خطبة عن الصحابي: (أَبُو سُفْيَانَ بن الْحَارِثِ)
مارس 3, 2018خطبة عن اسم الله ( المُبْدِئُ، المُعِيدُ )
مارس 3, 2018الخطبة الأولى ( اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (103) آل عمران ، وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) (9) الاحزاب ، وقال تعالى : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) (6) إبراهيم ، وقال تعالى : (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (6) ،(7) المائدة
إخوة الإسلام
نعم الله وفضائله على عباده لا تعد ولا تحصى ، وذلك من كثرتها وتتابعها وتواليها ،قال الله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (18) النحل ، ومن نعم الله وفضائله علينا ، نعمة الإسلام والإيمان، والهداية والتوفيق ، ونعمة المعافاة والصلاح ، والزوجات والاولاد والأموال ،وغيرها وغيرها الكثير من النعم التي لا تعد ولا تحصى . فالعبد الموفق هو الذي لا يغيب عن قلبه وشعوره وإحساسه نعمة الله عليه في كل موقف وكل مشهد، فيظل دائماً في حمد الله وشكره والثناء عليه ،لما هو فيه من نعمه ،فاعلم أنه إذا كان لديك بيت يؤويك، ومكان تنام فيه، وطعام في بيتك، ولباس على جسمك، فأنت أغنى من 75% من سكان العالم. وإذا كان لديك مال في جيبك، واستطعت أن توفر شيئا منه لوقت الشدة فأنت واحد ممن يشكلون 8% من أغنياء العالم. وإذا كنت قد أصبحت في عافية في هذا اليوم ،فأنت في نعمة عظيمة، فهناك مليون إنسان في العالم لن يستطيعوا أن يعيشوا لأكثر من أسبوع – بتقدير الأطباء- بسبب مرضهم. وإذا لم تتجرع خطر الحروب، ولم تذق طعم وحدة السجن، ولم تتعرض لروعة التعذيب فأنت أفضل من 500 مليون إنسان على سطح الأرض. وإذا كنت تصلي في المسجد دون خوف من التنكيل أو التعذيب أو الاعتقال أو الموت، فأنت في نعمة لا يعرفها ثلاثة مليارات من البشر. وقد جاء رجل إلى يونس بن عبيد يشكو ضيق حاله فقال له يونس: أيسرّك ببصرك هذا مائة ألف درهم؟ قال الرجل: لا. قال: فبيديك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا .. فذكّره نعم الله عليه ثم قال له: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة! وقال رجل لأبي تميمة: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت بين نعمتين لا أدري أيتهما أفضل؟ ذنوب سترها الله، فلا يستطيع أن يعيرني بها أحد، ومودة قذفها الله في قلوب العباد لا يبلغها علمي. وكتب بعض العلماء إلى أخ له: أما بعد فقد أصبح بنا من نعم الله ما لا نحصيه، مع كثرة ما نعصيه، فما ندري أيهما نشكر: أجميل ما نشر ، أم قبيح ما ستر؟ وقال سلام بن أبي مطيع: دخلت على مريض أعوده، فإذا هو يئن، فقلت له: اذكر المطروحين على الطريق، اذكر الذين لا مأوى لهم، ولا لهم من يخدمهم. قال: ثم دخلت عليه بعد ذلك فسمعته يقول لنفسه: اذكري المطروحين في الطريق، اذكري من لا مأوى له، ولا له من يخدمه. ومرّ وهب بن منبه ومعه رجل على رجل مبتلى أعمى مجذوم مقعد به برص، وهو يقول: (الحمد لله على نعمه)، فقال له الرجل الذي كان مع وهب: أي شيء بقي عليك من النعمة تحمد الله عليها؟! وكان هذا الرجل المبتلى في قرية تعمل بالمعاصي، فقال للرجل: ارم ببصرك إلى أهل المدينة، فانظر إلى كثرة أهلها وما يعملون، أفلا أحمد الله أنه ليس فيها أحد يعرفه غيري .
أيها المسلمون
وقد أمرنا الله تبارك وتعالى أن نذكر نعمه علينا ، وأن نشكره عليها ، فقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) الاحزاب 9، وقال الله تعالى : ﴿ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف:69]، ففي ذكر نعمة الله على عبده وفضله ومنِّه جل في علاه منافع عظيمة ومصالح جليلة وبركاتٌ لا تعد ولا تحصى ، فالعبد إذا كان ذاكرًا نعمة الله عليه ،وفضله ومنَّه جل في علاه أخلص دينه لله ؛ فلم يلجأ إلا إلى الله ، ولم يستعِن إلا بالله ، ولم يتوكل إلا على الله ، ولم يصرف شيئا من ذلِّه وخضوعه إلا لله ، لأنه وحده جل في علاه المتفضل المنعِم ،لا شريك له ، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾ [فاطر:3]. وفي ذكر العبد لنعمة الله معونةٌ له على إسلام وجهه لله ، وانقياده لله خاضعًا مطيعا متذللًا مخبتًا منيبا ، وسورة النحل تُعرف بـ «سورة النِّعَم» وذلك لكثرة ما عدَّد الله فيها من نعمه على العباد ، وقد قال الله عز وجل في تمام عده لنعمه: ﴿ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ﴾ [النحل:81]؛ أي تنقادون لله خاضعين ذليلين ، فالنعم المتوالية ،والعطايا المتتالية ،إنما أنعم الله جل وعلا بها على العباد ،ليسلِموا لله ،ولينقادوا لله ،وليخضعوا له جل في علاه ، لا أن يكونوا جاحدين منكرين لها ، كما قال الله تعالى : ﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا﴾ [النحل:83] . وفي ذكر نعم الله على العباد معونةٌ للعبد على شكر المنعِم والمتفضل جل في علاه ؛ فإن العبد إذا استشعر أن هذه النعم من الله جل وعلا واستذكر ذلك أعانه ذلك على شكر المنعم والمتفضل سبحانه وتعالى ، قال الله تعالى: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة :6]. ومن فوائد ذكر النعم: طردُ الغرور والعُجب ؛ فإن العبد إذا ذكر أن ما عنده من صحةٍ أو مالٍ أو جاهٍ أو غير ذلك هو محضُ فضل الله عليه ، باعد عنه الغرور والعُجب ، ولهذا قال الله عز وجل: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [الكهف:39]، قال أهل العلم : وفي قول هذه الكلمة عند تجدد النعمة طردٌ للعُجب والغرور .فالواجب على العبد أن يكون دائمًا وأبدا ذاكرًا نعمة الله عليه ، مستعملًا لها فيما يرضيه جل في علاه ، وأن يحذر أشد الحذر من أن يبدِّل نعمة الله كفرا ، فإن عذاب الله شديد وعقوبته أليمة، قال الله تعالى : ﴿ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [البقرة:211]؛ فليحذر من أنعم الله عليه من سخط المنعِم وغضبه جل في علاه ، وليكن مجاهدًا لنفسه على شكر المنعِم سبحانه مستعملًا للنعمة في طاعة المنعم سبحانه . وفي ذكر النعم خير علاج لأدواء للكبر والطغيان، فعندما تتوالى النعم على العبد فإن نفسه تدفعه للتكبر على الآخرين والشعور بالأفضلية عليهم بها . ومن هنا كان ذكر النعم والتذكير بفضل الله علاجا فعالا لمثل هذه الحالة، كما فعل موسى -عليه السلام- مع بني إسرائيل عندما بدأت أمارات الطغيان تظهر عليهم، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: ٦ – ٧]. وذكر النعم علاج فعال لجحود العبد وعدم رضاه عن حاله .. فعندما ينظر المرء إلى ما عند الآخرين ويتعامى عن نعم الله عليه، فإن هذا من شأنه أن يجعله ساخطا على وضعه، غير راض عن ربه، وذكر النعم كفيل بأن يخرجه من هذه الدائرة المظلمة، ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ » ،وروى مسلم في صحيحه :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلاَ تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ » قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ « عَلَيْكُمْ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وإذا كان الله تبارك وتعالى قد أمرنا أن نذكر نعمه وآلاءه ، فكيف نذكرها ؟ والجواب : نذكرها بالقلب ،واللسان ، والأفعال: أما ذكرها بالقلب : فيكون ذلك باستحضار فضل الله ونعمه على عباده ، وباعترافه بفضل المنعِم ، وإيمانه أنها محض فضله جل في علاه ، وأنه عز وجل هو الذي أولى النعمة وأسداها وتفضل بها وأعطاها لا شريك له عز وجل في شيء من ذلك ، فالنعم كلها من الله كما قال الله عز وجل: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل:53]، وذكرها باللسان : يكون ذلك بالتحدث بها قولا ، وأن يلهج اللسان بشكر الله في كل لحظة ،وذكرها بالجوارح والأفعال : فيكون ذلك باستخدامها فيما يرضي المنعم ، ألا يستخدمها فيما يغضب الله عز وجل . قال الله عز وجل: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ﴾ [سبأ:13]. وقال الشاعر : أفادتكم النَّعماءُ مِنِّي ثلاثة يدي ولساني والضَّمير المحجَّبا .وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” والذكر يكون بالقلب، واللسان، والجوارح؛ فذكرها باللسان أن تقول: أنعم الله علي بكذا، كما قال تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (11) الضحى فتثني على الله عز وجل بها ،تقول: اللهم لك الحمد على ما أنعمت علي به من المال، أو الزوجة، أو الأولاد، أو ما أشبه ذلك .وذكرها بالقلب : أن تستحضرها بقلبك ، معترفا بأنها نعمة من الله . وذكرها بالجوارح : أن تعمل بطاعة الله، وأن يرى أثر نعمته عليك ” ، وقال الهروي : “وَمَعَانِي الشُّكْرِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: مَعْرِفَةُ النِّعْمَةِ. ثُمَّ قَبُولُ النِّعْمَةِ. ثُمَّ الثَّنَاءُ بِهَا” . وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ. كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا (مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَلْيَجْزِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَجْزِي بِهِ ، فَلْيُثْنِ. فَإِنَّهُ إِذَا أَثْنَى عَلَيْهِ فَقَدْ شَكَرَهُ. وَإِنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ، وَمَنْ تَحَلَّى بِمَا لَمْ يُعْطَ كَانَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ) رواه البخاري في الأدب وصححه الألباني ، فَذَكَرَ أَقْسَامَ الْخَلْقِ الثَّلَاثَةَ: شَاكِرُ النِّعْمَةِ الْمُثْنِي بِهَا، وَالْجَاحِدُ لَهَا وَالْكَاتِمُ لَهَا. وَالْمُظْهِرُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. فَهُوَ مُتَحَلٍّ بِمَا لَمْ يُعْطَهُ. وَفِي أَثَرٍ آخَرَ مَرْفُوعٍ: (مَنْ لَمْ يَشْكُرِ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرِ الْكَثِيرَ. وَمَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ. وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ. وَتَرْكُهُ كُفْرٌ. وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةٌ عَذَابٌ) رواه عبد الله بن أحمد وحسنه الألباني
أيها المسلمون
ومن أقوال الحكماء في ذكر نعمة الله وشكره عليها : – قال أبو الدرداء – رضي الله عنه-: من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه، فقد قلّ علمه وحضر عذابه. – وقال ابن عقيل: النعم أضياف وقراها الشكر، والبلايا أضياف وقراها الصبر، فاجتهد أن ترحل الأضياف شاكرة حسنة القرى، شاهدة بما تسمع وترى. – وقال طلق بن حبيب -رحمه الله-: إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد، وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين. – وقال مجاهد في قوله تعالى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان:٢٠]. قَالَ مُجَاهِدٌ : نِعْمَةٌ ظَاهِرَةٌ هِيَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عَلَى اللِّسَانِ ، وَبَاطِنَةٌ قَالَ : فِي الْقَلْبِ وقال ابن عيينة: ما أنعم الله على العباد نعمة أفضل من أن عرّفهم (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ). – وقالت عائشة -رضي الله عنها-: ما من عبد يشرب الماء القراح [الصافي] فيدخل بغير أذى، ويخرج بغير أذى إلا وجب عليه الشكر. – وقال الإمام الشافعي -رحمه الله-: الحمد لله الذي لا تؤدى شكر نعمة من نعمه إلا بنعمة حادثة توجب على مؤديها شكره بها. وقيل لإعرابي: أتحسن أن تدعو ربك؟ فقال: نعم، قيل: فادع، فقال: “اللهم إنك أعطيتنا الإسلام من غير أن نسألك، فلا تحرمنا الجنة ونحن نسألك”.
الدعاء