خطبة عن (العين الباكية) (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ)
فبراير 10, 2018خطبة عن (وقفات وتأملات في سورة البروج)
فبراير 10, 2018الخطبة الأولى ( خطورة الاعتراض على شرع الله وأحكامه )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء 65 . وقال تعالى : (إِنْ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) يوسف 40 .وقال الله تعالى :(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور63 ،وفي صحيح البخاري : (عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَاءَ . فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا ، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ فَنَجَوْا ، وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ ، فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ ، فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي ، فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ ، وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ »
إخوة الإسلام
يجب أن يعلم أن من أصول الإيمان : التحاكم إلى الله -تعالى-، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، والتسليم لحكمهما، والرضا به، قال الله تعالى-: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء 59 .وبهذا يظهر أن رفض التحاكم إلى الله جل شأنه وإلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أو رفض حكمهما، أو اعتقاد أن حكم غيرهما أحسن من حكمهما، كفر وخروج من الإسلام. فالأحكام التي شرعها الله لعباده وبينها في كتابه الكريم ، أو على لسان رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم ، ليس لأحد الاعتراض عليها ولا تغييرها ، لأنه تشريع محكم للأمة في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعده إلى قيام الساعة ، فالواجب العمل بذلك عن اعتقاد وإيمان ، ومن اعتقد أن الأصلح خلاف ما شرع الله فهو كافر ، لأنه معترض على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى إجماع الأمة ؛ وعلى ولي الأمر أن يستتيبه إن كان مسلماً ، فإن تاب وإلا وجب قتله كافراً مرتداً عن الإسلام ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري : « مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ » ، وهذه الفتنة قد ضل فيها بعض من البشر بالاعتراض على أفعال الرب سبحانه وعلى أوامره، يغتر الواحد من هؤلاء المفتونين بذكائه وحدة عقله، ويعتقد أن التسليم بأفعال الله تعالى دون معارضة مخالف للعقل، وأن إيمانا هذا طريقه ليس إلا إيمان العوام، وهكذا يعترض على حكم الله تعالى وينفي حكمته، إلى أن يصل إلى إنكار قدره وقدرته، ثم إنكار وجوده إنها خطوات يتبعها الشيطان مع من يحاولون ولوج هذه الأبواب الموصدة ، واعلموا أن من اجترأ على محرم فأباحه، أو واجب فأسقطه، أو اعترض على شيء من الدين فقد كسر هيبة الشريعة في قلبه، وهان الله في نفسه، فانتقل في اعتراضه من الجزئي إلى الكلي، وصار مع اعتراضه على الشريعة يعترض على أفعال الله تعالى وقضائه في عباده
أيها المسلمون
ومن المؤسف والمحزن أن الاعتراض على حكم الله تعالى، وطلب العلة لأفعاله قد سرى في بعض الناس، حتى سرت فيهم ألفاظ وأمثال يقولونها، فيها سوء أدب مع الله تعالى، وسوء ظن به سبحانه وتعالى ، ولاسيما إذا رأوا الرزق يصب على من يظنونه لا يستحقه، أو رأوا حرمان من يظنون أنهم مستحقون، وكم من قائل : لماذا يسلط الله تعالى الطغاة على الشعوب ،فيسومونهم سوء العذاب، وهو قادر على أخذهم؟ وكم من قائل هذه الأيام : ما ذنب أطفال سوريا يذبحون ولا ينتصر الله تعالى لهم؟ وما ذنب نسائها الصالحات تغتصب وتهان ولا ينتقم الله تعالى من المجرمين؟ بل سرت عند بعض الناس مقولة لماذا يموت المجرم الظالم الذي عذب ملايين البشر موتًا طبيعيًّا، ولماذا لم يعذبه الله في الدنيا ونرى عذابه ، فالْحَذَرَ الحَذَرَ منَ الاعتراضِ على الله عندَ نُزولِ المصائِبِ والبَلايا فإنَّ هذا هلاكٌ وضلالٌ مبين
أيها المسلمون
لقد عاب الله سبحانه وتعالى على قوم يزعمون أنهم آمنوا وهم يتحاكمون إلى الشيطان والباطل والطاغوت فقال سبحانه : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا … وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ) النساء 160 ، 161 ..وأنكر سبحانه وتعالى على من اتبع شرائع لم يأذن بها الله ، بقوله سبحانه: ( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) الشورى 21.. وبين لنا سبحانه أن كل من يجادل في أحقية شرع الله وحدوده وأحكامه أنه من أولياء الشيطان وأن جداله بوحي من الشيطان وأننا إن أطعناهم في ترك شرع الله والرضا بفرائض البشر وقعنا في الشرك ، قال الله سبحانه في ذلك: ( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ.. وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) الانعام 121.
أيها المسلمون
إن من أعظم البدع ..في العصر الحديث.. والتي يروج لها أعداء الإسلام . بأنه بوسع المسلم أن يتحاكم إلى شريعة غير شريعة الله ..من القوانين الوضعية،.. والتي هي من تأليف البشر من أصحاب الاهواء.. وترك ما شرع الله عز وجل في كتابه العزيز .. ويقولون .. إن الشريعة الإسلامية جاءت لتطبق في عصر الرسول فقط … ولا تتفق مع العصر الحالي..ونقول لمثل هؤلاء الأفاكين .. انظروا ماذا قال الله تعالى لسيدنا داود عليه السلام ..قال تعالى 🙁 يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) ص 26 .. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمُ الأَمَانَةُ وَآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ الصَّلاَةُ وَسَيُصَلِّى أَقْوَامٌ لاَ دِينَ لَهُمْ.
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( خطورة الاعتراض على شرع الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
لماذا يخاف بعض المسلمين من تطبيق شرع الله ؟؟.. إن الذين يخافون من تطبيق شرع الله هم الفسدة والمخالفون لشرع الله ودينه .. فاللصوص يخفون أن تقطع أيديهم .. وأهل الفاحشة يخافون أن يرجموا . وأهل القتل والفساد .. يخافون من القصاص ..وهكذا ..أما المسلم المؤمن فلا يخاف شيئا من ذلك لأنه لا يفعل أمرا يخالف الدين أو يوجب العقوبة ..بل يقوم بما أوجبه الله عليه ..ففي مسند الامام احمد :(عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لِي « يَا مُعَاذُ أَتَدْرِى مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً أَتَدْرِى مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ». قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ ».. والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه. من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة. وهذا يدل على أن العبادة تقتضي: الانقياد التام لله تعالى، أمرًا ونهيًا واعتقادًا وقولًا وعملًا، وأن تكون حياة المرء قائمة على شريعة الله، يحل ما أحل الله ويحرم ما حرم الله، ويخضع في سلوكه وأعماله وتصرفاته كلها لشرع الله، وقد روي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه ظن أن عبادة الأحبار والرهبان إنما تكون في الذبح لهم، والنذر لهم، والسجود والركوع لهم فقط ونحو ذلك، فعَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَفِى عُنُقِى صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) التوبة 31 ، قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ. قَالَ : « أَجَلْ وَلَكِنْ يُحِلُّونَ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيَسْتَحِلُّونَهُ وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَيُحَرِّمُونَهُ فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ لَهُمْ ».
إخوة الاسلام
مما تقدم يتبين لكم أن تحكيم شرع الله والتحاكم إليه مما أوجبه الله ورسوله، وأن الرضا بشرع الله ودين الله وحكم الله هو مقتضى العبودية لله والشهادة بالرسالة لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الإعراض عن ذلك أو شيء منه موجب لعذاب الله وسخطه في الدنيا والاخرة . ألا .. فدافعوا عن دينكم .. ولا ترضوا به بديلا .. ولا تسمحوا لأعوان الشيطان أن يبعدوكم عن دينكم وسنة نبيكم . فاللهم انصر دينك وحكم فينا كتابك ، اللهم انصر دينك ودين رسولك .. وحكم فينا شرعك وحكمك ولا تجعلنا من أتباع الشياطين
الدعاء