خطبة عن ( الصحابي معاذ بن جبل)
مارس 9, 2016خطبة عن (عبد الله بن مسعود: علمه وفقهه وجهاده)
مارس 9, 2016الخطبة الأولى ( الصحابي عبد الله بن مسعود: أثره في الآخرين ووفاته)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في سنن الترمذي : ( أن أَبَا مُوسَى يَقُولُ لَقَدْ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِى مِنَ الْيَمَنِ وَمَا نُرَى حِينًا إِلاَّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- لِمَا نَرَى مِنْ دُخُولِهِ وَدُخُولِ أُمِّهِ عَلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-
إخوة الإسلام
لقد كان للصحابي الجليل عبد الله بن مسعود أثره الواضح الجلي مع من لقيه من المسلمين ، فعَنِ الأَسْوَدِ وَعَلْقَمَةَ قَالاَ: صَلَّيْنَا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي بَيْتِهِ، فَقَامَ بَيْنَنَا، فَوَضَعْنَا أَيْدِيَنَا عَلَى رُكَبِنَا، فَنَزَعَهَا فَخَالَفَ بَيْنَ أَصَابِعِنَا، وَقَالَ: “رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَفْعَلُهُ”. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: “حَافِظُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ؛ فَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّهِ سُنَنَ الْهُدَى، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ بَيِّنُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ، وَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَلَهُ مَسْجِدٌ فِي بَيْتِهِ، وَلَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَتَرَكْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَكَفَرْتُمْ”. وكان رضي الله عنه مستجاب الدعوة، فروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبدالله – رضي الله عنه -: أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَدْعُو، فَدَخَلَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – وَهُوَ يَدْعُو، فَقَالَ: “سَلْ تُعْطَهْ”، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لَا يَرْتَدُّ، وَنَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فِي أَعْلَى غُرَفِ الْجَنَّةِ، جَنَّةِ الْخُلْدِ). ومن أقواله العظيمة: أنه كان يقول: “حَبَّذَا المَكرُوهَانِ: المَوتُ وَالفَقرُ، إِن كَانَ الفَقرُ إِن فِيهِ الصَّبرُ، وَإِن كَانَ الغِنَى إِن فِيهِ لَلعَطفُ؛ لِأَنَّ حَقَّ اللهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنهُمَا وَاجِبٌ” . ومنها أنه كان يقول إذا قعد: “إنكم في ممر الليل والنهار، في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، من زرع خيراً يوشك أن يحصد رغبة، ومن زرع شراً يوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مِثلُ ما زرع، لا يَسبقُ بطيء بحظه، ولا يُدرِكُ حريص ما لم يُقدَّر له، فمن أُعطي خيراً، فالله أعطاه، ومن وُقي شراً، فالله وقاه، المُتَّقُون سادة، والفقهاء قادة، ومجالستهم زيادة”. وكان يقول: “من أراد الآخرة أضرَّ بالدنيا، ومن أراد الدنيا أضرَّ بالآخرة، يا قوم فأَضروا بالفاني للباقي”. وكان يقول: “إني لأكره أن أرى الرجل فارغاً، ليس في عمل آخرة ولا دنيا”.
أيها المسلمون
ومن بعض كلمات الصحابي عبد بن مسعود وحكمه أنه قال :– اغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا أَوْ مُسْتَمِعًا، وَلاَ تَكُنِ الرَّابِعَ فَتَهْلِكَ. وقال :– مَنْ أَرَادَ أَنْ يُكْرَمَ دِينُهُ فَلاَ يَدْخُلْ عَلَى السُّلْطَانِ، وَلاَ يَخْلُوَنَّ بِالنِّسْوَانِ، وَلاَ يُخَاصِمَنَّ أَصْحَابَ الأَهْوَاءِ. – تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَالطَّلاَقَ وَالْحَجَّ؛ فَإِنَّهُ مِنْ دِينِكُمْ. – التمسوا الغنى في النكاح؛ يقول الله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32]. وقال : – الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء البقل. ومن حكمه: ما قَلَّ وكفى خير مما كَثُرَ وألهى، ونفسٌ تُنْجيها خير من إمارة لا تحصيها، وشر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة ندامة يوم القيامة، وشر الضلالة الضلالة بعد الهدى، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى. ومن بليغ كلامه ما رواه الطبراني أنه ارتقى الصفا يومًا وأخذ لسانه وخاطبه قائلاً: يا لسان، قُلْ خيرًا تغنم، واسكت عن شر تسلم، من قبل أن تندم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أكثر خطايا ابن ءادم من لسانه». ومن مواعظه ما رواه ابنه عبد الرحمن، وهو أنه أتاه رجل فقال: يا أبـا عبد الرحمن عَلّمني كلمات جوامع نوافع، فقال له: لا تشرك بالله شيئًا، وزُلْ مع القرءان حيث زال، ومن جاءك بالحق فاقبل منه وإن كان بعيدًا بغيضًا، ومن جاءك بالباطل فاردُدْه عليه وإن كان حبيبًا قريبًا. وعن أبي الأحوص أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: مع كل فَرْحة تَرْحة، وما مُلِئ بيت حَبْرة (سعة عيش) إلا مُلِئ عِبرة.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( عبد الله بن مسعود: أقواله ووفاته )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن حكمه في بيان حال الدنيا وساكنيها: ما منكم إلا ضيف وماله عاريَّة، فالضيف مرتحل، والعاريَّة مؤداة إلى أهلها. وفي «صفة الصفوة» لابن الجوزي عن سليمان بن مهران قال: بينما ابن مسعود يومًا معه نفر من أصحابه، إذ مر أعرابي فقال: علام اجتمع هؤلاء؟ فقال ابن مسعود: على ميراث محمد يقتسمونه. يعني بذلك علم الدين؛ وذلك مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العلماء ورثة الأنبياء». أي أنهم ورثوا عنهم العلم يتعلمونه ويعلمونه الناس.
أيها المسلمون
ونأتي إلى الخاتمة ، نأتي إلى وفاة عبد الله بن مسعود : فلما مرض عبد الله عاده عثمان فقال: “مما تشتكي؟ قال: ذنوبي، قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي، قال: ألا آمر لك بطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني، قال: ألا آمر لك بعطاء، قال: لا حاجة لي فيه” .قال ابن حجر، وعند البخاري في تاريخه بسند صحيح من حديث ابن ظهير، قال: “جاء نعي عبدالله بن مسعود إلى أبي الدرداء، فقال: ما ترك بعده مثله” . قال عبيد الله بن عبد الله: مات بالمدينة ودفن بالبقيع سنة اثنين وثلاثين من الهجرة . ودفن بالبقيع، وصلى عليه عثمان بن عفان ، وكان عمره يوم توفِّي بضعًا وستين سنة. فرضي الله عنه وعن أصحاب رسول الله أجمعين ، وجعلنا الله على دربهم سائرين ، وجمعنا بهم في جنات النعيم
الدعاء