خطبة عن اسم الله (الْمُحْيِي الْمُمِيتُ)
مارس 17, 2018خطبة عن (من المواقف التربوية .في سيرة خير البرية)
مارس 17, 2018الخطبة الأولى ( ما يحل وما يحرم من الطعام ) (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (172) ،(173) البقرة، وقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (87) ،(88) المائدة ، وقال الله تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (157) الاعراف
إخوة الإسلام
ينبغي على المؤمن أن يعلم أن الله تعالى لم يشرّع الشرائع, ولم يسنّ السنن إلاّ لما فيه خير العباد، فما أمر الله تعالى به فهو واقع لمصلحة العبد المكلّف، وما ينهى الله عنه ، فإنّما ينهى عنه لما فيه من دفع المضرة عنه ، ولهذا فقد أحل الله الطيبات ، وحرم الخبائث، وفي هذا يقول الله تعالى : (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) الاعراف 157، ومن المعلوم أن النصوص القرآنية والنبوية قد بينت بشكل صريح وواضح تحريم بعض الأطعمة والأشربة لخبثها ، ولم يحرم الإسلام شيئاً من المطعومات أو المشروبات إلا لضرر ينجم عنها أو لخبث محقق فيها ، مصداقا لقوله تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {4} الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ) [4 ، 5 المائدة] . وليس لمسلم أن يحرم على نفسه بعض الطيبات مما أحله الله بنية التقرب إليه، قال الله تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) المائدة 87، وقال الله تعالى: ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأعراف 32ـ ومن الواجب على المسلم أن يتحاشى تناول ما حرم الله من المطعومات أو المشروبات طاعة لله عز وجل، أدرك العلة من التحريم أم لم يدرك العلة من ذلك ، مسلماً بأن تلك المحرمات إنما حرمها الخالق المصور العليم بما يضر هذا الإنسان ـ الذي خلقه بيده ـ وبما ينفعه
أيها المسلمون
واعلموا أن الأصل في المأكولات والمشروبات هو الحل والاباحة ما لم يرد فيه نص في الكتاب والسنة الصحيحة بالتحريم ، ولهذا فقد تضمنت آيات القرآن الكريم بعض ما حرم الله على المسلمين من الاطعمة والاشربة ، ومنها ما جاء في قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ) 3 المائدة ، – أما الميتة: فهي ما مات حتف أنفه، وفارقته الحياة بدون ذكاة شرعية، وحرمت لما فيها من المضرة بسبب الدم المحتقن وخبث التغذية، ويحرم أيضا المقتول بالصعق الكهربائي ، والمقتول رمياً بالرصاص مع القدرة عليه ،ويستثنى من الميتة السمك والجراد، فإنهما حلال– والدم: المراد به الدم المسفوح، فإنه حرام؛ لقوله تعالى في آية أخرى: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}، أما ما يبقى من الدم في خلل اللحم، وفي العروق بعد الذبح، فمباح، وكذا ما جاء الشرع بحله من الدم؛ كالكبد والطحال – ولحم الخنزير: لأنه قذر، ويتغذى على القاذورات، ولمضرته البالغة، وقد جمع الله عز وجل هذه الثلاثة في قوله: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] – وما أهل لغير الله به: أي ذبح على غير اسمه تعالى، وهذا حرام لما فيه من الشرك المنافي للتوحيد؛ فإن الذبح عبادة لا يجوز صرفها لغير الله تعالى، كما قال عز وجل {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر2] – والمنخنقة: وهي التي تخنق فتموت، إما قصداً أو بغير قصد – والموقوذة: وهي التي تُضْرَب بعصا أو بشيء ثقيل، فتموت – والمتردية: وهي التي تتردَّى من مكان عال، فتموت – والنطيحة: وهي التي تنطحها أخرى، فتقتلها – وما أكل السبع: وهي التي يعدو عليها أسد أو نمر أو ذئب أو فهد أو كلب، فيأكل بعضها، فتموت بسبب ذلك. فما أُدرك من هذه الخمسة الأخيرة، وبه حياة، فذكي، فإنه حلال الأكل؛ لقوله تعالى في الآية المذكورة {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة 3 ] – وما ذُبح على النصب: وهي حجارة كانت منصوبة حول الكعبة، وكانوا في الجاهلية يذبحون عندها، فهذه لا يحل أكلها؛ لأن ذلك من الشرك الذي حرَّمه الله، كما مضى فيما أُهِل لغير الله به ،ويحرم من الأطعمة أيضاً : ما قطع من الحي ، ففي سنن الترمذي (عَنْ أَبِى وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَجُبُّونَ أَسْنِمَةَ الإِبِلِ وَيَقْطَعُونَ أَلْيَاتِ الْغَنَمِ قَالَ « مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِىَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ ». ويحرم من الأطعمة أيضاً : الجلاّلة: وهي التي أكثر أكلها النجاسات كالسمك الذي يتغذى على مياه المجاري، وكل ما يتغذى على النجاسات من حيوان أو طير مباح الأكل. فإذا أُطعمت الطاهر، وطاب أكلها، جاز أكل لحمها، والانتفاع بها، ففي سنن البيهقي : (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْجَلاَّلَةِ أَنْ يُؤْكَلَ لَحْمُهَا أَوْ يُشْرَبَ لَبَنُهَا ) ، ويحرم من الأطعمة أيضاً : – الطاهر إذا خالطته نجاسة كالماء أو اللبن إذا خالطته نجاسة. وكذلك كل ما كان محرماً لحق الله تعالى كالزكوات والكفارات، فهذه حق للفقراء، لا تحل للأغنياء ، وكل ما كان مأخوذاً بطريق محرم كالمغصوب والمسروق ونحوهما، والمأخوذ عن طريق الرشوة والميسر، وكل ما كان مكتسباً بمعاملات محرمة كالربا والغش ونحوهما. وكل ما كان من الأموال ملكاً للآخرين، ولم يأذنوا بتناوله، فيحرم أكله؛ لأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه ،وإذا اشتبه الحلال بالحرام مع العجز عن تمييز الحلال منهما، كما لو اشتبهت الميتة بالمذكاة، والعصير بالخمر، أو الماء الطهور بالنجس، فيحرم الجميع.
أيها المسلمون
أما عن حكم الأكل والشرب من طعام الكفار: فمن المعلوم أن طعام الكفار أربعة أنواع: أولا : الأطعمة النباتية، أو المصنعة من مصدر نباتي ، فهذا النوع مباح الأكل، سواء أكان الكفار أهل كتاب كاليهود والنصارى، أم غير أهل كتاب كالهندوس والمجوس ونحوهم. ثانيا: أن يكون الطعام من حيوانات البحر كالأسماك، أو مصنعاً من حيوانات البحر، فهذا النوع مباح الأكل كذلك؛ لأن حيوانات البحر لا تحتاج إلى تذكية. ثالثا: أن يكون الطعام من لحوم الحيوانات البرية المباحة الأكل كالإبل والبقر والغنم ونحوها، أو من الطيور المباحة الأكل كالدجاج والحمام ونحوها، أو أن يكون الطعام مصنَّعاً من تلك اللحوم ، فهذه اللحوم لها حالتان: الحالة الأولى: أن تكون من بلاد كفارها أهل كتاب ، فإن علمنا أنهم يذكونها كتذكية المسلمين فهي مباحة الأكل ، وإن علمنا أنهم لا يذكونها، بل يقتلونها بالخنق، أو الصعق الكهربائي، أو الضرب، أو غمسها في الماء الحار حتى تموت ونحو ذلك، فهذه ميتة لا يجوز أكلها. الحالة الثانية: أن تكون اللحوم من بلاد كفارها ليسوا أهل كتاب كالهندوس والملاحدة والشيوعيين وأمثالهم من الكفار، فهذه اللحوم محرمة؛ لأن ذبائح هؤلاء لا تحل للمسلمين، سواء ذكوها كالمسلمين أو لم يذكوها. رابعا : أن يكون الطعام من لحوم الحيوانات المحرمة الأكل كالخنزير، والحمار الأهلي، والسباع كالأسد والفيل، والطيور المفترسة كالصقر والحدأة ونحوهما من محرم الأكل كالميتة، فهذه كلها محرمة لذاتها، فلا يحل أكلها ولو ذكيت الذكاة الشرعية.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( ما حل وما حرم من الطعام )(وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد يسأل سائل : ما هي أنواع الطيور التي يحلّ أكلها؟ والتي لا يحل أكلها؟ فالطيور التي يجوز أكلها كثيرة: كالحمام والدجاج والبط والأوز والسمان والقنبر والزرزور والقطا والكركي والكروان والبلبل وما إلى ذلك ،ويحرم أكل كل ذي ظفر يصطاد به كالصقر والنسر والعقاب والباز والشاهين ونحو ذلك : ففي صحيح مسلم : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ). أما عن المحلل والمحرم من البهائم : فيجوز أكل جميع أنواع البهائم كالإبل والبقر والجواميس والضأن والماعز والظبي وبقر الوحش والأرنب وما إلى ذلك كالحمر الوحشية وغيرها ويحرم أكل كل ذي ناب يسطو به على غيره من سباع البهائم كالأسد والنمر والذئب والدب والفيل والفهد والنمس والكلب والهر {القط} وذلك لما رواه البخاري في صحيحه : (عَنِ الزُّهْرِيِّ نَهَى النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ) ، ولما يرويه مالك في الموطّأ عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم {أَكْلُ كُلِّ ذي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ} ، وكذلك يحرم أكل الحمر الأهلية والبغال لما ورد في سنن أبي داود (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ذَبَحْنَا يَوْمَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَلَمْ يَنْهَنَا عَنِ الْخَيْلِ ). كما يحرم أكل جميع الحيوانات السامة كالحيات، والأفاعي، والعقارب، والوزغ ونحو ذلك. كما يحرم أكل جميع الحيوانات المستخبثة كالفأرة، والقنفذ، والجرذان، والنيص ونحوها. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: الفَأْرَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالحُدَيَّا، وَالغُرَابُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ». متفق عليه. كما يحرم أكل – المسكرات والمخدرات: فكل طعام أو شراب تسبب في ذهاب العقل، أو تخديره، أو تفتير البدن، أو ترقيده، فهو محرم، قليلاً كان أو كثيراً، سواء كان من الطعام أو غيره من المواد.
أيها المسلمون
أما عن حكم الأكل والشرب ماشيا وقائما : فيباح للمسلم أن يأكل ويشرب قاعدا وقائما وماشيا ويكره له أن يأكل متكأ أو مضجعا أو مستلقيا على ظهره أو على بطنه إلا إذا كان مضطرا إلى ذلك كأن يكون مريضا أو نحوه وذلك لما ورد في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما {أَنَّ النَّبِيَّ شَرِبَ مِنْ زَمْزَمَ مِنْ دَلْوٍ مِنْهَا وَهُوَ قَائِمٌ} ، وفى البخاري عن علىّ أنه {ثُمَّ أُتِىَ بِمَاءٍ فَشَرِبَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهْوَ قَائِمٌ ثُمَّ قَالَ إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قَائِمًا وَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ}، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال {رأيْتُ رَسولَ الله يَشْرَبُ قَائِماً وقاعداً} ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال {كُنَّا نَأَكُلُ على عَهْدِ رَسُولِ الله وَنَحْنُ نَمْشِي وَنَشْرَبُ وَنَحْنُ قِيَامٌ} ، وعلينا أن نتذكر عند طعامنا وشرابنا قول الله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الاعراف (31) ، فإذا كان للطعام والشراب لذة ، فإنما جعلها الله سبحانه فيها لإرواء الميل الغريزي لتناولهما بغاية الحفاظ على الحياة واستمرارها ، كما أن التلذذ بالطعام ينبه أعمال الهضم الغريزية وإفراز العصارات الهاضمة حتى يتم التمثل بشكل جيد . ومن الخطأ الفادح أن يجعل الإنسان من اللذة غاية في طعامه وشرابه مما يجعله يسرف في استدعائها وينحرف في طريق إروائها وهذا ليس من صفات المؤمن في شيء ، وفي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَأْكُلُ أَكْلاً كَثِيرًا ، فَأَسْلَمَ فَكَانَ يَأْكُلُ أَكْلاً قَلِيلاً فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ « إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ ، وَالْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ »،كما حذر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه من النهم والبطنة فقال : ” إياكم والبطنة في الطعام والشراب فإنها مفسدة للجسم مورثة للسقم ،مكسلة عن الصلاة وعليكم بالقصد فيهما فإنه أصلح للجسد وأبعد عن السرف وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه ”
الدعاء