خطبة عن حديث (إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ)
أبريل 14, 2018خطبة عن الصحابي: (حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ )
أبريل 14, 2018الخطبة الأولى ( اسم الله ( الرشيد ، المرشد )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف 180، وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمَا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ »
إخوة الإسلام
إن معرفة أسماء الله جل جلاله الواردة في الكتاب والسنة ،وما تتضمنه من معاني جليلة ،وأسرار بديعة ،لمن أعظم الأسباب التي تعين على زيادة إيمان العبد ، وتقوية يقينه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:”ولما كانت حاجة النفوس إلى معرفة ربها أعظم الحاجات، كانت طرق معرفتهم له أعظم من طرق معرفة ما سواه، وكان ذكرهم لأسمائه أعظم من ذكرهم لأسماء ما سواه”. ومن الصفات والأسماء الحسنى التي وردت في كتاب الله العظيم، وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم : (المرشد ، والرشيد) ، قال الله تعالى : (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا) (17) الكهف ،وفي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الإِمَامُ ضَامِنٌ وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الأَئِمَّةَ وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ ». وفيه أيضا : (عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لَيْلَةً حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِى بِهَا قَلْبِي وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِى وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي وَتُصْلِحُ بِهَا غَائِبِي وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي وَتُزَكِّى بِهَا عَمَلِي وَتُلْهِمُنِي بِهَا رَشَدِي وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ….. اللَّهُمَّ ذَا الْحَبْلِ الشَّدِيدِ وَالأَمْرِ الرَّشِيدِ أَسْأَلُكَ الأَمْنَ يَوْمَ الْوَعِيدِ وَالْجَنَّةَ يَوْمَ الْخُلُودِ مَعَ الْمُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ الرُّكَّعِ السُّجُودِ الْمُوفِينَ بِالْعُهُودِ إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ وَأَنْتَ تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ) ولهذا الاسم أو تلك الصفة معاني كثيرة ومتعددة ، قال الخطابي : (الرشيد : هو الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم ، ويكون بمعنى الحكيم ذي الرُّشد ؛ لاستقامة تدبيره ، وإصابته في أفعاله)). وقال ابن القيم في (النونية) :
وَهُوَ الرَّشيدُ فقولـه وفِعَالُهُ وكِلاهُما حقٌ فهذا وصْفهُ
رُشْدٌ ورَبُّكَ مُرْشِدُ الحَيْرَانِ والفعلُ للإرشادِ ذاك الثَّاني
وقال الحليمي : الرشيد هو المرشد سبحانه ،ومعناه الدال على المصالح والصالح ،والداعي إليهما، وهذا من قوله تعالى (وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) الكهف (10) ، وقوله عز وجل: (وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا) الكهف (17) ، ويرى الإمام الغزالي : أن الرشيد هو الذي تساق تدبيراته إلى غاياتها، من غير إشارة مشير ولا تسديد مسدد. وقال الشيخ الشعراوي: الرشيد هو ربي المرشد، ملهم الرشد لأهل طاعته، وهو الذي أرشد الخلائق إلي هدايته، ذو الحبل الشديد والأمر الرشيد. وقال السعدي: وهو الرشيد الذي أقواله وأفعاله رشد، وهو مرشد الحائرين في الطريق الحسي، والضالين في الطريق المعنوي، فيرشد الخلق بما شرعه على ألسنة رسله من الهداية الكاملة، ويرشد عبده المؤمن، إذا خضع له وأخلص عمله أرشده إلى جميع مصالحه، ويسره لليسرى وجنبه العسرى، فأقواله القدرية التي يوجد بها الأشياء ويدبر بها الأمور كلها حق لاشتمالها على الحكمة والحسن والإتقان، وأقواله الشرعية الدينية وهي أقواله التي تكلم بها في كتبه، وعلى ألسنة رسله المشتملة على الصدق التام في الأخبار، والعدل الكامل في الأمر والنهي فإنه لا أصدق من الله قيلا ولا أحسن منه حديثاً.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اسم الله ( الرشيد ، المرشد )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
والرشيد كما يذكر الرازي: على وجهين : أولهما: أن الراشد الذي له الرشد ويرجع حاصله إلى أنه حكيم ليس في أفعاله عبث ولا باطل، وثانيهما: إرشاد الله يرجع إلى هدايته، والله سبحانه الرشيد المتصف بكمال الكمال عظيم الحكمة بالغ الرشاد، وهو الذي يرشد الخلق ويهديهم إلى ما فيه صلاحهم ورشادهم في الدنيا وفي الآخرة، لا يوجد سهو في تدبيره ولا تقديره ، وقال العلماء إن الرشيد : هو الذي ضبط أفعاله وحكمه، وتوازنت أحواله مع كثرة ألوان صفاته، فلم تطغ صفة على صفة، كلها ثابتة عاملة في الكون بالقدر الذي أراده الله بصفاته، فكل أفعال الله عز وجل رشيدة، وإذا وصف الله بهذا الوصف فهو الرشد المطلق، فعلمه مطلق، وقدرته مطلقة، ورحمته مطلقة، مرشد بأفعاله، يلهم أهل الرشد إلى طاعته، وأرشد الخلائق إلى هدايته، والرشد هو الصلاح والاستقامة، خلاف الغي والضلالة.
أيها المسلمون
وينبغي على الإنسان أن يحسن التوكل على ربه الرشيد المرشد ، وذلك حتى يرشده ، ويفوض إليه أمره بالكلية ،وأن يستجير به في كل شغل ،ويستجير به في كل خطب ، كما أخبر الله عن نبيه موسى عليه السلام ، بقوله تعالى : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) القصص (22) ،وهكذا ينبغي على العبد المؤمن أن يطلب الرشد والرشاد ، والتوفيق والسداد ، من رب الأرباب ، ومرشد العباد ، ومصرف الأمور على ما يشاء ويختار .
الدعاء