خطبة عن ( وقفات مع سورة الْكَوْثَر )
يناير 27, 2018خطبة عن (اسْتَعِذْ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ مِن نَزْغ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)
يناير 27, 2018الخطبة الأولى ( الطريق إلى الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (153) الأنعام ، وروى أحمد في مسنده :(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَطًّا ثُمَّ قَالَ « هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطاً عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ – ثُمَّ قَالَ – هَذِهِ سُبُلٌ – قَالَ يَزِيدُ – مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ». ثُمَّ قَرَأَ : (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِى مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) ، وفيه : (عَنِ النَّوَاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً صِرَاطاً مُسْتَقِيماً وَعَلَى جَنْبَتَىِ الصِّرَاطِ سُورَانِ فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ وَعَلَى الأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعاً وَلاَ تَتَفَرَّجُوا وَدَاعِى يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُفْتَحَ شَيْئاً مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ قَالَ وَيْحَكَ لاَ تَفْتَحْهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ وْالصَّرِاطُ الإِسْلاَمُ وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى وَالأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ الدَّاعِى عَلِى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدَّاعِى مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِى قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ »
إخوة الإسلام
الطريق إلى الله هيَ غاية ما ننشده في هذهِ الحياة ، والطريق إلى الله سبيل النجاة ، فهيَ الطريق المستقيم وطريق الحق ، وإذا أردنا أن نعرف طريقنا إلى الله، فعلينا أن نعرف الله ، ومعرفة الله عزّ وجلّ تكون بالنظر في خلقهِ ،وفي كونِهِ المنظور ، وفي كتابهِ الحكيم المسطور القرآن الكريم ، الذي لا ريب فيه ولا شكّ ، فطريقنا إلى الله بالتأمل والتفكر في الكتاب المنظور؛ ذلك لأننا إذا أمعنا النظر في هذا الكون الواسع الفسيح، لوجدنا أن كل شيء فيه دليلٌ واضح على وجود الله، وطريق إلى معرفته سبحانه، وإذا تجاوزت نظرتنا النظرة المادية الظاهرية للأشياء، تلتها نظرة ثاقبة وفاحصة تصل إلى بواطن الأشياء؛ إذ إن هناك فرقًا بين النظرة المادية التي تنظر إلى الطبيعة بما هي عليه ولا تتخذها وسيلة إلى معرفة الله تعالى، وبين النظرة الإيمانية الثاقبة التي تتجاوز المعرفة الظاهرية للطبيعة، وتصل إلى المعرفة الباطنية؛ أي معرفة المبدأ والخالق، وذلك عن طريق الإمعان في النُّظم والسُّنن الموجودة في هذا الكون، والدالة على وجود خالق لها. والجدير بالذكر أن طريقة القرآن الكريم في الدعوة إلى معرفة الله تعالى هي هكذا، يقول الله تعالى :﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [يونس: 101]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164]. وقال الله تعالى: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ﴾ [العنكبوت: 20]. وقال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم: 22]. وقال الله تعالى: ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴾ [الطارق: 5] ، وقال الله تعالى:﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴾ [الغاشية: 17 – 20]. وقال الله تعالى:﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: 190]. إلى غير ذلك من الآيات التي تدعو إلى التفكر والتدبر في الأشياء؛ بُغْية الوصول إلى معرفة الله تعالى.
أما كتاب الله المسطور: وهو القرآن الكريم؛ فهو دليل التعامل مع كتاب الله المنظور “الكون”، وكتاب الله المنظور هو برهان الإيمان بكتاب الله المسطور؛ فكِلا الكتابينِ لا غِنى عنهما في الوصول إلى ربِّ العالَمين، وبلوغ سعادة الدارَين. ففي القرآن الكريم يتعرف المؤمن على أسماء الله وصفاته، وهي مدخل كبير إلى معرفة الله، لا يسُدُّه غيره؛ فيرى العزة والحكمة، ويرى القوة والقهر والكبرياء، ويرى الهيمنة والعلم والإحاطة، ويرى الرحمة واللُّطف والخبرة، كل هذا يراه المؤمن، فيزداد إيمانه بالله، وقربه منه تعالى. هذه المعرفة وذلك القرب من الله تعالى يؤهل المؤمن لفهم كتاب الله، وقراءته قراءة مبنيَّة على الدليل والبرهان، ومؤسَّسة على الفَهم والبصيرة. وفي القرآن الكريم يطالع المؤمن صفات الله تعالى؛ صفات الجلال، وصفات الكمال، ويلمس نِعَمَ الله وآياتِه في الأنفس والآفاق. وفي القرآن الكريم يرى المؤمن يدَ الله ـ تعالى ـ تتحرك هنا وهناك، تعمل بالقدَر والتصريف والتداول والتغيير هنا وهناك. وفي القرآن الكريم يرى قصص السابقين، ومصارع الغابرين، وكيف أجرى الله فيهم سُننَه؛ الإهلاك لمن كفر، والنجاة لمن آمَن وصدَّق. وفي القرآن الكريم يرى مشاهد يوم القيامة؛ مشاهد الجنة، ومشاهد النار، مشاهد الحساب والجزاء، ومشاهد البعث والنشور ، إلى غير ذلك من صور قرآنية تؤدي إلى معرفة الله تعالى، وتُثمِر في النفس خشيةَ الحق جل جلاله، والقربَ منه. وهذان الطريقان أساسيان في التعرف على الله تعالى، وسببان رئيسان مؤديان إلى القرب منه، وبغيرهما لن يستطيع المؤمن التعرف على الله، فضلًا عن القرب منه.
أيها المسلمون
ونعرِف طريقنا إلى الله بالهداية وهدايتنا بالإسلام ، هدايتنا بإتباع رسولهِ الخاتم محمّد صلّى الله عليه وسلّم ، هدايتنا بطاعة أوامره ، فإذا تحقّقت الهداية وتحقّق الإتباع لما جاءنا في القرآن الكريم وما جاءنا به سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم ، فهذِهِ بلا شكّ هي الطريق إلى الله ، وهي النجاة من الطرق المُهلكة. ومن الطرق أيضاً طريق الصلاة ، فالصلاة هي الصلة التي تربطنا مع الخالق جلّ وعلا ، إذ يكون العبد في أثناء صلاته أقرب ما يكون إلى الله تعالى ، حيث أنه يكون بين يدي الله تعالى، وإذا دعا العبد ربه في أثناء الصلاة ، فإن الله تعالى بإذنه يستجيب له ، ويُقربنا إلى الله عز وجل الإيمان باليوم الآخر، لأن الإيمان باليوم الآخر يُعد من الإيمان بالله تعالى ،فمن آمن باليوم الأخر ،وأنّ الله تعالى مالك يوم الدين ، وبيده زمام الأمور، فإنه بذلك يتقرب إلى الله تعالى ، ومن الأمور الأخرى التي تقربنا من الله عز وجل : عبادته والإستعانة به ،فأي عبادة يقوم بها العبد من صلاة وصيام وإستغفار وغيرها تُعد من طرق التقرب إلى الله تعالى ، فالإستعانة بالله تعالى والإتكال عليه في كل الأمور هي من طرق التقرب إلى الله . ولكي نسير في الطريق إلى الله تعالى يجب تطهير القلب من كل شر وحقد بالإستغفار والذكر وقراءة القرآن ،
أيها المسلمون
من أقوال الإمام الشافعي رحمه الله : (إذا كنت في الطريق إلى الله فاركض ، و إن صعب عليك فهرول ، و إن تعبت فامشِ ، فإن لم تستطيع فسر حبوا ، وإياك والرجوع ) ويقول الألباني رحمه الله : ( الطريق إلى الله طويل ! وليس المهم أن تصل إلى آخره، لكن المهم أن تموت على هذا ) ، فعلى السائر في الطريق إلى الله أن يتعلم وأن يتعرف على طبيعة ، ومتطلبات ، وعقبات هذا الطريق ، فإذا لم تعرف طبيعة الطريق الموصلة إلى الله عزَّ وجلَّ ،والعوائق التي عليه، لن تستطيع أن تسير فيه ،وعند مواجهة أول ابتلاء لن تستطيع أن تَثْبُت .. فلابد أن تتعلَّم أمورا أساسية، تعينك على السير في الطريق إلى الله ، ومنها : أن تعرف ربك ، وأن تعرف نفسك ، وأن تعرف طبيعة الطريق الموصلة إلى الله تبارك وتعالى ، يقول الإمام ابن القيم : “للإنسان قوتان: قوة علمية نظرية، وقوة عملية إرادية .. وسعادته التامة موقوفة على استكمال قوتيه: العلمية والإرادية، واستكمال القوة العلمية إنما يكون: بمعرفة فاطره، وبارئه .. ومعرفة أسمائه وصفاته .. ومعرفة الطريق الذي توصل إليه . ومعرفة آفات الطريق الموصلة إليه .. ومعرفة نفسه ..ومعرفة عيوبها ..
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الطريق إلى الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وللتعرف على أصول الطريق إلى الله ، والسير على طريقه المستقيم ، من خلال القرآن الكريم وبالتحديد( سورة الفاتحة )، وهي السورة التي أفتتح الله بها كتابه الكريم ، قال الله تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } [الفاتحة: 2 : 4] ، فيتضمن الأصل الأول، وهو: معرفة الربُّ تعالى، ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله . والأسماء المذكورة في هذه السورة هي أصول الأسماء الحسنى، وهي: اسم : الله. والربُّ . والرحمن .فاسم الله : متضمن لصفات الألوهية، واسم الربُّ :متضمن لصفات الربوبية، واسم الرحمن : متضمن لصفات الإحسان والجود والبر .. ومعاني أسمائه تدور على هذا. وقوله تعالى : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] .. يتضمن معرفة الطريق الموصلة إليه، وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه، واستعانته على عبادته. وقوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] .. يتضمن بيان أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته. وقوله تعالى : {.. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] .. يتضمن بيان طرفي الانحراف عن الصراط المستقيم، وأن الانحراف إلى أحد الطرفين انحراف إلى الضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد، والانحراف إلى الطريق الآخر انحراف إلى الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل . كما وردت الأصول لمعرفة الطريق إلى الله عزَّ وجلَّ في سورتي المزمل والإنسان، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (*) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (*) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (*) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (*) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (*) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (*) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (*) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 1,8] فوضحت لنا السورة الكريمة أسسا أربعة للثبات والاستقامة : 1) القيام (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ) ولن يكفيك مجرد ركعتين قصيرتين قبل الفجر، وإنما أن تقوم الليـــل وتقضي لحظــات المنــاجــاة للتعرُّف على ربِّكَ عزَّ وجلَّ. 2) تلاوة القرآن (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) ولن تُجدي القراءة السريعة بهدف جمع الحسنـات، إنما أن تُرَتِل القرآن وتتذوق كلماته وتستشعر معانيه؛ فإن ترتيل القرآن به يحصل التدبُّر والتفكُّر، وتحريك القلوب به، والتعبد بآياته، والتهيؤ والاستعداد التام له [تفسير السعدي] .. حتى يوفقك الله سبحانه وتعالى للسير في طريقه المستقيم. 3) ذكر الله سبحانه وتعالى (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ) وقد بينت الآيات أن الإنسان سينشغل في أعماله اليومية وسيقع تحت سطوة الغفلة؛ لذا عليه أن يتحصَّن بذكر الله تعالى وبذلك يقي نفسه من شر فتن الدنيا ، 4) التبتُل (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ) خُذ بحظك من العزلة وانقطع إلى الله تعالى، فإن الانقطاع إلى الله والإنابة إليه، هو الانفصال بالقلب عن الخلائق، والاتصاف بمحبة الله، وكل ما يقرب إليه، ويدني من رضاه. [تفسير السعدي] ، الأساس الثاني: التوكل على الله تعالى وعدم الركون على الأسباب .. قال تعالى : { رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} [المزمل: 9] ، وفيها تذكرة للعُبَّاد أن كل ما سخره الله تعالى لنا ما بين المشرق والمغرب مربـوبٌ لله عزَّ وجلَّ، فتوكَّل على مُسبب الأسباب ولا تركن إلى السبب. وفي الطريق سيحدث منك التفاتًا يمنة ويسرى، فيركن قلبك على الدنيا والمال وينشغل بالنعمة عن المُنْعِم .والله سبحانه وتعالى هو ربُّ المشارق والمغارب، فاتخذه وكيلاً وفوِّض أمرك إليه ، الأساس الثالث: الصبر على الابتــلاء وهجر المخالفين ، قال تعالى : { وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا} [المزمل: 10] ، فالدنيا دار ابتلاء وفتن، وأنه لا سبيل للنصر إلا بالصبـر ، وأنه بالصبر واليقين تُنال الإمامة في الدين ، ففي الطريق إلى الله تبارك وتعالى لابد أن تؤذى ويعاديك الأعداء وتلقى وساوس من الشياطين، وستجد من يتهمك بالفشل والضلال والكثيــر مما يصدك عن سبيـل الله .. وقد تستمع لتثبيطهم أحيانًا وتُبتلى لتمحيص إيمانك وصدقك ..فاصبر على إيذائهم وابتعد عنهم ولا تنصت لما يلوِّث قلبك ..واهجر بيئة الدنيـــا المُفتنة،، الأساس الرابع: الجحود أصل الكُفران .. قال تعالى :{ وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا} [المزمل: 11] ، فأصل الإنحراف والزيغ عن الطريق المستقيم، هو: جحود نعمة الله تعالى على العبد وعدم شكرها .. فهو ينسب النعمة لنفسه وينسى أن الله سبحانه وتعالى هو الذي أنعم بها عليه، فيكون جزاؤه العذاب الأليم؛ فإن الله تعالى يُمهِل ولا يُهمِل.والشكــر ركن الإيمان الأعظم ، وبدونه لن تؤسس إيمانك،، وبعد أن ذكَّرت السورة الكريمة بيوم الميعاد وأهواله ..قال الله عزَّ وجلَّ : {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزمل: 19]
الدعاء