خطبة عن ( أهمية الكلمة وآداب الحديث)
فبراير 3, 2018خطبة عن (وقفات مع النفس، ووصايا على الطريق)
فبراير 3, 2018الخطبة الأولى ( من الأخطاء نتعلم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين البخاري ومسلم :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ ». وروى الترمذي في سننه (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ »
إخوة الإسلام
بداية لا بد أن نكون على علم ويقين بأن كُلّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءُونَ ، ولَا يَخْلُو مِنْ الخطإ والْخَطِيئَةِ إنْسَانٌ ،وذلك لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ البشر مِنْ الضَّعْفِ والنقص ، فالأخطاء هي إحدى حقائق هذا الكون، وهي جزء لا يتجزأ من كياننا نحن البشر. وحديثي معكم اليوم -إن شاء الله- سوف يكون عن تلك الأخطاء التي قد يرتكبها الانسان منا ، أو تقع منه أثناء قيامه بعمل ما ، فالأخطاء التي قد نقع فيها هي فرصة لاكتساب الخبرة والاستفادة منها ،من أجل تلافي عدم تكرارها، واتخاذ المواقف الصحيحة في المرة القادمة. قال أحد الحكماء: نحن نتعلم من أخطاء الماضي أكثر من نجاحات الحاضر، ولقد اكتسبت البشرية المعرفة بأسلوب “المحاولة والخطأ”. ولا يمكنك تجنب الوقوع في الخطأ إلا بالجمود والتوقف عن التفاعل مع الحياة ومع الآخرين وهذا ليس من صفات الأحياء. إن العظمة الحقيقية للإنسان لا تكمن في عدم الوقوع في الخطإ، بل في القدرة على النهوض كلما وقع، أي في القدرة على اكتساب الخبرة النافعة، ومن ثم فعليه التغلب على الشعور بالإحباط لما فشل فيه أو أخفق ، من أجل تحرير نفسه من أي قيد يعطل مسيرة حياته. ونعرف جميعاً أن الأخطاء التي نرتكبها هي التي تعلمنا الصواب، فالطفل الصغير لا يستطيع المشي على أقدامه من أول مرة ، ولكنه يحاول أن يتعلم من أخطائه أثناء سيره حتي يجيد المشي ثم الجري ، وما عليك إلا أن تنظر إلى الكهول والشيوخ ، فتراهم أكثر حكمة من الشباب، وما ذلك إلا لأنهم خريجو مدرسة الأخطاء، وما أروعها من مدرسة، تجعلنا نحترم الذين تعلموا من أخطائهم. فكل خطإ هو رائع في وقت حدوثه، لكن علينا ألا نقع فيه مرة أخرى وإلا أصبحنا من الحمقى.
أيها المسلمون
إن الخطأ سلوك بشري ، ولا بد أن نقع فيه ، حكماء كنا أو جهلاء ، و من الجهل أن يكون الخطأ صغيراً فنكبره أو نضخمه، ولكن لابد من معالجة الخطأ بحكمة وروية ،ولذلك فنحن نحتاج بين وقت و آخر إلى مراجعة أساليبنا في معالجة الأخطاء ، ومن قواعد معالجة الأخطاء : أن اللوم الشديد والمتكرر للمخطئ لا يأتي بخير غالباً ، بل قد يأتي بنتائج عكسية ، ولذلك فعلينا أن نتجنبه ، وقد وضح لنا الصحابي الجليل أنس بن مالك (رضي الله عنه) أنه خدم الرسول صلى الله عليه واله وسلم عشر سنوات ما لا مه على شيء قط ، ففي الصحيحين (حَدَّثَنَا أَنَسٌ – رضى الله عنه – قَالَ خَدَمْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – عَشْرَ سِنِينَ ، فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ . وَلاَ لِمَ صَنَعْتَ وَلاَ أَلاَّ صَنَعْتَ) ، فاللوم والعتاب الشديد مثل السهم القاتل ، ما أن ينطلق حتى ترده الريح علي صاحبه ، فيؤذيه ذلك ، اللوم يحطم كبرياء النفس ، ويكفيك أنه ليس في الدنيا أحد يحب اللوم . ومن قواعد معالجة الأخطاء : أن تبعد الحاجز الضبابي عن عين المخطئ : فالمخطئ أحيانا لا يشعر أنه مخطئ ، فكيف نوجه له لوم مباشر و عتاب قاس وهو يرى أنه مصيب ، إذاً فلا بد أن نزيل الغشاوة عن عينيه ، ليعلم أنه على خطإ ، وفي قصة هذا الشاب الذي أتى الرسول صلى الله عليه واله وسلم درس في ذلك ،ففي سنن البيهقي 🙁 عَنْ أَبِى أُمَامَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ ائْذَنْ لِي فِي الزِّنَا قَالَ فَهَمَّ مَنْ كَانَ قُرْبَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَتَنَاوَلُوهُ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« دَعُوهُ ». ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« ادْنُهْ أَتُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِأُخْتِكَ » . قَالَ : لاَ قَالَ :« فَبِابْنَتِكَ ». قَالَ : فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ بِكَذَا وَكَذَا كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ : لاَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« فَاكْرَهْ مَا كَرِهَ اللَّهُ وَأَحِبَّ لأَخِيكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ». قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُبَغِّضَ إِلَىَّ النِّسَاءَ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« اللَّهُمَّ بَغِّضْ إِلَيْهِ النِّسَاءَ ». قَالَ : فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ بَعْدَ لَيَالٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنْ شَيْءٍ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنَ النِّسَاءِ فَائْذَنْ لِي بِالسِّيَاحَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِى الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ». وفي رواية الطبراني : (قال : ادن فدنا حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتحبه لأمك ؟ قال : لا قال وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم ، أتحبه لابنتك ؟ قال : لا قال وكذلك الناس لا يحبونه لبناتهم ،أتحبه لأختك ؟ قال : لا قال وكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم أتحبه لعمتك ؟ قال : لا قال وكذلك الناس لا يحبونه لعماتهم ، أتحبه لخالتك ؟ قال : لا قال وكذلك الناس لا يحبونه لخالاتهم ، فوضع رسول الله صلى الله عليه و سلم يده على صدره ،وقال : اللهم كفر ذنبه ،وطهر قلبه ،وحصن فرجه)
ومن قواعد معالجة الأخطاء : أن نستخدم العبارات اللطيفة في إصلاح الخطإ : فكلنا يدرك أن من البيان سحراً فلماذا لا نستخدم هذا السحر الحلال في معالجة الاخطاء ، فمثلاً حينما نقول للمخطئ (لو فعلت كذا لكان أفضل..) (ما رأيك لو تفعل كذا..) (أنا اقترح أن تفعل كذا.. ما وجهة نظرك) ، أليست هذه العبارات أفضل من قولنا للمخطئ: يا قليل التهذيب والأدب.. ألا تسمع.. ألا تعقل.. أمجنون أنت .. كم مره قلت لك كذا ..فهناك فرق شاسع بين الأسلوبين ، فإشعارنا بتقديرنا واحترامنا للآخر يجعله يعترف بالخطإ ويصلحه . ومن قواعد معالجة الأخطاء : أن نترك الجدال والمراء ، فترك الجدال أكثر إقناعاً ، وتجنب الجدال في معالجة الأخطاء أكثر و أعمق أثراً من الخطأ نفسه وتذكر .. أنك بالجدال قد تخسر ..لأن المخطئ قد يربط الخطأ بكرامته فيدافع عن الخطأ بكرامته فيجد في الجدال متسعاً و يصعب عليه الرجوع عن الخطإ فلا نغلق عليه الأبواب ولنجعلها مفتوحه ليسهل عليه الرجوع ومن قواعد معالجة الأخطاء : ضع نفسك موضع المخطئ ثم ابحث عن الحل ، وفكر في الخيارات الممكنة التي يمكن أن يتقبلها واختر منها ما يناسبه . ومن قواعد معالجة الأخطاء : أن نطبق تلك الوصية النبوية : (مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ زَانَهُ ) ففي مسند أحمد (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ عُزِلَ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ ». فبالرفق نكسب ، ونستطيع أن نصلح الخطأ ، ونحافظ على كرامة المخطئ ، وكلنا يذكر قصة الأعرابي الذي بال في المسجد كيف عالجها النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق ،حتى علم الأعرابي أنه على خطإ ، ففي الصحيحين (أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ – وَهُوَ عَمُّ إِسْحَاقَ – قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَهْ مَهْ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تُزْرِمُوهُ دَعُوهُ ». فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ « إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لاَ تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ وَلاَ الْقَذَرِ إِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلاَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ».
ومن قواعد معالجة الأخطاء : دع المخطئ يكتشف ويصحح أخطاءه : فعندما يخطئ الإنسان فقد يكون من المناسب في تصحيح الخطأ أن تجعله يكتشف الخطأ بنفسه ثم تجعله يكتشف الحل بنفسه ،والإنسان عندما يكتشف الخطأ ،ثم يكتشف الحل والصواب ،فلا شك أنه يكون أكثر حماساً ،لأنه يشعر أن الفكرة فكرته هو..ومن قواعد معالجة الأخطاء : عندما تنتقد الآخر اذكر جوانب الصواب، قبل أن تذكر الخطأ ، وذلك حتى يتقبل الأخرون نقدك المهذب ،وتصحيحك بالخطأ أشعرهم بالإنصاف خلال نقدك ، فالإنسان قد يخطئ ،ولكن قد يكون في عمله نسبه من الصحة ،فلماذا نغفلها ؟؟. ومن قواعد معالجة الأخطاء :ألا تفتش عن الأخطاء الخفية ، ولكن حاول أن تصحح الأخطاء الظاهرة ، ولا تفتش عن الأخطاء الخفية لأنك بذلك تفسد القلوب ، ولأن الله سبحانه وتعالى نهى عن تتبع عورات المسلمين ، ومن قواعد معالجة الأخطاء :أن تستفسر عن الخطأ مع إحسان الظن ، فعندما يبلغك خطأ عن انسان فتثبت منه أولا ، واستفسر عنه مع حسن الظن به فانت بذلك تشعره بالاحترام والتقدير ، كما يشعر هو بالخجل ، وأن هذا الخطأ لا يليق بمثله: كأن نقول : وصلني أنك فعلت كذا ، ولا أظنه يصدر منك . ومن قواعد معالجة الأخطاء : ( امدح على قليل الصواب يكثر من الممدوح الصواب) : فمثلاً عندما تربي ابنك ليكون كاتباً مجيداً فدربه على الكتابة وأثن عليه ،واذكر جوانب الصواب عنده ، فإنه سيستمر بإذن الله . ومن قواعد معالجة الأخطاء : تذكر أن الكلمة القاسية في العتاب لها كلمة طيبة مرادفة تؤدي المعنى نفسه : فعند الصينيين مثل يقول : نقطة من عسل تصيد ما لا يصيد برميل من العلقم ، ولنعلم أن الكلمة الطيبة تؤثر ، والكلام القاسي لا يطيقه الناس. ومن قواعد معالجة الأخطاء :اجعل الخطأ هيناً و يسيراً وابن الثقة في النفس لإصلاحه : فالاعتدال سنة في الكون أجمع ،وحين يقع الخطأ فليس ذلك مبرراً في المبالغة في تصوير حجمه ، وتذكر أن الناس يتعاملون بعواطفهم أكثر من عقولهم
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من الأخطاء نتعلم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الدكتور ( سلمان بن فهد العودة) في بعض كتاباته : ومن أخلاقيات الخطأ: امتلاك الوضوح والشفافية والجرأة في المعالجة، و هذه من أهم النقائص التي يعاني منها المسلمون؛ إذ تفتقد معظم الدوائر والجهات والجماعات الجرأة في الاعتراف بالخطأ، والتصريح به، بيد أن العالم الغربي قد اعتاد على عكس ذلك، فبمجرد أن توجد ظاهرة قد انتشرت، كسرقة السيارات -مثلاً- ترى وسائل الإعلام والبرلمانات والندوات تُدار حول هذه الظاهرة وأسبابها وطرق معالجتها .. الخ. بينما العالم الإسلامي يميل إلى نوع من التكتم؛ فالاعتقاد السائد يقول بأن وأد المشكلات هو في التكتم عليها لمساعدتها على الزوال بحجة أن الزمن كفيل بحلها، لكن الزمن عنصر محايد قد يضاعف المشكلة، وقد يساعد على حلها بحسب ما نقدّمه نحن، والشفافية تحتاج إلى مناخ من الحرية يسمح بطرح المشكلة والتعامل معها بوضوح. ومن أخلاقيات الأخطاء: الصبر على التصحيح، والدأب في ذلك، وفي المقابل الصبر على الأخطاء التي تحتاج إلى زمن طويل قد لا يكفي عمر الفرد فيها على تصحيحها لمساعدة الأجيال القادمة على حلها، ومن كانت في يده فسيلة فليغرسها للناس والمستقبل والأجيال، وإن من أدوائنا حرص الفرد على انفراده بالتصحيح دون السماح للشركاء، أو مساعدة الآخرين للقيام بالحلول والتصحيح، فالأخطاء لا يمكن أن تزول بين عشية وضحاها، ولا يمكن أن تزول بقرار، وإن كان القرار مؤثراً؛ لأن جزءاً من تربية الناس وشخصياتهم وعاداتهم تتطلب توافر الجهود والدأب على المراجعة، وتحتاج إلى قرارات ذاتية بتجاوز الخطأ والتفوق عليه. والخطأ يحتاج لأسلوب حكيم لبثّ الإصلاح، و يحتاج للنظر الإيجابي حتى للأخطاء، والكأس نصف الممتلئ تستطيع أن تقول عنه ذلك، وتستطيع أن تقول إن نصفه فارغ، ولما قال بعض الصحابة في الذي شرب الخمر: لعنه الله ما أكثر ما يُؤتى به، قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لاَ تَلْعَنُوهُ ، فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ » أخرجه البخاري، فانظر كيف استطاع النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرى ويُري أصحابه الوجه الآخر. ومن أخلاقيات الأخطاء : تفهّم دوافع الآخرين، كما في قصة حاطب بن أبي بلتعة حينما أرسل خطاباً للمشركين فحماه النبي -صلى الله عليه وسلم- وتفهّم دوافعه في حرصه على أهله بمكة، فإنّ تفهّم دوافع الآخرين يعطي الإنسان اعتدالاً وجرعة من حسن الظن بهم، حتى مع حصول الخطأ منهم، مما يهيئ الجو لتجاوز الأخطاء وتداركها، والتعامل بذكاء معها. ولكي نعالج الأخطاء بذكاء وأخلاقية يجب أن نتذكر أخطاءنا تجاه الآخرين، وأن نتحلّى بالصبر على الناس وعلى أخطائهم وعلى أنفسنا قبل ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « الْمُؤْمِنُ الَّذِى يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْراً مِنَ الَّذِى لاَ يُخَالِطُهُمْ وَلاَ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ » رواه أحمد ،وأن نغضي ونتغافل عن بعض ما لا يضر تجنباً للضرر الأكبر لفقه أولويات المراجعة والتصحيح ، وعلينا ألاّ نجعل من أنفسنا معايير للخطأ والصواب، وأن نرى الآخرين بإيجابية وحسن ظن، وأن نتسامح معهم ونعوّد أنفسنا على ذلك،
الدعاء