خطبة عن الصحابي ( عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ )
أكتوبر 28, 2017خطبة عن (خلق التواضع وأحوال المتواضعين
أكتوبر 28, 2017الخطبة الأولى (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (55) ،(56) المدثر ،وروى الترمذي في سننه : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) قَالَ : « قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى فَمَنِ اتَّقَانِي فَلَمْ يَجْعَلْ مَعِي إِلَهًا فَأَنَا أَهْلٌ أَنْ أَغْفِرَ لَهُ »
إخوة الإسلام
من أقوال العلماء والفسرين في قوله تعالى : (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) ،(56) المدثر ،قال الزجاج : “هو أهل أن يُتقَى عقابه، وأهل أن يُعمل بما يؤدي إلى مغفرته”. كما أورد الماوردي ثلاثة أوجه ذكرها الفراء في تفسير الآية، فقال : “أحدها، قاله قتادة : هو أهل أن تتقى محارمه، وأهل أن يغفر الذنوب ، الثاني: قول رواه أنس مرفوعاً: هو أهل أن يتقى أن يجعل معه إله غيره، وأهل لمن اتقاه أن يغفر له، الثالث: هو أهل أن يتقى عذابه، وأهل أن يعمل بما يؤدي إلى مغفرته. وزاد الماوردي رابعاً: هو أهل الانتقام والإنعام”. وقال الثعالبي: “أنه بفضله وكرمه أهل أن يَغفر لعباده إذا اتقوه”. وقال صاحب التفسير الواضح: ” هو الله أهل لأن يتقى ويحذر عقابه فلماذا لا تتقون؟ وهو أهل للمغفرة فلماذا لا تصلحون أعمالكم؟. وتتوبون لربكم وتثوبون لرشدكم؟”. ومعنى أهل المغفرة : أن المغفرة من خصائصه ،وأنه حقيق بأن يغفر لفرط رحمته وسعة كرمه وإحسانه .
أيها المسلمون
ومن الملاحظ في الآية أنه قد كُررت كلمة {أَهْلُ} في الآية ،لأن كلمة {أَهْلُ} الثانية غير كلمة {أَهْلُ} الأولى، فالله جل وعلا أهلٌ لأن يُتقى بمعنى أنه لازم على الخلق أن يتقوا ربهم دون سواه، فلا يوجد أحد أهلٌ لأن يُعبد بحق إلا الله، هذا معنى {أَهْلُ التَّقْوَى}، أما {أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} فليس لزامًا على الله أن يغفر لكل أحد، ولزامٌ على كل أحد أن يتقي الله هذه {أَهْلُ} الأولى، لكن ليس لزامًا على الله أن يغفر لكل أحد، هذه {أَهْلُ} الثانية : فلهذا فرّق الله بينهما ولم يعطف مباشرة ويقول: “هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَالْمَغْفِرَةِ”، وإنما قال جل ذكره: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ}. ويُستفاد من هذا :أن قول الله: {أَهْلُ التَّقْوَى} يجعلك تجنح إلى ربك فتعبده دون غيره، وأما قوله جل وعلا: {أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} يجعلك تجنح إلى ربك فتطمع فيه أن يعينك على تقواه.
أيها المؤمنون
والآية الكريمة تتحدث مذكرة المعرضين عن سبيل الله وعن ذكره سبحانه والمقبلين أيضاً ، بأنهم واقعون جميعهم تحت مشيئته، فلا يكون في ملكه عز وجل إلا ما يشاء، وهو جدير بأن يتقى، وجدير بأن يغفر تبارك وتعالى لمن شاء . وهو سبحانه وتعالى أهل لأن يتقى ،بحفظ النفس مما يؤثم، وترك المحرم، وبالاستبراء للدين والعرض بترك المشتبهات. وهو أهل لأن يستر عيوب وذنوب التائبين متى شاء سبحانه وتعالى. فهو سبحانه أهل التقوى وأهل المغفرة ، لكل من مات واتقى الشرك بالله ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قَالَ رَبُّكُمْ أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى فَلاَ يُشْرَكَ بِي غَيْرِى وَأَنَا أَهْلٌ لِمَنِ اتَّقَى أَنْ يُشْرِكَ بِي أَنْ أَغْفِرَ لَهُ ». رواه ابن ماجه ، وهو أهل المغفرة لمن تاب إليه من الذنوب الكبار، وأهل المغفرة أيضا للذنوب الصغار، باجتناب الذنوب الكبار.، فلا يكبُر ذنبٌ مع سعة رحمة اللهِ، إلا الشرك،
قَالَ تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) النساء 48. والله سبحانه وتعالى :﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ ، فإذا أراد أنْ يغفر لك ،فلا جِهَة تمْنعُه من ذلك، فعليك أنْ تتَّجِهَ لله وحْدهُ، ولا تُعَلِّقَ الأمل على غيره ،وإنما تُعَلِّقَ الأمل على الله عز وجل.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والعبد التقي دائمًا يذكر ربه، لأن ذكر الله مطردة للشيطان والوسوسة، ومطهرة للقلب من كل ما يدخل فيه من رجس أو دنس قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم} [الأنفال: 2:4]. ومن صفاتهم أنهم يؤمنون بالغيب إيمانًا جازمًا ، قال تعالى : {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ . هدىً للمتقين الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [البقرة: 2:3]. ومن صفاتهم أنهم يعفون ويصفحون ، قال تعالى :{وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237] ، ومن صفات المتقين: أنهم لا يقترفون الكبائر ولا يصرون على الصغائر، وإذا وقعوا في ذنب سارعوا إلى التوبة منه ، قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [الأعراف: 201] ، ومن صفاتهم أنهم يتحرون الصّدق في الأقوال والأعمال قال تعالى : {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: 33]، ومن صفاتهم أنهم يعظمون شعائر الله ، قال تعالى : {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، ومعنى تعظيم شعائر الله ؛ أن المرء يعظم حرمات ربه فلا ينتهكها، ويعظّم أوامر الله فيأتي بها على وجهها،
أيها المسلمون
ومن ثمرات التقوى : أنها المخرج من كل ضيق ومصدر للرزق من حيث لا يحتسب ، فقال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا .وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2:3]، ومن ثمرات التقوى تسهيل الأمور، وأن ييسر الله له الأسباب قال تعالى : {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4]. ومن أهم ما يُكافأ به المتقي أنه يُعطى العلم النافع من جرّاء التقوى قال تعالى : {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282]، ومن ثمرات التقوى محبة الله والملائكة للعبد، ومحبة الناس ، قال تعالى :{بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 76]،
الدعاء