خطبة عن حديث ( ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ )
ديسمبر 9, 2017خطبة عن الصحابي: (ربعي بن عامر التميمي)
ديسمبر 9, 2017الخطبة الأولى (مع اسم الله (الْعَلِيمُ ،العَالِمُ ،العَلَّامُ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف 180، وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ »، وقال تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (78)التوبة
إخوة الإسلام
إن معرفة أسماء الله جل جلاله الواردة في الكتاب والسنة ،وما تتضمنه من معاني جليلة ،وأسرار بديعة ،لمن أعظم الأسباب التي تعين على زيادة إيمان العبد ، وتقوية يقينه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:”ولما كانت حاجة النفوس إلى معرفة ربها أعظم الحاجات، كانت طرق معرفتهم له أعظم من طرق معرفة ما سواه، وكان ذكرهم لأسمائه أعظم من ذكرهم لأسماء ما سواه”.ومن الأسماء الحسنى التي وردت في كتاب الله العزيز: اسمه سبحانه : (الْعَلِيمُ ،العَالِمُ،العَلَّامُ) ،قال الله تعالى : (قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (32) البقرة وقال تعالى : (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (76) المائدة، وقال تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (29) البقرة ،وقال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (38) فاطر ،وقال تعالى : (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (73) الأنعام ،وقال تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (78)التوبة ،وقال تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (109) المائدة
أيها المسلمون
واسمه تعالى : (الْعَلِيمُ ،العَالِمُ، العَلَّامُ) ، جاء في معناه للعلماء والمفسرين أقوال متعددة ، ومنها : قال الفخر الرازي : (الْعَلِيمُ) :من صفات المبالغة التامة في العلم، والمبالغة التامة لا تتحقق إلا عند الإحاطة بكل المعلومات، فلله العلم المطلق . وقال الخطابي: الْعَلِيمُ : هو العالم بالسرائر والخفيات ،التي لا يدركها علم الخلق، كقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [لقمان: 23]. وقال ابن منظور رحمه الله: هو الله العَالِمُ بما كان وما يكون قبل كونه، وبما يكون ولما يكن من قبل أن يكون، لم يزل عالماً ولا يزال عالماً بما كان وما يكون ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، أحاط علمه بجميع الأشياء باطنها وظاهرها، دقيقها وجليلها، وقال السعدي: الْعَلِيمُ هو الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن والإسرار والإعلان، وبالواجبات والمستحيلات والممكنات، وبالعالم العلوي والسفلي، وبالماضي والحاضر والمستقبل، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء . وقال القحطاني: العليم: الذي يعلم تفاصيل الأمور، ودقائق الأشياء ،وخفايا الضمائر والنفوس، لا يغرب عن ملكه مثقال ذرة، فعلمه يحيط بجميع الأشياء. ونظمه ابن القيم رحمه الله في (النونية) بقوله :
وهو العليم أحاط علما بالذي في الكون من سر ومن إعلان
وبكل شيء علمه سبحانه فهو المحيط وليس ذا نسيان
وكذاك يعلم ما يكون غداً وما قد كان والموجود في ذا الآن
وكذاك أمر لم يكن لو كان كيـــ ـــف يكون ذاك الأمر ذا إمكان
أيها المسلمون
فالله سبحانه وتعالى هو (الْعَلِيمُ ،العَالِمُ، العَلَّامُ) ، الذي يعلم السر وأخفى ، ويعلم ما في البر والبحر ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ، ويعلم ما توسوس به النفس للعبد قبل أن يتفوه به ،وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر. وهو (الْعَلِيمُ ،العَالِمُ، العَلَّامُ) ، قد أحاط علمه بالحبة في ظلمات الأرض ، وبالورقة الساقطة فيها ، وبالرطب واليابس ، وأحاط علمه بمكاييل البحار ،وعدد قطر الأمطار، وما في البر من مثاقيل الجبال ،وعدد حبات الرمال ، كل ذلك أحاط الله جل جلاله به ، قال الله تعالى : (عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [ سبأ :3] .فكل شيء أحصاه الله سبحانه وتعالى ، وكتبه في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى . يقول تعالى : (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) الانعام (59) فعلم الله سبحانه وتعالى متضمن للعلم الكامل ،الذي لا يسبقه جهل ، ولا يلحقه نسيـان،
أيها المسلمون
وقد حظيت صفة العلم في نصوص القرآن بمكانة خاصة ؛ لأنها مرتبطة ارتباطاً شديداً بمسؤولية الإنسان، ووقوفه أمام الله عز جل ، وما يُبني عليها من الإحساس بمراقبة الله على أعمال الإنسان الظاهرة والباطنة ، ولكي يظل إيمان الإنسان بها قائماً في أعماق النفس ، وباعثاً له على تجويد العمل ، والإحسان في القصد ، ثم يربط بين الاعتقاد بهذه الصفة وبين السلوك البشري الصحيح ، يقول سبحانه وتعالى :( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (235) البقرة ، ويأتي الحديث عن العلم الإلهي المحيط مشفوعاً بما يترتب عليه من إحصاءٍ للأعمال ، ومن المحاسبة عليها ، ومن المجازات بالنعيم ، أو بالجحيم ، كما في قوله تعالى : (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (284) البقرة ،وتأتي الآيات في كتاب الله ؛ لتذكر الانسان بأن ّالله عالم بالعباد ، وآجالهم وأرزاقهم وأحوالهم وشقائهم وسعادتهم ، ومن يكون منهم من أهل الجنة ، ومن يكون منهم من أهل النار قبل أن يخلقهم ويخلق السموات والأرض .
أيها المسلمون
ومن الملاحظ أيضا أن الآيات قد اشتملت على مراتب العلم الإلهي المختلفة : وأولها : علم الله بالشيء قبل أن يكون ، وهو سر الله في خلقه ، وقد اختص الله به دون عباده ، فكل أمور الغيب قدرها الله في الأزل ،ومفتاحها عنده وحده ولم يزل ، كما قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (34) لقمان ، ثانيها : علمه بالشيء وهو في اللوح المحفوظ بعد كتابته وقبل إنفاذ أمره ومشيئته . فالله عز وجل كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم بخمسين ألف سنة ، والمخلوقات في اللوح قبل إنشائها كلمات ، وكل ذلك عن علمه بما في اللوح من حساب وتقدير ، وكيف ومتى يتم الإبداع والتصوير ؟ كما قال تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (70) الحج ، وقال تعالى : (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (22) الحديد ، ثالثها : علمه بالشيء حال كونه وتنفيذه ووقت خلقه وتصنيعه ، كما قال تعالى : (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) (8)، (9) الرعد ، رابعها : علمه بالشيء بعد كونه وتخليقه وإحاطته بالفعل بعد كسبه وتحقيقه ، قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (60) الأنعام ،وقال تعالى: (قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ) (4) قّ ،وقال تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (78) التوبة
أيها المسلمون
والإيمان باسمه تعالى : (الْعَلِيمُ ،العَالِمُ، العَلَّامُ) له آثاره الإيمانية في سلوك العبد وفي أقواله وأفعاله ومعتقداته ، ومنها : أنه بالإيمان باسمه العليم ، يتيقن المؤمن دائماً أن الله عليم بما يعمله بجوارحه ، وما يعزم عليه في قرارة نفسه ، مما يجعله دائماً نزَّاعاً للطاعات ، ومسارعاً للخيرات ، ومجانباً للسيئات ، ومراقباً لنفسه بنفسه ، وحذراً من نفسه على نفسه ، فيحقق المراقبة لله سبحانه وتعالى ، وبدوام ذلك ، يترقى المؤمن من درجة الإيمان إلى مرتبة الإحسان ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم « الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » متفق عليه ، ومن الآثار الإيمانية بهذا الاسم في سلوك العبد ، وفي حياته :أن الاعتقاد بأن الله عز وجل علم في الأزل جميع ما هو كائن ، وعلم جميع أحوال خلقه ، وأرزاقهم ،و آجالهم ، و أعمالهم ، وشقاوتهم و سعادتهم ، وعلم عدد أنفاسهم ولحظاتهم ، وجميع حركاتهم و سكناتهم ، وهذا الاعتقاد يورث المؤمن تعظيم الله والرضى عنه ،والتسليم لمقاديره حلوها ومرها . والإيمان بعلم الله يجعل الإنسان يعتدل في حياته فلا تبطره النعمة، ولا تقنطه المصيبة، لعلمه أنه من عند الله ، وأن كل ذلك بعلم الله ومشيئته . ومن الآثار الإيمانية بهذا الاسم في سلوك العبد ، وفي حياته : أن يتنازل الإنسان عن محبوباته لوجه الله عز وجل ، وبذلك تسخو نفسه ، وتتحرر من رق الشهوات وعبوديتها ، ولا يقدر الإنسان على ذلك إلا إذا علم أن الله سبحانه يعلم ما ينفقه الإنسان ،وأنه سبحانه يشكره عليه ويجازيه أحسن الجزاء ، ففي صحيح البخاري (قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) آل عمران 92،قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ : ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) آل عمران 92، وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرُحَاءَ ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ . قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « بَخْ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ » . فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِى عَمِّهِ) ،ومن الآثار الإيمانية بهذا الاسم في سلوك العبد ، وفي حياته : أن يرضى الإنسان بالمقدور ويستسلم لمشيئة الله العليم الحكيم ، قال الله تعالى : (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (216) البقرة ، ومن الآثار الإيمانية بهذا الاسم في سلوك العبد ، وفي حياته : تربية الأبناء على معاني مراقبة الله واطلاعه وسعة علمه ، وها هو لقمان الحكيم يربي ابنه على مراقبة الله ، قال تعالى على لسانه :(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (16) لقمان ، ومن الآثار الإيمانية بهذا الاسم في سلوك العبد ، وفي حياته : أن يكون المؤمن حذرا من التطلع إلى ما خص الله به نفسه من علم الغيب ، فلا يذهب إلى الكهنة والعرافين والمنجمين ، ففي صحيح مسلم (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ».وفي سنن البيهقي (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ».
ومن الآثار الإيمانية بهذا الاسم في سلوك العبد ، وفي حياته : فضيلة العلم والتعلم ؛ لأن الله عليم يحب العلم والعلماء، وما أوتى الإنسان نعمة بعد الإيمان أعظم من نعمة العلم ،وهي التي شرف الله بها آدم عليه السلام فأمر الملائكة بالسجود له إظهارا لمزية العلم ،ومن الآثار الإيمانية بهذا الاسم في سلوك العبد ، وفي حياته : أن يرغب المؤمن إلى الله سبحانه أن يفتح عليه مغاليقه ، وييسر له أسبابه ؛ فإن الله سبحانه وتعالى واهب العلم والمعرفة . قال تعالى:(وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) النساء (113) وقد كان ابن تيمية يخرج إلى المساجد البعيدة ويمرغ وجهه ويقول : يا معلم ابراهيم علمني و يا مفهم سليمان فهمني . ومن الآثار الإيمانية بهذا الاسم في سلوك العبد ، وفي حياته : أن من أُوتي نصيباً من العلم فلا يغتر ولا يطغى بسبب علمه – فإن للعلم طغيان كطغيان المال إذا لم يهذب بالتقوى والخشية ، ومن أراد النصيب الأوفى من العلم فليشفع علمه بدوام تقوى الله وخشيته والعمل بأمره واستشعار علمه ومعيته حتى يخشى الله ، قال تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) (فاطر:28) ، فإن مقام العلم لا يصلح إلا لمن تطهر باطنه وظاهره وصلح قوله وعلمه .ومن الآثار الإيمانية بهذا الاسم في سلوك العبد ، وفي حياته : الحذر و الخوف من سوء الخاتمة ، فقد توافي الإنسان منيته على غير ما يحبه ربه ، وذلك ؛ لأن العاقبة في علم الله عز وجل ولا يدري أحد ما الله فاعل ، وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، وفي الصحيحين (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ « إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ بِرِزْقِهِ ، وَأَجَلِهِ ، وَشَقِىٌّ ، أَوْ سَعِيدٌ ، فَوَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ – أَوِ الرَّجُلَ – يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ بَاعٍ أَوْ ذِرَاعٍ ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيَدْخُلُهَا ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذِرَاعٍ أَوْ ذِرَاعَيْنِ ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ، فَيَدْخُلُهَا »
الدعاء