرم هو أحد مقوّمات هذا الدين العظيم , إذْ لا يقبل الله البخل ,ويبغض أهل الشح , ووعد أهل الإنفاق بالخير الكثير ،قال تعالى : { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (39) سبأ ، ومن أخلاق الصالحين : العدل، فبالعدل تسير الحياة كما يريدها الله جل في علاه , وبالعدل يتم لنا الرضى بما قسم الله لنا من أرزاق, وبالعدل تهنأ النفوس , وتستريح الأفئدة , وتبتهج الخواطر 0 قال تعالى : { وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (9) الحجرات ، ومن أخلاق الصالحين : الصدق ، فإن الصدق منارة الحق , وعنوان الولاء لله تعالى قال الله تعالى : { فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} (21) محمد ، ومن أخلاق الصالحين : الأمانة ، والأمانة : حفظ سر, وإيفاء وعد , وإقامة عدل , وأمرٌ بمعروف , ونهيٌ عن منكر , وصدق حديث ،و..0
والأمانة : تحميك من كل دنيّة , وتهديك محبة الناس على اختلاف آرائهم وأعمارهم 0 وفي ضياع الأمانة ،ضياع للحقوق , وتتعطّل المهن , ويغوص الناس في بحور الظن , ويتسكّعون في ميادين الوهم , لا ثقة بينهم , ولا حب يجمعهم ، ومن أخلاق الصالحين وسماتهم : الحلم ، والحلم هو ثباتك أمام من ينهرك , وثقتك بنفسك قِبَلَ من يستصغرك , وسلاحك لمن أرد أن يقتلك ، والحلم :هو كظمك الغيظ , وعفوك عن المخطئ , وصبرك على الإساءة 0
والحلم سيّد الأخلاق , وعلامة للصابرين المحتسبين , وصفةٌ محبوبةٌ لرب العالمين ،ومن أخلاق الصالحين وسماتهم : الصبر ، فالصبر للمؤمن علامة , وللراضي بقضاء الله وقدره وسام , وهو لمن يتجسّد به بشرى ونور من عند الله تعالى، قال سبحانه { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} البقرة ( 155:157) ، ومن أخلاق وسمات الصالحين : التواضع ، والتواضع عبادة جليلة , وعادةٌ حميدة , وخُلُقٌ رائع , لا يتّصف به إلاّ أسياد الأمة , وأشراف الخلْق 0
وجزاؤه بإذن رب الناس الجنّة , قال تعالى 🙁 تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (83) القصص ، والتواضع هو لين الجانب للصغير والكبير , وهو خفض الجناح للمسيء والمقصّر , قال تعالى :(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) (88) الحجر ، والتواضع :هو الكلمة الحسنة الهادئة, والابتسامة الصادقة , والخطوة المتزنة الثابتة , ومن أخلاق الصالحين وسماتهم : كتمان السر ، وهو من الأخلاق الجميلة التي يجب أن يتحلّى بها المسلم , ومن الدلالات الطيبة التي تعزّز علاقات الناس بعضهم ببعض , وتجدد مواضع الثقة بينهم , وتضاعف من درجات الحب والتواد والتواصل مع بعضهم البعض ،قال المهلّب :” أدنى أخلاق الشريف كتمان السر , وأعلى أخلاقه نسيان ما أُسِرَّ له ”
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من سمات الصالحين، وأخلاق المقربين )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن أخلاق الصالحين وسمات المقربين: المشورة ، فالمشورة نور بعد ظلام , وهدى بعد ضلال , وسلامة بعد خوف ، وقالوا قديماً : لا مال أوفر من العقل , ولا فقر أعظم من الجهل , ولا أظهُر أقوى من المشورة ، وقال الحسن : الناس ثلاثة فرجلٌ رجل , ورجلٌ نصف رجل , ورجلٌ لا رجل , فأما الرجل الرجل فذو الرأي والمشورة , والرجل نصف الرجل الذي له رأي ولا يشاور , والرجل لا رجل فالذي ليس له رأي ولا يشاور ، ومن أخلاق وسمات الصالحين : إيمانهم بالغيب: وهذه الصفة هي من أخص صفاتهم، فإنها التي تدعوهم إلى العبادة والانقياد الكامل لأمر الله عز وجل ونهيه، وهذه الصفة هي أول صفة وصفهم الله عز وجل بها في كتابه. قال الله تعالى : “ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ” (البقرة:2-4). ومن أخلاق وسمات الصالحين : العفو والصفح: وهو أن تعفوا عمن ظلمك وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك ، وتحسن إلى من أساء إليك ، قال الله تعالى : (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) (الشورى:40) ، ومن أخلاق وسمات الصالحين : تعظيم شعائر الله: قال تعالى: “ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ” (الحج:32). قال القرطبي ( فالمتقون يعظمون طاعة الله وأمره فيدفعهم ذلك إلى طاعته، ويعظمون كذلك ما نهى الله عنه فيدفعهم ذلك عن معصيته ) ، ومن أخلاق وسمات الصالحين : المحافظة على الصلاة ، وقيام الليل : وذلك من أسباب القرب من الله عز وجل، وقيام الليل دأب الصالحين ، وفيه أنس المخبتين ،وهو ينير الوجه ،ويريح القلب ،ويبعث على الطمأنينة والسكينة والرقى الروحي والإيماني، وقد وصف الله أهل قيام الليل بأنهم « تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ». السجدة (16)
وقيام الليل يزيد في القرب ،وهو سبب للحب ،وفيه رفع للقدر ،ووضع للوزر ، وشرح للصدر ،وترويح للنفس، وتنشيط للعقل ،وشحذ للهمم، ويزيد الرحمة في القلوب ، ومن أخلاق وسمات الصالحين : أنهم يحافظون على الصلاة، والمشي بالسكينة والوقار، وأنهم يدعون ربهم بأن يبعد عنهم عذاب النار ، ولا يعتدون على النفس التي حرم الله قتلها، ويترفعون بأنفسهم عن الفواحش ، وإذا سمعوا القرآن انتبهوا إليه بآذان صاغية ،وقلوب حاضرة ، ويلحون على الله بالدعاء ومن أخلاق وسمات الصالحين : إشفاقهم على الضعفاء والمساكين، وسعيهم في خدمتهم، وتنافسهم في عمل الخير، والدعوة إليه، وقيامهم بواجب الدعوة إلى الله -عز وجل ، وبذلهم الوقت والمال والجهد من أجل ذلك، والحرص الدائم على الاستقامة في سلوكهم، وندمهم الشديد عند أي مخالفة، وهم يقفون عند حدود الله -عز وجل- وتتمعر وجوههم عند الوقوع في أي ذنب. ومن أخلاق وسمات الصالحين : تجنبهم لمجالس اللغو، وابتعادهم عن الكذب، وشهادة الزور، وتضحيتهم في سبيل الله بالمال والنفس، وبذل كل ما بوسعهم لخدمة دين الله عز وجل، ومحبتهم للمؤمنين وسعيهم في خدمهم، وحرصهم على تنشئة أولادهم وأسرهم التنشئة الإسلامية الصحيحة، والتزامهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الدعاء